الرابعة: إذا ادّعى رجل زوجيّة امرأة و أنكرت، فهل يجوز لها أن تتزوّج من غيره قبل تماميّة الدعوى مع الأوّل، و كذا يجوز لذلك الغير تزويجها أو لا، إلّا بعد فراغها من المدّعى؟
وجهان (1)؛ من أنّها قبل ثبوت دعوى المدّعي خليّة و مسلّطة على نفسها، و من تعلّق حقّ المدّعي بها (2) و كونها في معرض ثبوت زوجيّتها للمدّعي، مع أنّ ذلك تفويت حقّ المدّعي إذا ردّت الحلف عليه و حلف، فإنّه ليس حجّة على غيرها و هو الزوج؛ و يحتمل التفصيل بين ما إذا طالت الدعوى فيجوز للضرر عليها بمنعها حينئذٍ، و بين غير هذه الصورة، و الأظهر الوجه الأوّل، و حينئذٍ فإن أقام المدّعي بيّنة و حكم له بها، كشف عن فساد العقد عليها، و إن لم يكن له بيّنة و حلفت (3) بقيت على زوجيّتها (4). و إن ردّت اليمين على المدّعي و حلف،
______________________________
(1). مكارم الشيرازي: يمكن أن يقال: إنّ الملاك في جميع موارد الدعوى أنّ التصرّفات الّتي يوجب إفناء موضوع الدعوى، غير جائز؛ و أمّا ما لا ينتفي معه الموضوع، فهو جائز؛ نعم، لو طالت المدّة و تضرّر المدّعي عليه، أمكن القول بالجواز و لو مع انتفاء الموضوع دفعاً للضرر إذا كان ضرر صبره أقوى؛ و ذلك لأنّ دليل السلطنة مأخوذ من بناء العقلاء، و عمومها و شمولها لما إذا أوجب فناء موضوع حقّ المدّعي أوّل الكلام؛ و إطلاقات الروايات أيضاً منصرفة إلى ما ذكرناه، سواء ذلك في باب الأموال و النفوس و النكاح و غيره؛ يؤيّده أنّه لو لا ذلك، حصل ضرر عظيم في كثير من الدعاوي، فإنّ المدّعى عليه إذا علم أنّ الدعوى تنتهي إلى محكوميّته يتشبّث بإفناء الموضوع كي لا يتسلّط المدّعي على حقّه؛ و من سبر الدعاوي المطروحة بين الناس حقّها، تيقّن ما ذكرناه؛ و منه يظهر الحال في ما نحن فيه، فإنّ إقدام المرأة على التزويج المنافي لحقّ المدّعي مشكل جدّاً، فإنّه قد لا يثبت الادّعاء إلّا من طريق اليمين المردودة، و حينئذٍ لا يجوز الأخذ به لو قلنا أنّه بمنزلة الإقرار، فإنّ إقرار العقلاء في حقّ غيرهم غير جائز؛ ثمّ إنّ الإنصاف أنّ هذه مسائل سيّالة، و الأولى إيكال أمرها إلى أبواب القضاء، لا عنوانها في كلّ كتاب فقهي من النكاح و البيع و غيرهما الّذي يوجب التطويل بغير طائل
(2). الگلپايگاني: الظاهر أنّ حقّ المدّعي ليس إلّا أنّ له أن يدّعي، لكن قبل الإثبات، و حكم الحاكم لا يمنع المدّعى عليه من التصرّفات و لا يثبت بمجرّد الدعوى حقّ حتّى يحكم بحرمة تفويته
(3). الگلپايگاني: الظاهر عدم سماع الدعوى، و كذلك الحكم في نظائرها
(4). الخوئي: تقدّم أنّ الحلف لا يتوجّه على الزوجة بعد التزويج كما هو المفروض هنا، حيث لا موضوع لحلفها، فإنّ موضوعه إنّما هو فيما إذا كان لاعترافها أثر و لا أثر له في المقام، و بذلك يظهر حال اليمين المردودة
العروة الوثقى مع التعليقات، ج2، ص: 845
ففيه وجهان؛ من كشف كونها زوجة للمدّعي فيبطل العقد عليها، و من أنّ اليمين المردودة لا يكون مسقطاً لحقّ الغير و هو الزوج، و هذا هو الأوجه، فيثمر فيما إذا طلّقها الزوج أو مات عنها، فإنّها حينئذٍ تردّ على المدّعي. و المسألة سيّالة تجري في دعوى الأملاك و غيرها أيضاً.
و اللّه العالم.