أحدها: ذو الحليفة (1)، و هي ميقات أهل المدينة و من يمرّ على طريقهم، و هل هو مكان فيه مسجد الشجرة أو نفس المسجد؟ قولان؛ و في جملة من الأخبار أنّه هو الشجرة، و في بعضها أنّه مسجد الشجرة؛ و على أىّ حال، فالأحوط (2) الاقتصار على المسجد إذ مع كونه هو المسجد فواضح، و مع كونه مكاناً فيه المسجد فاللازم حمل المطلق على المقيّد (3)، لكن مع ذلك، الأقوى جواز الإحرام من خارج المسجد و لو اختياراً و إن قلنا: إنّ ذا الحليفة هو المسجد، و ذلك لأنّ مع الإحرام من جوانب المسجد يصدق الإحرام منه عرفاً، إذ فرق بين الأمر بالإحرام من المسجد أو بالإحرام فيه؛ هذا مع إمكان دعوى أنّ المسجد حدّ للإحرام فيشمل جانبيه مع محاذاته، و إن شئت فقل: المحاذاة كافية (4) و لو مع القرب من الميقات (5).
مسألة 1: الأقوى عدم جواز التأخير إلى الجحفة (6) و هي ميقات أهل الشام اختياراً؛
______________________________
(1). مكارم الشيرازي: لكنّها اليوم تعرف به «آبار عليّ»، بل بعض أهل المدينة لا يعرفونها إلّا بهذا الاسم
(2). الامام الخميني: لا يُترك بل لا يخلو من وجه، و ما في المتن لا يخلو من مناقشة بل مناقشات
(3). الخوئي: لم يرد في شيء من الروايات الأمر بالإحرام من مسجد الشجرة أو أنّه الميقات، بل الوارد فيها أنّ رسول اللّه صلى الله عليه و آله وقّت لأهل المدينة ذا الحليفة و هي الشجرة، كما أنّه ورد فيها: أنّ ذا الحليفة هو مسجد الشجرة؛ فلا موضوع لحمل المطلق على المقيّد، و غير بعيد أن يكون مسجد الشجرة اسماً لمنطقة فيها المسجد، كما هو كذلك في مسجد سليمان
(4). الخوئي: يأتي الكلام على كفاية المحاذاة [في الميقات التاسع]
الگلپايگاني: كفاية المحاذاة مع القُرب محلّ تأمّل، بل منع
(5). مكارم الشيرازي: و هذا هو العمدة، فإنّ روايات الباب مختلفة، و لو بني على التقييد كان اللازم الإحرام من نفس المسجد و إن كان يظهر من رواية الحلبي (4/ 1 من المواقيت) أنّ رسول اللّه صلى الله عليه و آله نوى الحجّ في نفس المسجد و لكن أحرم بعد الخروج منه؛ و يدلّ عليه أيضاً ما ورد في الباب 35 و 36 من أبواب الإحرام. و الّذي يدلّ على كفاية المحاذاة مطلقاً من القريب أو البعيد صحيحة عبد اللّه بن سنان عن الصادق عليه السلام (1/ 7)
(6). مكارم الشيرازي: العمدة فيها ما يدلّ على أنّ «ذا الحليفة» ميقات أهل المدينة (راجع الباب 1 من المواقيت) مضافاً إلى ما دلّ على أنّه رخّص للمريض و الضعيف أن يحرم من الجُحفة (راجع 4 و 5 من الباب 6 من المواقيت) و لكن يعارضها ما دلّ على أنّ ميقات أهل المدينة أحد الميقاتين ذي الحليفة و الجُحفة (راجع 5/ 1 من المواقيت) و حينئذٍ يدور الأمر بين التصرّف في إطلاق الطائفة الاولى و حملها على أحد فردي التخيير أو التصرّف في إطلاق الطائفة الثانية و حملها على حال الضرورة، و لعلّ الثاني أولى و يؤيّده الشهرة العظيمة في المسألة
العروة الوثقى مع التعليقات، ج2، ص: 438
<![endif]-->
نعم، يجوز مع الضرورة لمرض أو ضعف أو غيرهما من الموانع، لكن خصّها بعضهم بخصوص المرض و الضعف (1)، لوجودهما في الأخبار، فلا يلحق بهما غيرهما من الضرورات؛ و الظاهر إرادة المثال، فالأقوى جوازه مع مطلق الضرورة (2).
مسألة 2: يجوز لأهل المدينة و من أتاها، العدول إلى ميقات آخر كالجحفة أو العقيق، فعدم جواز التأخير إلى الجحفة إنّما هو إذا مشى من طريق ذي الحليفة، بل الظاهر أنّه لو أتى إلى ذي الحليفة ثمّ أراد الرجوع منه و المشي من طريق آخر جاز، بل يجوز (3) أن يعدل عنه (4) من غير رجوع، فإنّ الّذي لا يجوز هو التجاوز عن الميقات محلًاّ، و إذا عدل إلى طريق آخر لا يكون مجاوزاً و إن كان ذلك و هو في ذي الحليفة؛ و ما في خبر إبراهيم بن عبد الحميد من المنع عن العدول إذا أتى المدينة، مع ضعفه، منزّل على الكراهة (5).
مسألة 3: الحائض تحرم خارج المسجد على المختار، و يدلّ عليه مضافاً إلى ما مرّ، مرسلة يونس (6) في كيفيّة إحرامها، و لا تدخل المسجد و تهلّ بالحجّ بغير صلاة؛ و أمّا على القول بالاختصاص بالمسجد فمع عدم إمكان صبرها إلى أن تطهر، تدخل المسجد و تحرم في حال الاجتياز إن أمكن، و إن لم يمكن لزحم أو غيره أحرمت خارج المسجد و جدّدت في
______________________________
(1). الگلپايگاني: و هو الأحوط
(2). الخوئي: التعدّي إلى غير موارد الضرر أو الحرج محلّ إشكال، بل منع
(3). الامام الخميني: فيه إشكال
(4). الخوئي: هذا مشكل، لصدق التجاوز عن الميقات و هو يريد مكّة؛ و رواية ابن عبد الحميد لا بأس بها سنداً
(5). الگلپايگاني: أو على ترك الإحرام مع العبور من الميقات مع عدم كون الخوف المذكور عذراً، كما هو الغالب في المدينة
مكارم الشيرازي: و الأولى أن يقال: إنّ المراد منه من دخل المدينة ثمّ توجّه نحو مكّة من الطريق المعروف، فإنّ هذا هو الغالب
(6). الامام الخميني: رواية يونس موثّقة ليس فيها إرسال، و لعلّ المراد من المسجد فيها المسجد الحرام
الخوئي: الرواية مسندة و معتبرة، و دلالتها على أنّ إحرامها من خارج المسجد واضحة و لا يجوز لها دخول المسجد، و أمّا الاجتياز فلا يتحقّق فيه
العروة الوثقى مع التعليقات، ج2، ص: 439
الجحفة أو محاذاتها (1).
مسألة 4: إذا كان جنباً و لم يكن عنده ماء، جاز له أن يحرم خارج المسجد (2)، و الأحوط أن يتيمّم (3) للدخول و الإحرام، و يتعيّن (4) ذلك على القول بتعيين المسجد، و كذا الحائض إذا لم يكن لها ماء بعد نقائها.
الثاني: العقيق، و هو ميقات أهل نجد و العراق و من يمرّ عليه من غيرهم، و أوّله المسلخ و أوسطه غمرة و آخره ذات عرق (5)؛ و المشهور جواز الإحرام من جميع مواضعه اختياراً، و أنّ الأفضل الإحرام من المسلخ ثمّ من غمرة؛ و الأحوط عدم التأخير (6) إلى ذات عرق إلّا لمرض أو تقيّة، فإنّه ميقات العامّة، لكنّ الأقوى ما هو المشهور، و يجوز (7) في حال التقيّة الإحرام من أوّله قبل ذات عرق سرّاً من غير نزع (8) ما عليه من الثياب (9) إلى ذات عرق ثمّ إظهاره و لبس ثوبي الإحرام هناك، بل هو الأحوط، و إن أمكن تجرّده و لبس الثوبين سرّاً
______________________________
(1). مكارم الشيرازي: هذا هو الأحوط بناءً على هذا القول، و إلّا فالظاهر صحّة إحرامها قُرب المسجد في خارجه
(2). الخوئي: بل هو المتعيّن، و لا مجال للاحتياط المزبور
(3). الگلپايگاني: بل الأحوط الإحرام من خارج المسجد على القول بعدم تعيين المسجد
(4). الامام الخميني: إذا استلزم اللبث، و إلّا فلا يتعيّن
(5). مكارم الشيرازي: و العمدة في ذلك رواية أبي بصير (7/ 2 من المواقيت) و إسحاق بن عمّار (8/ 22 من أقسام الحجّ) و مرسلة الصدوق (9/ 2 من المواقيت). و هذه الروايات و إن كانت معارضة بما هي أصحّ منها سنداً، و لكن عمل المشهور بها يوجب ترجيحها، لو لم نقل بالجمع الدلالي بينهما بحمل الثانية على الفرد الأفضل
(6). الگلپايگاني: لا يُترك
(7). الامام الخميني: و الأحوط ترك ذلك و تأخير الإحرام إلى ذات عرق، بل عدم جواز ما ذكره و جعله أولى لا يخلو من قوّة
(8). الگلپايگاني: لكنّ الأحوط حينئذٍ الفدية للبس المخيط
(9). الخوئي: مع الاحتياط بالفدية للبس المخيط
مكارم الشيرازي: لا يخلو عن إشكال بناءً على القول بجواز الإحرام في حال الاختيار من ذات عرق؛ و لو قلنا بالجواز، فالأحوط وجوب الفدية لما لبس من المخيط و ذلك لعدم الملزم له على الإحرام من قبل مع ارتكاب الخلاف؛ نعم، في رواية الاحتجاج جواز ذلك (10/ 2 من المواقيت) و لكن في سنده إشكال
العروة الوثقى مع التعليقات، ج2، ص: 440
ثمّ نزعهما و لبس ثيابه إلى ذات عرق ثمّ التجرّد و لبس الثوبين، فهو أولى.
الثالث: الجحفة، و هي لأهل الشام و مصر و مغرب و من يمرّ عليها من غيرهم إذا لم يحرم من الميقات السابق عليها.
الرابع: يلملم، و هو لأهل اليمن.
الخامس: قرن المنازل، و هو لأهل الطائف.
السادس: مكّة، و هي لحجّ التمتّع.
السابع: دويرة الأهل، أي المنزل، و هي لمن كان منزله دون الميقات إلى مكّة، بل لأهل مكّة أيضاً على المشهور الأقوى و إن استشكل فيه بعضهم، فإنّهم يحرمون لحجّ القران و الإفراد من مكّة (1)، بل و كذا المجاور الّذي انتقل فرضه إلى فرض أهل مكّة و إن كان الأحوط إحرامه من الجعرانة و هي أحد مواضع أدنى الحلّ، للصحيحين الواردين فيه (2) المقتضي إطلاقهما عدم الفرق بين من انتقل فرضه أو لم ينتقل و إن كان القدر المتيقّن، الثاني؛ فلا يشمل ما نحن فيه، لكنّ الأحوط ما ذكرنا عملًا بإطلاقهما. و الظاهر أنّ الإحرام من المنزل للمذكورين من باب الرخصة، و إلّا فيجوز لهم الإحرام من أحد المواقيت، بل لعلّه أفضل، لبعد المسافة و طول زمان الإحرام.
الثامن: فخّ، و هو ميقات الصبيان في غير حجّ التمتّع عند جماعة، بمعنى جواز تأخير إحرامهم إلى هذا المكان، لا أنّه يتعيّن ذلك، و لكنّ الأحوط (3) ما عن آخرين (4) من وجوب
______________________________
(1). الخوئي: بل يخرجون إلى الجعرانة فيحرمون منها، و كذلك المجاور مطلقاً
(2). مكارم الشيرازي: و هو إشارة إلى ما رواه عبد الرحمن بن حجّاج (5/ 9 من أبواب أقسام الحجّ) و ما رواه أبو الفضل سالم الحنّاط (6/ 9 من أبواب أقسام الحجّ) و لكن اشتمال الروايتين على المستحبّات أوّلًا، و التصريح فيها بأنّه ميقات رسول اللّه صلى الله عليه و آله عند رجوعه من فتح حنين و غيره ثانياً، و عدم فتوى المشهور بهما ثالثاً، ممّا يضعف الاعتماد عليهما بعنوان دليل على الوجوب و إن كان العمل بهما أولى
(3). الگلپايگاني: في كون ما ذكره أحوط تأمّل، بل الأحوط حينئذٍ الفدية للبس المخيط؛ و أمّا تأخير إحرامهم إلى فخّ فالظاهر أنّه لا إشكال فيه
(4). الخوئي: بل الظاهر ذلك، و إنّما يكون تجريدهم من فخّ لمن يمرّ بها
العروة الوثقى مع التعليقات، ج2، ص: 441
كون إحرامهم من الميقات، لكن لا يجرّدون إلّا في فخّ (1)، ثمّ إنّ جواز التأخير على القول الأوّل إنّما هو إذا مرّوا على طريق المدينة، و أمّا إذا سلكوا طريقاً لا يصل إلى فخّ فاللازم إحرامهم من ميقات البالغين.
التاسع: محاذاة أحد المواقيت الخمسة (2)، و هي ميقات من لم يمرّ على أحدها، و الدليل عليه صحيحتا ابن سنان، و لا يضرّ اختصاصهما (3) بمحاذاة مسجد الشجرة بعد فهم المثاليّة منهما و عدم القول بالفصل، و مقتضاهما محاذاة أبعد الميقاتين إلى مكّة إذا كان في طريق يحاذي اثنين، فلا وجه للقول بكفاية أقربهما إلى مكّة.
و تتحقّق المحاذاة بأن يصل في طريقه إلى مكّة إلى موضع يكون بينه و بين مكّة باب (4)، و
______________________________
(1). مكارم الشيرازي: لا يُترك هذا الاحتياط، كما هو المستفاد من المتن أيضاً فإنّه نقل الحكم بكون «فخّ» ميقاتاً عن جماعة من دون الفتوى به و لعلّه لأنّ العمدة في هذا الحكم صحيحتا أيّوب بن حرّ (1/ 18 من أبواب المواقيت) و عليّ بن جعفر (2/ 18 من المواقيت) و ليس فيهما إلّا الأمر بالتجريد من فخّ و إن كان يمكن أن يقال أنّ التجريد كناية عن الإحرام، و لكنّ الاعتماد على هذا الاحتمال مشكل، فالأحوط ما ذكر، كما أنّ الأحوط حينئذٍ الفدية للبس المخيط و إن كان ظاهر الأصحاب عدم وجوبه
(2). مكارم الشيرازي: و العمدة هنا صحيحة ابن سنان (و ليس هنا صحيحتان، كما ذكره في المتن، بل هي رواية واحدة رويت بطريقين مع اختلاف يسير في التعبير، كما لا يخفى على من تأمّل فيهما حقّ التأمّل) و مقتضاها هو وجوب الإحرام من الأبعد، لأنّ ظاهر الأمر هو الوجوب التعييني؛ و العجب ممّن صرّح بوجوب الإحرام من الأقرب، مع عدم دليل عليه
(3). الخوئي: لا يبعد الاختصاص بملاحظة أنّ مسجد الشجرة له خصوصيّة و هي أنّ السنّة في الإحرام منه أن يفرض الحجّ في المسجد و يؤخّر التلبية إلى البَيداء، و هي خصوصيّة ليست لسائر المواقيت فلا يبعد أن يكون الاكتفاء بالمحاذاة خصوصيّة له، و على فرض التنزّل فالمحاذاة المعتبرة لا بدّ أن تكون مثل ذلك المقدار ممّا يمكن للشخص رؤية المحاذى له لا بمقدار مسافة بعيدة كعشرين فرسخاً أو أكثر، و على هذا فلا مجال للكلام في سائر خصوصيّاتها الّتي في المتن، و مع ذلك ففي كلامه مواضع للنظر لا موجب للتعرّض لها
(4). الامام الخميني: في العبارة اشتباه، و لو كان مكان «باب» «مسافة» يكون المراد أنّ الضابط من المحاذاة هو الوصول إلى موضع تكون مسافته إلى مكّة كمسافة الميقات إليها، و لازمه أن يكون كلّ من الميقات و ذلك الموضع على محيط دائرة تكون مكّة مركزها و هو لا ينطبق على ضابطه الآخر و لا يكون صحيحاً عرفاً و لا عقلًا. و الضابط الآخر صحيح، فإنّ لازم كون الخطّ من موقفه إلى الميقات في ذلك الطريق أقصر الخطوط أن يكون الميقات على يمين المارّ أو شماله في ذلك الطريق بحيث لو جاز عنه مال إلى ورائه
الگلپايگاني: العبارة غير وافية بالمقصود و لعلّها محرّفة؛ و الأولى أن يقال: تتحقّق المحاذاة بأن يصل في طريقه إلى مكّة إلى موضع يكون الميقات على يمينه أو شماله بالخطّ المستقيم
العروة الوثقى مع التعليقات، ج2، ص: 442
هي بين ذلك الميقات و مكّة (1) بالخطّ المستقيم، و بوجه آخر أن يكون الخطّ من موقفه إلى الميقات أقصر (2) الخطوط في ذلك الطريق. ثمّ إنّ المدار على صدق المحاذاة عرفاً، فلا يكفي إذا كان بعيداً عنه، فيعتبر فيها المسامتة (3) كما لا يخفى.
و اللّازم حصول العلم بالمحاذاة إن أمكن، و إلّا فالظنّ الحاصل من قول أهل الخبرة (4)، و مع عدمه أيضاً فاللازم الذهاب إلى الميقات أو الإحرام من أوّل موضع احتماله و استمرار النيّة و التلبية إلى آخر مواضعه، و لا يضرّ احتمال كون الإحرام قبل الميقات حينئذٍ، مع أنّه لا يجوز، لأنّه لا بأس به (5) إذا كان بعنوان الاحتياط، و لا يجوز إجراء أصالة عدم الوصول إلى المحاذاة أو أصالة عدم وجوب الإحرام، لأنّهما لا يثبتان كون ما بعد ذلك محاذاةً، و المفروض لزوم كون إنشاء الإحرام من المحاذاة، و يجوز لمثل هذا الشخص (6) أن ينذر الإحرام قبل الميقات (7) فيحرم في أوّل موضع الاحتمال أو قبله على ما سيأتي من جواز ذلك مع النذر، و الأحوط في صورة الظنّ أيضاً عدم الاكتفاء به و إعمال أحد هذه الامور و إن كان الأقوى
______________________________
(1). مكارم الشيرازي: العبارة محرّفة بلا إشكال، و حقّ العبارة أن يقال: «إلى موضع يكون بينه و بين مكّة بقدر ما بين ذلك الميقات و مكّة» كما يظهر لمن راجع الجواهر فإنّه قال: «معنى غلبة الظنّ بمحاذاة أقرب المواقيت حينئذٍ بلوغ محلّ بينه و بين مكّة بقدر ما بين مكّة و أقرب المواقيت إليها و هو مرحلتان» (الجواهر ج 8 ص 116). و ليعلم أنّ المراد بمرحلتين هو ميقات «قرن المنازل» أو «يلملم» لأنّهم صرّحوا بأنّهما على مرحلتين من مكّة
(2). الگلپايگاني: مع كون الميقات على يمينه أو شماله
(3). الگلپايگاني: مع كونه في ناحية يكون ذلك الميقات ميقاتاً لأهلها
(4). مكارم الشيرازي: بل يمكن أن يقال: أنّ قول أهل الخُبرة حجّة حتّى مع إمكان تحصيل العلم لا سيّما إذا كان عدلًا، لحجيّة قول أهل الخُبرة في أمثال المقام أوّلًا، و حجيّة خبر العدل الواحد في الموضوعات ثانياً، كما ذكرناه في محلّه
(5). الامام الخميني: فيه إشكال، بل منع لو قلنا بحرمة الإحرام قبل الوصول إلى المحاذاة مع جريان الأصل الموضوعي أو الحكمي فيه، فاللازم لمثل هذا الشخص التخلّص بالنذر
(6). الگلپايگاني: بل هو الأحوط
(7). مكارم الشيرازي: بل هذا هو الأحوط، لما وقع من الإشكال في العمل بالاحتياط من ناحية بعضهم. و سيأتي الكلام في حكم نذر الإحرام قبل الميقات في أحكام المواقيت مشروحاً إن شاء اللّه
العروة الوثقى مع التعليقات، ج2، ص: 443
الاكتفاء، بل الأحوط عدم الاكتفاء بالمحاذاة مع إمكان الذهاب إلى الميقات، لكنّ الأقوى ما ذكرنا من جوازه مطلقاً. ثمّ إن أحرم في موضع الظنّ (1) بالمحاذاة و لم تبيّن الخلاف فلا إشكال، و إن يتبيّن بعد ذلك كونه قبل المحاذاة و لم يتجاوزه أعاد الإحرام، و إن تبيّن كونه قبله و قد تجاوز أو تبيّن كونه بعده فإن أمكن العود و التجديد تعيّن، و إلّا فيكفي (2) في الصورة الثانية و يجدّد في الاولى (3) في مكانه، و الأولى التجديد مطلقاً. و لا فرق في جواز الإحرام في المحاذاة بين البرّ و البحر (4).
ثمّ إنّ الظاهر أنّه لا يتصوّر طريق لا يمرّ على ميقات و لا يكون محاذياً لواحد منها (5)، إذ المواقيت محيطة بالحرم (6) من الجوانب (7)، فلا بدّ من محاذاة واحد منها، و لو فرض إمكان ذلك
______________________________
(1). الامام الخميني: أو العلم به
(2). الامام الخميني: إذا كان إحرامه قبل الحرم، أو لم يمكن له الرجوع إلى خارج الحرم، و إلّا فيرجع إلى خارج الحرم فيحرم منه
الگلپايگاني: بل يجدّد في الصورتين، إلّا إذا تبيّن عدم التمكّن من الإحرام من الميقات حين إحرامه من بعد الميقات
(3). مكارم الشيرازي: بل لا يُترك الاحتياط بتجديد الإحرام في الصورة الثانية أيضاً، لأنّ إحرامه الأوّل كان في زمان يمكنه العود إلى الميقات، فإحرامه ممّا بعده لم يكن جائزاً في الواقع إلّا إذا فرض عدم قدرته على ذلك في الإحرام الأوّل أيضاً
(4). الگلپايگاني: و الظاهر كفاية الإحرام في الطيّارة فوق الميقات إذا أحرز و تمكّن من الإحرام فيها
مكارم الشيرازي: بل و كذا الجوّ إذا سافر بالطائرة، فلو كان هناك مطار بعد المواقيت أو داخل الحرم فلا يجوز لركّاب الطائرات العبور عن محاذاة الميقات إلّا محرماً و يكفيهم إحرامهم في الجوّ؛ و أمّا مسألة الاستظلال في تلك الحالة فهو أمر آخر سيأتي الكلام فيه إن شاء اللّه تعالى
(5). الخوئي: بين هذا و ما تقدّم منه قدس سره من اختصاص المحاذاة بموارد الصدق العرفيّ تهافت ظاهر
(6). الگلپايگاني: و لا ينافي ذلك كون يلملم لثلاثة أرباع الدائرة، لأنّ ميقات جميع هذه الناحية يلملم
(7). مكارم الشيرازي: لا يُترك الاحتياط بالرجوع إلى أحد المواقيت لو أمكن، و إلّا فيحرم في محلّ يظنّ أو يحتمل المحاذاة ثمّ يجدّده في أدنى الحلّ، و قال سيّدنا الاستاذ المحقّق البروجردي قدس سره في بعض حواشيه في المقام: ليس كذلك، فإنّ «ذا الحليفة» و «الجحفة» كليهما في شمال الحرم على خطّ واحد تقريباً، و «قرن المنازل» في المشرق منه، و «العقيق» بين الشمال و المشرق، فتبقى «يلملم» وحدها لثلاثة أرباع الدورة المحيطة بالحرم، و بينها و بين «قرن المنازل» أكثر من ثلاثة أثمان الدورة، و منها إلى «الجحفة» قريب من ذلك (انتهى). و يظهر فيما حكي عن كثير من الأعلام كالعلّامة في القواعد و صاحب الحدائق في حدائقه و صاحب المدارك في مداركه و غيرهم المفروغيّة من وجود طرق لا تنتهي إلى شيء من المواقيت و محاذاتها، مضافاً إلى أنّ الشكّ في ذلك كافٍ و مقتضى أصالة البراءة عدم وجوب الإحرام في أمثاله إلّا من أدنى الحلّ، و لكن مع ذلك لا يُترك الاحتياط عند ما يحتمل محاذاة بعض المواقيت ثمّ تجديد الإحرام في أدنى الحلّ؛ هذا إذا لم يقدر على المرور على بعض المواقيت، و إلّا فلا يُترك الاحتياط بالمرور على الميقات لما عرفت، و ذلك لما يظهر من بعض الروايات أنّ المواقيت الّتي حدّدها رسول اللّه صلى الله عليه و آله محدودة معدودة لا يحرم إلّا منها أو ما يحاذيها (مثل 3 و 7/ 1 من المواقيت) و سيأتي تتمّة الكلام في ذلك في أحكام الإحرام
العروة الوثقى مع التعليقات، ج2، ص: 444
فاللازم الإحرام من أدنى الحلّ (1). و عن بعضهم أنّه يحرم من موضع يكون بينه و بين مكّة بقدر ما بينها و بين أقرب المواقيت إليها و هو مرحلتان، لأنّه لا يجوز لأحدٍ قطعه إلّا محرماً؛ و فيه: أنّه لا دليل عليه، لكنّ الأحوط (2) الإحرام منه و تجديده في أدنى الحلّ.
العاشر: أدنى الحلّ (3)، و هو ميقات العمرة المفردة بعد حجّ القران أو الإفراد، بل لكلّ عمرة مفردة (4)، و الأفضل أن يكون من الحديبيّة أو الجعرانة أو التنعيم فإنّها منصوصة، و هي من حدود الحرم على اختلاف بينها في القرب و البعد؛ فإنّ الحديبيّة بالتخفيف أو التشديد: بئر بقرب مكّة على طريق جدّة دون مرحلة، ثمّ اطلق على الموضع، و يقال: نصفه في الحلّ و نصفه في الحرم؛ و الجعرانة بكسر الجيم و العين و تشديد الراء، أو بكسر الجيم و سكون العين و تخفيف الراء: موضع بين مكّة و الطائف على سبعة أميال؛ و التنعيم: موضع قريب من مكّة و هو أقرب أطراف الحلّ إلى مكّة، و يقال: بينه و بين مكّة أربعة أميال، و يعرف بمسجد
______________________________
(1). الخوئي: بل اللازم الإحرام من أحد المواقيت مع الإمكان، و مع عدمه يجري عليه حكم المتجاوز عن الميقات بغير إحرام
الگلپايگاني: بل اللازم عليه العبور من أحد المواقيت و الإحرام منه، و مع عدم الإمكان فمن الأقرب منه ثمّ الأقرب إلى أدنى الحلّ
(2). الامام الخميني: بل الأحوط التخلّص بالنذر
الگلپايگاني: بل الأحوط ما قلنا من العبور من أحد المواقيت إلى آخر ما ذكرنا في الحاشية السابقة
(3). مكارم الشيرازي: و العمدة فيه ما رواه عمر بن يزيد عن أبي عبد اللّه عليه السلام: «من أراد أن يخرج من مكّة ليعتمر أحرم من الجعرانة أو الحديبيّة أو ما أشبهها» (1/ 22 من المواقيت). و تخصيص صدرها بمن كان في مكّة غير قادح بعد ملاحظة ذيله من فعل رسول اللّه صلى الله عليه و آله في عمرة القضاء و عمرته عند رجوعه من الطائف من غزوة حنين و غيرها، مضافاً إلى ذهاب المشهور إليه
(4). الخوئي: لمن كان بمكّة و أراد العمرة و من أتى دون المواقيت غير قاصد لدخول مكّة ثمّ بدا له أن يعتمر
العروة الوثقى مع التعليقات، ج2، ص: 445
عائشة، كذا في مجمع البحرين. و أمّا المواقيت الخمسة، فعن العلّامة في المنتهى أنّ أبعدها من مكّة ذو الحليفة، فإنّها على عشرة مراحل من مكّة، و يليه في البعد الجحفة؛ و المواقيت الثلاثة الباقية على مسافة واحدة، بينها و بين مكّة ليلتان قاصدتان، و قيل: إنّ الجحفة على ثلاث مراحل من مكّة.
مسألة 5: كلّ من حجّ أو اعتمر على طريق، فميقاته ميقات أهل ذلك الطريق و إن كان مهلّ أرضه غيره، كما أشرنا إليه سابقاً، فلا يتعيّن أن يحرم من مهلّ أرضه، بالإجماع و النصوص، منها صحيحة صفوان: «أنّ رسول اللّه صلى الله عليه و آله وقّت المواقيت لأهلها و من أتى عليها من غير أهلها».
مسألة 6: قد علم ممّا مرّ أنّ ميقات حجّ التمتّع مكّة، واجباً كان أو مستحبّاً، من الآفاقيّ أو من أهل مكّة، و ميقات عمرته أحد المواقيت (1) الخمسة (2) أو محاذاتها (3) كذلك أيضاً، و ميقات حجّ القران و الإفراد أحد تلك المواقيت مطلقاً أيضاً إلّا إذا (4) كان منزله دون الميقات أو مكّة (5)، فميقاته منزله، و يجوز من أحد تلك المواقيت أيضاً، بل هو الأفضل، و ميقات عمرتهما أدنى الحلّ إذا كان في مكّة، و يجوز من أحد المواقيت أيضاً، و إذا لم يكن في مكّة فيتعيّن أحدها (6)؛ و كذا الحكم في العمرة المفردة (7)، مستحبّةً كانت أو واجبةً. و إن نذر الإحرام من ميقات معيّن، تعيّن (8). و المجاور بمكّة بعد السنتين حاله حال أهلها، و قبل ذلك حاله حال
______________________________
(1). الامام الخميني: بالتفصيل المتقدّم
الگلپايگاني: نعم، من كان منزله أقرب إلى مكّة من الميقات، فميقاته منزله مطلقاً على الظاهر
(2). مكارم الشيرازي: قد عرفت سابقاً أنّ من كان منزله دون الميقات إلى مكّة، ميقاته دويرة أهله، فلا يجب عليه الرجوع إلى المواقيت الخمسة
(3). الخوئي: تقدم الإشكال فيه [في الميقات التاسع]
(4). الامام الخميني: و كذا الحال في المتمتّع
(5). الخوئي: تقدّم أن أهل مكّة يخرجون إلى الجعرانة و يحرمون منها
(6). الامام الخميني: أو منزله إذا كان أقرب
الگلپايگاني: أو منزله إن كان بين مكّة و الميقات
مكارم الشيرازي: إلّا إذا كان منزله دون الميقات، فميقاته دويرة أهله، كما مرّ
(7). الگلپايگاني: يعني غير عمرة القران و الإفراد، و إلّا فهما أيضاً مفردتان
(8). مكارم الشيرازي: هذا إذا كان نذره للميقات في ضمن نذر الحجّ أو العمرة حتّى يكون الرجحان في جنس المنذور كافياً و إن لم يكن في خصوصيّات فرده؛ و أمّا إذا نذر بأنّي إذا حَجَجتُ أو اعتَمَرتُ كان حجّي أو عمرتي من ميقات كذا، فنذره مشكل، إلّا إذا كان في تلك الميقات رجحان شرعاً
العروة الوثقى مع التعليقات، ج2، ص: 446
النائي، فإذا أراد حجّ الإفراد أو القران يكون ميقاته أحد الخمسة أو محاذاتها (1)، و إذا أراد العمرة المفردة جاز إحرامها من أدنى الحلّ.