الخامس: ربما يقال: إنّه يشترط فيه أن يكون مجموع عمرته و حجّه من واحد و عن واحد برو به برنامه

الخامس: ربما يقال (6): إنّه يشترط فيه أن يكون مجموع عمرته و حجّه من واحد و عن واحد (7)؛ فلو استؤجر اثنان لحجّ التمتّع عن ميّت، أحدهما لعمرته و الاخرى لحجّه، لم يجز عنه،

______________________________
(1). الخوئي: الرواية و إن كانت معتبرة سنداً، إلّا أنّها لمعارضتها مع ما تقدّم من الأخبار لا يمكن الاعتماد عليها، على أنّها مشوّشة المتن‌

(2). مكارم الشيرازي: هذا الحمل بعيد جدّاً في خبر إسحاق (و هو الحديث 8/ 22 من أقسام الحجّ) لأنّه كالصريح في أنّ الإحرام كان للحجّ لا للعمرة، كما يظهر بالتأمّل في سؤال الراوي و جواب الإمام عليه السلام؛ نعم، يمكن حمله على التقيّة أو غير ذلك من المحامل‌

(3). الخوئي: الخبر صحيح سنداً‌

(4). الامام الخميني: أي قد يقال بالتخيير بين المقام و تحت الميزاب، كما عن جماعة‌

(5). الخوئي: لا يبعد جواز الاكتفاء بإحرامه إذا كان حينه أيضاً غير متمكّن من الرجوع إلى مكّة‌

(6). الامام الخميني: و هو الأقوى؛ و الظاهر أنّ صحيحة محمّد بن مسلم إنّما هي في المستحبّ ممّا ورد فيه جواز التشريك بين الاثنين و الجماعة و سوق السؤال يشهد بذلك، فإنّ الظاهر أنّه سئل عمّن يحجّ عن أبيه أ يحجّ متمتّعاً أو لا، فأجاب بأفضليّة التمتّع و إمكان جعل حجّه لأبيه و عمرته لنفسه، و هو في المستحبّات، و إلّا ففي المفروض لا بدّ من الإتيان حسب ما فات منه‌

(7). مكارم الشيرازي: و هذا هو الأقوى، لظهور روايات التمتّع في كون العمرة و الحجّ فيه أمراً واحداً، فلا يصحّ جعلها لشخصين، و عدم ظهور روايات النيابة في جواز نيابة شخصين عن واحد، أحدهما في عمرته و الآخر في حجّه و حيث لا إطلاق فيها فلا يجوز ذلك‌

العروة الوثقى مع التعليقات، ج‌2، ص: 427‌

و كذا لو حجّ شخص و جعل عمرته عن شخص و حجّه عن آخر لم يصحّ؛ و لكنّه محلّ تأمّل (1)، بل ربما يظهر من خبر محمّد بن مسلم (2) عن أبي جعفر عليه السلام صحّة الثاني (3)، حيث قال:

سألته عن رجل يحجّ عن أبيه أ يتمتّع؟ قال: «نعم، المتعة له و الحجّ عن أبيه».

مسألة 2: المشهور أنّه لا يجوز الخروج من مكّة بعد الإحلال من عمرة التمتّع قبل أن يأتي بالحجّ، و أنّه إذا أراد ذلك، عليه أن يحرم بالحجّ فيخرج محرماً به، و إن خرج محلًاّ و رجع بعد شهر فعليه أن يحرم بالعمرة، و ذلك لجملة من الأخبار الناهية للخروج و الدالّة على أنّه مرتهن و محتبس بالحجّ و الدالّة على أنّه لو أراد الخروج خرج ملبّياً بالحجّ و الدالّة على أنّه لو خرج محلًاّ فإن رجع في شهره دخل محلًاّ و إن رجع في غير شهره دخل محرماً، و الأقوى عدم حرمة (4) الخروج (5) و جوازه محلًاّ، حملًا للأخبار على الكراهة، كما عن ابن‌

______________________________
(1). الگلپايگاني: لا وجه للتأمّل فيه، و الخبر واضحة الدلالة مع عدم ظهور عامل به‌

(2). الخوئي: لا يظهر منه ذلك، و الأحوط إن لم يكن أقوى عدم جواز التبعيض؛ نعم، لا بأس بالتمتّع عن الامّ و الحجّ عن الأب و لا ذبح فيه للنصّ و لا يتعدّى عن مورده‌

(3). مكارم الشيرازي: لا دلالة للرواية، لأنّ قوله عليه السلام: «المتعة له و الحجّ عن أبيه» لا يدلّ على ما أراده، بل الظاهر أنّ المراد منه كون تفاوت ثواب التمتّع و غيره له و ثواب الحجّ لأبيه، مضافاً إلى عدم ظهور القول به من أحد‌

(4). الامام الخميني: الأحوط عدم الخروج بلا حاجة، و معها يخرج محرماً بالحجّ على الأحوط و يرجع محرماً لأعمال الحجّ‌

(5). الگلپايگاني: هذا مع الحاجة؛ و أمّا مع عدم الحاجة فالأقوى الحرمة‌

الخوئي: بل لا يبعد الحرمة، و ما استدلّ به على الجواز لا يتمّ‌

مكارم الشيرازي: بل الأحوط ترك الخروج إلّا مع الضرورة، فحينئذٍ يخرج محرماً. و العمدة في ذلك هي صحيحة الحلبي (7/ 22 من أقسام الحجّ) و فيها التعبير ب‍ «ما احبّ أن يخرج منها إلّا محرماً و لا يتجاوز الطائف، أنّها قريبة من مكّة» فإنّ التعبير بقوله «لا احبّ» و قوله «أنّها قريبة من مكّة» قرينة على الكراهة و أنّ الحكم إنّما هو للتحفّظ على الحجّ، لكن لا يبعد أن يكون منصرفاً إلى الحاجة و لو لم تبلغ حدّ الضرورة، لأنّ السفر لا سيّما في تلك الأزمنة كان للحاجة غالباً، و أمّا غير هذه الصحيحة فهي مؤيّدات للمقصود (راجع باب 22 من أبواب أقسام الحجّ) و لكن مع ذلك لا يُترك الاحتياط بترك الخروج، لإطلاق الأخبار الناهية عن ذلك‌

العروة الوثقى مع التعليقات، ج‌2، ص: 428‌

إدريس و جماعة اخرى بقرينة التعبير ب‍ «لا أُحبّ» في بعض تلك الأخبار (1)؛ و قوله عليه السلام في مرسلة الصدوق: «إذا أراد المتمتّع الخروج من مكّة إلى بعض المواضع فليس له ذلك»، لأنّه مرتبط بالحجّ حتّى يقضيه، إلّا أن يعلم أنّه لا يفوته الحجّ؛ و نحوه الرضويّ، بل و قوله عليه السلام في مرسل أبان: «و لا يتجاوز إلّا على قدر ما لا تفوته عرفة»، إذ هو و إن كان بعد قوله: «فيخرج محرماً»، إلّا أنّه يمكن أن يستفاد منه أنّ المدار فوت الحجّ و عدمه، بل يمكن أن يقال: إنّ المنساق من جميع الأخبار المانعة أنّ ذلك للتحفّظ عن عدم إدراك الحجّ و فوته، لكون الخروج في معرض ذلك، و على هذا فيمكن دعوى عدم الكراهة أيضاً مع علمه بعدم فوات الحجّ منه (2)؛ نعم، لا يجوز الخروج لا بنيّة العود أو مع العلم بفوات الحجّ منه إذا خرج.

ثمّ الظاهر أنّ الأمر بالإحرام إذا كان رجوعه بعد شهر إنّما هو من جهة أنّ لكلّ شهر عمرة، لا أن يكون ذلك تعبّداً أو لفساد عمرته السابقة أو لأجل وجوب الإحرام على من دخل مكّة، بل هو صريح (3) خبر إسحاق بن عمّار، قال: سألت أبا الحسن عليه السلام عن المتمتّع يجي‌ء فيقضي متعته ثمّ تبدو له حاجة فيخرج إلى المدينة أو إلى ذات عرق أو إلى بعض‌

______________________________
(1). الامام الخميني: هي صحيحة الحلبي قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يتمتّع بالعمرة إلى الحجّ يريد الخروج إلى الطائف قال: «يهلّ بالحجّ من مكّة، و ما احبّ أن يخرج منها إلّا محرماً، و لا يتجاوز الطائف، أنّها قريبة من مكّة» فهذه دلّت على جواز الخروج مطلقاً و لو لم يعرضه حاجة، و دعوى: أنّ الخروج في هذا الموقع لا يكون إلّا لحاجة لا محالة ممنوعة، و إذا أراد الخروج يكون الإحرام غير واجب، لقوله: «ما احبّ»، و قوله: «لا يتجاوز الطائف أنّها قريبة» دليل على أنّ النهي إرشادي لا مولوي، فهذه الصحيحة و إن دلّت بوجوه على خلاف قول المشهور و يمكن استفادة الإرشاديّة من بعض روايات الباب غيرها أيضاً، و لهذا لا يبعد المصير إلى قول الماتن، لكن لا يُترك الاحتياط المتقدّم مع ذلك‌

(2). مكارم الشيرازي: لا يخلو عن إشكال، لأنّه يمكن أن يكون هذا من قبيل الحكمة لا العلّة، فلا يدور الحكم مداره‌

(3). الامام الخميني: لكن في صحيحة حمّاد بن عيسى عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: «إن رجع في شهره دخل مكّة بغير إحرام و إن دخل في غير الشهر دخل محرماً» قلت: فأىّ الإحرامين و المتعتين؛ متعته الاولى أو الأخيرة؟ قال: «الأخيرة هي عمرته و هي المحتبس بها الّتي وصلت بحجّته» فهذه تدلّ على أنّ العمرة الاولى خرجت عن قابليّة لحوقها بالحجّ، فيكون إنشاء العمرة بعد شهر للحوقها بالحجّ و حصول الارتباط بينهما، و يحتمل أن تكون العمرة الثانية موجبة لذلك، فلو لم يأت بها و لو عصياناً بقيت الاولى عمرة له، و على أىّ حال لا يجوز الدخول بعد شهر بغير إحرام في غير موارد الاستثناء، و الأحوط أن يأتي بها بقصد ما في الذمّة‌

العروة الوثقى مع التعليقات، ج‌2، ص: 429‌

المنازل، قال عليه السلام: «يرجع إلى مكّة بعمرة إن كان في غير الشهر الّذي تمتّع فيه، لأنّ لكلّ شهر عمرة، و هو مرتهن بالحجّ ... الخ». و حينئذٍ فيكون الحكم بالإحرام إذا رجع بعد شهر على وجه الاستحباب لا الوجوب، لأنّ العمرة الّتي هي وظيفة كلّ شهر ليست واجبة (1)، لكن في جملة من الأخبار كون المدار على الدخول في شهر الخروج أو بعده، كصحيحتي حمّاد و حفص بن البختري (2) و مرسلة الصدوق و الرضويّ، و ظاهرها الوجوب، إلّا أن تحمل على الغالب، من كون الخروج بعد العمرة بلا فصل، لكنّه بعيد، فلا يُترك الاحتياط بالإحرام إذا كان الدخول في غير شهر الخروج (3)، بل القدر المتيقّن من جواز الدخول محلًاّ صورة كونه قبل مضيّ شهر من حين الإهلال، أي الشروع في إحرام العمرة و الإحلال منها و من حين الخروج، إذ الاحتمالات في الشهر ثلاثة و ثلاثين يوماً من حين الإهلال و ثلاثين من حين الإحلال بمقتضى خبر إسحاق بن عمّار، و ثلاثين من حين الخروج بمقتضى هذه الأخبار، بل من حيث احتمال (4) كون المراد من الشهر في الأخبار هنا و الأخبار الدالّة على أنّ لكلّ شهر عمرة الأشهر الاثنى عشر المعروفة، لا بمعنى ثلاثين يوماً، و لازم ذلك أنّه إذا كانت عمرته‌

______________________________
(1). الخوئي: نعم، و لكنّ الإحرام لدخول مكّة واجب إذا كان بعد شهره، و قد صرّح في صحيحة حمّاد بن عيسى بأنّ العمرة الاولى لاغية و لا تكون عمرة التمتّع و إنّما التمتّع بالعمرة الثانية‌

مكارم الشيرازي: قد عرفت في المسألة الثالثة من أقسام العمرة أنّه لا يجوز دخول مكّة إلّا محرماً و أنّه يستثنى من ذلك من دخل في الشهر الّذي خرج فيه، فاستصحاب العمرة في ذاتها لا ينافي وجوبها من حيث دخول مكّة؛ و منه يظهر أنّ قوله عليه السلام في رواية إسحاق بن عمّار: «إنّ لكلّ شهر عمرة» لا ينافي ما ذكرنا، بل يؤكّده‌

(2). الخوئي: ليس في صحيحة حفص تعرّض لذلك؛ و أمّا صحيحة حمّاد فالمذكور فيها الرجوع في شهره و الرجوع في غيره، فتحمل بقرينة موثّقة إسحاق على أنّ المراد بالشهر فيها هو الشهر الّذي اعتمر فيه‌

(3). مكارم الشيرازي: و الظاهر أنّ ما ذكره هنا من الحكم بالاحتياط مخالف لما ذكره في المسألة الثالثة من أقسام العمرة من الفتوى بوجوب دخول مكّة محرماً، و قد ذكر هناك أنّ الأقوى عدم اعتبار فصل بين العمرتين، فراجع. و ليعلم أنّ في نُسَخ العروة هنا اختلافاً كثيراً، و الصحيح من العبارة كما بعض النسخ المعتبرة هو: «كونه قبل مضيّ شهر من حين الإهلال، أي الشروع في إحرام العمرة لا الإحلال منها و لا من حين الخروج، إذ الاحتمالات في الشهر ثلاثة: ثلاثون يوماً من حين الإهلال، و ثلاثون من حين الإحلال ... و ثلاثون من حين الخروج»‌

(4). الخوئي: هذا الاحتمال هو الأظهر‌

العروة الوثقى مع التعليقات، ج‌2، ص: 430‌

في آخر شهر من هذه الشهور فخرج و دخل في شهر آخر أن يكون عليه عمرة، الأولى مراعاة الاحتياط (1) من هذه الجهة (2) أيضاً. و ظهر ممّا ذكرنا أنّ الاحتمالات ستّة؛ كون المدار على الإهلال، أو الإحلال، أو الخروج، و على التقادير، الشهر بمعنى ثلاثين يوماً أو أحد الأشهر المعروفة. و على أىّ حال إذا ترك الإحرام مع الدخول في شهر آخر و لو قلنا بحرمته، لا يكون موجباً لبطلان عمرته السابقة، فيصحّ حجّه بعدها (3).

ثمّ إنّ عدم جواز الخروج، على القول به، إنّما هو في غير حال الضرورة، بل مطلق الحاجة، و أمّا مع الضرورة أو الحاجة (4) مع كون الإحرام بالحجّ غير ممكن أو حرجاً عليه فلا إشكال فيه. و أيضاً الظاهر اختصاص المنع على القول به بالخروج إلى المواضع البعيدة (5)، فلا بأس بالخروج إلى فرسخ أو فرسخين، بل يمكن أن يقال باختصاصه بالخروج (6) إلى خارج الحرم و إن كان الأحوط خلافه (7).

ثمّ الظاهر أنّه لا فرق في المسألة بين الحجّ الواجب و المستحبّ، فلو نوى التمتّع مستحبّاً ثمّ أتى بعمرته يكون مرتهناً بالحجّ، و يكون حاله في الخروج محرماً أو محلًاّ و الدخول كذلك كالحجّ الواجب.

ثمّ إنّ سقوط وجوب الإحرام عمّن خرج محلًاّ و دخل قبل شهر، مختصّ بما إذا أتى بعمرة بقصد التمتّع (8)، و أمّا من لم يكن سبق منه عمرة فيلحقه حكم من دخل مكّة في حرمة دخوله‌

______________________________
(1). الگلپايگاني: لا يُترك الاحتياط من هذه الجهة أيضاً، لقوّة ذلك الاحتمال‌

(2). مكارم الشيرازي: لا يُترك الاحتياط من هذه الجهة، لإبهام المراد من روايات الباب‌

(3). الخوئي: تقدّم أنّ الاولى لا تكفي حينئذٍ للتمتّع‌

(4). الخوئي: جواز الخروج مع الحاجة غير الضروريّة إذا لم يتمكّن من الإحرام أو كان حرجيّاً محلّ إشكال، بل منع‌

(5). الامام الخميني: الأحوط عدم الخروج مطلقاً‌

مكارم الشيرازي: إن كان المراد به مقابل الخروج إلى فرسخ أو فرسخين، كما صرّح به في عبارته، فلا إشكال فيه لا سيّما في زماننا هذا، لعدم خوف فوت الحجّ المصرّح به في روايات الباب، بل قد يكون منازل الحجّاج خارج مكّة في موسم الحجّ، فالذهاب إليها و الرجوع لا يضرّ قطعاً، و كذا أشباهه‌

(6). الخوئي: بل الظاهر عدم جواز الخروج عن مكّة مطلقاً‌

(7). الگلپايگاني: لا يُترك فيما يصدق عليه الخروج من مكّة‌

(8). الخوئي: بل مطلقاً و لو مفردة‌

العروة الوثقى مع التعليقات، ج‌2، ص: 431‌

بغير الإحرام (1)، إلّا مثل الحطّاب و الحشّاش و نحوهما. و أيضاً سقوطه إذا كان بعد العمرة قبل شهر، إنّما هو على وجه الرخصة (2) بناءً على ما هو الأقوى (3) من عدم اشتراط فصل شهر بين العمرتين، فيجوز الدخول بإحرام قبل الشهر أيضاً؛ ثمّ إذا دخل بإحرام، فهل عمرة التمتّع هي العمرة الاولى أو الأخيرة؟ مقتضى حسنة حمّاد أنّها الأخيرة المتّصلة بالحجّ، و عليه لا يجب فيها طواف النساء، و هل يجب حينئذٍ في الاولى أو لا؟ وجهان؛ أقواهما نعم (4)، و الأحوط الإتيان بطوافٍ مردّدٍ بين كونه للُاولى أو الثانية. ثمّ الظاهر أنّه لا إشكال (5) في جواز الخروج في أثناء عمرة التمتّع قبل الإحلال منها.

مسألة 3: لا يجوز لمن وظيفته التمتّع أن يعدل إلى غيره من القسمين الأخيرين اختياراً؛ نعم، إن ضاق وقته عن إتمام العمرة و إدراك الحجّ، جاز له نقل النيّة إلى الإفراد و أن يأتي بالعمرة بعد الحجّ بلا خلاف و لا إشكال، و إنّما الكلام في حدّ الضيق المسوّغ لذلك؛ و اختلفوا فيه على أقوال:

أحدها: خوف فوات الاختياريّ من وقوف عرفة.

الثاني: فوات الركن من الوقوف الاختياريّ و هو المسمّى منه.

الثالث: فوات الاضطراريّ منه.

الرابع: زوال يوم التروية.

الخامس: غروبه.

______________________________
(1). مكارم الشيرازي: و كذا من سبق منه عمرة بغير قصد التمتّع بناءً على كون عنوان التمتّع من العناوين القصديّة؛ و أمّا على الاحتمال الّذي ذكرناه سابقاً من كونه من الامور الخارجيّة غير القصديّة، فلا‌

(2). الامام الخميني: مرّ الاحتياط فيه‌

الگلپايگاني: الأقوى أنّ السقوط قبل الشهر في المتمتّع عزيمة‌

مكارم الشيرازي: قد مرّ الإشكال فيه في المسألة (3) من فصل أقسام العمرة‌

(3). الخوئي: فيه إشكال؛ نعم، لا بأس به رجاءً‌

(4). الخوئي: فيه إشكال، بل منع‌

الگلپايگاني: بل الأقوى عدم الوجوب و إن كان الاحتياط حسناً‌

(5). الامام الخميني: فيه تأمّل‌

الخوئي: بل الظاهر عدم جوازه‌

العروة الوثقى مع التعليقات، ج‌2، ص: 432‌

السادس: زوال يوم عرفة.

السابع: التخيير بعد زوال يوم التروية بين العدول و الإتمام إذا لم يخف الفوت.

و المنشأ اختلاف الأخبار، فإنّها مختلفة أشدّ الاختلاف؛ و الأقوى أحد القولين الأوّلين، لجملة مستفيضة من تلك الأخبار، فإنّها يستفاد منها على اختلاف ألسنتها أنّ المناط في الإتمام عدم خوف فوت الوقوف بعرفة؛ منها قوله عليه السلام في رواية يعقوب بن شعيب الميثمي:

«لا بأس للمتمتّع إن لم يحرم من ليلة التروية متى ما تيسّر له، ما لم يخف فوات الموقفين» و في نسخة: «لا بأس للمتمتّع أن يحرم ليلة عرفة ... الخ». و أمّا الأخبار المحدّدة بزوال يوم التروية أو بغروبه أو بليلة عرفة أو سحرها، فمحمولة على صورة عدم إمكان الإدراك إلّا قبل هذه الأوقات، فإنّه مختلف باختلاف الأوقات و الأحوال و الأشخاص؛ و يمكن حملها على التقيّة إذا لم يخرجوا مع الناس يوم التروية، و يمكن كون الاختلاف لأجل التقيّة، كما في أخبار الأوقات للصلوات؛ و ربما تحمل على تفاوت مراتب أفراد المتعة في الفضل بعد التخصيص بالحجّ المندوب، فإنّ أفضل أنواع التمتّع أن تكون عمرته قبل ذي الحجّة، ثمّ ما تكون عمرته قبل يوم التروية، ثمّ ما يكون قبل يوم عرفة، مع أنّا لو أغمضنا عن الأخبار من جهة شدّة اختلافها و تعارضها نقول: مقتضى القاعدة هو ما ذكرنا، لأنّ المفروض أنّ الواجب عليه هو التمتّع، فما دام ممكناً لا يجوز العدول عنه، و القدر المسلّم من جواز العدول صورة عدم إمكان إدراك الحجّ، و اللّازم إدراك الاختياريّ من الوقوف، فإنّ كفاية الاضطراريّ منه خلاف الأصل.

يبقى الكلام في ترجيح أحد القولين الأوّلين، و لا يبعد رجحان أوّلهما (1)، بناءً على كون‌

______________________________
(1). الخوئي: بل الأرجح ثانيهما‌

مكارم الشيرازي: و هو كذلك و إن كان لا يخلو عن تأمّل، و ذلك لترجيح الروايات الدالّة عليه (فراجع أبواب 20 و 21 من أقسام الحجّ) مضافاً إلى أنّ مقتضى القاعدة ذلك؛ اللّهم إلّا أن يقال: الأمر هنا دائر بين المحذورين: أحدهما ترك تقديم العمرة على الحجّ، و الثاني ترك الواجب من الوقوف بعرفات و الاكتفاء بمقدار الركن و هو المسمّى؛ فإن لم يقم دليل على ترجيح أحدهما، فيتخيّر بين العدول إلى الإفراد فيقف بعرفات من أوّل الزوال و بين الإتيان بالعمرة تامّاً مع درك مسمّى الوقوف بعرفات الّذي هو الركن، و لكن مع ذلك لا يبعد ترجيح الأوّل و العدول لما في الوقوف بعرفات من الأهميّة الخاصّة في الحجّ، فإنّ عمدة الحجّ هي الوقوف بالموقفين و يمكن العمل بالاحتياط بأن يأتي بالعمرة تامّة ثمّ يدرك مسمّى الوقوف، و بعد تمام الحجّ يأتي بالعمرة أيضاً، فتأمّل‌

العروة الوثقى مع التعليقات، ج‌2، ص: 433‌

الواجب استيعاب تمام ما بين الزوال و الغروب بالوقوف و إن كان الركن هو المسمّى، و لكن مع ذلك لا يخلو عن إشكال، فإنّ من جملة الأخبار مرفوع سهل (1) عن أبي عبد اللّه عليه السلام في متمتّع دخل يوم عرفة، قال: «متعته تامّة إلى أن يقطع الناس تلبيتهم، حيث إنّ قطع التلبية بزوال يوم عرفة» و صحيحة جميل: «المتمتّع له المتعة إلى زوال الشمس من يوم عرفة، و له الحجّ إلى زوال الشمس من يوم النحر». و مقتضاهما كفاية إدراك مسمّى الوقوف الاختياريّ، فإنّ من البعيد إتمام العمرة قبل الزوال من عرفة و إدراك الناس في أوّل الزوال بعرفات، و أيضاً يصدق إدراك الموقف إذا أدركهم قبل الغروب إلّا أن يمنع الصدق فإنّ المنساق منه إدراك تمام الواجب، و يجاب عن المرفوعة و الصحيحة بالشذوذ (2) كما ادّعي؛ و قد يؤيّد القول الثالث و هو كفاية إدراك الاضطراريّ من عرفة، بالأخبار الدالّة على أنّ من يأتي بعد إفاضة الناس من عرفات و أدركها ليلة النحر تمّ حجّه؛ و فيه: أنّ موردها غير ما نحن فيه و هو عدم الإدراك من حيث هو، و فيما نحن فيه يمكن الإدراك، و المانع كونه في أثناء العمرة فلا يقاس بها؛ نعم، لو أتمّ عمرته في سعة الوقت ثمّ اتّفق أنّه لم يدرك الاختياريّ من الوقوف كفاه الاضطراريّ، و دخل في مورد تلك الأخبار، بل لا يبعد دخول من اعتقد سعة الوقت فأتمّ عمرته (3) ثمّ بان كون الوقت مضيّقاً في تلك الأخبار. ثمّ إنّ الظاهر عموم حكم المقام بالنسبة إلى الحجّ المندوب و شمول الأخبار له، فلو نوى التمتّع ندباً و ضاق وقته عن إتمام العمرة و إدراك الحجّ، جاز له العدول إلى الإفراد، و في وجوب العمرة بعده إشكال، و الأقوى عدم وجوبها (4). و لو علم من وظيفته التمتّع ضيق الوقت عن إتمام العمرة و إدراك‌

______________________________
(1). الگلپايگاني: و كذا خبر محمّد بن سرد أيضاً مشعر بذلك‌

(2). الامام الخميني: مع ضعف سند المرفوعة و احتمال كون المراد من الصحيحة و لو جمعاً أنّ المتمتّع له المتعة إلى إدراك زوال يوم عرفة مع الناس؛ و أمّا خبر محمّد بن سرد، فضعيف سنداً و دلالةً‌

(3). مكارم الشيرازي: لا يخلو عن إشكال، لأنّ الكلام في مشروعيّة هذه العمرة واقعاً و كون وظيفته التمتّع أو العدول، و مجرّد الاعتقاد غير مفيد هنا‌

(4). مكارم الشيرازي: بل ظاهر أخبار الباب وجوبه و لا أقلّ من عدم ترك الاحتياط فيه، لإطلاق أخبار الباب و عدم الفرق بين الحجّ الواجب و الندبي (فراجع الباب 21 من أبواب أقسام الحجّ)

العروة الوثقى مع التعليقات، ج‌2، ص: 434‌

الحجّ قبل أن يدخل في العمرة، هل يجوز له العدول من الأوّل إلى الإفراد؟ فيه إشكال و إن كان غير بعيد (1). و لو دخل في العمرة بنيّة التمتّع في سعة الوقت و أخّر الطواف و السعي متعمّداً إلى ضيق الوقت، ففي جواز العدول و كفايته إشكال (2)، و الأحوط العدول (3) و عدم الاكتفاء إذا كان الحجّ واجباً عليه.

مسألة 4: اختلفوا في الحائض و النفساء إذا ضاق وقتهما عن الطهر و إتمام العمرة و إدراك الحجّ، على أقوال:

أحدها: أنّ عليهما العدول إلى الإفراد (4)، و الإتمام ثمّ الإتيان بعمرة بعد الحجّ، لجملة من الأخبار.

الثاني: ما عن جماعة من أنّ عليهما ترك الطواف و الإتيان بالسعي، ثمّ الإحلال و إدراك الحجّ و قضاء طواف العمرة بعده، فيكون عليهما الطواف ثلاث مرّات؛ مرّة لقضاء طواف العمرة و مرّة للحجّ و مرّة للنساء، و يدلّ على ما ذكروه أيضاً جملة من الأخبار.

الثالث: ما عن الإسكافيّ و بعض متأخّري المتأخّرين من التخيير بين الأمرين، للجمع بين الطائفتين بذلك.

الرابع: التفصيل بين ما إذا كانت حائضاً قبل الإحرام فتعدل، أو كانت طاهراً حال الشروع فيه ثمّ طرأ الحيض في الأثناء فتترك الطواف و تتمّ العمرة و تقضي بعد الحجّ؛

______________________________
(1). الخوئي: بل هو بعيد‌

الگلپايگاني: بل بعيد‌

(2). الگلپايگاني: و إن كان غير بعيد‌

(3). الخوئي: بقصد الأعمّ من إتمامها حجّ إفراد أو عمرة مفردة و إن كان بطلان حجّه و إحرامه هو الأظهر‌

(4). مكارم الشيرازي: و هو الأقوى، كما سيأتي اختياره من المصنّف أيضاً، لجملة من الأخبار الواردة في الباب 21 من أقسام الحجّ (الأحاديث 2 و 13 و 14) مضافاً إلى دعوى الشهرة العظيمة عليه من صاحب الجواهر، بل عن المنتهى و التذكرة الإجماع عليه؛ و أمّا القول الثاني و إن دلّت عليه روايات كثيرة، و لكن عدّة منها تنتهي إلى «عجلان» و روايته ضعيف سنداً و مشوّش متناً، مضافاً إلى كون الشهرة على خلافها، و أمّا رواية أبي بصير الّتي استدلّ بها على القول الرابع فالإنصاف أنّ متنها قاصر عن الدلالة على عدولها عن عمرة التمتّع إلى الإفراد (راجع 5/ 84 من الطواف). و أمّا ما قيل في توجيه الفرق بين الّتي أحرمت حائضاً و الّتي أحرمت غير حائض، فهو توجيه ضعيف، لأنّ الإحرام لا تعتبر فيها الطهارة من الحيض؛ نعم، ما حكي عن المجلسي قدس سره فله وجه‌

العروة الوثقى مع التعليقات، ج‌2، ص: 435‌

اختاره بعضٌ بدعوى أنّه مقتضى الجمع بين الطائفتين، بشهادة خبر أبي بصير: سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول في المرأة المتمتّعة إذا أحرمت و هي طاهر ثمّ حاضت قبل أن تقضي متعتها:

«سعت و لم تطف حتّى تطهر، ثمّ تقضي طوافها و قد قضت عمرتها، و إن أحرمت و هي حائض لم تسع و لم تطف حتّى تطهر» و في الرضوي عليه السلام: «إذا حاضت المرأة من قبل أن تحرم- إلى قوله عليه السلام:- و إن طهرت بعد الزوال يوم التروية فقد بطلت متعتها، فتجعلها حجّة مفردة، و إن حاضت بعد ما أحرمت سعت بين الصفا و المروة و فرغت من المناسك كلّها إلّا الطواف بالبيت، فإذا طهرت قضت الطواف بالبيت و هي متمتّعة بالعمرة إلى الحجّ، و عليها طواف الحجّ و طواف العمرة و طواف النساء».

و قيل في توجيه الفرق بين الصورتين: أنّ في الصورة الاولى لم تدرك شيئاً من أفعال العمرة طاهراً، فعليها العدول إلى الإفراد، بخلاف الصورة الثانية، فإنّها أدركت بعض أفعالها طاهراً فتبني عليها و تقضي الطواف بعد الحجّ. و عن المجلسي قدس سره في وجه الفرق، ما محصّله:

أنّ في الصورة الاولى لا تقدر على نيّة العمرة، لأنّها تعلم أنّها لا تطهر للطواف و إدراك الحجّ، بخلاف الصورة الثانية، فإنّها حيث كانت طاهرة وقعت منها النيّة و الدخول فيها.

الخامس: ما نقل عن بعض، من أنّها تستنيب للطواف ثمّ تتمّ العمرة و تأتي بالحجّ، لكن لم يعرف قائله.

و الأقوى من هذه الأقوال هو القول الأوّل (1)، للفرقة الاولى من الأخبار الّتي هي أرجح من الفرقة الثانية لشهرة العمل بها دونها؛ و أمّا القول الثالث و هو التخيير، فإن كان المراد منه الواقعيّ بدعوى كونه مقتضى الجمع بين الطائفتين، ففيه أنّهما يعدّان من المتعارضين و العرف لا يفهم التخيير منهما، و الجمع الدلاليّ فرع فهم العرف من ملاحظة الخبرين ذلك، و إن كان‌

______________________________
(1). الخوئي: بل الأقوى هو التفصيل بين ما إذا كان الحيض أو النفاس قبل الإحرام فتُحرم لحجّ الإفراد فتأتي به ثمّ تعتمر عمرة مفردة و بين ما إذا كانت حال الإحرام طاهرة ثمّ حاضت أو نفست و لم تتمكّن من الإتيان بالعمرة قبل الحجّ فهي تتخيّر بين أن تعدل إلى الإفراد ثمّ تأتي بعمرة مفردة و بين أن تسعى و تقصّر و تحرم للحجّ و بعد أداء مناسك منى تقضي طواف العمرة ثمّ تأتي بطواف الحجّ، و وجه ذلك أنّ الرواية تعيّن العدول في الفرض الأوّل و لا معارض لها؛ و أمّا الفرض الثاني ففيه طائفتان، ظاهر إحداهما تعيّن العدول و ظاهر الثانية المضيّ كما ذكر، و الجمع العرفيّ بينهما قاضٍ بالتخيير‌

العروة الوثقى مع التعليقات، ج‌2، ص: 436‌

المراد التخيير الظاهريّ العمليّ، فهو فرع مكافئة الفرقتين، و المفروض أنّ الفرقة الاولى أرجح من حيث شهرة العمل بها، و أمّا التفصيل المذكور فموهون بعدم العمل، مع أنّ بعض أخبار القول الأوّل ظاهر في صورة كون الحيض بعد الدخول في الإحرام؛ نعم، لو فرض كونها حائضاً حال الإحرام و عالمة بأنّها لا تطهر لإدراك الحجّ، يمكن أن يقال: يتعيّن عليها العدول إلى الإفراد من الأوّل، لعدم فائدة في الدخول في العمرة، ثمّ العدول إلى الحجّ؛ و أمّا القول الخامس، فلا وجه له و لا له قائل معلوم.

مسألة 5: إذا حدث الحيض و هي في أثناء طواف عمرة (1) التمتّع، فإن كان قبل تمام أربعة أشواط، بطل طوافه على الأقوى (2)، و حينئذٍ فإن كان الوقت موسّعاً أتمّت عمرتها بعد الطهر، و إلّا فلتعدل (3) إلى حجّ الإفراد و تأتي بعمرة مفردة بعده، و إن كان بعد تمام أربعة أشواط فتقطع الطواف و بعد الطهر تأتي بالثلاثة الاخرى و تسعى و تقصّر مع سعة الوقت، و مع ضيقه تأتي بالسعي و تقصّر ثمّ تحرم للحجّ و تأتي بأفعاله ثمّ تقضي بقيّة طوافها قبل طواف الحجّ أو بعده (4)، ثمّ تأتي ببقيّة أعمال الحجّ، و حجّها صحيح تمتّعاً، و كذا الحال إذا حدث الحيض بعد الطواف و قبل صلاته.

Begin WebGozar.com Counter code End WebGozar.com Counter code