و تسمّى قراضاً عند أهل الحجاز؛ و الأوّل من الضرب، لضرب العامل في الأرض لتحصيل الربح، و المفاعلة (1) باعتبار كون المالك سبباً له و العامل مباشراً؛ و الثاني من القرض بمعنى القطع، لقطع المالك حصّة من ماله و دفعه إلى العامل ليتّجر به، و عليه العامل مقارض بالبناء للمفعول، و على الأوّل مضارب بالبناء للفاعل؛ و كيف كان، عبارة عن دفع (2) الإنسان مالًا إلى غيره ليتّجر به (3) على أن يكون الربح بينهما، لا أن يكون تمام الربح
______________________________
(1). الگلپايگاني: ذكره جمع من العلماء و يمكن أن يكون فاعل في المقام بمعنى فعل، كسافر بمعنى سفر
(2). الامام الخميني: بل عبارة عن عقد واقع بين شخصين على أن يكون من أحدهما المال و من الآخر العمل، و الربح الحاصل بينهما
الگلپايگاني: هذا منافٍ لما يأتي منه قدس سره في الشرط الثاني من اختيار صحّة المضاربة مع كون المال بيد المالك فيتصدّى العامل للمعاملة فقط، و الظاهر أنّ حقيقتها توكيل صاحب المال غيره ليتّجر به على أن يكون الربح بينهما فيكون عقد المضاربة بمنزلة وكالة محدودة و جعالة مخصوصة لشخص معيّن في عمل خاصّ بجعل مخصوص
(3). مكارم الشيرازي: بل هو عقد واقع بين شخصين على أن يكون رأس المال في التجارة من أحدهما و العمل من الآخر، و لو حصل ربح يكون بينهما بنسبة معيّنة؛ و أمّا ما ذكره في المتن فهو مخدوش أوّلًا بأنّ المضاربة ليست من الأفعال الخارجيّة حتّى يفسّر بأنّه عبارة عن دفع الإنسان؛ هذا مضافاً إلى أنّ اللام في قوله: ليتّجر، يوهم وجوب الاتّجار على العامل مع أنّه ستعرف أنّ العقد جائز من الطرفين، و أنّ قوله: الربح بينهما، يوهم المساواة مع أنّه ليس كذلك، و الأمر سهل. و أمّا ما ورد في بعض حواشي أعلام العصر من أنّ سهماً من الربح للمال و سهماً منه للعمل، فهو أيضاً مسامحة في التعبير، لأنّ المال و العمل ليس لهما سهم، بل للمالك و العامل؛ نعم، ملك كلّ منهما لسهمه ناشٍ عن مالكيّته للمال أو العمل
العروة الوثقى مع التعليقات، ج2، ص: 548
للمالك و لا أن يكون تمامه للعامل. و توضيح ذلك: إنّ من دفع مالًا إلى غيره للتجارة، تارةً على أن يكون الربح بينهما و هي مضاربة، و تارةً على أن يكون تمامه للعامل و هذا داخل في عنوان القرض إن كان بقصده (1)، و تارةً على أن يكون تمامه للمالك و يسمّى عندهم باسم البضاعة، و تارةً لا يشترطان شيئاً و على هذا أيضاً يكون تمام الربح للمالك فهو داخل في عنوان البضاعة، و عليهما يستحقّ العامل اجرة المثل لعمله إلّا أن يشترطا عدمه أو يكون العامل (2) قاصداً للتبرّع (3)، و مع عدم الشرط و عدم قصد التبرّع أيضاً له أن يطالب الاجرة، إلّا أن يكون الظاهر (4) منهما (5) في مثله عدم أخذ الاجرة، و إلّا فعمل المسلم محترم ما لم يقصد التبرّع.
و يشترط في المضاربة الإيجاب و القبول. و يكفي فيهما كلّ دالّ قولًا أو فعلًا؛ و الإيجاب القوليّ كأن يقول: ضاربتك على كذا، و ما يفيد هذا المعنى، فيقول: قبلت.
و يشترط فيها أيضاً بعد البلوغ و العقل و الاختيار و عدم الحجر (6) لفلس (7)
______________________________
(1). الگلپايگاني: و مضاربة فاسدة إن كان بقصدها
(2). الگلپايگاني: أو يقيّد المالك إذنه في التجارة بماله بالمجّانيّة، لأنّه إن اتّجر العامل به مع ذلك فقد هتك احترام عمله
(3). مكارم الشيرازي: أو يكون ظاهر حاله بحسب المقام أو الموقف أو الزمان أو المكان أو غير ذلك، المجّانيّة و لو لم يقصد التبرّع، ففي الحقيقة الحكم الواقعيّ بالضمان مشروط بعدم هذه الامور الثلاثة؛ و أمّا الحكم الظاهريّ عند التنازع، فهو الضمان مطلقاً ما لم يثبت أحد الامور الثلاثة؛ فتأمّل
(4). الخوئي: كما هو كذلك في البضاعة. و قد التزم قدس سره في باب المساقاة بعدم استحقاق العامل الاجرة فيما إذا اشترط المالك انفراده بالثمر
(5). الامام الخميني: حتّى يأخذ المالك به في مقام الترافع أو تكليفه الظاهري، و الاستحقاق الواقعي تابع لواقعيّته
الگلپايگاني: بحيث يكون إرجاع المالك إليه ظاهراً في المجّانيّة ليكون العمل معه هتكاً لاحترام عمله
(6). الامام الخميني: في ربّ المال لِفَلس و فيهما لِسَفَه
(7). الخوئي: هذا في المالك، و سيأتي منه قدس سره عدم اعتباره في العامل
الگلپايگاني: في صاحب المال دون العامل
مكارم الشيرازي: هذا الشرط مختصّ بالمالك؛ و أمّا العامل، فلا يشترط فيه ذلك و إن كان ظاهر كلامه عامّاً
العروة الوثقى مع التعليقات، ج2، ص: 549
أو جنون (1) امور:
الأوّل: أن يكون رأس المال عيناً؛ فلا تصحّ بالمنفعة (2) و لا بالدين (3)، فلو كان له دين على أحد لم يجز أن يجعله مضاربة إلّا بعد قبضه و لو أذن للعامل في قبضه ما لم يجدّد العقد بعد القبض؛ نعم، لو وكّله على القبض و الإيجاب (4) من طرف المالك و القبول منه، بأن يكون موجباً قابلًا (5)، صحّ؛ و كذا لو كان له على العامل دين، لم يصحّ جعله قراضاً، إلّا أن يوكّله في تعيينه ثمّ إيقاع العقد عليه بالإيجاب و القبول بتولّي الطرفين.
الثاني: أن يكون من الذهب أو الفضّة المسكوكين (6) بسكّة المعاملة، بأن يكون درهماً أو ديناراً؛ فلا تصحّ بالفلوس و لا بالعروض بلا خلاف بينهم و إن لم يكن عليه دليل سوى
______________________________
(1). الخوئي: لعلّه يريد به السفه، و إلّا فهو من سهو القلم، و على الأوّل فإنّما يعتبر عدمه في المالك دون العامل
الگلپايگاني: هذا تكرار لما مرّ من اشتراط العقل، إلّا أن يكون المراد به السفه
مكارم الشيرازي: قد سبق منه اشتراط العقل، فلا وجه للتكرار؛ مضافاً إلى أنّ الجنون ليس من أسباب الحجر، بل هو من أسباب سقوط العقد بالكليّة
(2). الخوئي: على الأحوط
(3). مكارم الشيرازي: و العمدة فيهما عدم التعارف بين العقلاء، و إلّا فالإجماع في المسألة و بعض المسائل الآتية غير ثابت
(4). الگلپايگاني: بعد القبض
(5). مكارم الشيرازي: تولّي طرفي العقد من واحد لا يخلو عن إشكال مطلقاً، لأنّه لا يكون إلّا بين شخصين؛ و الاكتفاء بالوكالة و النيابة من شخص واحد، غير متعارف بين أهل العرف و إن اشتهر في ألسنة بعض الأعلام
(6). مكارم الشيرازي: هذا الشرط لا اعتبار به، و لا دليل عليه إلّا الإجماع المحكيّ في كلمات كثير من الأصحاب؛ و لكن هناك قرائن تدلّ على عدم اعتبار هذا الإجماع، بل على عدم كون المسألة إجماعيّة و إنّ الإجماع إنّما هو على جواز المضاربة بالدراهم و الدنانير من باب الأخذ بالقدر المتيقّن، كما صرّح به الشيخ في الخلاف؛ فكأنّهم زعموا أنّ الأصل في المضاربة، الفساد، لأنّ مبناه على الغرر و الجهل بالمنافع، و القدر المتيقّن من الجواز في الشرع ما كان بالدراهم و الدنانير، فغيره يبقى تحت الأصل (كما صرّح به بعضهم)؛ و لكنّ الإنصاف أنّ شيئاً من ذلك لا يثمر في المسألة، و الحقّ جواز المضاربة بغيرها، لعموم أدلّتها و أدلّة التجارة عن تراضٍ و الوفاء بالعقود، فتصحّ بالعروض و السبائك و غيرها، بل هو أمر رائج بين أهل العرف لم يمنع منه الشرع
العروة الوثقى مع التعليقات، ج2، ص: 550
دعوى الإجماع؛ نعم، تأمّل فيه بعضهم و هو في محلّه، لشمول العمومات، إلّا أن يتحقّق الإجماع و ليس ببعيد (1)، فلا يُترك الاحتياط، و لا بأس بكونه من المغشوش الّذي يعامل به مثل الشاميّات و القمريّ و نحوها؛ نعم، لو كان مغشوشاً يجب كسره بأن كان قلباً، لم يصحّ، و إن كان له قيمة فهو مثل الفلوس. و لو قال للعامل: بع هذه السلعة و خذ ثمنها قراضاً، لم يصحّ (2)، إلّا أن يوكّله في تجديد العقد عليه بعد أن نضّ ثمنه.
الثالث: أن يكون معلوماً قدراً و وصفاً (3)، و لا تكفي المشاهدة و إن زال به معظم الغرر.
______________________________
(1). الامام الخميني: لم يثبت الإجماع في المسألة، لعدم تعرّض كثير من القدماء لها، و يظهر من «الخلاف» و «الغنية» أنّ المسألة ليست إجماعيّة، لتمسّكهما بعدم الدليل على الصحّة دون الإجماع، و إنّما ادّعيا الإجماع و عدم الخلاف في الصحّة مع الدرهم و الدينار، بل يظهر من العلّامة أيضاً بعد نسبة القول بالبطلان إلى علمائنا أنّ الدليل عليه كونها على خلاف القاعدة، فلا بدّ من الاقتصار على القدر المتيقّن، و إنّما ادّعى الإجماع صاحب «جامع المقاصد» و تبعه بعض آخر، بل حجيّة الإجماع في مثل تلك المسألة الّتي ادّعى الأعاظم كون الصحّة فيها خلاف القواعد ممنوعة أو مشكلة، و لو فرض صحّة الإجماع و ثبوته فالقدر المتيقّن منه هو عدم الجواز في غير الأثمان أي العروض، و أمّا في مثل الدينار العراقي و الإسكناس من الأثمان غير الذهب و الفضّة فغير ثابت، فعليه فصحّتها بمثلها لا يخلو من قوّة، للعمومات و كون المعاملة عقلائيّة و عدم غرريّتها، بل عدم ثبوت البطلان بمثل ذلك، هذا مع أنّه لا يبعد إطلاق بعض أدلّة الباب
الخوئي: الظاهر أنّ الإجماع لم يثبت، و عبارة القاضي في الجواهر تدلّ على تحقّق الإجماع على صحّة المضاربة بالدراهم و الدنانير، لا على عدم صحّتها في غيرهما، فالظاهر جواز المضاربة بما يكون في حكم النقدين من الأوراق النقديّة و غيرها
مكارم الشيرازي: قد عرفت أنّ الإجماع غير ثابت، كما يظهر من كلام الشيخ في الخلاف؛ و مع فرض ثبوته يحتمل استناده إلى بعض الأدلّة الّتي قد عرفت عدم تماميّتها، و على فرض الإشكال في العروض لا يبعد صحّة المضاربة بالأوراق النقديّة المعمولة في عصرنا كالإسكناس و الدينار و الريال، لأنّ الإجماع لم يقم على البطلان بمثله. و من البعيد جدّاً إغلاق باب المضاربة في عصرنا شرعاً مع شدّة الابتلاء بها، كما لا يخفى؛ و العمدة ما عرفت من عموم الأدلّة و عدم الدليل على تخصيصها
(2). الخوئي: فيه إشكال، بل لا تبعد الصحّة
(3). الخوئي: على الأحوط الأولى
مكارم الشيرازي: المعتبر في نفي الغرر أن لا تكون المعاملة سفهيّة، لما عرفت في معنى الغرر في أبواب الإجارة و عدم الدليل على أزيد منه؛ و هكذا الكلام في معلوميّة الربح. و قد فصّل بعضهم بين ما إذا كان له واقع معلوم و إن كان مجهولًا بالفعل فيصحّ، و ما ليس له واقع معلوم فلا يصحّ؛ و الإنصاف أنّ شيئاً منهما لا يصحّ على إطلاقه؛ و الحقّ ما عرفت
العروة الوثقى مع التعليقات، ج2، ص: 551
الرابع: أن يكون معيّناً (1)؛ فلو أحضر مالين و قال: قارضتك بأحدهما أو بأيّهما شئت، لم ينعقد، إلّا أن يعيّن ثمّ يوقعان العقد عليه؛ نعم، لا فرق بين أن يكون مشاعاً أو مفروزاً بعد (2) العلم بمقداره و وصفه، فلو كان المال مشتركاً بين شخصين فقال أحدهما للعامل: قارضتك بحصّتي في هذا المال، صحّ مع العلم بحصّته من ثلث أو ربع؛ و كذا لو كان للمالك مائة دينار مثلًا فقال: قارضتك بنصف هذا المال، صحّ.
الخامس: أن يكون الربح مشاعاً بينهما (3)؛ فلو جعل لأحدهما مقداراً معيّناً و البقيّة للآخر أو البقيّة مشتركة بينهما، لم يصحّ (4).
السادس: تعيين حصّة كلّ منهما من نصف أو ثلث أو نحو ذلك، إلّا أن يكون هناك متعارف ينصرف إليه الإطلاق.
السابع: أن يكون الربح بين المالك و العامل (5)؛ فلو شرطا جزءاً منه لأجنبيّ عنهما، لم يصحّ، إلّا أن يشترط عليه عمل متعلّق بالتجارة؛ نعم، ذكروا أنّه لو اشترط كون جزء من
______________________________
(1). الخوئي: على الأحوط، و لا يبعد عدم اعتباره
مكارم الشيرازي: الأقوى جواز المضاربة بأحد المالين إذا كان من قبيل الكليّ في المعيّن و كانا متّحدين مقداراً و وصفاً، و حينئذٍ يكون التخيير للمالك أو العامل بشرطهما، فإنّ الكليّ في المعيّن له وجود في الخارج، بخلاف الفرد المردّد بصفة الترديد؛ و الغرر غير لازم إذا كانا متقاربين
(2). مكارم الشيرازي: لكن من الواضح توقّف التصرّف على إذن الشريك
(3). مكارم الشيرازي: لم يدلّ عليه دليل معتبر؛ فيجوز جعل مقدار معيّن من الربح للعامل، و ما زاد فهو بينهما إذا علم بزيادة الربح منه؛ و الدليل عليه صدق عنوان المضاربة عرفاً و شمول العمومات لها شرعاً و ضعف ما استدلّ به لعدم الجواز من الإجماع الّذي قد عرفت حاله و بعض ما دلّ من الروايات على أنّ الربح بينهما مثل رواية 5 من الباب 3، فإنّ الناظر فيها يعلم بأنّها ناظرة إلى عدم جواز جعل جميع المنفعة لأحدهما، فإنّه لا يكون مضاربة
(4). الخوئي: لا يخلو من الإشكال فيما إذا علم أنّ الربح يزيد على المقدار المعيّن، و قد التزم قدس سره في باب المساقاة بالصحّة في نظير المقام
(5). مكارم الشيرازي: هذا الشرط أيضاً ضعيف لم يدلّ عليه دليل؛ فكما أنّه يجوز جعل سهم للُاجراء الّذين يأخذون الاجرة على عملهم من دون أن يكونوا عاملين في المضاربة، فكذلك لا مانع من جعله لأجنبي بعد وجوب العمل بالشروط. و قد عرفت أنّ المتراءى من كثير من الأصحاب كون الأصل في المضاربة عندهم على الفساد، و لذا اكتفوا بالقدر المتيقّن من الصحّة
العروة الوثقى مع التعليقات، ج2، ص: 552
الربح لغلام أحدهما صحّ، و لا بأس به خصوصاً على القول (1) بأنّ العبد لا يملك، لأنّه يرجع إلى مولاه، و على القول الآخر يشكل، إلّا أنّه لمّا كان مقتضى القاعدة صحّة الشرط حتّى للأجنبيّ و القدر المتيقّن من عدم الجواز ما إذا لم يكن غلاماً لأحدهما، فالأقوى الصحّة (2) مطلقاً، بل لا يبعد (3) القول (4) به في الأجنبيّ أيضاً و إن لم يكن عاملًا، لعموم الأدلّة.
الثامن: ذكر بعضهم أنّه يشترط أن يكون رأس المال بيد العامل، فلو اشترط المالك أن يكون بيده لم يصحّ؛ لكن لا دليل عليه، فلا مانع أن يتصدّى العامل للمعاملة مع كون المال بيد المالك، كما عن التذكرة.
التاسع: أن يكون الاسترباح بالتجارة (5)؛ و أمّا إذا كان بغيرها، كأن يدفع إليه ليصرفه في الزراعة مثلًا و يكون الربح بينهما، يشكل صحّته، إذ القدر المعلوم من الأدلّة هو التجارة، و لو فرض صحّة غيرها للعمومات، كما لا يبعد (6)، لا يكون داخلًا في عنوان المضاربة.
العاشر: أن لا يكون رأس المال بمقدار يعجز العامل عن التجارة به (7) مع اشتراط
______________________________
(1). الخوئي: لا يبعد ابتناء صحّة الاشتراط على هذا القول إذا كان الشرط من شرط النتيجة، كما هو المفروض؛ و أمّا الاشتراط للأجنبي فالظاهر عدم صحّته
(2). الگلپايگاني: مشكل
(3). الامام الخميني: فيه تأمّل
(4). الگلپايگاني: بل بعيد
(5). مكارم الشيرازي: عدم تحقّق عنوان المضاربة في غير التجارة معلوم، و لكن عدم صحّته كمعاملة مستقلّة ممنوع، لأنّ التحقيق عدم انحصار العقود في العناوين الخاصّة المعروفة، بل يجوز كلّ عقد دائر بين العقلاء بمقتضى العمومات إذا اجتمع فيه الشرائط العامّة بعد عدم ردع الشارع عنه
(6). الامام الخميني: فيه إشكال، بل منع
الخوئي: بل هو بعيد
الگلپايگاني: بل بعيد
(7). مكارم الشيرازي: نعم، تصحّ المضاربة بالنسبة إلى ما لا يعجز عنه؛ و الوجه فيه أنّ هذا الشرط لم يرد في كلمات السابقين من الأصحاب فيما حكي عنهم؛ نعم، إنّهم ذكروا بأنّ العامل لو أخذ ما يعجز عن العمل فيه ضمن، و استظهر من ظاهر هذه العبارة فساد المضاربة، و هو غير بعيد؛ و الدليل عليه أنّ حقيقة المضاربة غير حاصلة هنا، لأنّها فيما يكون من أحدهما المال و من الآخر العمل؛ فكما أنّه لو لم يكن هناك مال لم تصحّ المضاربة، فكذلك إذا لم يكن هنا قدرة على العمل؛ نعم، لو قدر على البعض، لا مانع من صحّة المضاربة فيه، فهو من بعض الجهات كبيع ما يملك و ما لا يملك، الّذي هو صحيح فيما يملك على القواعد، لرجوعه إلى تعدّد المطلوب، فتدبّر؛ و حينئذٍ تصحّ المضاربة بالنسبة إلى المقدور و تبطل في غير المقدور، و يقسم الربح بينهما بحسب ما اشترطاه، و يكون ضامناً في غير المقدور إذا كان المالك جاهلًا بالفساد، بل و في صورة علمه به أيضاً، لأنّه سلّطه على ماله بعنوان المضاربة لا بغير عوض؛ و من هنا يظهر أنّه مع ما ذكر، لا تصل النوبة إلى استحقاق العامل لُاجرة العمل لأنّه في فرض الفساد، و قد عرفت أنّه صحيح في الجملة، كما أنّه لا تصل النوبة إلى الحكم بكون تمام الربح للمالك
العروة الوثقى مع التعليقات، ج2، ص: 553
المباشرة (1) من دون الاستعانة بالغير أو كان عاجزاً حتّى مع الاستعانة بالغير، و إلّا فلا يصحّ (2)، لاشتراط كون العامل قادراً (3) على العمل، كما أنّ الأمر كذلك في الإجارة للعمل، فإنّه إذا كان عاجزاً تكون باطلة، و حينئذٍ فيكون تمام الربح للمالك و للعامل اجرة عمله مع جهله بالبطلان (4)، و يكون ضامناً لتلف المال (5) إلّا مع علم المالك (6) بالحال. و هل يضمن حينئذٍ جميعه لعدم التميّز مع عدم الإذن في أخذه على هذا الوجه أو القدر الزائد، لأنّ العجز
______________________________
(1). الگلپايگاني: اشتراط القدرة في المضاربة غير معلوم و لم يذكر في كلمات السابقين، بل المذكور في كلامهم: فلو أخذ واحد ما يعجز عن العمل فيه ضمن؛ و هذا غير اشتراط القدرة، فإنّ الضمان فيه مستند إلى عدم كون اليد على المال عن إذن، لأنّه مقيّد بالقدرة على التجارة و لا يقاس بالإجارة، حيث إنّه ليس في المضاربة تمليك إلّا تمليك الجعل بعد العمل و لا يضرّه العجز حيث لا يستحقّه إلّا بعد العمل، و على فرض الاشتراط فلا مانع من صحّة العقد في المقدور
(2). الخوئي: لا تبعد الصحّة في المقدار الّذي يقدر العامل على الاتّجار به
(3). الامام الخميني: يشترط قدرته على العمل، فلو كان عاجزاً مطلقاً بطلت، و مع العجز في بعضه لا يبعد الصحّة بالنسبة على إشكال؛ نعم، لو طرأ العجز في أثناء التجارة تبطل من حين طروئه في الجميع لو عجز مطلقاً و في البعض لو عجز عنه على الأقوى، و كذا الحال في الإجارة للعمل. و على ما ذكرناه يعلم حال الربح، و أمّا الضمان فعلى مقدار البطلان؛ إن كلًاّ فكلّ و إن بعضاً فبعض مع تلف الكلّ و بالنسبة مع تلف البعض المشاع؛ نعم، لو أخذ بمقدار مقدوره أوّلًا و قلنا بصحّته بالنسبة، فمع عدم الامتزاج يكون ضامناً بالنسبة إلى غير المقدور، و ما أخذ أوّلًا بعنوان المعاملة يتعيّن لمال المضاربة، و الباقي الزائد مقبوض بلا وجه و مضمون
(4). الامام الخميني: مرّ في الإجارة تفصيل ذلك
(5). الخوئي: الظاهر أنّه لا يضمن مطلقاً
(6). مكارم الشيرازي: الأقرب ضمان العامل على كلا التقديرين، لأنّه إنّما سلّطه بعنوان المضاربة من غير اعتناء بحكم الشرع بالفساد، كما هو كذلك في سائر العقود الفاسدة
العروة الوثقى مع التعليقات، ج2، ص: 554
إنّما يكون بسببه فيختصّ به، أو الأوّل إذا أخذ الجميع دفعةً و الثاني إذا أخذ أوّلًا بقدر مقدوره ثمّ أخذ الزائد و لم يمزجه مع ما أخذه أوّلًا؟ أقوال؛ أقواها الأخير (1). و دعوى أنّه بعد أخذ الزائد يكون يده على الجميع و هو عاجز عن المجموع من حيث المجموع و لا ترجيح الآن لأحد أجزائه، إذ لو ترك الأوّل و أخذ الزيادة لا يكون عاجزاً، كما ترى، إذ الأوّل وقع صحيحاً و البطلان مستند إلى الثاني و بسببه، و المفروض عدم المزج. هذا، و لكن ذكر بعضهم (2) أنّ مع العجز المعاملة صحيحة، فالربح مشترك و مع ذلك يكون العامل ضامناً مع جهل المالك؛ و لا وجه له، لما ذكرنا، مع أنّه إذا كانت المعاملة صحيحة لم يكن وجه (3) للضمان؛ ثمّ إذا تجدّد العجز في الأثناء، وجب عليه ردّ الزائد (4)، و إلّا ضمن.
مسألة 1: لو كان له مال موجود في يد غيره أمانة أو غيرها، فضاربه عليها، صحّ. و إن كان في يده غصباً أو غيره ممّا يكون اليد فيه يد ضمان، فالأقوى أنّه يرتفع الضمان بذلك، لانقلاب اليد (5) حينئذٍ (6)، فينقلب الحكم. و دعوى أنّ الضمان مغيّاً بالتأدية و لم تحصل، كما
______________________________
(1). الگلپايگاني: هذا إذا أنشأ المضاربة بالمعاطاة بأن أعطى المقدور بقصد المضاربة ثمّ أعطى الزائد و لو يمزجه؛ و أمّا لو أنشأ العقد على الزائد فالعقد باطل على مختاره و حيث إنّ الإعطاء مبنيّ على القدرة فاليد يد ضمان بالنسبة إلى المجموع، و عليه فالأقوى الأوّل و أمّا على ما اخترناه من عدم اشتراط القدرة في العقد فالأقوى الثاني و يكون الزائد في المقدور بنحو الإشاعة، من غير فرق بين ما أخذ الجميع دفعةً أو تدريجاً
مكارم الشيرازي: بل الأقوى هو القول الثاني، أي انحصار الضمان بما يعجز عنه مطلقاً؛ لما قد عرفت من حصر الفساد في القدر الزائد عن القدرة، و لا فرق بين أخذ جميع المال دفعةً أو أخذ مقدار المقدور أوّلًا ثمّ أخذ الزائد إذا أنشأ العقد على الجميع دفعةً واحدة؛ نعم، لو كانت المضاربة بالمعاطاة، صحّت في المقدار المقدور المأخوذ أوّلًا و بطلت في الزائد المأخوذ بعده
(2). الگلپايگاني: بل اسند إلى الكلّ و هو الأقوى، كما مرّ
(3). الگلپايگاني: وجه الضمان هو كون الإعطاء مبنيّاً على القدرة، كما مرّ
(4). الامام الخميني: مع العجز عن البعض و ردّ التمام مع العجز مطلقاً
(5). الگلپايگاني: إذا كان إنشاء المضاربة ظاهراً في الإذن في إبقاء اليد عليه كما لا يبعد ذلك، و إلّا فلا وجه للانقلاب، و كذلك في الرهن
(6). الخوئي: مرّ أنّه لا يعتبر في المضاربة كون المال بيد العامل، و عليه فلا دلالة لعقدها على رضا المالك ببقاء المال في يد الغاصب من دون قرينة، إلّا أنّ عقد المضاربة من المالك على ذلك المال قرينة عرفيّة على رضاه ببقاء هذا المال في يده و تصرّفه فيه، و عليه فلا ضمان؛ نعم، لو لم تكن هنا قرينة على ذلك فالصحيح ما ذكره الجماعة من بقاء الضمان
العروة الوثقى مع التعليقات، ج2، ص: 555
ترى؛ و لكن ذكر جماعة بقاء الضمان إلّا إذا اشترى به شيئاً و دفعه إلى البائع (1)، فإنّه يرتفع الضمان به، لأنّه قد قضى دينه بإذنه؛ و ذكروا نحو ذلك في الرهن أيضاً، و أنّ العين إذا كانت في يد الغاصب فجعله رهناً عنده أنّها تبقى على الضمان، و الأقوى ما ذكرنا في المقامين، لما ذكرنا.
مسألة 2: المضاربة جائزة من الطرفين (2) يجوز لكلّ منهما فسخها (3)؛ سواء كان قبل الشروع في العمل أو بعده، قبل حصول الربح أو بعده، نضّ المال أو كان به عروض، مطلقاً كانت أو مع اشتراط الأجل و إن كان قبل انقضائه (4)؛ نعم، لو اشترط فيها عدم الفسخ إلى زمان كذا، يمكن أن يقال بعدم جواز فسخها قبله، بل هو الأقوى، لوجوب الوفاء (5) بالشرط؛ و لكن عن المشهور بطلان الشرط المذكور (6)، بل العقد
______________________________
(1). الگلپايگاني: بل يرتفع الضمان له بمجرّد الشراء به من دون احتياج إلى الدفع؛ نعم، يحتاج إلى إذن البائع
(2). مكارم الشيرازي: و العمدة فيه الإجماع، لعدم نقل الخلاف من أحد و لدعواها متضافراً و اقتضاء طبع المضاربة ذلك، فإنّه نوع إذن في التصرّف الخاصّ في مال، فينعدم بانعدامه؛ و كذا من ناحية العامل من حيث العمل. و لذا سمّاها بعضهم العقد الإذنيّ و سلكها في سلك العقود الإذنيّة
(3). الگلپايگاني: يعني للمالك الرجوع عن الإذن في التصرّف و للعامل الامتناع من العمل في أىّ وقت؛ و أمّا الفسخ بعد العمل و الرجوع إلى اجرة المثل دون ما عيّناه من الربح فالأقوى عدم جوازه
مكارم الشيرازي: بمعنى رجوع المالك عن إذنه و العامل عن تعهّد العمل؛ و أمّا بالنسبة إلى ما مضى من العمل، فيجري عليهما ما قرّراه في تقسيم الربح و شبهه
(4). مكارم الشيرازي: الأقوى عدم جواز الفسخ قبل انقضاء الأجل، لأنّ تعيين المدّة يرجع إلى الالتزام بعدم الفسخ قبله، فيدخل فيما يأتي إن شاء اللّه من لزوم هذا الشرط
(5). الگلپايگاني: الأحوط وجوب الوفاء بالشرط تكليفاً إذا شرط أن لا يفسخ، لكن إذا فسخ ينفسخ؛ و أمّا إذا شرط أن لا يملك الفسخ فالأقوى بطلان الشرط و العقد كما أفتى به المشهور
(6). مكارم الشيرازي: لا دليل على بطلان المضاربة باشتراط عدم الفسخ، فإنّ القدر الثابت من الإجماع على جوازها هو جوازها عند الإطلاق، فلا ينافي لزومها بالاشتراط؛ و كونها بحسب الطبع جائزة لا ينافي عروض اللزوم بسبب الشرط، كما أنّ طبع البيع على اللزوم و لكن لا ينافي جعل الخيار بالاشتراط، و ليس هذا من قبيل اشتراط عدم التصرّف في المبيع و شبهه ممّا هو منافٍ لمقتضى العقد أو ممّا يوجب تحريم الحلال. و قد يفرّق بين اشتراط اللزوم على نحو شرط النتيجة و اشتراط الفسخ بعنوان شرط ترك الفعل؛ و فيه أنّه لا فرق بين الصورتين في الجواز و عدمه، فإنّ التزام عدم الفسخ إن كان مقتضاه عدم قدرته عليه وضعاً فهذا بعينه اشتراط اللزوم، و إن كان بمعنى الحكم التكليفيّ بحيث لو فسخ ارتكب حراماً و صحّ الفسخ كما قيل فهو أجنبي عن باب الشروط، فإنّها تعود إلى حقّ لأحد الطرفين على الآخر، و لا معنى للحكم التكليفيّ المجرّد عن الوضع في هذه الأبواب، فإنّ الشروط التزامات معلّقة بالتزامات اخرى لا التزام في التزام فقط
العروة الوثقى مع التعليقات، ج2، ص: 556
أيضاً (1)، لأنّه منافٍ لمقتضى العقد، و فيه منع، بل هو منافٍ لإطلاقه (2). و دعوى أنّ الشرط في العقود الغير اللازمة غير لازم الوفاء، ممنوعة (3)؛ نعم، يجوز فسخ العقد فيسقط الشرط، و إلّا فما دام العقد باقياً يجب الوفاء بالشرط فيه، و هذا إنّما يتمّ في غير الشرط الّذي مفاده عدم
______________________________
(1). الخوئي: ذكرنا في محلّه أنّ اشتراط العقد بشيء ليس معناه مجرّد مقارنة التزام مع التزام آخر، بل هو يختلف باختلاف الموارد؛ فقد يكون معنى الشرط في ضمن العقد تعليق الالتزام بالعقد و الوفاء به عليه كما إذا اشترط في بيع عبد مثلًا كونه كاتباً أو عادلًا أو ما شاكل ذلك، و قد يكون معناه تعليق نفس العقد على الالتزام بشيء كما إذا اشترطت المرأة في عقد النكاح السكنى في بلد معيّن مثلًا أو نحو ذلك، و قد يكون كلا الأمرين معاً كما إذا اشترط البائع أو المشتري على الآخر خياطة الثوب أو كتابة شيء مثلًا؛ ثمّ إنّ الاشتراط فيما نحن فيه ليس من قبيل الأوّل حيث إنّه لا التزام هنا بالعقد حتّى يعلّق على شيء آخر، بل هو من قبيل الثاني بمعنى أنّ المعلّق على الالتزام بشيء إنّما هو عقد المضاربة نفسه، و عليه ففيما نحن فيه إن كان المعلّق عليه هو لزوم العقد و وجوب الوفاء به فهو باطل، و إن كان هو الالتزام بعدم فسخه خارجاً فهو صحيح و يجب عليه الوفاء به و لكن لا يوجب لزوم العقد وضعاً، و من هنا إذا فسخ كان فسخه نافذاً و إن كان غير جائز، و كذا الحال فيما إذا اشترط في ضمن عقد آخر؛ و بذلك يظهر الحال في سائر فروض المسألة
(2). الامام الخميني: اشتراط عدم الفسخ كما هو المفروض، غير منافٍ لإطلاقه أيضاً، لعدم اقتضاء العقد و لا إطلاقه الفسخ و عدمه، بل مقتضاه أو مقتضى إطلاقه جواز العقد مقابل اللزوم، و شرط عدم الفسخ لا يقتضي اللزوم حتّى ينافي مقتضى العقد، فشرط اللزوم باطل غير مبطل للعقد و شرط عدم الفسخ صحيح، و الظاهر أنّه يجب العمل به ما دام العقد باقياً، فإذا شرط في ضمن عقد المضاربة عدم الفسخ يجب العمل به، لكن لو فسخ ينفسخ و إن عصى بمخالفة الشرط، و إن شرط في ضمن عقد جائز آخر يجب العمل به ما دام ذلك العقد باقياً، و مع فسخه يجوز فسخ المضاربة أيضاً بلا عصيان، و لو شرط في ضمن عقد لازم عدم الفسخ يجب الوفاء به مطلقاً، لكن لو فسخ المضاربة تنفسخ، لعدم اقتضاء شرط عدم الفسخ لزومها بوجه، فما في المتن من صيرورة العقد لازماً غير تامّ؛ سواء كان في ضمنه أو ضمن عقد آخر لازم أو جائز
(3). مكارم الشيرازي: الأقوى عدم وجوب الوفاء بها، كأصل العقد. و العمدة قاعدة الفرعيّة و التبعيّة؛ فإنّ الشرط ليس التزاماً مستقلًاّ في ظرف التزام آخر، بل هو كجزء منه و تابع له، محكوم بأحكامه، و لذا يقال: للشرط قسط من الثمن، فهو في الحقيقة كجزء من الثمن أو المثمن، بل أدون منه، لما عرفت من أنّه أمر تابع، فكيف يزيد الفرع على الأصل؟ نعم، إذا كان الشرط عدم الفسخ فاللازم العمل به، لأنّه يوجب تبدّل الموضوع بالعرض و يجعل العقد الجائز لازماً كذلك، من غير أن يكون مخالفاً للشرع و الإجماع
العروة الوثقى مع التعليقات، ج2، ص: 557
الفسخ مثل المقام، فإنّه يوجب لزوم (1) ذلك العقد (2). هذا، و لو شرط عدم فسخها في ضمن عقد لازم آخر (3)، فلا إشكال في صحّة الشرط و لزومه (4)، و هذا يؤيّد ما ذكرنا من عدم كون الشرط المذكور منافياً لمقتضى العقد، إذ لو كان منافياً لزم عدم صحّته في ضمن عقد آخر أيضاً. و لو شرط في عقد مضاربة عدم فسخ مضاربة اخرى سابقة، صحّ و وجب الوفاء به (5)، إلّا أن يفسخ هذه المضاربة فيسقط الوجوب، كما أنّه لو اشترط في مضاربة مضاربة اخرى (6) في مال آخر أو أخذ بضاعة منه أو قرض أو خدمة أو نحو ذلك، وجب الوفاء به (7) ما دامت المضاربة باقية، و إن فسخها سقط الوجوب. و لا بدّ أن يحمل ما اشتهر من أنّ الشروط في ضمن العقود الجائزة غير لازمة الوفاء، على هذا المعنى، و إلّا فلا وجه لعدم لزومها مع بقاء العقد على حاله، كما اختاره صاحب الجواهر بدعوى أنّها تابعة للعقد لزوماً و جوازاً، بل مع جوازه هي أولى بالجواز و أنّها معه شبه الوعد، و المراد من قوله تعالى:
«أَوْفُوا بِالْعُقُودِ» اللازمة منها، لظهور الأمر فيها في الوجوب المطلق، و المراد من قوله عليه السلام:
«المؤمنون عند شروطهم» بيان صحّة أصل الشرط، لا اللزوم و الجواز، إذ لا يخفى ما فيه.
مسألة 3: إذا دفع إليه مالًا و قال: اشتر به بستاناً مثلًا أو قطيعاً من الغنم، فإن كان المراد الاسترباح بهما بزيادة القيمة صحّ مضاربةً، و إن كان المراد الانتفاع بنمائهما بالاشتراك ففي صحّته مضاربةً وجهان؛ من أنّ الانتفاع بالنماء ليس من التجارة فلا يصحّ، و من أنّ حصوله يكون بسبب الشراء فيكون بالتجارة، و الأقوى البطلان مع إرادة عنوان المضاربة، إذ هي ما
______________________________
(1). الامام الخميني: مرّ الإشكال فيه و فيما بعده
(2). الگلپايگاني: تكليفاً على الأحوط لا وضعاً، كما مرّ
(3). مكارم الشيرازي: لو كان الشرط منافياً لمقتضى العقد، لا يجوز اشتراطه لا في نفس العقد و لا في غيرها، لما ذكر في محلّه من رجوعه إلى اشتراط ما يخالف الكتاب و السنّة و تحريم الحلال أو تحليل الحرام؛ و إن لم تكن كذلك، جاز اشتراطه في نفس العقد، فما اشتهر بين بعض المتأخّرين من الفرق بينهما، غير واضح
(4). الگلپايگاني: تكليفاً إن شرط أن لا يفسخ؛ و أمّا إن شرط أن لا يملك الفسخ فالشرط باطل، كما مرّ
(5). الگلپايگاني: تكليفاً على الأحوط في شرط أن لا يفسخ دون أن لا يملك الفسخ، فإنّه باطل، كما مرّ
(6). مكارم الشيرازي: قد عرفت أنّ الشروط في ضمن العقود الجائزة جائزة، فلا أثر لهذا الشرط
(7). الگلپايگاني: على الأحوط
العروة الوثقى مع التعليقات، ج2، ص: 558
يكون الاسترباح فيه بالمعاملات و زيادة القيمة، لا مثل هذه الفوائد؛ نعم، لا بأس بضمّها إلى زيادة القيمة. و إن لم يكن المراد خصوص عنوان المضاربة فيمكن دعوى (1) صحّته (2)، للعمومات (3).
مسألة 4: إذا اشترط المالك على العامل أن يكون الخسارة عليهما (4) كالربح، أو اشترط ضمانه لرأس المال، ففي صحّته وجهان؛ أقواهما الأوّل (5)، لأنّه ليس شرطاً منافياً لمقتضى العقد، كما قد يتخيّل، بل إنّما هو منافٍ لإطلاقه، إذ مقتضاه كون الخسارة على المالك و عدم ضمان العامل إلّا مع التعدّي أو التفريط.
______________________________
(1). الخوئي: لكنّها بعيدة. و قد تقدّم نظير ذلك
(2). الامام الخميني: الأقرب هو البطلان
الگلپايگاني: و الأقوى بطلانه
(3). مكارم الشيرازي: لما قد عرفت من أنّ عناوين العقود غير منحصرة بالعناوين المعروفة و أنّ الأصل في كلّ عقدٍ الصحّة بمقتضى العمومات، و كأنّهم بنوا على فساد المضاربة بحسب الأصل، لكونها من المعاملات الغرريّة، فأخذوا بالقدر المتيقّن من الصحّة و أنكروا غيرها، مع أنّه ممنوع جدّاً؛ و أىّ غرر و جهل و سفاهة فيها، مع أنّ معلوميّة كلّ شيء لا بدّ أن يكون بحسبه
(4). مكارم الشيرازي: الأقوى عدم جواز هذا الشرط؛ و العمدة فيه ما رواه محمّد بن قيس (1 من الباب 4 من أبواب المضاربة) المعمول بها بين الأصحاب؛ مضافاً إلى أنّه مخالف لمقتضى طبع عقد المضاربة؛ هذا، و قد صرّح في الرواية بأنّها تتبدّل قرضاً عند اشتراط الخسارة، و لا مانع من العمل به إلّا ما قد يقال من أنّه مخالف للقواعد، لأنّ ما قصد لم يقع و ما وقع لم يقصد؛ و لكن يمكن أن يقال: إنّه ليس حقيقة القرض إلّا إعطاء المال و تضمين الخسارة، أعني البدل؛ و بعبارة اخرى: التمليك مع الضمان، فتدبّر. و من هنا يظهر أنّ تعليله بعدم كونه منافياً لمقتضى العقد بل لإطلاقه، غير تامّ بعد ورود النصّ و اقتضاء عقد المضاربة ذلك
(5). الامام الخميني: بل الثاني؛ نعم، لو شرط أنّه لو وقع نقصان على رأس المال و خسران على المالك جبر العامل نصفه مثلًا لا بأس به و لزم على العامل العمل به؛ سواء شرط في ضمن عقد لازم أو جائز مع بقائه؛ نعم، له فسخه و رفع موضوعه، بل لا يبعد الصحّة لو كان مرجع الشرط إلى انتقال الخسران إلى عهدته بعد حصوله في ملكه بنحو شرط النتيجة
الخوئي: هذا إذا كان الاشتراط راجعاً إلى لزوم تدارك العامل الخسارة من كيسه؛ و أمّا إذا رجع إلى اشتراط رجوع الخسارة إليه فالأظهر بطلان الشرط، و بذلك يظهر الحال في اشتراط ضمانه لرأس المال
الگلپايگاني: مشكل، بل إذا اشترط أن تكون الخسارة على العامل انقلبت قرضاً و تمام الربح للعامل، للنصّ المعمول به
العروة الوثقى مع التعليقات، ج2، ص: 559
مسألة 5: إذا اشترط المالك على العامل أن لا يسافر مطلقاً أو إلى البلد الفلانيّ أو إلّا إلى البلد الفلانيّ، أو لا يشتري الجنس الفلانيّ أو إلّا الجنس الفلانيّ، أو لا يبيع من زيد مثلًا أو إلّا من زيد، أو لا يشتري من شخص أو إلّا من شخص معيّن، أو نحو ذلك من الشروط، فلا يجوز له المخالفة، و إلّا ضمن المال لو تلف بعضاً أو كلًاّ و ضمن الخسارة مع فرضها. و مقتضى القاعدة و إن كان كون تمام الربح للمالك على فرض إرادة القيديّة إذا أجاز المعاملة، و ثبوت خيار تخلّف الشرط على فرض كون المراد من الشرط التزام في الالتزام، و كون تمام الربح له على تقدير الفسخ، إلّا أنّ الأقوى اشتراكهما في الربح على ما قرّر، لجملة من الأخبار (1) الدالّة على ذلك، و لا داعي إلى حملها على بعض المحامل، و لا إلى الاقتصار على مواردها، لاستفادة العموم من بعضها الآخر.
مسألة 6: لا يجوز للعامل خلط رأس المال مع مال آخر (2) لنفسه أو غيره، إلّا مع إذن المالك عموماً، كأن يقول: اعمل به على حسب ما تراه مصلحة إن كان هناك مصلحة، أو خصوصاً؛ فلو خلط بدون الإذن ضمن التلف، إلّا أنّ المضاربة الباقية و الربح بين المالين على النسبة.
مسألة 7: مع إطلاق العقد يجوز للعامل التصرّف على حسب ما يراه من حيث البائع و المشتري و نوع الجنس المشترى، لكن لا يجوز له أن يسافر من دون إذن المالك (3)، إلّا إذا كان
______________________________
(1). مكارم الشيرازي: بل يمكن توجيهه على القواعد أيضاً، و كون الروايات الدالّة على تقسيم الربح بينهما الواردة في الباب الأوّل من باب المضاربة على مقتضى القاعدة، لما قد عرفت غير مرّة من أنّ الشرط ليس من مقوّمات العقد و إن اخذ على نحو القيديّة، بل من توابعه؛ ففي الحقيقة يكون ذكره من باب تعدّد المطلوب، و لهذا لا يكون تخلّفه في البيع موجباً للفساد، بل يوجب الخيار، ففي المقام أيضاً تخلّف الشرط لا يوجب فساداً في المضاربة و لا معنى للخيار بعد كون العقد جائزاً. و ما في بعض الحواشي من توجيهه بأنّ المقصود الربح، فإذا خالف الشرط و حصل الربح حصل المقصود، فيكون مجازاً من المالك، كما ترى
(2). مكارم الشيرازي: الإنصاف أنّ المقامات مختلفة جدّاً لا تندرج تحت ضابطة واحدة، ففي كلّ مقام لا بدّ من ملاحظة إطلاق العقد أو انصرافه؛ ففي مثل البنوك الإسلاميّة، الشواهد قائمة على جواز الاختلاط؛ و كذا من يكثر المضاربة لأشخاص كثيرين
(3). مكارم الشيرازي: المتعارف في عصرنا هو المسافرة بالمال، و منعه يحتاج إلى التصريح به؛ و لا يكون في الأسفار مخاطرة ظاهرة كسابق الأيّام، بل قد يتجنّب عن خطراته الطفيفة بالتأمين، فما هو المعروف من كلمات القوم مأخوذ من كلمات السابقين؛ و من العجب اقتفاء جمع من المعاصرين لهم، مع تغيّر الموضوع و تبدّله في عصرنا، و الأحكام تابعة لموضوعاتها
العروة الوثقى مع التعليقات، ج2، ص: 560
هناك متعارف ينصرف إليه الإطلاق؛ و إن خالف فسافر، فعلى ما مرّ في المسألة المتقدّمة.
مسألة 8: مع إطلاق العقد و عدم الإذن في البيع نسيئةً لا يجوز له ذلك (1)، إلّا أن يكون متعارفاً ينصرف إليه (2) الإطلاق، و لو خالف في غير مورد الانصراف (3) فإن استوفى الثمن قبل اطّلاع المالك (4) فهو، و إن اطّلع المالك قبل الاستيفاء فإن أمضى فهو، و إلّا فالبيع باطل (5) و له الرجوع على كلّ من العامل و المشتري مع عدم وجود المال عنده أو عند مشترٍ آخر منه، فإن رجع على المشتري بالمثل أو القيمة لا يرجع هو على العامل إلّا أن يكون مغروراً من قبله و كانت القيمة أزيد من الثمن، فإنّه حينئذٍ يرجع بتلك الزيادة عليه، و إن رجع على العامل يرجع هو على المشتري بما غرم (6)، إلّا أن يكون مغروراً منه و كان الثمن أقلّ، فإنّه حينئذٍ يرجع بمقدار الثمن.
مسألة 9: في صورة إطلاق العقد لا يجوز له أن يشتري بأزيد من قيمة المثل، كما أنّه لا يجوز أن يبيع بأقلّ من قيمة المثل و إلّا بطل (7)؛ نعم، إذا اقتضت المصلحة أحد الأمرين، لا
______________________________
(1). مكارم الشيرازي: لا وجه لجعل الحرمة أصلًا في المسألة؛ فإنّ المضاربة في أعصارنا، لا سيّما في المعاملات الخطيرة، قلّما تخلو عن بيع النسيئة، لأنّ بيع المتاع بالنقد الحاضر في مقابل النسيئة قليل، و لا أقلّ من تعارف كليهما؛ فالأولى إيكال كلّ مورد على متعارفه الّذي ينصرف إليه الإطلاق
(2). الگلپايگاني: لا يبعد كفاية عدم الانصراف عنه
(3). مكارم الشيرازي: الأقوى أنّه لو خالف، ضمن و كان الربح بينهما؛ فلا يبقى مجال لما ذكره من التفصيل. و الوجه فيه أنّ الانصراف إلى بيع النقد، لو قلنا به، في حكم الشرط؛ و قد عرفت أنّ الشرط لو خولف أوجب الضمان و الربح بينهما، و الظاهر أنّ الحكم عامّ في جميع الشروط و أنّ الكلّ من قبيل تعدّد المطلوب و أنّه يمكن إلغاء الخصوصيّة من الروايات السابقة، كما لا يخفى لمن راجعها
(4). الگلپايگاني: لا خصوصيّة فيه
(5). الگلپايگاني: مشكل، بل لو قيل بصحّة المضاربة و كون الخسارة و التلف على العامل و اشتراك الربح بينهما ففيه وجه، لأنّ الانصراف لا يزيد عن الاشتراط، و مع ذلك لا يُترك الاحتياط في مثل المقام
(6). الگلپايگاني: بل بمقدار الثمن على هذا القول إن لم يأخذه و لم يكن الثمن زائداً على ما غرم، و يجري ذلك الوجه فيما يذكر من نظائر المسألة
(7). الگلپايگاني: مشكل، و يجري فيها ما تقدّم في المسألة السابقة من وجه الصحّة
مكارم الشيرازي: لا يبعد الحكم بالضمان هنا و كون الربح بينهما أيضاً إذا حصل ربح و إن كانت المسألة لا تخلو من إشكال، نظراً إلى أنّ الاسترباح من مقوّمات المضاربة، و البيع بأقلّ من ثمن المثل أو الاشتراء بأكثر منه مخالف له، فتدبّر
العروة الوثقى مع التعليقات، ج2، ص: 561
بأس به.
مسألة 10: لا يجب في صورة الإطلاق أن يبيع بالنقد، بل يجوز أن يبيع الجنس بجنس آخر. و قيل بعدم جواز البيع إلّا بالنقد المتعارف، و لا وجه له، إلّا إذا كان جنساً لا رغبة للناس فيه غالباً (1).
مسألة 11: لا يجوز شراء المعيب إلّا إذا اقتضت المصلحة، و لو اتّفق فله الردّ أو الأرش على ما تقتضيه المصلحة.
مسألة 12: المشهور، على ما قيل، أنّ في صورة الإطلاق يجب أن يشتري بعين المال (2)، فلا يجوز الشراء في الذمّة، و بعبارة اخرى: يجب أن يكون الثمن شخصيّاً من مال المالك، لا كلّياً في الذمّة، و الظاهر أنّه يلحق به الكليّ في المعيّن أيضاً و علّل ذلك بأنّه القدر المتيقّن، و أيضاً الشراء في الذمّة قد يؤدّي إلى وجوب دفع غيره، كما إذا تلف رأس المال قبل الوفاء، و لعلّ المالك غير راضٍ بذلك، و أيضاً إذا اشترى بكليّ في الذمّة لا يصدق على الربح أنّه ربح مال المضاربة؛ و لا يخفى ما في هذه العلل. و الأقوى كما هو المتعارف، جواز الشراء (3) في الذمّة (4) و الدفع من رأس المال؛ ثمّ إنّهم لم يتعرّضوا لبيعه، و مقتضى ما ذكروه وجوب كون المبيع أيضاً شخصيّاً لا كلّيّاً، ثمّ الدفع من الأجناس الّتي عنده، و الأقوى فيه أيضاً جواز
______________________________
(1). الگلپايگاني: بحيث يوجب انصراف الإطلاق عنه، فيصير كالاشتراط و قد مرّ حكمه
(2). مكارم الشيرازي: كونه مذهب المشهور، غير ثابت؛ و لعلّهم أرادوا الاشتراء بعين المال أو على ذمّة المالك مقيّداً بأدائه من مال المضاربة، و دليلهم على هذا الشرط ظاهر، فإنّ المضاربة معناها الاشتراء بمال المضاربة، و من الواضح أنّه ليس من المتعارف الاشتراء بعين المال دائماً، بل في البيوع الخطيرة قلّما يتّفق ذلك و يكون في الأكثر بعنوان الذمّة على نحو الإطلاق أو بصورة الكليّ في المعيّن
(3). الگلپايگاني: محلّ تأمّل، فلا يُترك الاحتياط بالاقتصار على ما اسند إلى المشهور بل ادّعي عليه الإجماع
(4). الامام الخميني: لكن لا بمعنى جواز إلزام المالك على تأديته من غير مال المضاربة في صورة تلفه، و كذا الحال في المبيع الكلّي، لعدم الإذن على هذا الوجه، و ما هو لازم عقد المضاربة هو الإذن بالشراء كليّاً متقيّداً بالأداء من مال المضاربة، لأنّه من الاتّجار بالمال عرفاً؛ نعم، للعامل أن يتّجر بعين شخصيّة و إن كان غير متعارف، لكنّه مأذون فيه قطعاً و أحد مصاديق الاتّجار بالمال
العروة الوثقى مع التعليقات، ج2، ص: 562
كونه كلّيّاً و إن لم يكن في التعارف مثل الشراء.
ثمّ إنّ الشراء في الذمّة يتصوّر على وجوه:
أحدها: أن يشتري العامل بقصد المالك و في ذمّته من حيث المضاربة.
الثاني: أن يقصد كون الثمن في ذمّته من حيث إنّه عامل و وكيل عن المالك. و يرجع إلى الأوّل، و حكمها الصحّة و كون الربح مشتركاً بينهما على ما ذكرنا. و إذا فرض تلف مال المضاربة قبل الوفاء كان في ذمّة المالك (1) يؤدّي من ماله الآخر.
الثالث: أن يقصد ذمّة نفسه و كان قصده الشراء لنفسه و لم يقصد الوفاء حين الشراء من مال المضاربة، ثمّ دفع منه؛ و على هذا، الشراء صحيح (2) و يكون غاصباً في دفع مال المضاربة من غير إذن المالك، إلّا إذا كان مأذوناً في الاستقراض و قصد القرض (3).
الرابع: كذلك، لكن مع قصد دفع الثمن من مال المضاربة حين الشراء، حتّى يكون الربح له فقصد نفسه حيلةً منه؛ و عليه يمكن الحكم بصحّة الشراء و إن كان عاصياً في التصرّف في مال المضاربة من غير إذن المالك و ضامناً له، بل ضامناً للبائع أيضاً، حيث إنّ الوفاء بمال الغير غير صحيح؛ و يحتمل القول ببطلان الشراء، لأنّ رضا البائع مقيّد بدفع الثمن، و المفروض أنّ الدفع بمال الغير غير صحيح فهو بمنزلة السرقة، كما ورد في بعض الأخبار: «أنّ من استقرض و لم يكن قاصداً للأداء فهو سارق»؛ و يحتمل صحّة الشراء و كون قصده لنفسه لغواً بعد أن كان بناؤه الدفع من مال المضاربة، فإنّ البيع و إن كان بقصد نفسه و كلّياً في ذمّته، إلّا أنّه ينصبّ على هذا الّذي يدفعه، فكان البيع وقع عليه؛ و الأوفق بالقواعد
______________________________
(1). الامام الخميني: مع إذنه في الشراء كذلك، و كذا الحال في المبيع إذا أذن في البيع كذلك، لكن مع تلف مال المضاربة لا يكون ذلك مال المضاربة
الخوئي: في إطلاقه إشكال، بل منع
الگلپايگاني: مع الإذن في الشراء كذلك أو الإجازة، و إلّا كان باطلًا
مكارم الشيرازي: بل يكون الشراء باطلًا، لأنّ المفروض كونه مقيّداً بأداء الذمّة من مال المضاربة؛ فإذا تلف، بطل البيع
(2). الگلپايگاني: للعامل و غير مربوط بالمضاربة
مكارم الشيرازي: يعني أنّه صحيح لنفس العامل و يكون الربح له فقط
(3). الامام الخميني: و على أىّ حال يكون الربح له و لا يرتبط بمال المضاربة
العروة الوثقى مع التعليقات، ج2، ص: 563
الوجه الأوّل، و بالاحتياط الثاني، و أضعف الوجوه الثالث و إن لم يستبعده الآقا البهبهانيّ.
الخامس: أن يقصد الشراء في ذمّته من غير التفات إلى نفسه و غيره؛ و عليه أيضاً يكون المبيع له (1) و إذا دفعه من مال المضاربة يكون عاصياً (2). و لو اختلف البائع و العامل في أنّ الشراء كان لنفسه أو لغيره و هو المالك المضارب، يقدّم قول البائع، لظاهر الحال (3)، فيلزم بالثمن من ماله و ليس له إرجاع البائع إلى المالك المضارب.
مسألة 13: يجب على العامل بعد تحقّق عقد المضاربة ما يعتاد بالنسبة إليه و إلى تلك التجارة في مثل ذلك المكان و الزمان من العمل (4)، و تولّى ما يتولّاه التاجر لنفسه، من عرض القماش و النشر و الطىّ و قبض الثمن و إيداعه في الصندوق و نحو ذلك ممّا هو اللائق و المتعارف، و يجوز له استيجار من يكون المتعارف استيجاره مثل الدلّال و الحمّال و الوزّان و الكيّال و غير ذلك، و يعطي الاجرة من الوسط، و لو استأجر فيما يتعارف مباشرته بنفسه فالاجرة من ماله (5)، و لو تولّى بنفسه ما يعتاد الاستيجار له فالظاهر جواز أخذ الاجرة (6) إن
______________________________
(1). الامام الخميني: إذا لم يكن انصراف يصرفه إلى العمل للمضاربة
مكارم الشيرازي: كون المبيع للعامل على إطلاقه ممنوع، لأنّه ربّما يكون الشراء بعنوان أنّه عامل و لو لم يخطر هذا العنوان في ذهنه، بل كان مركوزاً في خاطره؛ و حين?
و هي عبارة عن كون شيء واحد لاثنين أو أزيد، ملكاً أو حقّاً. و هي إمّا «واقعيّة قهريّة»، كما في المال أو الحقّ الموروث؛ و إمّا «واقعيّة اختياريّة» من غير استناد إلى عقد، كما إذا أحيا شخصان أرضاً مواتاً بالاشتراك أو حفرا بئراً أو اغترفا ماءً أو اقتلعا شجراً؛ و إمّا «ظاهريّة قهريّة (1)»، كما إذا امتزج مالهما من دون اختيارهما و لو بفعل أجنبيّ، بحيث لا يتميّز أحدهما (2) من الآخر، سواء كانا من جنس واحد كمزج حنطة بحنطة أو جنسين كمزج دقيق الحنطة بدقيق الشعير أو دهن اللوز بدهن الجوز أو الخلّ بالدبس؛ و إمّا «ظاهريّة اختياريّة»، كما إذا مزجا باختيارهما لا بقصد الشركة، فإنّ مال كلّ منهما في الواقع ممتاز عن الآخر (3)، و لذا لو فرض تمييزهما اختصّ كلّ منهما بماله، و أمّا الاختلاط مع التميّز فلا يوجب الشركة و لو ظاهراً، إذ مع الاشتباه مرجعه الصلح القهري (4) أو القرعة؛ و إمّا «واقعيّة مستندة إلى عقد غير عقد الشركة»، كما إذا ملكا شيئاً واحداً بالشراء أو الصلح أو الهبة أو
______________________________
(1). الخوئي: لا معنى للشركة الظاهريّة، مع العلم بعدم الاشتراك واقعاً. فالصحيح في موارد الامتزاج القهريّ أو الاختياري أنّ الشركة واقعيّة إذا كان الممتزجان يعدّان شيئاً واحداً عرفاً، و إلّا فلا شركة أصلًا، كخلط الدراهم بمثلها
الگلپايگاني: كون الشركة ظاهريّة فيما ذكر محلّ تأمّل، بل لا يبعد كونها واقعيّة، كما هو المرتكز في أذهان العرف مع عدم ردع معلوم
مكارم الشيرازي: لا وجه لكون الشركة ظاهريّة في هذه الموارد (موارد المزج القهري) بعد بناء العرف و العقلاء على كونها واقعيّة، و لم يمنع عنه الشارع، و ظاهر كلمات الأصحاب أيضاً ذلك؛ و كذا الكلام إذا كان مزجهما باختيارهما و لم يقصد الشركة، فإنّ المزج إذا لم يتميّز أحدهما من الآخر سبب للشركة الواقعيّة العرفيّة؛ قصدا أو لم يقصدا
(2). الامام الخميني: ميزان الشركة الواقعيّة في مثل الامتزاج هو رفع الامتياز واقعاً بحسب نظر العرف و إن لم يكن كذلك عقلًا، ففي مثل مزج المائعين المتماثلين تكون واقعيّة، و كذا في غير المتماثلين غالباً، و في مثل مزج الحبّات الصغيرة كالخشخاش و السمسم لا يبعد ظاهريّتها إذا كانا متجانسين، و عدم الشركة في غيرهما، و في الجامدات الناعمة كالدقيق محلّ تأمّل لا يبعد ظاهريّتها، و الأحوط التخلّص بمثل الصلح في خلط الجوز بالجوز و اللوز باللوز و في مثل الدراهم و الدنانير المتماثلات
(3). مكارم الشيرازي: الامتياز الواقعيّ العقليّ غير مفيد بعد الوحدة عرفاً؛ و لو حصل الامتياز عرفاً بعد ذلك لسبب من الأسباب، أمكن الحكم ببطلان الشركة قهراً بعد حصولها
(4). مكارم الشيرازي: الصلح القهريّ لا محصّل له؛ نعم، لهما الصلح اختياراً أو الاكتفاء بالقرعة
العروة الوثقى مع التعليقات، ج2، ص: 620
نحوها؛ و إمّا «واقعيّة منشأة بتشريك أحدهما الآخر في ماله»، كما إذا اشترى شيئاً فطلب منه شخص أن يشركه فيه (1)، و يسمّى عندهم بالتشريك و هو صحيح، لجملة من الأخبار؛ و إمّا «واقعيّة منشأة بتشريك كلّ منهما (2) الآخر في ماله (3)»، و يسمّى هذا بالشركة العقديّة و معدود من العقود.
ثمّ إنّ الشركة قد تكون في عين و قد تكون في منفعة و قد تكون في حقّ؛ و بحسب الكيفيّة إمّا بنحو الإشاعة و إمّا بنحو الكليّ في المعيّن (4) و قد تكون على وجه يكون كلّ من الشريكين أو الشركاء مستقلًاّ في التصرّف، كما في شركة الفقراء (5) في الزكاة و السادة في الخمس و الموقوف عليهم في الأوقاف العامّة و نحوها.
مسألة 1: لا تصحّ الشركة العقديّة إلّا في الأموال بل الأعيان، فلا تصحّ في الديون (6)، فلو
______________________________
(1). مكارم الشيرازي: و لعلّه داخل في عنوان البيع أو المصالحة أو شبه ذلك، فيبيعه نصف المال بنصف ثمنه أو يصالحه كذلك
(2). الگلپايگاني: الظاهر أنّ المنشأ بعقد الشركة هو التعهّد و الالتزام بآثارها المباينة لآثار المضاربة و الإجارة و الوكالة؛ و أمّا الإباحة فمبنيّة على استفادتها من تلك المعاهدة، فمن عدّها من آثارها لا يحتاج إلى الإذن في التصرّف بعد، و من لا يعدّها منها فيحتاج إلى ذلك؛ و أمّا الاشتراك في المالين فهو مسبّب عن خلطهما بلا تميّز و ليس من آثار العقد
(3). مكارم الشيرازي: الأقوى أنّ الشركة بنفسها من العقود العرفيّة، و بعد إجراء صيغتها لفظاً أو المعاطاة تحصل الشركة في الأموال و المنافع المكتسبة منها؛ فهذا العقد بنفسه يوجب تشريك كلّ منهما في مال الآخر من دون حاجة إلى المزج و إن كان ظاهر كلماتهم اعتباره؛ و ليت شعري ما فائدة العقد مع هذا الشرط؟ فإنّ المزج بنفسها سبب للشركة من دون حاجة إلى عقد؛ و قد اضطربت كلماتهم في المقام، فراجع الجواهر، تجد صدق ما ذكرناه. و أمّا إباحة التصرّف من كلّ من الشريكين، فهو أمر آخر لا تستفاد من مجرّد عقد الشركة، بل تحتاج إلى التصريح به بالخصوص
(4). الامام الخميني: فيه إشكال
(5). الامام الخميني: في كون الأمثلة من قبيل ما ذكره إشكال، بل منع
(6). الگلپايگاني: على الأصحّ، لبعض ما ذكر من مستند المنع في غيرها كاستلزام اشتراك منفعة دين أحدهما بينهما مع أنّ عقد الشركة في التجارة غير مؤثّر في تمليك مال من أحد إلى غيره و ليس بمعاوضة مال بمال لا عيناً و لا منفعة
مكارم الشيرازي: فيه إشكال، لأنّه إذا قلنا أنّ عقد الشركة بمنزلة تشريك كلّ منهما الآخر في ماله في مقابل تشريكه له مقدّمةً لاشتراكهما في المنافع، فهي في الحقيقة نوع معاوضة أو مصالحة، بل للشركة أنواع كثيرة في عصرنا، و لكلّ منها مقتضاها و آثارها وفق ما يشترط فيها، و لا بأس بها إذا اجتمعت فيها الشرائط العامّة للعقود
العروة الوثقى مع التعليقات، ج2، ص: 621
كان لكلّ منهما دين على شخص فأوقعا العقد على كون كلّ منهما بينهما، لم يصحّ؛ و كذا لا تصحّ في المنافع، بأن كان لكلّ منهما دار مثلًا و أوقعا العقد على أن يكون منفعة كلّ منهما بينهما بالنصف مثلًا؛ و لو أرادا ذلك صالح أحدهما الآخر نصف منفعة داره بنصف منفعة دار الآخر أو صالح نصف منفعة داره بدينار مثلًا و صالحه الآخر نصف منفعة داره بذلك الدينار.
و كذا لا تصحّ شركة الأعمال، و تسمّى شركة الأبدان أيضاً (1)، و هي أن يوقعا العقد على أن يكون اجرة عمل كلّ منهما مشتركاً بينهما، سواء اتّفق عملهما كالخياطة مثلًا أو كان على أحدهما الخياطة و الآخر النساجة، و سواء كان ذلك في عمل معيّن أو في كلّ ما يعمل كلّ منهما؛ و لو أرادا الاشتراك في ذلك صالح أحدهما الآخر نصف منفعته المعيّنة أو منافعه إلى مدّة كذا بنصف منفعة أو منافع الآخر (2) أو صالحه نصف منفعته بعوض معيّن و صالحه الآخر أيضاً نصف منفعته بذلك العوض.
و لا تصحّ أيضاً شركة الوجوه (3)، و هي أن يشترك اثنان وجيهان لا مال لهما بعقد الشركة على أن يبتاع كلّ منهما في ذمّته إلى أجل و يكون ما يبتاعه بينهما، فيبيعانه و يؤدّيان الثمن و يكون ما حصل من الربح بينهما؛ و إذا أرادا ذلك على الوجه الصحيح، وكّل كلّ منهما الآخر في الشراء فاشترى لهما و في ذمّتهما.
و شركة المفاوضة أيضاً باطلة، و هي أن يشترك اثنان أو أزيد على أن يكون كلّ ما يحصل لأحدهما من ربح تجارة أو زراعة أو كسب آخر أو إرث أو وصيّة أو نحو ذلك مشتركاً بينهما، و كذا كلّ غرامة ترد على أحدهما تكون عليهما.
فانحصرت الشركة العقديّة الصحيحة بالشركة في الأعيان المملوكة فعلًا، و تسمّى بشركة العنان.
______________________________
(1). مكارم الشيرازي: و العمدة فيه دعوى الإجماع متضافراً في كلماتهم من غير نكير، مضافاً إلى أنّها موجبة للغرر غالباً
(2). مكارم الشيرازي: لا يخلو عن إشكال في غير المعيّن، لاشتماله غالباً على نوع من الغرر
(3). الامام الخميني: ما فسّرها به هو أشهر معانيها، على ما حكي
العروة الوثقى مع التعليقات، ج2، ص: 622
مسألة 2: لو استأجر اثنين لعمل واحد بأُجرة معلومة، صحّ (1) و كانت الاجرة مقسّمة عليهما بنسبة عملهما، و لا يضرّ الجهل بمقدار حصّة كلّ منهما حين العقد، لكفاية معلوميّة المجموع؛ و لا يكون من شركة الأعمال الّتي تكون باطلة، بل من شركة الأموال، فهو كما لو استأجر كلًاّ منهما لعمل و أعطاهما شيئاً واحداً بإزاء اجرتهما. و لو اشتبه مقدار عمل كلّ منهما، فإن احتمل التساوي حمل عليه (2)، لأصالة عدم زيادة عمل أحدهما على الآخر (3)، و إن علم زيادة أحدهما على الآخر فيحتمل القرعة في المقدار الزائد، و يحتمل الصلح القهري (4).
مسألة 3: لو اقتلعا شجرة أو اغترفا ماءً بآنية واحدة أو نصبا معاً شبكة للصيد أو أحييا أرضاً معاً، فإن ملّك كلّ منهما نصف منفعته بنصف منفعة الآخر اشتركا فيه بالتساوي، و إلّا فلكلّ منهما بنسبة عمله (5) و لو بحسب القوّة و الضعف، و لو اشتبه الحال فكالمسألة السابقة (6).
و ربما يحتمل التساوي (7) مطلقاً، لصدق اتّحاد فعلهما في السببيّة و اندراجهما في قوله: «من
______________________________
(1). مكارم الشيرازي: إذا كان أعمالهما من نوع واحد أو متقاربة؛ أمّا إذا اختلفا اختلافاً شديداً، لم يخل عن إشكال، كما إذا استأجر جماعة لبناء داره، أحدهم بنّاء و الآخر مهندس و الثالث عامل و الرابع نجّار، فهذه الشركة مشكلة جدّاً، إلّا إذا كانت أعمالهم معلومة و سهامهم في الاجرة معيّنة
(2). الامام الخميني: الأحوط التصالح، و أمّا أصله فغير أصيل
الگلپايگاني: بل الأحوط التصالح، و أمّا الأصل فكما يجري في عدم زيادة استحقاق كلّ منهما على الآخر يجري في عدم استحقاقهما بنحو التساوي و يسقط بالمعارضة
(3). الخوئي: لا مجرى لها، لأنّها معارضة بأصالة عدم تساويهما في العمل، فالأحوط الرجوع إلى الصلح
مكارم الشيرازي: بل الأحوط التصالح، لمعارضة أصالة عدم التساوي بأصالة عدم الزيادة، لجريان الأصل في كلّ واحد منهما
(4). الگلپايگاني: و الأحوط التصالح و التراضي
مكارم الشيرازي: الصلح القهريّ لا محصّل له هنا، كما عرفت؛ و الأحوط التصالح اختياراً
(5). الگلپايگاني: بحسب الاستناد العرفي
مكارم الشيرازي: من حيث الكمّ و الكيف؛ فقد يكون عمل قليل ذو كيفيّة عالية تعادل عملًا كثيراً ذا كيفيّة دانية
(6). الامام الخميني: مرّ الاحتياط
(7). الخوئي: لا يبعد ذلك
العروة الوثقى مع التعليقات، ج2، ص: 623
<![endif]-->
حاز ملك (1)»، و هو كما ترى.
مسألة 4: يشترط- على ما هو ظاهر كلماتهم- في الشركة العقديّة مضافاً إلى الإيجاب و القبول و البلوغ و العقل و الاختيار و عدم الحجر لفلس أو سفه، امتزاج المالين سابقاً على العقد أو لاحقاً (2) بحيث لا يتميّز أحدهما من الآخر، من النقود كانا أو من العروض؛ بل اشترط جماعة اتّحادهما في الجنس و الوصف، و الأظهر عدم اعتباره، بل يكفي الامتزاج على وجه لا يتميّز أحدهما من الآخر، كما لو امتزج دقيق الحنطة بدقيق الشعير و نحوه أو امتزج نوع من الحنطة بنوع آخر (3)، بل لا يبعد كفاية امتزاج الحنطة بالشعير (4)، و ذلك للعمومات العامّة كقوله تعالى: «أَوْفُوا بِالْعُقُودِ» و قوله عليه السلام: «المؤمنون عند شروطهم» و غيرهما، بل لو لا ظهور الإجماع على اعتبار الامتزاج أمكن منعه مطلقاً، عملًا بالعمومات، و دعوى عدم كفايتها (5) لإثبات ذلك كما ترى؛ لكنّ الأحوط (6) مع ذلك أن يبيع كلّ منهما حصّة ممّا هو له بحصّة ممّا للآخر أو يهبها كلّ منهما للآخر، أو نحو ذلك في غير صورة الامتزاج الّذي هو المتيقّن. هذا، و يكفي في الإيجاب و القبول كلّ ما دلّ على الشركة من قول أو فعل.
مسألة 5: يتساوى الشريكان في الربح و الخسران مع تساوي المالين، و مع الزيادة فبنسبة الزيادة ربحاً و خسراناً؛ سواء كان العمل من أحدهما أو منهما (7) مع التساوي فيه أو
______________________________
(1). الخوئي: هذه الجملة لم نعثر عليها في الروايات، بل الوارد فيها قوله عليه السلام: «للعين ما رأت و لليد ما أخذت»
(2). مكارم الشيرازي: لا دليل على اعتبار الامتزاج مطلقاً؛ و ما استدلّ له من الإجماع لا يخلو عن إشكال، لاحتمال كون الإجماع على الصحّة في هذا المورد و الاستناد إلى أصالة الفساد في غيره، كما يظهر من بعض كلماتهم و فيه ما لا يخفى؛ بل العقد كما عرفت بنفسه يوجب الشركة، من غير حاجة إلى الامتزاج
(3). الامام الخميني: مع رفع الامتياز، و لا يكفي امتزاج الحنطة بالشعير على الأحوط
(4). الگلپايگاني: كفاية امتزاج مثل الحنطة بالشعير مشكل
(5). الگلپايگاني: و هو الأقوى، كما مرّ
(6). الگلپايگاني: بل المتعيّن في غير صورة الامتزاج
الامام الخميني: لا يُترك
(7). مكارم الشيرازي: هذا الحكم بإطلاقه غير ثابت، إلّا إذا كان المتعارف في الخارج الّذي يحمل عليه إطلاق العقد تقسيم الربح على نسبة المالين دائماً؛ و الظاهر أنّه ليس كذلك، فلا بدّ مع اختلافهما في الفعل من متابعة الشروط، و بدون الشرط يشكل الصحّة
العروة الوثقى مع التعليقات، ج2، ص: 624
الاختلاف، أو من متبرّع أو أجير، هذا مع الإطلاق؛ و لو شرطا في العقد زيادة لأحدهما، فإن كان للعامل منهما أو لمن عمله أزيد فلا إشكال و لا خلاف على الظاهر عندهم في صحّته، أمّا لو شرطا لغير العامل منهما أو لغير من عمله أزيد، ففي صحّة الشرط و العقد و بطلانهما و صحّة العقد و بطلان الشرط فيكون كصورة الإطلاق أقوال؛ أقواها الأوّل (1)، و كذا لو شرطا كون الخسارة على أحدهما أزيد، و ذلك لعموم: «المؤمنون عند شروطهم». و دعوى أنّه مخالف لمقتضى العقد (2)، كما ترى (3)؛ نعم، هو مخالف لمقتضى إطلاقه. و القول بأنّ جعل الزيادة لأحدهما من غير أن يكون له عمل يكون في مقابلتها ليس تجارة، بل هو أكل بالباطل، كما ترى باطل (4). و دعوى أنّ العمل بالشرط غير لازم لأنّه في عقد جائز، مدفوعة أوّلًا بأنّه مشترك الورود، إذ لازمه عدم وجوب الوفاء به في صورة العمل أو زيادته، و ثانياً بأنّ غاية الأمر جواز فسخ العقد فيسقط وجوب الوفاء بالشرط و المفروض في صورة عدم الفسخ، فما لم يفسخ يجب الوفاء به، و ليس معنى الفسخ حلّ العقد من الأوّل بل من حينه، فيجب الوفاء بمقتضاه مع الشرط إلى ذلك الحين. هذا، و لو شرطا تمام الربح لأحدهما
______________________________
(1). الخوئي: بل أقواها الثالث، و كذا الحال فيما بعده
الگلپايگاني: بل لا يبعد أن يكون الثالث هو الأقوى، إلّا مع تقيّد الإذن بالشرط المذكور، فيكون الأقوى هو الثاني، و كذا شرط كون الخسارة على أحدهما أزيد
(2). الگلپايگاني: و هذا ليس ببعيد، لأنّه يرجع إلى تفكيك لوازم الشركة عنها و لا منافاة بين ذلك و اختيار القول الثالث في الحاشية السابقة، لأنّ ترتيب آثار الشركة غير متوقّف على صحّة عقدها حتّى يقال ببطلانه للشرط المخالف لمقتضاه، بل يكفيه الإذن في التجارة بنحو الشركة؛ نعم، مع تقيّد الإذن بذلك الشرط فالأقوى هو القول الثاني، كما مرّ
(3). الخوئي: لكنّه من الشرط المخالف للسنّة، فإنّ تملّك شخص ربح مال غيره بلا سبب شرعيّ مخالف لها، و الشرط لا يكون مشرّعاً لحكم غير مشروع، و بذلك يظهر بطلان اشتراط كون تمام الربح أو الخسارة من أحدهما
(4). مكارم الشيرازي: و ذلك لأنّه قد يكون هناك دواعٍ عقلائيّة على جعل الزيادة لأحدهما، كما إذا كان شركة بعض الشركاء موجباً لاعتباره الشركة و اعتماد الناس عليها لوجاهته بينهم، و كثيراً ما يكون هذا سبباً لمزيد الربح؛ و بالجملة: الامور الاعتباريّة المجلية للربح كثيرة لا تنحصر بالمال و العمل، فقد يكون هذا داعياً على زيادة سهم أحدهما، فلا يكون أكلًا للمال بالباطل؛ و منه يظهر الحال في اشتراط كون الخسارة على أحدهما
العروة الوثقى مع التعليقات، ج2، ص: 625
بطل العقد، لأنّه خلاف مقتضاه؛ نعم، لو شرطا كون تمام الخسارة على أحدهما فالظاهر صحّته، لعدم كونه منافياً.
مسألة 6: إذا اشترطا في ضمن العقد كون العمل من أحدهما أو منهما مع استقلال كلّ منهما أو مع انضمامهما، فهو المتّبع و لا يجوز التعدّي. و إن أطلقا، لم يجز لواحد منهما (1) التصرّف إلّا بإذن الآخر (2)؛ و مع الإذن بعد العقد أو الاشتراط فيه، فإن كان مقيّداً بنوع خاصّ من التجارة لم يجز التعدّي عنه، و كذا مع تعيين كيفيّة خاصّة، و إن كان مطلقاً فاللازم الاقتصار على المتعارف من حيث النوع و الكيفيّة. و يكون حال المأذون حال العامل في المضاربة، فلا يجوز البيع بالنسيئة (3)، بل و لا الشراء بها، و لا يجوز السفر بالمال (4)، و إن تعدّى عمّا عيّن له أو عن المتعارف ضمن الخسارة و التلف (5)، و لكن يبقى الإذن (6) بعد التعدّي أيضاً، إذ لا ينافي الضمان بقائه. و الأحوط مع إطلاق الإذن ملاحظة المصلحة و إن كان لا يبعد كفاية عدم المفسدة (7).
مسألة 7: العامل أمين، فلا يضمن التلف ما لم يفرط أو يتعدّى.
مسألة 8: عقد الشركة من العقود الجائزة (8)، فيجوز لكلّ من الشريكين
______________________________
(1). الگلپايگاني: قد مرّ أنّ المنشأ بذلك العقد هو التعهّد و الالتزام بلوازم الشركة في التجارة بأن يتّجرا معاً في المال المعيّن إلى زمان معيّن مع شرائط معيّنة من العامل و المعاملة و مكانها و كيفيّتها، فإن كان العقد مشتملًا لتعيين العامل فهو و إلّا فتحتاج المعاملة من كلّ منهما إلى إذن جديد
(2). مكارم الشيرازي: إلّا أن يكون له متعارف ينصرف إليه إطلاق العقد
(3). الامام الخميني: مع عدم التعارف، و كذا حال السفر؛ فالموارد مختلفة
(4). مكارم الشيرازي: بل يجوز البيع و الشراء نسيةً؛ و كذا السفر بالمال إذا كان متعارفاً، كما هو كذلك في زماننا في كثير من الموارد، و لا سيّما في الامور الخطيرة
(5). الخوئي: لو أجاز الشريك معاملة شريكه المتعدّي، فلا ضمان في الخسارة، و إلّا بطلت المعاملة في حصّته و يرجع بعين ماله أو ببدله
(6). الگلپايگاني: مع فرض كونه مطلقاً
(7). مكارم الشيرازي: لا يخلو عن إشكال، لأنّ أساس الشركة على جلب المنفعة و ملاحظة المصالح، لا مجرّد عدم الضرر
(8). مكارم الشيرازي: لا يبعد كونها من العقود اللازمة، فإنّ ما ادّعوه من الإجماع على الجواز لعلّه بسبب اعتقادهم أنّ أحكام الشركة تترتّب على إجازة كلّ منهما للتصرّف؛ و لكن إن قلنا أنّ الشركة عقد مستقلّ برأسه، كما هو كذلك، فالحكم بكونها عقداً جائزاً مشكل بعد أصالة اللزوم في العقود
العروة الوثقى مع التعليقات، ج2، ص: 626
فسخه (1)، لا بمعنى أن يكون الفسخ موجباً للانفساخ من الأوّل أو من حينه بحيث تبطل (2) الشركة (3)، إذ هي باقية ما لم تحصل القسمة، بل بمعنى جواز رجوع كلّ منهما عن الإذن في التصرّف الّذي بمنزلة عزل الوكيل عن الوكالة أو بمعنى مطالبة القسمة. و إذا رجع أحدهما عن إذنه دون الآخر فيما لو كان كلّ منهما مأذوناً، لم يجز التصرّف للآخر، و يبقى الجواز بالنسبة إلى الأوّل. و إذا رجع كلّ منهما عن إذنه لم يجز لواحد منهما، و بمطالبة القسمة يجب القبول على الآخر. و إذا أوقعا الشركة على وجه يكون لأحدهما زيادة (4) في الربح أو نقصاناً في الخسارة، يمكن الفسخ (5)، بمعنى إبطال هذا القرار، بحيث لو حصل بعده ربح أو خسران كان بنسبة المالين على ما هو مقتضى إطلاق الشركة.
مسألة 9: لو ذكرا في عقد الشركة أجلًا، لا يلزم (6)، فيجوز لكلّ منهما الرجوع قبل انقضائه، إلّا أن يكون مشروطاً في ضمن عقد لازم فيكون لازماً (7).
______________________________
(1). مكارم الشيرازي: الشركة إذا كانت حاصلة من ناحية امتزاج المالين، فهي باقية ببقاء المزج و لا معنى لانفساخها لعدم كونها عقداً؛ و إن كانت حاصلة بسبب العقد، كما مرّ سابقاً، أمكن فيها الفسخ من حينه
(2). الامام الخميني: الظاهر بطلان عقد الشركة و بقاء الشركة الناشئة من الامتزاج، ففي مثل مزج اللوز باللوز و الجوز بمثله و الدراهم و الدنانير بمثلهما ينفسخ العقد و يرجع كلّ مال إلى صاحبه فيتخلّص فيه بالتصالح كما قبل العقد لو حصل الامتزاج
(3). الگلپايگاني: الشركة في المال ليست من آثار العقد حتّى تبطل بالانفساخ، بل هي من آثار المزج و لا ترتفع إلّا بالقسمة. و ما جاء من قبل العقد من التعهّد بلوازم التجارة و الإذن في التصرّف فيرتفع بانفساخ العقد
(4). الخوئي: تقدّم بطلان هذا الشرط
(5). الگلپايگاني: على القول بصحّة هذا الشرط و إطلاق الإذن في المعاملة، و قد مرّ الإشكال في صحّة الشرط المذكور
(6). مكارم الشيرازي: الأحوط لو لا الأقوى لزوم العمل بالأجل، و ذلك لما عرفت آنفاً من كون الشركة عقداً مستقلًاّ كسائر العقود و ليست مجرّد إذن الطرفين في التصرّفات، كما توهّم؛ و الأصل في العقد هو اللزوم إلّا ما خرج بالدليل، و دعوى الإجماع على عدمه في مثل هذه المسألة غير مسموعة؛ مع وضوح مأخذه
(7). الگلپايگاني: تكليفاً لا وضعاً
العروة الوثقى مع التعليقات، ج2، ص: 627
مسألة 10: لو ادّعى أحدهما على الآخر الخيانة أو التفريط في الحفظ، فأنكر، عليه الحلف مع عدم البيّنة.
مسألة 11: إذا ادّعى العامل التلف، قبل قوله مع اليمين، لأنّه أمين.
مسألة 12: تبطل الشركة بالموت و الجنون و الإغماء (1) و الحجر بالفلس أو السفه، بمعنى أنّه لا يجوز للآخر التصرّف، و أمّا أصل الشركة فهي باقية؛ نعم، يبطل (2) أيضاً ما قرّراه (3) من زيادة أحدهما (4) في النماء بالنسبة إلى ماله أو نقصان الخسارة كذلك إذا تبيّن بطلان الشركة (5)، فالمعاملات الواقعة قبله محكومة بالصحّة (6)، و يكون الربح على نسبة المالين، لكفاية الإذن المفروض حصوله؛ نعم، لو كان مقيّداً بالصحّة تكون كلّها فضوليّاً بالنسبة إلى من يكون إذنه مقيّداً، و لكلّ منهما اجرة مثل عمله (7) بالنسبة إلى حصّة الآخر إذا كان العمل منهما، و إن كان من أحدهما فله اجرة مثل عمله.
مسألة 13: إذا اشترى أحدهما متاعاً و ادّعى أنّه اشتراه لنفسه و ادّعى الآخر أنّه اشتراه بالشركة، فمع عدم البيّنة، القول قوله مع اليمين، لأنّه أعرف بنيّته؛ كما أنّه كذلك لو
______________________________
(1). مكارم الشيرازي: لا دليل على بطلان الشركة و لا غيرها من العقود بالإغماء، فإنّه ليس من قسم الجنون عند أهل العرف، بل هو أشبه شيء بالنوم؛ فما اشتهر بينهم من جعله من أسباب بطلان العقود الإذنيّة في جميع المقامات، مشكل جدّاً
(2). الامام الخميني: محلّ تأمّل
(3). الخوئي: تقدّم أن هذا الشرط في نفسه باطل و لو كان عقد الشركة صحيحاً
(4). الگلپايگاني: على فرض صحّته
(5). الگلپايگاني: إذا تبيّن بطلان عقد الشركة من حين وقوعه مع كون العاقد الشريك واجداً للشرائط، فالمعاملات الواقعة قبل تبيّن البطلان محكومة بالصحّة كما في المتن؛ و الظاهر أنّ المقصود من العبارة هو ذلك و إن كانت قاصرة
(6). مكارم الشيرازي: بل المعاملات الواقعة بعده أيضاً كذلك، إذا لم يعتن المتعاقدان بالفساد
(7). الگلپايگاني: لا وجه لُاجرة المثل فيما وقع فضوليّاً و لو بعد الإجازة، بل مطلقاً فيما يكون متبرّعاً به؛ نعم، فيما جعلا شيئاً بإزاء العمل و لم يكن الإذن مقيّداً بالصحّة فله الاجرة المسمّاة فيما إذا كان التراضي بها غير مقيّد و اجرة المثل في المقيّد بالصحّة
مكارم الشيرازي: إنّما يستحقّ اجرة المثل إذا لم يكن متبرّعاً بعمله، بأن جعلا في مقابل العمل شيئاً و مجرّد الدواعي غير كافية
العروة الوثقى مع التعليقات، ج2، ص: 628
ادّعى أنّه اشتراه بالشركة و قال الآخر أنّه اشتراه لنفسه، فإنّه يقدّم قوله أيضاً، لأنّه أعرف و لأنّه أمين (1).
______________________________
(1). مكارم الشيرازي: إلّا أن يكون ظاهر حاله كون الاشتراء للشركة، كما إذا كان من طرق سائر ما يشتري للشركة و أعطى ثمنه من مالها، و إن اشتراه في الذمّة فقبول قوله حينئذٍ مشكل و الأحوط التصالح
العروة الوثقى مع التعليقات، ج2، ص: 629