و هي عبارة عن كون شيء واحد لاثنين أو أزيد، ملكاً أو حقّاً. و هي إمّا «واقعيّة قهريّة»، كما في المال أو الحقّ الموروث؛ و إمّا «واقعيّة اختياريّة» من غير استناد إلى عقد، كما إذا أحيا شخصان أرضاً مواتاً بالاشتراك أو حفرا بئراً أو اغترفا ماءً أو اقتلعا شجراً؛ و إمّا «ظاهريّة قهريّة (1)»، كما إذا امتزج مالهما من دون اختيارهما و لو بفعل أجنبيّ، بحيث لا يتميّز أحدهما (2) من الآخر، سواء كانا من جنس واحد كمزج حنطة بحنطة أو جنسين كمزج دقيق الحنطة بدقيق الشعير أو دهن اللوز بدهن الجوز أو الخلّ بالدبس؛ و إمّا «ظاهريّة اختياريّة»، كما إذا مزجا باختيارهما لا بقصد الشركة، فإنّ مال كلّ منهما في الواقع ممتاز عن الآخر (3)، و لذا لو فرض تمييزهما اختصّ كلّ منهما بماله، و أمّا الاختلاط مع التميّز فلا يوجب الشركة و لو ظاهراً، إذ مع الاشتباه مرجعه الصلح القهري (4) أو القرعة؛ و إمّا «واقعيّة مستندة إلى عقد غير عقد الشركة»، كما إذا ملكا شيئاً واحداً بالشراء أو الصلح أو الهبة أو
______________________________
(1). الخوئي: لا معنى للشركة الظاهريّة، مع العلم بعدم الاشتراك واقعاً. فالصحيح في موارد الامتزاج القهريّ أو الاختياري أنّ الشركة واقعيّة إذا كان الممتزجان يعدّان شيئاً واحداً عرفاً، و إلّا فلا شركة أصلًا، كخلط الدراهم بمثلها
الگلپايگاني: كون الشركة ظاهريّة فيما ذكر محلّ تأمّل، بل لا يبعد كونها واقعيّة، كما هو المرتكز في أذهان العرف مع عدم ردع معلوم
مكارم الشيرازي: لا وجه لكون الشركة ظاهريّة في هذه الموارد (موارد المزج القهري) بعد بناء العرف و العقلاء على كونها واقعيّة، و لم يمنع عنه الشارع، و ظاهر كلمات الأصحاب أيضاً ذلك؛ و كذا الكلام إذا كان مزجهما باختيارهما و لم يقصد الشركة، فإنّ المزج إذا لم يتميّز أحدهما من الآخر سبب للشركة الواقعيّة العرفيّة؛ قصدا أو لم يقصدا
(2). الامام الخميني: ميزان الشركة الواقعيّة في مثل الامتزاج هو رفع الامتياز واقعاً بحسب نظر العرف و إن لم يكن كذلك عقلًا، ففي مثل مزج المائعين المتماثلين تكون واقعيّة، و كذا في غير المتماثلين غالباً، و في مثل مزج الحبّات الصغيرة كالخشخاش و السمسم لا يبعد ظاهريّتها إذا كانا متجانسين، و عدم الشركة في غيرهما، و في الجامدات الناعمة كالدقيق محلّ تأمّل لا يبعد ظاهريّتها، و الأحوط التخلّص بمثل الصلح في خلط الجوز بالجوز و اللوز باللوز و في مثل الدراهم و الدنانير المتماثلات
(3). مكارم الشيرازي: الامتياز الواقعيّ العقليّ غير مفيد بعد الوحدة عرفاً؛ و لو حصل الامتياز عرفاً بعد ذلك لسبب من الأسباب، أمكن الحكم ببطلان الشركة قهراً بعد حصولها
(4). مكارم الشيرازي: الصلح القهريّ لا محصّل له؛ نعم، لهما الصلح اختياراً أو الاكتفاء بالقرعة
العروة الوثقى مع التعليقات، ج2، ص: 620
نحوها؛ و إمّا «واقعيّة منشأة بتشريك أحدهما الآخر في ماله»، كما إذا اشترى شيئاً فطلب منه شخص أن يشركه فيه (1)، و يسمّى عندهم بالتشريك و هو صحيح، لجملة من الأخبار؛ و إمّا «واقعيّة منشأة بتشريك كلّ منهما (2) الآخر في ماله (3)»، و يسمّى هذا بالشركة العقديّة و معدود من العقود.
ثمّ إنّ الشركة قد تكون في عين و قد تكون في منفعة و قد تكون في حقّ؛ و بحسب الكيفيّة إمّا بنحو الإشاعة و إمّا بنحو الكليّ في المعيّن (4) و قد تكون على وجه يكون كلّ من الشريكين أو الشركاء مستقلًاّ في التصرّف، كما في شركة الفقراء (5) في الزكاة و السادة في الخمس و الموقوف عليهم في الأوقاف العامّة و نحوها.
مسألة 1: لا تصحّ الشركة العقديّة إلّا في الأموال بل الأعيان، فلا تصحّ في الديون (6)، فلو
______________________________
(1). مكارم الشيرازي: و لعلّه داخل في عنوان البيع أو المصالحة أو شبه ذلك، فيبيعه نصف المال بنصف ثمنه أو يصالحه كذلك
(2). الگلپايگاني: الظاهر أنّ المنشأ بعقد الشركة هو التعهّد و الالتزام بآثارها المباينة لآثار المضاربة و الإجارة و الوكالة؛ و أمّا الإباحة فمبنيّة على استفادتها من تلك المعاهدة، فمن عدّها من آثارها لا يحتاج إلى الإذن في التصرّف بعد، و من لا يعدّها منها فيحتاج إلى ذلك؛ و أمّا الاشتراك في المالين فهو مسبّب عن خلطهما بلا تميّز و ليس من آثار العقد
(3). مكارم الشيرازي: الأقوى أنّ الشركة بنفسها من العقود العرفيّة، و بعد إجراء صيغتها لفظاً أو المعاطاة تحصل الشركة في الأموال و المنافع المكتسبة منها؛ فهذا العقد بنفسه يوجب تشريك كلّ منهما في مال الآخر من دون حاجة إلى المزج و إن كان ظاهر كلماتهم اعتباره؛ و ليت شعري ما فائدة العقد مع هذا الشرط؟ فإنّ المزج بنفسها سبب للشركة من دون حاجة إلى عقد؛ و قد اضطربت كلماتهم في المقام، فراجع الجواهر، تجد صدق ما ذكرناه. و أمّا إباحة التصرّف من كلّ من الشريكين، فهو أمر آخر لا تستفاد من مجرّد عقد الشركة، بل تحتاج إلى التصريح به بالخصوص
(4). الامام الخميني: فيه إشكال
(5). الامام الخميني: في كون الأمثلة من قبيل ما ذكره إشكال، بل منع
(6). الگلپايگاني: على الأصحّ، لبعض ما ذكر من مستند المنع في غيرها كاستلزام اشتراك منفعة دين أحدهما بينهما مع أنّ عقد الشركة في التجارة غير مؤثّر في تمليك مال من أحد إلى غيره و ليس بمعاوضة مال بمال لا عيناً و لا منفعة
مكارم الشيرازي: فيه إشكال، لأنّه إذا قلنا أنّ عقد الشركة بمنزلة تشريك كلّ منهما الآخر في ماله في مقابل تشريكه له مقدّمةً لاشتراكهما في المنافع، فهي في الحقيقة نوع معاوضة أو مصالحة، بل للشركة أنواع كثيرة في عصرنا، و لكلّ منها مقتضاها و آثارها وفق ما يشترط فيها، و لا بأس بها إذا اجتمعت فيها الشرائط العامّة للعقود
العروة الوثقى مع التعليقات، ج2، ص: 621
كان لكلّ منهما دين على شخص فأوقعا العقد على كون كلّ منهما بينهما، لم يصحّ؛ و كذا لا تصحّ في المنافع، بأن كان لكلّ منهما دار مثلًا و أوقعا العقد على أن يكون منفعة كلّ منهما بينهما بالنصف مثلًا؛ و لو أرادا ذلك صالح أحدهما الآخر نصف منفعة داره بنصف منفعة دار الآخر أو صالح نصف منفعة داره بدينار مثلًا و صالحه الآخر نصف منفعة داره بذلك الدينار.
و كذا لا تصحّ شركة الأعمال، و تسمّى شركة الأبدان أيضاً (1)، و هي أن يوقعا العقد على أن يكون اجرة عمل كلّ منهما مشتركاً بينهما، سواء اتّفق عملهما كالخياطة مثلًا أو كان على أحدهما الخياطة و الآخر النساجة، و سواء كان ذلك في عمل معيّن أو في كلّ ما يعمل كلّ منهما؛ و لو أرادا الاشتراك في ذلك صالح أحدهما الآخر نصف منفعته المعيّنة أو منافعه إلى مدّة كذا بنصف منفعة أو منافع الآخر (2) أو صالحه نصف منفعته بعوض معيّن و صالحه الآخر أيضاً نصف منفعته بذلك العوض.
و لا تصحّ أيضاً شركة الوجوه (3)، و هي أن يشترك اثنان وجيهان لا مال لهما بعقد الشركة على أن يبتاع كلّ منهما في ذمّته إلى أجل و يكون ما يبتاعه بينهما، فيبيعانه و يؤدّيان الثمن و يكون ما حصل من الربح بينهما؛ و إذا أرادا ذلك على الوجه الصحيح، وكّل كلّ منهما الآخر في الشراء فاشترى لهما و في ذمّتهما.
و شركة المفاوضة أيضاً باطلة، و هي أن يشترك اثنان أو أزيد على أن يكون كلّ ما يحصل لأحدهما من ربح تجارة أو زراعة أو كسب آخر أو إرث أو وصيّة أو نحو ذلك مشتركاً بينهما، و كذا كلّ غرامة ترد على أحدهما تكون عليهما.
فانحصرت الشركة العقديّة الصحيحة بالشركة في الأعيان المملوكة فعلًا، و تسمّى بشركة العنان.
______________________________
(1). مكارم الشيرازي: و العمدة فيه دعوى الإجماع متضافراً في كلماتهم من غير نكير، مضافاً إلى أنّها موجبة للغرر غالباً
(2). مكارم الشيرازي: لا يخلو عن إشكال في غير المعيّن، لاشتماله غالباً على نوع من الغرر
(3). الامام الخميني: ما فسّرها به هو أشهر معانيها، على ما حكي
العروة الوثقى مع التعليقات، ج2، ص: 622
مسألة 2: لو استأجر اثنين لعمل واحد بأُجرة معلومة، صحّ (1) و كانت الاجرة مقسّمة عليهما بنسبة عملهما، و لا يضرّ الجهل بمقدار حصّة كلّ منهما حين العقد، لكفاية معلوميّة المجموع؛ و لا يكون من شركة الأعمال الّتي تكون باطلة، بل من شركة الأموال، فهو كما لو استأجر كلًاّ منهما لعمل و أعطاهما شيئاً واحداً بإزاء اجرتهما. و لو اشتبه مقدار عمل كلّ منهما، فإن احتمل التساوي حمل عليه (2)، لأصالة عدم زيادة عمل أحدهما على الآخر (3)، و إن علم زيادة أحدهما على الآخر فيحتمل القرعة في المقدار الزائد، و يحتمل الصلح القهري (4).
مسألة 3: لو اقتلعا شجرة أو اغترفا ماءً بآنية واحدة أو نصبا معاً شبكة للصيد أو أحييا أرضاً معاً، فإن ملّك كلّ منهما نصف منفعته بنصف منفعة الآخر اشتركا فيه بالتساوي، و إلّا فلكلّ منهما بنسبة عمله (5) و لو بحسب القوّة و الضعف، و لو اشتبه الحال فكالمسألة السابقة (6).
و ربما يحتمل التساوي (7) مطلقاً، لصدق اتّحاد فعلهما في السببيّة و اندراجهما في قوله: «من
______________________________
(1). مكارم الشيرازي: إذا كان أعمالهما من نوع واحد أو متقاربة؛ أمّا إذا اختلفا اختلافاً شديداً، لم يخل عن إشكال، كما إذا استأجر جماعة لبناء داره، أحدهم بنّاء و الآخر مهندس و الثالث عامل و الرابع نجّار، فهذه الشركة مشكلة جدّاً، إلّا إذا كانت أعمالهم معلومة و سهامهم في الاجرة معيّنة
(2). الامام الخميني: الأحوط التصالح، و أمّا أصله فغير أصيل
الگلپايگاني: بل الأحوط التصالح، و أمّا الأصل فكما يجري في عدم زيادة استحقاق كلّ منهما على الآخر يجري في عدم استحقاقهما بنحو التساوي و يسقط بالمعارضة
(3). الخوئي: لا مجرى لها، لأنّها معارضة بأصالة عدم تساويهما في العمل، فالأحوط الرجوع إلى الصلح
مكارم الشيرازي: بل الأحوط التصالح، لمعارضة أصالة عدم التساوي بأصالة عدم الزيادة، لجريان الأصل في كلّ واحد منهما
(4). الگلپايگاني: و الأحوط التصالح و التراضي
مكارم الشيرازي: الصلح القهريّ لا محصّل له هنا، كما عرفت؛ و الأحوط التصالح اختياراً
(5). الگلپايگاني: بحسب الاستناد العرفي
مكارم الشيرازي: من حيث الكمّ و الكيف؛ فقد يكون عمل قليل ذو كيفيّة عالية تعادل عملًا كثيراً ذا كيفيّة دانية
(6). الامام الخميني: مرّ الاحتياط
(7). الخوئي: لا يبعد ذلك
العروة الوثقى مع التعليقات، ج2، ص: 623
<![endif]-->
حاز ملك (1)»، و هو كما ترى.
مسألة 4: يشترط- على ما هو ظاهر كلماتهم- في الشركة العقديّة مضافاً إلى الإيجاب و القبول و البلوغ و العقل و الاختيار و عدم الحجر لفلس أو سفه، امتزاج المالين سابقاً على العقد أو لاحقاً (2) بحيث لا يتميّز أحدهما من الآخر، من النقود كانا أو من العروض؛ بل اشترط جماعة اتّحادهما في الجنس و الوصف، و الأظهر عدم اعتباره، بل يكفي الامتزاج على وجه لا يتميّز أحدهما من الآخر، كما لو امتزج دقيق الحنطة بدقيق الشعير و نحوه أو امتزج نوع من الحنطة بنوع آخر (3)، بل لا يبعد كفاية امتزاج الحنطة بالشعير (4)، و ذلك للعمومات العامّة كقوله تعالى: «أَوْفُوا بِالْعُقُودِ» و قوله عليه السلام: «المؤمنون عند شروطهم» و غيرهما، بل لو لا ظهور الإجماع على اعتبار الامتزاج أمكن منعه مطلقاً، عملًا بالعمومات، و دعوى عدم كفايتها (5) لإثبات ذلك كما ترى؛ لكنّ الأحوط (6) مع ذلك أن يبيع كلّ منهما حصّة ممّا هو له بحصّة ممّا للآخر أو يهبها كلّ منهما للآخر، أو نحو ذلك في غير صورة الامتزاج الّذي هو المتيقّن. هذا، و يكفي في الإيجاب و القبول كلّ ما دلّ على الشركة من قول أو فعل.
مسألة 5: يتساوى الشريكان في الربح و الخسران مع تساوي المالين، و مع الزيادة فبنسبة الزيادة ربحاً و خسراناً؛ سواء كان العمل من أحدهما أو منهما (7) مع التساوي فيه أو
______________________________
(1). الخوئي: هذه الجملة لم نعثر عليها في الروايات، بل الوارد فيها قوله عليه السلام: «للعين ما رأت و لليد ما أخذت»
(2). مكارم الشيرازي: لا دليل على اعتبار الامتزاج مطلقاً؛ و ما استدلّ له من الإجماع لا يخلو عن إشكال، لاحتمال كون الإجماع على الصحّة في هذا المورد و الاستناد إلى أصالة الفساد في غيره، كما يظهر من بعض كلماتهم و فيه ما لا يخفى؛ بل العقد كما عرفت بنفسه يوجب الشركة، من غير حاجة إلى الامتزاج
(3). الامام الخميني: مع رفع الامتياز، و لا يكفي امتزاج الحنطة بالشعير على الأحوط
(4). الگلپايگاني: كفاية امتزاج مثل الحنطة بالشعير مشكل
(5). الگلپايگاني: و هو الأقوى، كما مرّ
(6). الگلپايگاني: بل المتعيّن في غير صورة الامتزاج
الامام الخميني: لا يُترك
(7). مكارم الشيرازي: هذا الحكم بإطلاقه غير ثابت، إلّا إذا كان المتعارف في الخارج الّذي يحمل عليه إطلاق العقد تقسيم الربح على نسبة المالين دائماً؛ و الظاهر أنّه ليس كذلك، فلا بدّ مع اختلافهما في الفعل من متابعة الشروط، و بدون الشرط يشكل الصحّة
العروة الوثقى مع التعليقات، ج2، ص: 624
الاختلاف، أو من متبرّع أو أجير، هذا مع الإطلاق؛ و لو شرطا في العقد زيادة لأحدهما، فإن كان للعامل منهما أو لمن عمله أزيد فلا إشكال و لا خلاف على الظاهر عندهم في صحّته، أمّا لو شرطا لغير العامل منهما أو لغير من عمله أزيد، ففي صحّة الشرط و العقد و بطلانهما و صحّة العقد و بطلان الشرط فيكون كصورة الإطلاق أقوال؛ أقواها الأوّل (1)، و كذا لو شرطا كون الخسارة على أحدهما أزيد، و ذلك لعموم: «المؤمنون عند شروطهم». و دعوى أنّه مخالف لمقتضى العقد (2)، كما ترى (3)؛ نعم، هو مخالف لمقتضى إطلاقه. و القول بأنّ جعل الزيادة لأحدهما من غير أن يكون له عمل يكون في مقابلتها ليس تجارة، بل هو أكل بالباطل، كما ترى باطل (4). و دعوى أنّ العمل بالشرط غير لازم لأنّه في عقد جائز، مدفوعة أوّلًا بأنّه مشترك الورود، إذ لازمه عدم وجوب الوفاء به في صورة العمل أو زيادته، و ثانياً بأنّ غاية الأمر جواز فسخ العقد فيسقط وجوب الوفاء بالشرط و المفروض في صورة عدم الفسخ، فما لم يفسخ يجب الوفاء به، و ليس معنى الفسخ حلّ العقد من الأوّل بل من حينه، فيجب الوفاء بمقتضاه مع الشرط إلى ذلك الحين. هذا، و لو شرطا تمام الربح لأحدهما
______________________________
(1). الخوئي: بل أقواها الثالث، و كذا الحال فيما بعده
الگلپايگاني: بل لا يبعد أن يكون الثالث هو الأقوى، إلّا مع تقيّد الإذن بالشرط المذكور، فيكون الأقوى هو الثاني، و كذا شرط كون الخسارة على أحدهما أزيد
(2). الگلپايگاني: و هذا ليس ببعيد، لأنّه يرجع إلى تفكيك لوازم الشركة عنها و لا منافاة بين ذلك و اختيار القول الثالث في الحاشية السابقة، لأنّ ترتيب آثار الشركة غير متوقّف على صحّة عقدها حتّى يقال ببطلانه للشرط المخالف لمقتضاه، بل يكفيه الإذن في التجارة بنحو الشركة؛ نعم، مع تقيّد الإذن بذلك الشرط فالأقوى هو القول الثاني، كما مرّ
(3). الخوئي: لكنّه من الشرط المخالف للسنّة، فإنّ تملّك شخص ربح مال غيره بلا سبب شرعيّ مخالف لها، و الشرط لا يكون مشرّعاً لحكم غير مشروع، و بذلك يظهر بطلان اشتراط كون تمام الربح أو الخسارة من أحدهما
(4). مكارم الشيرازي: و ذلك لأنّه قد يكون هناك دواعٍ عقلائيّة على جعل الزيادة لأحدهما، كما إذا كان شركة بعض الشركاء موجباً لاعتباره الشركة و اعتماد الناس عليها لوجاهته بينهم، و كثيراً ما يكون هذا سبباً لمزيد الربح؛ و بالجملة: الامور الاعتباريّة المجلية للربح كثيرة لا تنحصر بالمال و العمل، فقد يكون هذا داعياً على زيادة سهم أحدهما، فلا يكون أكلًا للمال بالباطل؛ و منه يظهر الحال في اشتراط كون الخسارة على أحدهما
العروة الوثقى مع التعليقات، ج2، ص: 625
بطل العقد، لأنّه خلاف مقتضاه؛ نعم، لو شرطا كون تمام الخسارة على أحدهما فالظاهر صحّته، لعدم كونه منافياً.
مسألة 6: إذا اشترطا في ضمن العقد كون العمل من أحدهما أو منهما مع استقلال كلّ منهما أو مع انضمامهما، فهو المتّبع و لا يجوز التعدّي. و إن أطلقا، لم يجز لواحد منهما (1) التصرّف إلّا بإذن الآخر (2)؛ و مع الإذن بعد العقد أو الاشتراط فيه، فإن كان مقيّداً بنوع خاصّ من التجارة لم يجز التعدّي عنه، و كذا مع تعيين كيفيّة خاصّة، و إن كان مطلقاً فاللازم الاقتصار على المتعارف من حيث النوع و الكيفيّة. و يكون حال المأذون حال العامل في المضاربة، فلا يجوز البيع بالنسيئة (3)، بل و لا الشراء بها، و لا يجوز السفر بالمال (4)، و إن تعدّى عمّا عيّن له أو عن المتعارف ضمن الخسارة و التلف (5)، و لكن يبقى الإذن (6) بعد التعدّي أيضاً، إذ لا ينافي الضمان بقائه. و الأحوط مع إطلاق الإذن ملاحظة المصلحة و إن كان لا يبعد كفاية عدم المفسدة (7).
مسألة 7: العامل أمين، فلا يضمن التلف ما لم يفرط أو يتعدّى.
مسألة 8: عقد الشركة من العقود الجائزة (8)، فيجوز لكلّ من الشريكين
______________________________
(1). الگلپايگاني: قد مرّ أنّ المنشأ بذلك العقد هو التعهّد و الالتزام بلوازم الشركة في التجارة بأن يتّجرا معاً في المال المعيّن إلى زمان معيّن مع شرائط معيّنة من العامل و المعاملة و مكانها و كيفيّتها، فإن كان العقد مشتملًا لتعيين العامل فهو و إلّا فتحتاج المعاملة من كلّ منهما إلى إذن جديد
(2). مكارم الشيرازي: إلّا أن يكون له متعارف ينصرف إليه إطلاق العقد
(3). الامام الخميني: مع عدم التعارف، و كذا حال السفر؛ فالموارد مختلفة
(4). مكارم الشيرازي: بل يجوز البيع و الشراء نسيةً؛ و كذا السفر بالمال إذا كان متعارفاً، كما هو كذلك في زماننا في كثير من الموارد، و لا سيّما في الامور الخطيرة
(5). الخوئي: لو أجاز الشريك معاملة شريكه المتعدّي، فلا ضمان في الخسارة، و إلّا بطلت المعاملة في حصّته و يرجع بعين ماله أو ببدله
(6). الگلپايگاني: مع فرض كونه مطلقاً
(7). مكارم الشيرازي: لا يخلو عن إشكال، لأنّ أساس الشركة على جلب المنفعة و ملاحظة المصالح، لا مجرّد عدم الضرر
(8). مكارم الشيرازي: لا يبعد كونها من العقود اللازمة، فإنّ ما ادّعوه من الإجماع على الجواز لعلّه بسبب اعتقادهم أنّ أحكام الشركة تترتّب على إجازة كلّ منهما للتصرّف؛ و لكن إن قلنا أنّ الشركة عقد مستقلّ برأسه، كما هو كذلك، فالحكم بكونها عقداً جائزاً مشكل بعد أصالة اللزوم في العقود
العروة الوثقى مع التعليقات، ج2، ص: 626
فسخه (1)، لا بمعنى أن يكون الفسخ موجباً للانفساخ من الأوّل أو من حينه بحيث تبطل (2) الشركة (3)، إذ هي باقية ما لم تحصل القسمة، بل بمعنى جواز رجوع كلّ منهما عن الإذن في التصرّف الّذي بمنزلة عزل الوكيل عن الوكالة أو بمعنى مطالبة القسمة. و إذا رجع أحدهما عن إذنه دون الآخر فيما لو كان كلّ منهما مأذوناً، لم يجز التصرّف للآخر، و يبقى الجواز بالنسبة إلى الأوّل. و إذا رجع كلّ منهما عن إذنه لم يجز لواحد منهما، و بمطالبة القسمة يجب القبول على الآخر. و إذا أوقعا الشركة على وجه يكون لأحدهما زيادة (4) في الربح أو نقصاناً في الخسارة، يمكن الفسخ (5)، بمعنى إبطال هذا القرار، بحيث لو حصل بعده ربح أو خسران كان بنسبة المالين على ما هو مقتضى إطلاق الشركة.
مسألة 9: لو ذكرا في عقد الشركة أجلًا، لا يلزم (6)، فيجوز لكلّ منهما الرجوع قبل انقضائه، إلّا أن يكون مشروطاً في ضمن عقد لازم فيكون لازماً (7).
______________________________
(1). مكارم الشيرازي: الشركة إذا كانت حاصلة من ناحية امتزاج المالين، فهي باقية ببقاء المزج و لا معنى لانفساخها لعدم كونها عقداً؛ و إن كانت حاصلة بسبب العقد، كما مرّ سابقاً، أمكن فيها الفسخ من حينه
(2). الامام الخميني: الظاهر بطلان عقد الشركة و بقاء الشركة الناشئة من الامتزاج، ففي مثل مزج اللوز باللوز و الجوز بمثله و الدراهم و الدنانير بمثلهما ينفسخ العقد و يرجع كلّ مال إلى صاحبه فيتخلّص فيه بالتصالح كما قبل العقد لو حصل الامتزاج
(3). الگلپايگاني: الشركة في المال ليست من آثار العقد حتّى تبطل بالانفساخ، بل هي من آثار المزج و لا ترتفع إلّا بالقسمة. و ما جاء من قبل العقد من التعهّد بلوازم التجارة و الإذن في التصرّف فيرتفع بانفساخ العقد
(4). الخوئي: تقدّم بطلان هذا الشرط
(5). الگلپايگاني: على القول بصحّة هذا الشرط و إطلاق الإذن في المعاملة، و قد مرّ الإشكال في صحّة الشرط المذكور
(6). مكارم الشيرازي: الأحوط لو لا الأقوى لزوم العمل بالأجل، و ذلك لما عرفت آنفاً من كون الشركة عقداً مستقلًاّ كسائر العقود و ليست مجرّد إذن الطرفين في التصرّفات، كما توهّم؛ و الأصل في العقد هو اللزوم إلّا ما خرج بالدليل، و دعوى الإجماع على عدمه في مثل هذه المسألة غير مسموعة؛ مع وضوح مأخذه
(7). الگلپايگاني: تكليفاً لا وضعاً
العروة الوثقى مع التعليقات، ج2، ص: 627
مسألة 10: لو ادّعى أحدهما على الآخر الخيانة أو التفريط في الحفظ، فأنكر، عليه الحلف مع عدم البيّنة.
مسألة 11: إذا ادّعى العامل التلف، قبل قوله مع اليمين، لأنّه أمين.
مسألة 12: تبطل الشركة بالموت و الجنون و الإغماء (1) و الحجر بالفلس أو السفه، بمعنى أنّه لا يجوز للآخر التصرّف، و أمّا أصل الشركة فهي باقية؛ نعم، يبطل (2) أيضاً ما قرّراه (3) من زيادة أحدهما (4) في النماء بالنسبة إلى ماله أو نقصان الخسارة كذلك إذا تبيّن بطلان الشركة (5)، فالمعاملات الواقعة قبله محكومة بالصحّة (6)، و يكون الربح على نسبة المالين، لكفاية الإذن المفروض حصوله؛ نعم، لو كان مقيّداً بالصحّة تكون كلّها فضوليّاً بالنسبة إلى من يكون إذنه مقيّداً، و لكلّ منهما اجرة مثل عمله (7) بالنسبة إلى حصّة الآخر إذا كان العمل منهما، و إن كان من أحدهما فله اجرة مثل عمله.
مسألة 13: إذا اشترى أحدهما متاعاً و ادّعى أنّه اشتراه لنفسه و ادّعى الآخر أنّه اشتراه بالشركة، فمع عدم البيّنة، القول قوله مع اليمين، لأنّه أعرف بنيّته؛ كما أنّه كذلك لو
______________________________
(1). مكارم الشيرازي: لا دليل على بطلان الشركة و لا غيرها من العقود بالإغماء، فإنّه ليس من قسم الجنون عند أهل العرف، بل هو أشبه شيء بالنوم؛ فما اشتهر بينهم من جعله من أسباب بطلان العقود الإذنيّة في جميع المقامات، مشكل جدّاً
(2). الامام الخميني: محلّ تأمّل
(3). الخوئي: تقدّم أن هذا الشرط في نفسه باطل و لو كان عقد الشركة صحيحاً
(4). الگلپايگاني: على فرض صحّته
(5). الگلپايگاني: إذا تبيّن بطلان عقد الشركة من حين وقوعه مع كون العاقد الشريك واجداً للشرائط، فالمعاملات الواقعة قبل تبيّن البطلان محكومة بالصحّة كما في المتن؛ و الظاهر أنّ المقصود من العبارة هو ذلك و إن كانت قاصرة
(6). مكارم الشيرازي: بل المعاملات الواقعة بعده أيضاً كذلك، إذا لم يعتن المتعاقدان بالفساد
(7). الگلپايگاني: لا وجه لُاجرة المثل فيما وقع فضوليّاً و لو بعد الإجازة، بل مطلقاً فيما يكون متبرّعاً به؛ نعم، فيما جعلا شيئاً بإزاء العمل و لم يكن الإذن مقيّداً بالصحّة فله الاجرة المسمّاة فيما إذا كان التراضي بها غير مقيّد و اجرة المثل في المقيّد بالصحّة
مكارم الشيرازي: إنّما يستحقّ اجرة المثل إذا لم يكن متبرّعاً بعمله، بأن جعلا في مقابل العمل شيئاً و مجرّد الدواعي غير كافية
العروة الوثقى مع التعليقات، ج2، ص: 628
ادّعى أنّه اشتراه بالشركة و قال الآخر أنّه اشتراه لنفسه، فإنّه يقدّم قوله أيضاً، لأنّه أعرف و لأنّه أمين (1).
______________________________
(1). مكارم الشيرازي: إلّا أن يكون ظاهر حاله كون الاشتراء للشركة، كما إذا كان من طرق سائر ما يشتري للشركة و أعطى ثمنه من مالها، و إن اشتراه في الذمّة فقبول قوله حينئذٍ مشكل و الأحوط التصالح
العروة الوثقى مع التعليقات، ج2، ص: 629