مسألة 1: يستحبّ قبل الشروع في الإحرام امور:
أحدها: توفير شعر الرأس، بل و اللحية لإحرام الحجّ مطلقاً، لا خصوص التمتّع كما يظهر من بعضهم، لإطلاق الأخبار، من أوّل ذي القعدة؛ بمعنى عدم إزالة شعرهما، لجملة من الأخبار و هي و إن كانت ظاهرة في الوجوب، إلّا أنّها محمولة على الاستحباب لجملة اخرى من الأخبار ظاهرة فيه؛ فالقول بالوجوب كما هو ظاهر جماعة ضعيف و إن كان لا ينبغي ترك الاحتياط كما لا ينبغي ترك الاحتياط بإهراق دم لو أزال شعر رأسه بالحلق، حيث يظهر من بعضهم وجوبه أيضاً لخبر محمول على الاستحباب (4) أو على ما إذا كان في حال الإحرام. و يستحبّ التوفير للعمرة شهراً.
الثاني: قصّ الأظفار و الأخذ من الشارب و إزالة شعر الإبط و العانة بالطلي أو الحلق أو النَّتف، و الأفضل الأوّل ثمّ الثاني (5)، و لو كان مطليّاً قبله يستحبّ له الإعادة و إن لم يمض خمسة عشر يوماً. و يستحبّ أيضاً إزالة الأوساخ من الجسد، لفحوى ما دلّ على
______________________________
(1). الخوئي: لا يبعد صحّة إحرامه الأوّل إذا كان حينه أيضاً غير متمكّن من الرجوع إلى مكّة
(2). مكارم الشيرازي: و العمدة فيه هي مرسلة جميل المنجبرة بعمل المشهور و فتوى المُعظم، و قد يستشكل بالنسبة إلى العمرة المفردة لعدم شمولها له، و لكنّ الإنصاف أنّها إذا شملت الحجّ و عمرة التمتّع فشمولها للعمرة المفردة بطريق أولى
(3). الخوئي: في صحّة العمرة مع ترك إحرامها نسياناً أو جهلًا إشكال
(4). الخوئي: الخبر صحيح و ظاهره وجوب الدم على الحالق رأسه بمكّة إذا كان متمتّعاً و كان ذلك فيما بعد شهر شوّال، فهو أجنبيّ عن محلّ الكلام
(5). مكارم الشيرازي: يأتي بذلك رجاءً، لعدم وضوح مأخذه؛ و كذا ما بعده من استحباب الإعادة
العروة الوثقى مع التعليقات، ج2، ص: 454
المذكورات؛ و كذا يستحبّ الاستياك.
الثالث: الغسل للإحرام في الميقات، و مع العذر عنه التيمّم (1)، و يجوز تقديمه على الميقات مع خوف إعواز الماء، بل الأقوى جوازه مع عدم الخوف أيضاً، و الأحوط الإعادة في الميقات (2)، و يكفي الغسل من أوّل النهار إلى الليل و من أوّل الليل إلى النهار، بل الأقوى كفاية غسل اليوم إلى آخر الليل و بالعكس، و إذا أحدث بعدها قبل الإحرام يستحبّ إعادته خصوصاً في النوم (3)، كما أنّ الأولى إعادته (4) إذا أكل أو لبس ما لا يجوز أكله أو لبسه للمحرم، بل و كذا لو تطيّب، بل الأولى ذلك في جميع تروك الإحرام؛ فلو أتى بواحد منها بعدها قبل الإحرام، الأولى إعادته، و لو أحرم بغير غسل أتى به و أعاد صورة الإحرام (5)؛ سواء تركه عالماً عامداً أو جاهلًا أو ناسياً، و لكن إحرامه الأوّل صحيح باقٍ على حاله، فلو أتى بما يوجب الكفّارة بعده و قبل الإعادة وجبت عليه.
و يستحبّ أن يقول عند الغسل أو بعده: بسم اللّٰهِ و باللّٰهِ (6)، اللّٰهمّ اجعَلهُ لي نوراً و
________________________________________
يزدى، سيد محمد كاظم طباطبايى، العروة الوثقى مع التعليقات، دو جلد، انتشارات مدرسه امام على بن ابى طالب عليه السلام، قم - إيران، اول، 1428 ه ق
العروة الوثقى مع التعليقات؛ ج2، ص: 454
______________________________
(1). الامام الخميني: يأتي به رجاءً
الگلپايگاني: الأحوط إتيانه رجاءً و الغسل عند التمكّن و إعادة صورة الإحرام، كما لو أحرم بغير غسل
مكارم الشيرازي: يأتي بالتيمّم رجاءً، لعدم وضوح شمول أدلّة بدليّة التيمّم للأغسال المستحبّة كلّها؛ و كذا بالنسبة إلى الفروع الآتية للغسل و إعادته، فإنّه يأتي به رجاءً
(2). مكارم الشيرازي: بل الأفضل أيضاً، لما ورد من التصريح بالإعادة في بعض الروايات المعتبرة، مثل ما رواه هشام بن صالح على ما في طريق الصدوق، حيث قال: «لا عليكم أن تغتسلوا إذا وجدتم ماءً إذا بلغتم ذا الحليفة» (2 و 4/ 8 من أبواب الإحرام). و القول بأنّه لا يستفاد منه سوى الإباحة، مدفوع بأنّ الغسل عبادة و جوازها دليل على رجحانها
(3). الامام الخميني: بل في غير النوم محلّ تأمّل، و لا بأس بالإتيان به رجاءً
(4). الامام الخميني: يأتي به رجاءً
(5). مكارم الشيرازي: رجاءً؛ و الوجه في ذلك أنّ الخروج عن الإحرام لم يثبت في الشرع إلّا بالإتيان بمناسكه ثمّ التقصير؛ نعم، ظاهر رواية حسين بن سعيد عن أخيه الحسن إعادة الإحرام الملازم للخروج عنه بمجرّد النيّة، و الرواية و إن كانت معتبرة و لكنّها شاذّ فيما يستفاد منه، و الاعتماد عليها في مثل هذا الحكم مشكل جدّاً، و لذا لم يوافق أحد من المحشّين على العروة فيما رأيناه على ذلك، بل على إعادة صورة الإحرام
(6). مكارم الشيرازي: رجاءً أو بقصد الدعاء المطلق، لأنّه ورد في كلام الصدوق من غير إسناد إلى المعصومين عليهم السلام؛ نعم، من البعيد أن لا يكون موجوداً في رواية، و لكن حيث لم تصل إلينا لا يكون سندها معتبراً عندنا؛ و قد ذكرنا غير مرّة أنّ التسامح في أدلّة السنن غير ثابتة عندنا
العروة الوثقى مع التعليقات، ج2، ص: 455
طهوراً و حرزاً و أمناً من كلّ خوفٍ و شِفٰاءً من كلّ داءٍ و سُقمٍ، اللّٰهُمّ طَهّرْني و طَهّرْ قَلبي و اشرَح لي صَدري و أجْرِ عَلى لِساني محَبّتَكَ و مِدْحَتَكَ و الثناءَ عَلَيْكَ فإنّه لا قوّة إلّا بكَ و قَد عَلِمتُ أنّ قَوامَ ديني التسليمُ لَكَ و الاتّباعُ لِسُنّةِ نَبيّكَ صَلواتُكَ عَلَيهِ و آلهِ».
الرابع: أن يكون الإحرام عقيب صلاة فريضة أو نافلة؛ و قيل بوجوب ذلك (1)، لجملة من الأخبار الظاهرة فيه، المحمولة على الندب للاختلاف الواقع بينها و اشتمالها على خصوصيّات غير واجبة، و الأولى أن يكون بعد صلاة الظهر في غير إحرام حجّ التمتّع، فإنّ الأفضل فيه أن يصلّى الظهر بمنى، و إن لم يكن في وقت الظهر فبَعد صلاة فريضة اخرى حاضرة، و إن لم يكن فمقضيّة (2)، و إلّا فعقيب صلاة النافلة.
الخامس: صلاة ستّ ركعات أو أربع ركعات أو ركعتين للإحرام، و الأولى الإتيان بها مقدّماً على الفريضة (3)، و يجوز إتيانها في أىّ وقت كان بلا كراهة حتّى في الأوقات المكروهة و في وقت الفريضة حتّى على القول بعدم جواز النافلة لمن عليه فريضة، لخصوص الأخبار
______________________________
(1). الگلپايگاني: و الأحوط عدم تركه
مكارم الشيرازي: القائل هو الإسكافي فيما حكي عنه، و لم نر قولًا بالوجوب لغيره، إلّا أنّ غير واحد من أعلام المحشّين نصّوا على عدم ترك الاحتياط هنا و إن كان أكثرهم وافقوا المشهور في الاستحباب. و العمدة في القول بالوجوب أو الاحتياط المطلق هو صحيحة معاوية بن عمّار (1/ 18 من أبواب الإحرام و 5/ 18 منه) و لكن له رواية اخرى مشتملة على مستحبّات كثيرة (1/ 16 من أبواب الإحرام) و من المحتمل قريباً كون الجميع رواية واحدة و لا أقلّ من أنّه لا ظهور لها في التعدّد، و معه يشكل الأخذ بظهور الاولى في الاستقلال، و يؤيّده فهم المشهور
(2). مكارم الشيرازي: لا دليل على كفاية صلاة القضاء إلّا إطلاق الفريضة أو المكتوبة الوارد في روايات الباب، و لكن شمولها للقضاء مشكل جدّاً، كما يظهر بمراجعة (رواية 5/ 18 من أبواب الإحرام) فالأولى الاكتفاء بالنافلة حينئذٍ
(3). مكارم الشيرازي: الجمع بينها و بين الفريضة لا يخلو عن إشكال، بل لعلّ ظاهر الأخبار التخيير بين كون الإحرام عقيب الفريضة أو عقيب النافلة، فراجع ما رواه عمر بن يزيد (3/ 18 من أبواب الإحرام) و ما رواه معاوية بن عمّار عن الصادق عليه السلام قال: «لا يكون الإحرام إلّا في دَبر صلاة مكتوبة أو نافلة فإن كانت مكتوبة أحرمت في دَبرها بعد التسليم و إن كانت نافلة صلّيت ركعتين و أحرمت في دَبرهما» (1/ 16 منه)
العروة الوثقى مع التعليقات، ج2، ص: 456
الواردة في المقام؛ و الاولى، أن يقرأ في الركعة الاولى بعد الحمد (1) التوحيد و في الثانية الجحد، لا العكس كما قيل.
مسألة 2: يكره للمرأة إذا أرادت الإحرام أن تستعمل الحنّاء إذا كان يبقى أثره (2) إلى ما بعده مع قصد الزينة، بل لا معه أيضاً إذا كان يحصل به الزينة و إن لم تقصدها، بل قيل بحرمته، فالأحوط تركه و إن كان الأقوى عدمها. و الرواية مختصّة بالمرأة، لكنّهم ألحقوا بها الرجل أيضاً لقاعدة الاشتراك، و لا بأس به. و أمّا استعماله مع عدم إرادة الإحرام فلا بأس به و إن بقي أثره، و لا بأس بعدم إزالته و إن كانت ممكنة.