فصل من المحرّمات الأبديّة: التزويج حال الإحرام برو به برنامه

لا يجوز للمحرم أن يتزوّج امرأة محرمة أو محلّة، سواء كان بالمباشرة أو بالتوكيل مع إجراء الوكيل العقد حال الإحرام، سواء كان الوكيل محرماً أو محلًاّ و كانت الوكالة قبل الإحرام أو حاله (2)؛ و كذا لو كان بإجازة عقد الفضوليّ (3) الواقع حال الإحرام أو قبله، مع كونها حاله، بناءً على النقل، بل على الكشف (4) الحكميّ، بل الأحوط مطلقاً. و لا إشكال في بطلان النكاح في الصور المذكورة. و إن كان مع العلم بالحرمة حرمت الزوجة عليه أبداً؛ سواء دخل بها أو لا (5)، و إن كان مع الجهل بها لم تحرم عليه على الأقوى، دخل بها أو‌

______________________________
(1). الخوئي: ليس للأولويّة وجه يعتدّ به‌

(2). مكارم الشيرازي: إذا كانت الوكالة مطلقة و لم تكن ناظرة إلى حال الإحرام إلّا من باب شمول العنوان، فالحكم بالحرمة الأبديّة حينئذٍ مشكل جدّاً، لا سيّما مع جهل الوكيل بالإحرام؛ و ذلك لعدم إطلاق في روايات الباب، بعد عدم إقدام الموكّل على خصوص عنوان التزويج في حال الإحرام؛ فتأمّل. بل لقائل أن يقول: لو وكّله على التزويج في خصوص حال الإحرام، كانت الوكالة باطلة، و مع بطلانها لا أثر لهذه الوكالة الباطلة في التحريم‌

(3). مكارم الشيرازي: لا وجه للاحتياط بالنسبة إلى الكشف الحقيقي؛ فإنّ معناه كون الإجازة كاشفة عن وقوع العقد و تحقّق الزوجيّة قبل الإحرام؛ اللّهم إلّا أن يقال: إنّ الحكم هنا لا يختصّ بإحداث التزويج حال الإحرام، بل يشمل كلّ عمل له ربط بحدوث الزوجيّة مثل الإجازة على الكشف الحقيقي، و فيه منع واضح؛ و لكنّ الكلام بعد في صحّة الكشف الحقيقي‌

(4). الامام الخميني: على الأحوط فيه‌

(5). مكارم الشيرازي: قد يقال: إنّه إذا كان جاهلًا و دخل بها، حرمت أبداً أيضاً، كما عن الشيخ و ابن إدريس و السيّد أبي المكارم الشيرازي و غير واحد من قدماء الأصحاب. و الظاهر أنّ دليلهم عليه إطلاق الأخبار الدالّة على الحرمة (مثل الحديث 1 و 2، من الباب 15 من أبواب تروك الإحرام) و قيامها على تزويج ذات العدّة؛ لكنّ الأخير واضح الضعف، و الأخبار المطلقة مقيّدة بما دلّ على اعتبار العلم (مثل الحديث 1، من الباب 31 من المصاهرة؛ و ظاهره أنّه أخبار ثلاثة رواها زرارة و داود بن سرحان و أديم بيّاع الهروي) مع شهرة العمل بها‌

العروة الوثقى مع التعليقات، ج‌2، ص: 795‌

لم يدخل، لكنّ العقد باطل على أىّ حال. بل لو كان المباشر للعقد محرماً بطل و إن كان من له العقد محلًاّ. و لو كان الزوج محلًاّ و كانت الزوجة محرمة فلا إشكال في بطلان العقد، لكن هل يوجب الحرمة (1) الأبديّة؟ فيه قولان؛ الأحوط الحرمة، بل لا يخلو عن قوّة (2). و لا فرق في البطلان و التحريم الأبديّ بين أن يكون الإحرام لحجّ واجب أو مندوب أو لعمرة واجبة أو مندوبة، و لا في النكاح بين الدوام و المتعة.

مسألة 1: لو تزوّج في حال الإحرام مع العلم بالحكم، لكن كان غافلًا عن كونه محرماً أو ناسياً له، فلا إشكال في بطلانه، لكن في كونه محرّماً أبداً إشكال، و الأحوط ذلك (3).

مسألة 2: لا يلحق وطي زوجته الدائمة أو المنقطعة حال الإحرام بالتزويج في التحريم الأبديّ، فلا يوجبه و إن كان مع العلم بالحرمة و العقد.

مسألة 3: لو تزوّج في حال الإحرام و لكن كان باطلًا من غير جهة الإحرام كتزويج اخت الزوجة أو الخامسة، هل يوجب التحريم أو لا؟ الظاهر ذلك (4)، لصدق‌

______________________________
(1). الگلپايگاني: الظاهر أنّ مناط الحكم في المسألتين واحد، لأنّ المذكور في الروايات ليس إلّا المحرم، فإن كان محمولًا على الجنس يحمل عليه في كلا الحكمين و ذكر الرجل في بعض الأخبار يحمل على كونه من باب المثال و إن اخذ بالمتيقّن من المحرم و هو الرجل فالمتيقّن بطلان عقد المحرم دون المحرمة، و الأقوى ما في المتن كما صرّح به في الخلاف مستدلًاّ بالأخبار و الإجماع منه‌

(2). مكارم الشيرازي: لا يُترك هذا الاحتياط و إن كان القوّة محلّ إشكال‌

(3). الخوئي: لا بأس بتركه‌

مكارم الشيرازي: لا ينبغي الإشكال في عدم الحرمة؛ و ذلك لعدم صدق قوله: «المحرم إذا تزوّج و هو يعلم أنّه حرام عليه، لم تحلّ له أبداً» (الوارد في رواية 1، من الباب 31 من المصاهرة) عليه، لأنّ ظاهره العلم بالحرمة عليه فعلًا، و هو لا يتمّ إلّا بالعلم بالصغرى و الكبرى (الموضوع و الحكم) معاً، فالاحتياط فيه مستحبّ‌

(4). الخوئي: فيه إشكال، و الأظهر عدم التحريم، و قد مرّ منه قدس سره الإشكال في نظيره في الفصل السابق‌

مكارم الشيرازي: بل الظاهر عدم الحرمة، لانصراف أدلّتها إلى تزويج الصحيح من جميع الجهات، عدا كونه في الإحرام؛ سواء قلنا بالصحيح أو بالأعمّ، لأنّ الانصراف إلى صحيح ثابت على كلّ حال، فيبقى الحكم على مقتضى الأصل و هو الصحّة؛ و أمّا ما رواه حكم بن عيينة (الحديث 15، من الباب 17 من أبواب المصاهرة) فلا دخل له بالمقام‌

العروة الوثقى مع التعليقات، ج‌2، ص: 796‌

التزويج (1)، فيشمله (2) الأخبار؛ نعم، لو كان بطلانه لفقد بعض الأركان، بحيث لا يصدق عليه التزويج، لم يوجب.

مسألة 4: لو شكّ في أنّ تزويجه هل كان في الإحرام أو قبله؟ بنى على (3) عدم كونه فيه، بل و كذا لو شكّ في أنّه كان في حال الإحرام أو بعده على إشكال (4)؛ و حينئذٍ فلو اختلف الزوجان في وقوعه حاله أو حال الإحلال سابقاً أو لاحقاً قدّم قول من يدّعي الصحّة، من غير فرق بين جهل التاريخين أو العلم بتاريخ أحدهما؛ نعم، لو كان محرماً و شكّ في أنّه أحلّ من إحرامه أم لا، لا يجوز له التزويج، فإن تزوّج مع ذلك بطل و حرمت عليه (5) أبداً، كما هو مقتضى استصحاب بقاء الإحرام.

مسألة 5: إذا تزوّج حال الإحرام عالماً بالحكم و الموضوع، ثمّ انكشف فساد إحرامه، صحّ العقد و لم يوجب الحرمة؛ نعم، لو كان إحرامه صحيحاً فأفسده (6) ثمّ تزوّج، ففيه وجهان (7)؛ من أنّه قد فسد (8)، و من معاملته معاملة الصحيح في جميع أحكامه.

مسألة 6: يجوز للمحرم الرجوع في الطلاق في العدّة الرجعيّة، و كذا تملّك الإماء.

مسألة 7: يجوز للمحرم أن يوكّل محلًاّ في أن يزوّجه بعد إحلاله، و كذا يجوز له أن يوكّل‌

______________________________
(1). الگلپايگاني: و ربّما يستأنس ذلك ممّا رواه في التهذيب عن حكم بن عيينة، قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن محرم تزوّج امرأة في عدّتها قال عليه السلام: «يفرّق بينهما و لا تحلّ له أبداً» و إن كان الفرق بين المسألتين واضحاً‌

(2). الامام الخميني: فيه إشكال‌

(3). الامام الخميني: أي بنى على صحّته، و كذا فيما يتلوه على الأقوى‌

(4). الخوئي: لكنّه ضعيف‌

(5). الامام الخميني: مع علمه بالحرمة، و إنّما تكون الحرمة في الظاهر ما لم ينكشف الخلاف‌

(6). الامام الخميني: لكنّه فرض غير واقع. و ما هو محلّ الكلام هو فساد الحجّ في بعض الموارد، لا فساد الإحرام، فإنّ الظاهر عدم فساده مع فساد الحجّ‌

(7). الخوئي: أظهرهما الثاني فيما إذا كان الإفساد بجماع أو نحوه؛ و أمّا إذا كان بترك أعمال الحجّ أو العمرة بحيث لا يتمكّن من الإتيان بها بعد ذلك، فالأظهر هو الأوّل‌

(8). الگلپايگاني: هذا على القول بفساد الحجّ و فساد الإحرام بفساده؛ أمّا على القول بعدم فساد الحجّ، كما هو الظاهر من بعض الأخبار أو عدم فساد الإحرام بفساده، فالوجه الثاني هو المتعيّن‌

العروة الوثقى مع التعليقات، ج‌2، ص: 797‌

محرماً في أن يزوّجه بعد إحلالهما.

مسألة 8: لو زوّجه فضوليّ في حال إحرامه لم يجز له إجازته في حال إحرامه. و هل له ذلك بعد إحلاله؟ الأحوط العدم (1) و لو على القول بالنقل، هذا إذا كان الفضوليّ محلًاّ، و إلّا فعقده باطل (2) لا يقبل الإجازة و لو كان المعقود له محلًاّ.

Begin WebGozar.com Counter code End WebGozar.com Counter code