و هي ثلاثة بالإجماع و الأخبار: تمتّع و قِران و إفراد.
و الأوّل فرض من كان بعيداً عن مكّة، و الآخران فرض من كان حاضراً، أي غير بعيد.
______________________________
(1). مكارم الشيرازي: لا يُترك الاحتياط فيه كما مرّ في المسألة السابقة، و ذلك لاحتمال إطلاق أخبار الوجوب و شمولها للمقام مع إشكال فيها قد عرفت
(2). الامام الخميني: قد مرّ منّا الإشكال في صيرورة المنذور و شبهه واجباً، و الأمر سهل
(3). الامام الخميني: إذا كان مقتضى شغله التكرّر نظير المثالين؛ و أمّا مطلق من يتكرّر منه ذلك فمشكل، ثمّ إنّ الاستثناء لا ينحصر بذلك، بل يستثنى موارد اخر كالمريض و المبطون و غيرهما المذكور في محلّه
(4). الگلپايگاني: و إلّا لمن يدخلها في الشهر الّذي أحلّ فيه من إحرامه السابق بعد قضاء نسكه
(5). مكارم الشيرازي: و هكذا يستثنى منه من يدخل «مكّة» في الشهر الّذي خرج منها، أو خرج من إحرامه أو غير ذلك، على خلاف في مبدأ الشهر يأتي في محلّه إن شاء اللّه تعالى
(6). الخوئي: و كذلك من خرج و عاد إلى مكّة قبل مضيّ الشهر الّذي أدّى فيه نسكه
(7). الخوئي: الظاهر هو اختصاص كلّ شهر بعمرة، فلا تصحّ عمرتان مفردتان عن شخص واحد في شهر هلالي؛ نعم، لا بأس بالإتيان بغير العمرة الاولى رجاءً
(8). الامام الخميني: الأحوط في ما دون الشهر الإتيان بها رجاءً
(9). مكارم الشيرازي: لا يخلو عن إشكال، و لا يُترك الاحتياط بالفصل بشهر
العروة الوثقى مع التعليقات، ج2، ص: 413
و حدّ البُعد الموجب للأوّل ثمانية و أربعون ميلًا من كلّ جانب على المشهور (1) الأقوى، لصحيحة زرارة عن أبي جعفر عليه السلام: قلت له قول اللّه- عزّ و جلّ- في كتابه: «ذلك لمن لم يكن أهله حاضري المسجد الحرام» فقال عليه السلام: «يعني أهل مكّة ليس عليهم متعة، كلّ من كان أهله دون ثمانية و أربعين ميلًا ذات عرق و عسفان كما يدور حول مكّة، فهو ممّن دخل في هذه الآية، و كلّ من كان أهله وراء ذلك فعليه المتعة»، و خبره عنه عليه السلام: سألته عن قول اللّه- عزّ و جلّ- «ذلك ... الخ»، قال: «لأهل مكّة ليس لهم متعة و لا عليهم عمرة»، قلت:
فما حدّ ذلك؟ قال: «ثمانية و أربعون ميلًا من جميع نواحي مكّة دون عسفان و ذات عرق (2)»، و يستفاد أيضاً من جملة (3) من أخبار اخر. و القول بأنّ حدّه اثنا عشر ميلًا من كلّ جانب، كما عليه جماعة، ضعيف لا دليل عليه إلّا الأصل، فإنّ مقتضى جملة من الأخبار وجوب التمتّع على كلّ أحد (4)، و القدر المتيقّن الخارج منها من كان دون الحدّ المذكور، و هو مقطوع بما مرّ؛ أو دعوى أنّ الحاضر مقابل للمسافر، و السفر أربعة فراسخ، و هو كما ترى؛ أو دعوى أنّ الحاضر المعلّق عليه وجوب غير التمتّع أمر عرفي، و العرف لا يساعد على أزيد من اثني
______________________________
(1). الامام الخميني: الشهرة غير معلومة
(2). مكارم الشيرازي: «عسفان» كعثمان قرية على مرحلتين من مكّة، كما عن القاموس؛ و كذا «ذات عرق» على مرحلتين من مكّة، كما عن التذكرة، و هو ميقات أهل العراق. و «المرحلة» هي ما يقطعها المسافر كلّ يوم و هي ثمانية فراسخ، و من هنا يظهر أنّ «عسفان» و «ذات عرق» تكونان على رأس ثمانية و أربعين ميلًا
(3). الامام الخميني: محلّ تأمّل
(4). الامام الخميني: محلّ إشكال
الگلپايگاني: بل الظاهر أنّ الأخبار بأسرها ناظرة إلى بيان مصداق الآية و هو من لم يكن أهله حاضري المسجد الحرام، فلا عموم لها للحاضرين حتّى توجب المتعة على كلّ أحد
مكارم الشيرازي: التمسّك بعموم الأخبار بعد ورودها تفسيراً لقوله تعالى: «ذلك لمن لم يكن أهله حاضري المسجد الحرام» مشكل، فإنّ الآية من قبيل العامّ المخصّص بالمتّصل المجمل، و قد ذكر في الاصول أنّه لا يجوز التمسّك بعموم العام في الشبهات المفهوميّة حتّى في الأقلّ و الأكثر إذا كان التخصيص متّصلًا، و لو سلّمنا أنّ الأصل ذلك لا بدّ من الخروج عنه بالرواية الصحيحة المعمول بها عند الأصحاب، سواء قلنا أنّه المشهور أو الأشهر، و الأمر سهل بعد ما عرفت
العروة الوثقى مع التعليقات، ج2، ص: 414
عشر ميلًا، و هذا أيضاً كما ترى (1)؛ كما أنّ دعوى أنّ المراد من ثمانية و أربعين، التوزيع على الجهات الأربع فيكون من كلّ جهة اثنا عشر ميلًا، منافية لظاهر تلك الأخبار. و أمّا صحيحة حريز الدالّة على أنّ حدّ البُعد ثمانية عشر ميلًا، فلا عامل بها، كمالا عامل (2) بصحيحتي حمّاد بن عثمان و الحلبيّ الدالّتين على أنّ الحاضر من كان دون المواقيت (3) إلى مكّة (4). و هل يعتبر الحدّ المذكور من مكّة أو من المسجد؟ وجهان؛ أقربهما الأوّل (5). و من كان على نفس الحدّ فالظاهر أنّ وظيفته التمتّع (6)، لتعليق حكم الإفراد و القران على ما دون الحدّ. و لو شكّ في كون منزله في الحدّ أو خارجه، وجب عليه الفحص (7)، و مع عدم تمكّنه يراعي الاحتياط و إن كان لا يبعد (8)
______________________________
(1). مكارم الشيرازي: لأنّه من قبيل الاجتهاد في مقابل النصّ، و الرجوع إلى العرف بعد ورود الدليل من الشرع على خلافه غير جائز
(2). الامام الخميني: وجّههما في «الوسائل» بما يوافق روايتي زرارة، و هو مع صدق دعواه وجيه
(3). الگلپايگاني: إلّا أن يقال بأنّ المقصود دون كلّ المواقيت، فإنّ أقربها إلى مكّة ذات عرق و هو ثمانية و أربعون ميلًا
(4). مكارم الشيرازي: هاتان الروايتان مؤيّدتان لما حكي عن المشهور (راجع 4 و 5/ 6 من أقسام الحجّ) فإنّ «ذات عرق» و هي أقرب المواقيت على رأس مرحلتين كما عرفت، فهي على رأس ثمانية و أربعين ميلًا
(5). الخوئي: بل الثاني
(6). مكارم الشيرازي: و ما في صحيحة زرارة: «كلّ من كان أهله وراء ذلك فعليه المتعة» المراد منه من كان على ثمانية و أربعين أو ما وراء ذلك بقرينة ما ورد في خبره الآخر من قوله دون «عُسفان» و دون «ذات عرق»، من دون ذكر وراء، و قد عرفت أنّهما على ثمانية و أربعين ميلًا
(7). مكارم الشيرازي: و الدليل عليه، مع كون القاعدة عدم وجوب الفحص في الشبهات الموضوعيّة، أنّ المقام من قبيل دوران الأمر بين المحذورين، فإن وجب عليه التمتّع لا يصحّ منه القِران و الإفراد و كذا العكس؛ هذا مضافاً إلى أنّ بناء العقلاء في أمثال المقام على الفحص في الشبهات الموضوعيّة، و كذا عند الشكّ في أصل الاستطاعة و في مقدار النصاب في الزكاة و في أرباح المكاسب، فإنّ بنائهم في جميع هذه الامور على الفحص، لأنّه لا يعلم حقيقتها غالباً إلّا بالفحص، و حيث لم يمنع الشارع عن هذه السيرة فقد أمضاها، و يشكل التمسّك بأصالة البراءة في أمثال المقام من الشبهات الموضوعيّة
(8). الامام الخميني: فيه إشكال ظاهر، و قياسه مع الفارق، بل المقام أسوأ حالًا من التمسّك بالعامّ في الشبهة المصداقيّة، لما مرّ من الإشكال في ثبوت عامّ خالٍ عن المناقشة
الگلپايگاني: بل بعيد، فإنّ التمسّك بالعموم في المقامين تمسّك بالعامّ في الشبهة المصداقيّة؛ و أمّا في الشكّ في المسافة فاستصحاب التمام حكماً أو موضوعاً جارٍ بلا مانع، و هو مفقود في المقام
العروة الوثقى مع التعليقات، ج2، ص: 415
القول (1) بأنّه يجري عليه حكم الخارج فيجب عليه التمتّع (2)، لأنّ غيره معلّق على عنوان الحاضر و هو مشكوك، فيكون كما لو شكّ في أنّ المسافة ثمانية فراسخ أو لا، فإنّه يصلّي تماماً، لأنّ القصر معلّق على السفر و هو مشكوك.
ثمّ ما ذكر إنّما هو بالنسبة إلى حجّة الإسلام، حيث لا يجزي للبعيد إلّا التمتّع و لا للحاضر إلّا الإفراد أو القران؛ و أمّا بالنسبة إلى الحجّ الندبيّ فيجوز لكلّ من البعيد و الحاضر كلّ من الأقسام الثلاثة بلا إشكال و إن كان الأفضل اختيار التمتّع، و كذا بالنسبة إلى الواجب غير حجّة الإسلام كالحجّ النذري (3) و غيره.
مسألة 1: من كان له وطنان، أحدهما في الحدّ و الآخر في خارجه، لزمه فرض أغلبهما (4)، لصحيحة زرارة عن أبي جعفر عليه السلام: «من أقام بمكّة سنتين فهو من أهل مكّة و لا متعة له» فقلت لأبي جعفر عليه السلام: أ رأيت إن كان له أهل بالعراق و أهل بمكّة؟ فقال عليه السلام: «فلينظر أيّهما الغالب، فإن تساويا فإن كان مستطيعاً من كلّ منهما تخيّر بين الوظيفتين (5) و إن كان الأفضل اختيار التمتّع، و إن كان مستطيعاً من أحدهما دون الآخر لزمه فرض وطن الاستطاعة (6)».
مسألة 2: من كان من أهل مكّة و خرج إلى بعض الأمصار ثمّ رجع إليها، فالمشهور
______________________________
(1). الخوئي: هذا هو الصحيح، و عليه فلا يجب الفحص مع الشكّ، كما لا يجب الاحتياط مع عدم التمكّن منه
(2). مكارم الشيرازي: بل هو بعيد جدّاً، لأنّه من أوضح مصاديق التمسّك بعموم العام في الشبهات الموضوعيّة، و قد ثبت في محلّه عدم جوازه لا سيّما في المخصّص المتّصل كما في المقام، و قياسه على مسألة القصر في الصلاة قياس مع الفارق، لوجود الاستصحاب هناك دون المقام (إلّا في بعض الموارد)
(3). الامام الخميني: أي له نذر أىّ قسم شاء، و كذا حال شقيقيه، و هو المراد من غيره لا الإفسادي، لأنّه تابع لما أفسده
الگلپايگاني: إذا أطلق النذر و كذا شبه النذر، و القضاء تابع لما أفسده
(4). الامام الخميني: مع عدم إقامة سنتين بمكّة
(5). الخوئي: بل الأحوط الإتيان بالإفراد أو القِران فيه و فيما بعده
الگلپايگاني: سواء كان في أحدهما أو في غيرهما
(6). الگلپايگاني: أي فرض الوطن الّذي يستطيع فرضه؛ سواء كان فيه أو في غيره
العروة الوثقى مع التعليقات، ج2، ص: 416
جواز حجّ التمتّع له (1) و كونه مخيّراً بين الوظيفتين، و استدلّوا بصحيحة عبد الرحمن بن الحجّاج عن أبي عبد اللّه عليه السلام عن رجل من أهل مكّة يخرج إلى بعض الأمصار ثمّ يرجع إلى مكّة فيمرّ ببعض المواقيت، أ له أن يتمتّع؟ قال عليه السلام: «ما أزعم أنّ ذلك ليس له لو فعل، و كان الإهلال أحبّ إلىّ»، و نحوها صحيحة اخرى عنه و عن عبد الرحمن بن أعين عن أبي الحسن عليه السلام؛ و عن ابن أبي عقيل عدم جواز ذلك و أنّه يتعيّن عليه فرض المكّي إذا كان الحجّ واجباً عليه، و تبعه جماعة لما دلّ من الأخبار على أنّه لا متعة لأهل مكّة و حملوا الخبرين (2) على الحجّ الندبيّ بقرينة ذيل الخبر الثاني، و لا يبعد قوّة هذا القول (3) مع أنّه أحوط، لأنّ الأمر دائر بين التخيير و التعيين، و مقتضى الاشتغال (4) هو الثاني (5)، خصوصاً إذا كان مستطيعاً حال كونه في مكّة فخرج قبل الإتيان بالحجّ، بل يمكن (6) أن يقال: إنّ محلّ كلامهم صورة حصول الاستطاعة بعد الخروج عنها، و أمّا إذا كان مستطيعاً فيها قبل خروجه منها فيتعيّن عليه فرض (7) أهلها.
مسألة 3: الآفاقيّ إذا صار مقيماً في مكّة، فإن كان ذلك بعد استطاعته و وجوب التمتّع عليه، فلا إشكال في بقاء حكمه (8)؛ سواء كانت إقامته بقصد
______________________________
(1). مكارم الشيرازي: و هو الأقوى، لما ذكره من الخبرين و لكنّهما ناظران إلى حال مروره بالميقات فيجوز له قصد التمتّع منه، و القول بجواز حملها على الحجّ الندبيّ بقرينة ذيل الخبر الثاني ممنوع، لأنّ ترك الاستفصال في صدرهما دليل على العموم، و تكرار السؤال من الراوي في ذيل الخبر في مورد الحجّ الندبي لا أثر له، بل يمكن أن يقال أنّ ذيله حكاية عن رواية اخرى، و على كلّ حال مع وجود الخبرين لا وجه للتمسّك بالأصل و دوران الأمر بين التعيين و التخيير
(2). الگلپايگاني: بل لا إطلاق لهما للحجّ الواجب حتّى يحتاج إلى الحمل على الندبي
(3). الخوئي: بل الأقوى ما عليه المشهور
(4). الگلپايگاني: بل مقتضى الاستصحاب
(5). الخوئي: بل مقتضى الأصل هو الأوّل، لأنّه من صغريات دوران الأمر بين الأقلّ و الأكثر
(6). الامام الخميني: غير معلوم مع إطلاق كلامهم
(7). الخوئي: الظاهر عدم التعيّن
(8). مكارم الشيرازي: بل فيه إشكال قويّ، كما عن صاحب المدارك و المحدّث البحراني و بعض المحشّين للعروة، و ذلك لاحتمال تبدّل حكمه بتبدّل الموضوع، كما هو كذلك في باب صلاة المسافر و الحاضر، فإنّه إذا كان في أوّل الوقت حاضراً و لم يصلّ ثمّ صار مسافراً فعليه القصر، و في عكسه عليه التمام، و كما في سائر موارد تبدّل الموضوع في أبواب الصلاة و الصيام و غيرها؛ كلّ ذلك لإطلاق قوله تعالى: «ذلك لمن لم يكن أهله حاضري المسجد الحرام» و إطلاق الروايات الكثيرة الواردة في المسألة، بل و إطلاق روايات الباب، كما سيأتي الإشارة إليها إن شاء اللّه، و مجرّد كونه مستطيعاً قبل ذلك فاستقرّ الحجّ عليه بعنوان التمتّع لا ينافي ما ذكرنا بعد ملاحظة تبدّل الموضوع
العروة الوثقى مع التعليقات، ج2، ص: 417
التوطّن (1) أو المجاورة و لو بأزيد من سنتين. و أمّا إذا لم يكن مستطيعاً ثمّ استطاع بعد إقامته في مكّة، فلا إشكال في انقلاب فرضه إلى فرض المكّي في الجملة، كما لا إشكال في عدم الانقلاب بمجرّد الإقامة، و إنّما الكلام في الحدّ الّذي به يتحقّق الانقلاب، فالأقوى ما هو المشهور من أنّه بعد الدخول في السنة الثالثة؛ لصحيحة زرارة عن أبي جعفر عليه السلام: «من أقام بمكّة سنتين فهو من أهل مكّة و لا متعة له ... الخ» و صحيحة عمر بن يزيد (2) عن الصادق عليه السلام: «المجاور بمكّة يتمتّع بالعمرة إلى الحجّ إلى سنتين، فإذا جاور سنتين كان قاطناً و ليس له أن يتمتّع» و قيل بأنّه بعد الدخول في الثانية لجملة من الأخبار و هو ضعيف، لضعفها بإعراض المشهور (3) عنها، مع أنّ القول الأوّل موافق للأصل، و أمّا القول بأنّه بعد تمام ثلاث سنين، فلا دليل عليه إلّا الأصل المقطوع بما ذكر، مع أنّ القول به غير محقّق لاحتمال إرجاعه إلى القول المشهور بإرادة الدخول في السنة الثالثة، و أمّا الأخبار الدالّة على أنّه بعد ستّة أشهر أو بعد خمسة أشهر فلا عامل بها (4) مع احتمال صدورها تقيّةً و إمكان حملها على محامل اخر. و الظاهر من
______________________________
(1). الگلپايگاني: فيه تأمّل، فإنّه لو لا الإجماع المدّعى به في المسألة فمقتضى القاعدة تبدّل الحكم بتبدّل الموضوع و إن كان مستقرّاً؛ فلا يُترك مراعاة الاحتياط لمن صدق عليه أنّ مكّة وطنه عرفاً أو صار مكّيّاً بحكم الشرع
(2). مكارم الشيرازي: راجع الباب 9 من أقسام الحجّ، الحديث الأوّل و الثاني، و في رواية الحلبي (3/ 9) كفاية الإقامة سنة أو سنتين و لم يشر إليها الماتن قدس سره، و لكنّه لا عامل به ظاهراً و قد حمله العلّامة في المختلف على من قصد الاستيطان و لا يخلو عن إشكال، و الظاهر أنّ الموضوع يتبدّل في نظر العرف أيضاً، كما ذكرناه في باب صلاة القصر أيضاً
(3). الخوئي: بل لمعارضتها بالصحيحين، فالمرجع إطلاق ما دلّ على وجوب التمتّع لمن لم يكن أهله حاضري المسجد الحرام
(4). الخوئي: مع أنّها معارضة بالصحيحين، فيجري فيها ما تقدّم، على أنّ ما دلّ على أنّه بعد خمسة أشهر ضعيف
العروة الوثقى مع التعليقات، ج2، ص: 418
الصحيحين اختصاص الحكم بما إذا كانت الإقامة بقصد المجاورة، فلو كانت بقصد التوطّن فينقلب بعد قصده من الأوّل (1)، فما يظهر من بعضهم من كونها أعمّ، لا وجه له؛ و من الغريب ما عن آخر، من الاختصاص بما إذا كانت بقصد التوطّن.
ثمّ الظاهر أنّ في صورة الانقلاب يلحقه حكم المكّي بالنسبة إلى الاستطاعة أيضاً، فيكفي في وجوب الحجّ الاستطاعة من مكّة (2) و لا يشترط فيه حصول الاستطاعة من بلده (3)، فلا وجه لما يظهر من صاحب الجواهر من اعتبار استطاعة النائي في وجوبه، لعموم أدلّتها (4) و أنّ الانقلاب إنّما أوجب تغيير نوع الحجّ، و أمّا الشرط فعلى ما عليه، فيعتبر بالنسبة إلى التمتّع؛ هذا، و لو حصلت الاستطاعة بعد الإقامة في مكّة لكن قبل مضيّ السنتين (5)، فالظاهر أنّه كما لو حصلت في بلده، فيجب عليه التمتّع (6)، و لو بقيت إلى السنة
______________________________
(1). الگلپايگاني: لكن يعتبر الإقامة بمقدار يصدق أنّه وطنه
مكارم الشيرازي: بل اللازم مضيّ مقدار من الزمان حتّى يصدق عليه المتوطّن بمكّة و هكذا في سائر الموارد من الاستيطان؛ و كذلك في مسألة من شغله السفر، فإنّه لا يصدق عليه ذلك بمجرّد الشروع، بل يعتبر مضيّ مقدار من الزمان مشتغلًا بالسفر
(2). الگلپايگاني: لا فرق في ذلك بين الصورتين، فيكفي في وجوب التمتّع قبل الانقلاب أيضاً استطاعته لحجّ التمتّع من مكّة؛ و إنّما تظهر الثمرة بين القولين في مئونة الرجوع بعد الانقلاب مع العزم عليه، فيعتبر على مختار الجواهر دون الماتن، و الاعتبار أقوى
(3). الخوئي: الظاهر هو الاشتراط بالنسبة إلى رجوعه فيما إذا كان عازماً على الرجوع
(4). مكارم الشيرازي: الظاهر أنّ مراد صاحب الجواهر قدس سره كما يظهر من عبارته أنّه ناظر إلى الاستطاعة للرجوع إلى وطنه إذا لم يقصد التوطّن في مكّة، مثل ما إذا أقام سنتين ثمّ أراد الحجّ و بعد الحجّ الرجوع إلى وطنه (راجع الجواهر الكلام ج 8 ص 92) فاللازم أن يكون مستطيعاً بالنسبة إلى ذلك، فحينئذٍ يكون لكلامه وجه و إن كان الأقوى عدم اعتبار هذه الاستطاعة، نظراً إلى إطلاق الأدلّة الدالّة على أنّ الواجب عليه هو القِران أو الإفراد، فالاستطاعة تعتبر بالنسبة إلى هذا الحجّ؛ و من هنا يظهر النظر فيما ذكره الماتن قدس سره أيضاً
(5). الگلپايگاني: بل المدار في ذلك حصول الاستطاعة للحجّ الواقع قبل مضيّ السنتين و لا يكفي مجرّد حصول الاستطاعة قبل المضيّ إن كان الحجّ بعد سنتين
مكارم الشيرازي: يأتي فيه ما مرّ في أوّل المسألة من الإشكال، بل يمكن الفتوى هنا بأنّ المدار على التوقّف سنتين، سواء حصلت الاستطاعة قبله أو بعده، لعدم الخوف من الإجماع هنا كما في أصل المسألة
(6). الامام الخميني: وجوب التمتّع فرع وقوع الحجّ على فرض المبادرة إليه قبل تجاوز السنتين؛ فالمدار على نفس الحجّ في سنة أوّل الاستطاعة، لا على الاستطاعة
العروة الوثقى مع التعليقات، ج2، ص: 419
الثالثة أو أزيد، فالمدار على حصولها بعد الانقلاب.
و أمّا المكّي إذا خرج إلى سائر الأمصار مقيماً بها، فلا يلحقه حكمها في تعيّن التمتّع عليه (1)، لعدم الدليل و بطلان القياس، إلّا إذا كانت الإقامة فيها بقصد التوطّن و حصلت الاستطاعة بعده (2)، فإنّه يتعيّن عليه التمتّع بمقتضى القاعدة و لو في السنة الاولى، و أمّا إذا كانت بقصد المجاورة أو كانت الاستطاعة حاصلة في مكّة فلا؛ نعم، الظاهر دخوله حينئذٍ في المسألة السابقة، فعلى القول بالتخيير فيها كما عن المشهور يتخيّر، و على قول ابن أبي عقيل يتعيّن عليه وظيفة المكّي.
مسألة 4: المقيم في مكّة إذا وجب عليه التمتّع، كما إذا كانت استطاعته في بلده أو استطاع في مكّة قبل انقلاب فرضه، فالواجب عليه الخروج إلى الميقات لإحرام عمرة التمتّع، و اختلفوا في تعيين ميقاته على أقوال:
أحدها: أنّه مهلّ أرضه (3)؛ ذهب إليه جماعة، بل ربما يسند إلى المشهور كما في الحدائق، لخبر سماعة عن أبي الحسن عليه السلام: سألته عن المجاور أ له أن يتمتّع بالعمرة إلى الحجّ؟ قال عليه السلام:
______________________________
(1). مكارم الشيرازي: قد عرفت سابقاً أنّ المجاورة سنتين لا يبعد إلحاقها بالتوطّن عرفاً، فعلى هذا يمكن الحكم بذلك في عكس المسألة، أعني ما إذا خرج المكّي إلى سائر الأمصار مقيماً بها، و لا أقلّ من الاحتياط بأن يتمتّع، لما عرفت في المسألة الثانية من كون المكّي مخيّراً إذا خرج إلى بعض الأمصار
(2). مكارم الشيرازي: قد عرفت أنّ المدار في الواجب على حال العمل، لا حال الاستطاعة
(3). مكارم الشيرازي: لا ينبغي ترك الاحتياط فيه و إن كان الأقوى جوازه من أىّ المواقيت. و العمدة فيه ما ذكره من رواية سماعة 1/ 8 من أقسام الحجّ المعتضدة بفتوى المشهور، كما قيل؛ و أمّا روايات الناسي و الجاهل الواردة في الباب 14 من المواقيت، فالظاهر أنّه لا دخل لها بما نحن فيه، لأنّها ناظرة إلى من أتى إلى مكّة من الخارج، و قياس الداخل عليه قياس مع الفارق؛ نعم، بناءً على القول بأنّ النائي مخيّر بين المواقيت، كما ستأتي الإشارة إليه، يشكل وجوب خصوص ميقات أهل الأرض على من جاور مكّة قبل تبدّل فرضه، لأنّه من قبيل زيادة الفرع على الأصل، و سيأتي الكلام في ذلك في مباحث المواقيت إن شاء اللّه، و الاحتياط سبيل النجاة. و ليعلم أنّ المراد بمُهَلّ أرضه- بضمّ الميم و فتح الهاء اسم المفعول من الإهلال- هو الميقات الّذي يهلّ منه بالحجّ أهل بلده
العروة الوثقى مع التعليقات، ج2، ص: 420
«نعم، يخرج إلى مهلّ أرضه فليلبّ إن شاء» المعتضد بجملة من الأخبار الواردة في الجاهل و الناسي الدالّة على ذلك، بدعوى عدم خصوصيّة للجهل و النسيان و أنّ ذلك لكونه مقتضى حكم التمتّع، و بالأخبار الواردة في توقيت المواقيت و تخصيص كلّ قطر بواحد منها أو من مرّ عليها، بعد دعوى أنّ الرجوع إلى الميقات غير المرور عليه.
ثانيها: أنّه أحد المواقيت المخصوصة مخيّراً بينها؛ و إليه ذهب جماعة اخرى، لجملة اخرى من الأخبار مؤيّدة بأخبار المواقيت، بدعوى عدم استفادة خصوصيّة كلّ بقطر معيّن.
ثالثها: أنّه أدنى الحلّ؛ نقل عن الحلبيّ، و تبعه بعض متأخّري المتأخّرين، لجملة ثالثة من الأخبار.
و الأحوط، الأوّل (1) و إن كان الأقوى الثاني (2)، لعدم فهم الخصوصيّة من خبر سماعة و أخبار الجاهل و الناسي، و أنّ ذكر المهلّ من باب أحد الأفراد و منع خصوصيّة للمرور في الأخبار العامّة الدالّة على المواقيت، و أمّا أخبار القول الثالث فمع ندرة العامل بها مقيّدة بأخبار المواقيت أو محمولة على صورة التعذّر. ثمّ الظاهر أنّ ما ذكرنا حكم كلّ (3) من كان في مكّة و أراد الإتيان بالتمتّع و لو مستحبّاً؛ هذا كلّه مع إمكان الرجوع إلى المواقيت، و أمّا إذا تعذّر فيكفي الرجوع إلى أدنى الحلّ (4) بل الأحوط الرجوع (5) إلى ما يتمكّن من خارج الحرم ممّا هو دون الميقات، و إن لم يتمكّن من الخروج إلى أدنى الحلّ أحرم من موضعه، و الأحوط الخروج إلى ما يتمكّن.
______________________________
(1). الامام الخميني: لا يُترك، بل لا يخلو من قوّة
(2). الخوئي: بل الأقوى التخيير بين الجميع
(3). الامام الخميني: محلّ إشكال
(4). مكارم الشيرازي: و يدلّ عليه مضافاً إلى أنّه ممّا قطع به الأصحاب، كما قيل: أنّه موافق لأصالة البراءة للشكّ، في وجوب أزيد منه؛ اللّهم إلّا أن يقال: إنّه لا يقاوم قاعدة الميسور؛ هذا مضافاً إلى إمكان الاستدلال له بما ورد في الباب 14 من أبواب المواقيت في من جهل أو نسي في الإحرام و دخل مكّة و أنّه يخرج من الحرم إن قدر عليه، و الظاهر إمكان الغاء الخصوصيّة منها، فراجع
(5). الخوئي: فيه إشكال
العروة الوثقى مع التعليقات، ج2، ص: 421