مسألة 1: إذا أوصى بالحجّ، فإن علم أنّه واجب، اخرج من أصل التركة و إن كان بعنوان الوصيّة؛ فلا يقال: مقتضى كونه بعنوانها خروجه من الثلث؛ نعم، لو صرّح بإخراجه من الثلث اخرج منه، فإن و في به، و إلّا يكون الزائد من الأصل؛ و لا فرق في الخروج من الأصل بين حجّة الإسلام و الحجّ النذري (5) و الإفساديّ (6)، لأنّه بأقسامه واجب ماليٌّ و إجماعهم
______________________________
(1). الامام الخميني: مرّ الإشكال في جواز الاستنابة للحجّ النذري عن الحيّ المعذور
(2). الخوئي: هذا إذا كان إتمام أعمال الحجّ منهما في زمان واحد؛ و أمّا إذا كان قد سبق أحدهما بالإتمام كان هو حجّة الإسلام، و كذا الحكم في الصلاة على الميّت
(3). مكارم الشيرازي: و لكن إذا سبق أحدهما بإتمام حجّه قبل الآخر، فقد سقط الوجوب عن المنوب عنه، فكيف يصحّ للثاني نيّة الوجوب بل مطلق الأمر؟ لأنّ المفروض سقوط ما نواه، و لكن لمّا كان الحجّ لا يمكن تركه إلّا بالإتمام و لا يخرج من الإحرام إلّا بأداء مناسكه، فعليه أن يتمّه بقصد القربة المطلقة. و القول بأنّ سبق أحدهما بالإتمام يكشف عن بطلان الآخر، كما في المستمسك، كما ترى، فإنّ إطلاق أدلّة الصحّة يشمل كليهما ما لم يتمّ أحدهما قبل الآخر
(4). الامام الخميني: لكنّهما يراعيان التقارن في الختم
(5). الخوئي: مرّ أنّ الحجّ النذري يخرج من الثلث، و كذا الإفسادي، و يختصّ الخروج من الأصل بحجّة الإسلام
(6). الگلپايگاني: لا يُترك الاحتياط في الإفسادي، و قد مرّ أنّ المناط في الإخراج من الأصل كون الواجب ديناً، لا كونه ماليّاً
مكارم الشيرازي: قد عرفت في المسألة (8) من الحجّ النذري أنّه لا دليل على إخراج الحجّ النذري، فكيف بالإفسادي عن الأصل؟ و أنّ ما يقال بأنّ كلّ واجب مالي يخرج من الأصل لا يخلو عن إشكال؛ نعم، لا ينبغي ترك الاحتياط على إخراج الحجّ النذري و الإفسادي عن الأصل مع رضى الورثة، فراجع ما ذكرناه هناك مع تفصيله
العروة الوثقى مع التعليقات، ج2، ص: 394
قائم على خروج كلّ واجب ماليّ من الأصل، مع أنّ في بعض الأخبار أنّ الحجّ بمنزلة الدين، و من المعلوم خروجه من الأصل، بل الأقوى خروج كلّ واجب (1) من الأصل و إن كان بدنيّاً (2)، كما مرّ سابقاً (3). و إن علم أنّه ندبي فلا إشكال في خروجه من الثلث.
و إن لم يعلم أحد الأمرين، ففي خروجه من الأصل أو الثلث وجهان؛ يظهر من سيّد الرياض خروجه من الأصل، حيث إنّه وجّه كلام الصدوق الظاهر في كون جميع الوصايا من الأصل بأنّ مراده ما إذا لم يعلم كون الموصى به واجباً أو لا، فإنّ مقتضى عمومات وجوب العمل بالوصيّة خروجها من الأصل، خرج عنها صورة العلم بكونها ندبيّاً، و حمل الخبر الدالّ بظاهره على ما عن الصدوق (4) أيضاً على ذلك، لكنّه مشكل، فإنّ العمومات مخصّصة بما دلّ على أنّ الوصيّة بأزيد من الثلث تردّ إليه، إلّا مع إجازة الورثة، هذا مع أنّ الشبهة مصداقيّة و التمسّك بالعمومات فيها محلّ إشكال (5)؛ و أمّا الخبر المشار إليه و هو قوله عليه السلام: «الرجل أحقّ بماله ما دام فيه الروح، إن أوصى به كلّه فهو جائز»، فهو موهون (6) بإعراض العلماء عن العمل بظاهره، و يمكن أن يكون المراد بماله هو الثلث الّذي أمره بيده؛ نعم، يمكن أن يقال (7) في مثل هذه الأزمنة بالنسبة إلى هذه الأمكنة البعيدة عن مكّة: الظاهر
______________________________
(1). الامام الخميني: الأقوى في الواجب البدني خروجه من الثلث إذا أوصى به
الگلپايگاني: و قد مرّ الاحتياط فيه
(2). مكارم الشيرازي: لا دليل على ذلك، بل الظاهر أنّه من الثلث لو أوصى به
(3). الخوئي: مرّ خلافه [في فصل في الحجّ الواجب بالنذر و العهد و اليمين، التعليقة على «عليه القضاء»]
(4). مكارم الشيرازي: الظاهر أنّ الفتوى بكون جميع الوصايا عن الأصل، منقول عن والد الصدوق قدس سره لا عن الصدوق نفسه
(5). مكارم الشيرازي: بل هو ممنوع، لما ذكرنا في محلّه من عدم حجيّة العامّ حينئذٍ بالنسبة إلى المصداق المشكوك إلّا في بعض الفروض الّتي ليس مورد البحث منها
(6). الخوئي: الخبر في نفسه ضعيف، فلا حاجة في سقوط حجيّته إلى التمسّك بالإعراض
(7). الامام الخميني: لكنّه غير وجيه، خصوصاً بالنسبة إلى هذه الأزمنة، بل الانصراف ممنوع في الخمس و الزكاة أيضاً، إلّا أن تكون قرائن توجب الانصراف و الظهور
العروة الوثقى مع التعليقات، ج2، ص: 395
من قول الموصي: حجّوا عنّي، هو حجّة الإسلام الواجبة، لعدم تعارف الحجّ (1) المستحبيّ في هذه الأزمنة و الأمكنة، فيحمل على أنّه واجب من جهة هذا الظهور و الانصراف، كما أنّه إذا قال: أدّوا كذا مقداراً خمساً أو زكاة، ينصرف إلى الواجب عليه.
فتحصّل أنّ في صورة الشكّ في كون الموصى به واجباً حتّى يخرج من أصل التركة، أو لا حتّى يكون من الثلث، مقتضى الأصل الخروج من الثلث، لأنّ الخروج من الأصل موقوف على كونه واجباً و هو غير معلوم، بل الأصل عدمه، إلّا إذا كان هناك انصراف كما في مثل الوصيّة بالخمس أو الزكاة أو الحجّ و نحوها؛ نعم، لو كانت الحالة السابقة فيه هو الوجوب، كما إذا علم وجوب الحجّ عليه سابقاً و لم يعلم أنّه أتى به أو لا، فالظاهر جريان الاستصحاب و الإخراج من الأصل (2)؛ و دعوى أنّ ذلك موقوف على ثبوت الوجوب عليه و هو فرع شكّه لا شكّ الوصيّ أو الوارث و لا يعلم أنّه كان شاكّاً حين موته أو عالماً بأحد الأمرين، مدفوعة (3) بمنع اعتبار شكّه، بل يكفي شكّ الوصيّ أو الوارث أيضاً، و لا فرق في ذلك بين ما إذا أوصى أو لم يوص، فإنّ مقتضى أصالة بقاء اشتغال ذمّته بذلك الواجب عدم انتقال ما يقابله من التركة إلى الوارث، و لكنّه يشكل على ذلك الأمر في كثير من الموارد، لحصول العلم غالباً بأنّ الميّت كان مشغول الذمّة بدين أو خمس أو زكاة أو حجّ أو نحو ذلك، إلّا أن يدفع بالحمل على الصحّة، فإنّ ظاهر حال المسلم الإتيان بما وجب عليه، لكنّه مشكل في
______________________________
(1). الخوئي: نعم، و لكن يمكن أن يكون الإيصال من باب الاحتياط؛ و كذا في الوصيّة بالخمس و نحوه
(2). مكارم الشيرازي: بل الظاهر الإخراج من الثلث، و كذا بالنسبة إلى الخمس و الزكاة المعلومين تعلّقهما المشكوكين إخراجهما، و هكذا بالنسبة إلى ديون الناس، و ذلك لاستقرار السيرة عليه، و إلّا وجب على كلّ وارث أداء الزكاة أو الخمس أو الديون للناس، حيث إنّه يعلم غالباً بتعلّق بعض هذه الامور بالمورث و يحتمل عدم أدائها، لا لعصيانه، بل لأنّه قد لا يقدر عليه أو يكون من قبيل الواجب الموسّع كالدين غير المطالب. و قد مضى شطر من الكلام في هذه المسألة عند الكلام في المسألة (106) من شرائط وجوب الحجّ و المسألة (5) من مسائل ختام الزكاة؛ و العجب أنّ الماتن قدس سره اختار هناك عدم الوجوب و هنا الوجوب
(3). الامام الخميني: ما ذكره هاهنا ينافي ما اختاره في كتاب الزكاة، و قد قوّى هذه الدعوى هناك، كما أنّ إشكاله في جريان قاعدة الحمل على الصحّة ينافي ما اختاره هناك، و الأقوى جريان الاستصحاب و عدم جريان القاعدة، فما ذكره هاهنا هو الموافق للقواعد مع تبديل قوله: «فالأحوط» ب «الأقوى»
العروة الوثقى مع التعليقات، ج2، ص: 396
الواجبات الموسّعة، بل في غيرها أيضاً في غير الموقّتة، فالأحوط (1) في هذه الصورة (2) الإخراج من الأصل.
مسألة 2: يكفي الميقاتيّة؛ سواء كان الحجّ الموصى به واجباً أو مندوباً، و يخرج الأوّل من الأصل و الثاني من الثلث، إلّا إذا اوصى بالبلديّة (3)، و حينئذٍ فالزائد عن اجرة الميقاتيّة في الأوّل من الثلث، كما أنّ تمام الاجرة في الثاني منه.
مسألة 3: إذا لم يعيّن الاجرة، فاللازم (4) الاقتصار على اجرة المثل، للانصراف إليها، و لكن إذا كان هناك من يرضى بالأقلّ منها وجب استيجاره (5)، إذ الانصراف إلى اجرة المثل إنّما هو نفي الأزيد فقط، و هل يجب الفحص عنه لو احتمل وجوده؟ الأحوط ذلك (6) توفيراً على الورثة، خصوصاً مع الظنّ بوجوده و إن كان في وجوبه إشكال، خصوصاً مع الظنّ بالعدم. و لو وجد من يريد أن يتبرّع، فالظاهر جواز الاكتفاء به، بمعنى عدم وجوب المبادرة إلى الاستيجار، بل هو المتعيّن (7) توفيراً على الورثة، فإن أتى به صحيحاً كفى، و إلّا وجب
______________________________
(1). الگلپايگاني: بل الأقوى
(2). الخوئي: بل الأظهر ذلك فيما إذا علم بكون الحقّ ثابتاً في ذمّته و شكّ في أدائه، و كذلك فيما إذا علم بتعلّق الحقّ بالعين و كانت باقية، و أمّا مع تلفها فالأصل يقتضي البراءة من الضمان
(3). الگلپايگاني: و لو بانصراف إطلاق كلامه إليها
(4). الامام الخميني: على الوصيّ مع عدم رضا الورثة أو صغرهم، و كذا في وجوب استيجار الأقلّ في الفرع التالي
(5). الگلپايگاني: في وجوبه إشكال، و التعليل لا يقتضي التعيين
مكارم الشيرازي: و لكن ما ذكره من الدليل لا يناسب المراد، و الأولى أن يقال: إنّه تضييع لحقّ الورثة من غير دليل
(6). الامام الخميني: لا يُترك مع عدم رضا الورثة أو وجود قاصر فيهم، بل وجوبه لا يخلو من قوّة، خصوصاً مع الظنّ بوجوده؛ نعم، الظاهر عدم وجوب الفحص البليغ، كما مرّ
الخوئي: لا بأس بتركه
مكارم الشيرازي: لا يُترك فيما يكون المتعارف فيه الفحص، فإنّه ليس المتعارف استيجار أوّل من يدخل عليه، بل المعمول الفحص منه في الجملة
(7). الگلپايگاني: فيه إشكال
الامام الخميني: فيه إشكال؛ نعم، هو الأحوط مع وجود قاصر في الورثة
الخوئي: فيه إشكال، بل منع
مكارم الشيرازي: لا يبعد ذلك في الحجّ الواجب الّذي يخرج من الأصل دون غيره، فإنّ أدلّة جواز الإخراج من الأصل منصرفة عن هذه الصورة الّتي يتبرّع فيها متبرّع بالحجّ من دون استيجار، و لا أقلّ من الشكّ في شمولها؛ و أمّا في الحجّ الندبي فيشكل ذلك إذا أوصى باستيجار للحجّ من ثلثه
العروة الوثقى مع التعليقات، ج2، ص: 397
الاستيجار. و لو لم يوجد من يرضى بأُجرة المثل، فالظاهر وجوب دفع الأزيد إذا كان الحجّ واجباً، بل و إن كان مندوباً أيضاً مع وفاء الثلث، و لا يجب الصبر إلى العام القابل و لو مع العلم بوجود من يرضى بأُجرة المثل أو أقلّ، بل لا يجوز، لوجوب المبادرة إلى تفريغ ذمّة الميّت في الواجب و العمل بمقتضى الوصيّة (1) في المندوب. و إن عيّن الموصي مقداراً للُاجرة، تعيّن و خرج من الأصل في الواجب إن لم يزد على اجرة المثل، و إلّا فالزيادة من الثلث، كما أنّ في المندوب كلّه من الثلث.
مسألة 4: هل اللّازم في تعيين اجرة المثل الاقتصار على أقلّ الناس اجرةً (2) أو يلاحظ اجرة من يناسب شأن الميّت في شرفه و ضَعَته؟ لا يبعد الثاني، و الأحوط الأظهر (3) الأوّل (4)؛ و مثل هذا الكلام يجري أيضاً في الكفن الخارج من الأصل أيضاً.
مسألة 5: لو أوصى بالحجّ و عيّن المرّة أو التكرار بعدد معيّن تعيّن، و إن لم يعيّن كفى حجّ واحد، إلّا أن يعلم أنّه أراد التكرار، و عليه يحمل ما ورد في الأخبار من أنّه يحجّ عنه ما دام له مال، كما في خبرين، أو ما بقي من ثلثه شيء كما في ثالث، بعد حمل الأوّلين على الأخير من إرادة الثلث من لفظ المال؛ فما عن الشيخ و جماعةٍ من وجوب التكرار ما دام الثلث باقياً،
______________________________
(1). الامام الخميني: وجوب المبادرة غير معلوم مع عدم الوصيّة بها و لو بانصراف من كلامه
(2). مكارم الشيرازي: الأقوى فيه التفصيل بينما يكون أقلّ الناس اجرةً سبباً لوهن الميّت و ما لا يوجب ذلك، و اللازم الثاني، و أمّا الزائد عليه فلا دليل على جوازه و إن كان مناسباً لشأنه، فإنّ الشأن ذو مراتب. و قد مرّ منه قدس سره في المسألة (102) من شرائط وجوب الحجّ ما قد ينافي ما ذكره هنا، و أمّا الحكم في باب الكفن فقد مرّ في المسألة (20) من أحكام تكفين الميّت أنّه يكفي الكفن على النحو المتعارف و ذلك لإطلاق روايات الباب
(3). الامام الخميني: مرّ منه ما يخالف ذلك و منّا ما يوافقه، و فرض المسألة وجود قاصر أو غير راضٍ في الورثة، و قد مرّ حكم الكفن في محلّه
(4). الخوئي: فيه إشكال، بل منع
الگلپايگاني: في الأظهريّة منع، كما مرّ الحكم في الكفن
العروة الوثقى مع التعليقات، ج2، ص: 398
ضعيف (1)، مع أنّه يمكن أن يكون المراد من الأخبار أنّه يجب الحجّ ما دام يمكن الإتيان به ببقاء شيء من الثلث بعد العمل بوصايا اخر، و على فرض ظهورها في إرادة التكرار و لو مع عدم العلم بإرادته لا بدّ من طرحها لإعراض المشهور (2) عنها (3)، فلا ينبغي الإشكال في كفاية حجّ واحد مع عدم العلم بإرادة التكرار؛ نعم، لو أوصى بإخراج الثلث و لم يذكر إلّا الحجّ، يمكن أن يقال (4) بوجوب صرف تمامه في الحجّ، كما لو لم يذكر إلّا المظالم أو إلّا الزكاة أو إلّا الخمس؛ و لو أوصى أن يحجّ عنه مكرّراً، كفى مرّتان (5)، لصدق التكرار معه.
مسألة 6: لو أوصى بصرف مقدار معيّن في الحجّ سنين معيّنة و عيّن لكلّ سنة مقداراً معيّناً و اتّفق عدم كفاية ذلك المقدار لكلّ سنة، صرف نصيب سنتين في سنة (6) أو ثلاث سنين
______________________________
(1). الگلپايگاني: بل لا يخلو عن قوّة، لاعتبار مستنده؛ و إعراض المشهور غير مسلّم
(2). الامام الخميني: بل قصور المستند، فإنّ محمّد بن الحسن الأشعري لم يرد فيه توثيق و لم يثبت كونه وصيّاً لسعد بن سعد حتّى يستشهد به لوثاقته، مع عدم كفاية ذلك أيضاً في الحكم بالوثاقة. و الخبران المذكوران في هذا الباب مع كون الراوي نفسه، غير دالّين على كونه وصيّاً له لو لم يدلّا عدمه، و محمّد بن الحسين بن أبي خالد في الرواية الثالثة مجهول، و ظنّي أنّه محمّد بن الحسن المتقدّم و اشتبه النسخة، لأنّ محمّد بن الحسن أيضاً ابن أبي خالد
(3). الخوئي: الأخبار في نفسها ضعيفة، فلا حاجة إلى التشبّث بالإعراض
مكارم الشيرازي: إعراضهم عن سند الرواية غير مسلّم و لعلّ الإعراض عن دلالتها على مفروض المسألة، فإنّه لا يفهم منها الوجوب مكرّراً إذا كانت الوصيّة مبهمة، بل لعلّ المراد منها ما إذا كانت الوصيّة مطلقة و دالّة على التكرار ما بقي المال
(4). الخوئي: في إطلاقه إشكال
(5). الگلپايگاني: بل يكرّر بمقدار وفاء الثلث
مكارم الشيرازي: مشكل جدّاً، بل قد يكون ظاهراً في التكرار مهما تحمل المال، و اللازم الأخذ بظهور كلامه
(6). مكارم الشيرازي: هذه المسألة مقطوع بها في كلمات الأصحاب ظاهراً، و تدلّ عليه قاعدة الميسور، و هي بخلاف ما ذكره الماتن قدس سره قاعدة عرفيّة عقلائيّة أمضاها الشرع في الجملة، و هي جارية في المقام بلا إشكال، و ملاكها في الحقيقة الأخذ بتعدّد المطلوب، و أمّا ما ذكره الماتن قدس سره فهو في الحقيقة راجع إلى الخطأ في التطبيق و هو و إن كان صحيحاً في بعض الموارد، و لكنّه يشكل دعواه في جميع الفروض؛ و أمّا الروايتان فهما ظاهرتان في المقصود معتبرتان بحسب السند أو بعمل الأصحاب
العروة الوثقى مع التعليقات، ج2، ص: 399
في سنتين مثلًا، و هكذا، لا لقاعدة الميسور، لعدم جريانها (1) في غير مجعولات الشارع، بل لأنّ الظاهر (2) من حال الموصي إرادة صرف ذلك المقدار في الحجّ و كون تعيين مقدار كلّ سنة بتخيّل كفايته، و يدلّ عليه أيضاً خبر عليّ بن محمّد (3) الحضيني و خبر إبراهيم بن مهزيار، ففي الأوّل تجعل حجّتين في حجّة، و في الثاني تجعل ثلاث حجج في حجّتين، و كلاهما من باب المثال كما لا يخفى، هذا؛ و لو فضل من السنين فضلة لا تفي بحجّة (4)، فهل ترجع ميراثاً أو في وجوه (5) البرّ (6) أو تزاد على اجرة بعض السنين؟ وجوه. و لو كان الموصى به الحجّ من البلد و دار الأمر بين جعل اجرة سنتين مثلًا لسنة و بين الاستيجار بذلك المقدار من الميقات لكلّ سنة، ففي تعيين الأوّل أو الثاني وجهان (7)؛ و لا يبعد التخيير، بل أولويّة الثاني (8)، إلّا أنّ مقتضى (9) إطلاق الخبرين (10) الأوّل.
______________________________
(1). الخوئي: القاعدة في نفسها غير تامّة، و على تقدير تماميّتها تجري في المقامين من غير فرق
(2). الگلپايگاني: بل للروايتين و إن لم يستظهر من حال الموصي ذلك، بل و إن استظهر التقييد من حاله؛ نعم، مع العلم بالتقييد يأتي حكمه إن شاء اللّه
(3). الامام الخميني: هذا الخبر أيضاً لإبراهيم بن مهزيار، و هو أخبر عن مكاتبة الحضيني و لم يرو عنه
(4). الامام الخميني: و لو من الميقات؛ و الأوجه حينئذٍ صرفها في وجوه الخير
(5). الخوئي: الأظهر صرفها في وجوه البرّ
مكارم الشيرازي: لا يبعد وجوب صرفها في وجوه البرّ، لانفهام تعدّد المطلوب في هذه المواضع و لما ورد في الباب 37 الحديث 2 من رواية عليّ بن مزيد (فرقد) و ستأتي الإشارة إليها في المسألة (9)
(6). الگلپايگاني: و هو الأقوى
(7). مكارم الشيرازي: الأقوى هو الثاني، أي اختيار حجّتين من الميقات على حجّة واحدة من البلد، لأفضليّة الحجّ من الطريق، و احتمال ذلك كافٍ في المنع عن الحكم بالتخيير؛ و أمّا الاستدلال برواية عبد اللّه بن بكير (الواردة في الباب 2 من أبواب النيابة) و شبهها، كما يظهر من بعض المحشّين، فهو بعيد، لعدم إطلاق لها شامل للمقام، لأنّها ظاهرة فيما إذا كانت هناك حجّة واحدة؛ هذا، و إطلاق الخبرين السابقين الواردين في الفرع السابق منصرف عن محلّ الكلام
(8). الگلپايگاني: بل الظاهر تعيّنه، لما رواه عبد اللّه بن بكير عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنّه سئل عن رجل أوصى بماله في الحجّ فكان لا يبلغ ما يحجّ به من بلاده، قال عليه السلام: «فيعطى في الموضع الّذي يحجّ به عنه» فإنّه بإطلاقه حاكم على الخبرين
(9). الخوئي: و عليه فهو الأحوط
(10). الامام الخميني: و عليهما العمل
العروة الوثقى مع التعليقات، ج2، ص: 400
هذا كلّه إذا لم يعلم من الموصي إرادة الحجّ بذلك المقدار على وجه التقييد (1)، و إلّا فتبطل الوصيّة إذا لم يرج إمكان ذلك بالتأخير أو كانت الوصيّة مقيّدة بسنين معيّنة.
مسألة 7: إذا أوصى بالحجّ و عيّن الاجرة في مقدار، فإن كان الحجّ واجباً و لم يزد ذلك المقدار عن اجرة المثل أو زاد و خرجت الزيادة من الثلث، تعيّن؛ و إن زاد و لم تخرج الزيادة من الثلث بطلت الوصيّة (2) و يرجع (3) إلى اجرة المثل. و إن كان الحجّ مندوباً، فكذلك تعيّن أيضاً مع وفاء الثلث بذلك المقدار، و إلّا فبقدر وفاء الثلث مع عدم كون التعيين على وجه التقييد، و إن لم يف الثلث بالحجّ (4) أو كان التعيين على وجه التقييد بطلت الوصيّة و سقط وجوب الحجّ.
مسألة 8: إذا أوصى بالحجّ (5) و عيّن أجيراً معيّناً، تعيّن استيجاره بأُجرة المثل؛ و إن لم يقبل إلّا بالأزيد، فإن خرجت الزيادة من الثلث تعيّن أيضاً، و إلّا بطلت الوصيّة و استوجر غيره بأُجرة المثل في الواجب مطلقاً (6)، و كذا في المندوب إذا وفى به الثلث و لم يكن على وجه التقييد، و كذا إذا لم يقبل أصلًا (7).
مسألة 9: إذا عيّن للحجّ اجرة لا يرغب فيها (8) أحد و كان الحجّ مستحبّاً، بطلت الوصيّة (9)
______________________________
(1). مكارم الشيرازي: لكن هذا الاحتمال مجرّد فرض، كما ذكره بعض الأعلام- رضوان اللّٰه عليه- و كذلك ما يأتي في المسألة الآتية من مثل هذا الاحتمال
(2). الامام الخميني: مع عدم إجازة الورثة؛ و كذا في نظائر المسألة
الگلپايگاني: إن لم تجزها الورثة
(3). الخوئي: بل صحّت و تكمل بها اجرة المثل بالمقدار الممكن
(4). الامام الخميني: حتّى من الميقات
(5). الامام الخميني: أي الواجب؛ و أمّا المندوب فأُجرته مطلقاً من الثلث
(6). مكارم الشيرازي: قد مرّ أنّ إخراج الحجّ الواجب غير حجّة الإسلام من الأصل مشكل
(7). مكارم الشيرازي: إلّا أن يستفاد من الوصيّة تعدّد المطلوب، كما هو الغالب، فيكون أصل الحجّ مطلوباً للوصيّ و كون النائب شخصاً معيّناً مطلوباً آخر
(8). الامام الخميني: و لو للحجّ الميقاتي
(9). مكارم الشيرازي: و لكن لو وقّت الاجرة بالحجّ الميقاتي، كان الواجب العمل بها، لما سيأتي من خبر عليّ بن مزيد و للقاعدة
العروة الوثقى مع التعليقات، ج2، ص: 401
إذا لم يرج (1) وجود راغب فيها، و حينئذٍ فهل ترجع ميراثاً أو تصرف في وجوه البرّ، أو يفصّل بين ما إذا كان كذلك من الأوّل فترجع ميراثاً أو كان الراغب موجوداً ثمّ طرأ التعذّر؟
وجوه؛ و الأقوى هو الصرف في وجوه البرّ لا لقاعدة الميسور (2)، بدعوى أنّ الفصل إذا تعذّر يبقى الجنس، لأنّها قاعدة شرعيّة و إنّما تجري في الأحكام الشرعيّة المجعولة للشارع و لا مسرح لها في مجعولات الناس، كما أشرنا إليه سابقاً، مع أنّ الجنس لا يعدّ ميسوراً للنوع، فمحلّها المركّبات الخارجيّة إذا تعذّر بعض أجزائها و لو كانت ارتباطيّة، بل لأنّ الظاهر (3) من حال الموصي في أمثال المقام إرادة عمل ينفعه و إنّما عيّن عملًا خاصّاً لكونه أنفع في نظره من غيره، فيكون تعيينه لمثل الحجّ على وجه تعدّد المطلوب و إن لم يكن متذكّراً لذلك حين الوصيّة؛ نعم، لو علم في مقام كونه على وجه التقييد في عالم اللبّ أيضاً، يكون الحكم فيه الرجوع إلى الورثة، و لا فرق في الصورتين بين كون التعذّر طارياً أو من الأوّل.
و يؤيّد ما ذكرنا، ما ورد من الأخبار في نظائر المقام، بل يدلّ عليه خبر عليّ بن سويد (4) عن الصادق عليه السلام (5) قال: قلت: مات رجل فأوصى بتركته أن أحجّ بها عنه، فنظرت في ذلك فلم تكف للحجّ، فسألت من عندنا من الفقهاء، فقالوا: تصدّق بها، فقال عليه السلام: ما صنعت؟
قلت: تصدّقت بها، فقال عليه السلام: «ضمنت، إلّا أن لا تكون تبلغ أن يحجّ بها من مكّة، فإن كانت تبلغ أن يحجّ بها من مكّة فأنت ضامن». و يظهر ممّا ذكرنا حال سائر الموارد الّتي تبطل
______________________________
(1). الگلپايگاني: إن لم يف بالميقاتي أيضاً، و إلّا فيجب الاستيجار من الميقات
(2). مكارم الشيرازي: بل لقاعدة الميسور و لما يأتي من الرواية، لما قد عرفت أنّها قاعدة عقلائيّة قبل أن تكون شرعيّة، و ملاكها تعدّد المطلوب؛ و العجب أنّه- رحمه اللّه- صرّح بكون المقام من قبيل تعدّد المطلوب و لكن لم يقبل قاعدة الميسور
(3). الگلپايگاني: بل لما ورد في الوصيّة بالحجّ بنفقة لا تفي بالبلديّة أو نفقة لا تفي بأصل الحجّ، كما في مفروض المسألة و الوصيّة بعتق العبد المسلم و الوصيّة المجهول مصرفها لنسيان الوصيّ و ما ورد في نذر الحجّ ماشياً حافياً مع طريان العجز و ما ورد في الوقف المجهول المصرف، فإنّه يستفاد من جميع ذلك وجوب صرف ما تعذّر مصرفه من الوصيّة و الأوقاف و النذور في وجوه البرّ مراعياً للأقرب إلى نظر الجاعل و إن لم يستظهر من حاله تعدّد المطلوب، بل و إن استظهر خلافه؛ نعم، مع العلم بالتقييد في عالم اللبّ، فالحكم كما في المتن
(4). الخوئي: الرواية عن عليّ بن مزيد، لا عن عليّ بن سويد؛ و هي ضعيفة لا تصلح للاستدلال بها، و تكفي القاعدة للحكم المذكور بعد ظهور حال الموصي كما ذكر
(5). مكارم الشيرازي: حكاه في الوسائل في الباب 37 من أحكام الوصايا، ج 13 الحديث 2، و لكنّ الراوي «عليّ بن مزيد صاحب السابري» و الظاهر أنّ ما رواه في الوسائل أصحّ بقرينة رواية زيد النرسي و بقرينة توصيفه بصاحب السابري، كما يظهر بالمراجعة إلى جامع الرواة
العروة الوثقى مع التعليقات، ج2، ص: 402
الوصيّة لجهة من الجهات.
هذا في غير ما إذا أوصى بالثلث و عيّن له مصارف و تعذّر بعضها؛ و أمّا فيه، فالأمر أوضح، لأنّه بتعيينه الثلث لنفسه أخرجه عن ملك الوارث بذلك، فلا يعود إليه.
مسألة 10: إذا صالحه داره مثلًا و شرط عليه أن يحجّ عنه بعد موته، صحّ و لزم و خرج من أصل التركة (1) و إن كان الحجّ ندبيّاً، و لا يلحقه حكم الوصيّة. و يظهر من المحقّق القمّي قدس سره في نظير المقام إجراء حكم الوصيّة عليه (2)، بدعوى أنّه بهذا الشرط ملّك عليه الحجّ (3)، و هو عمل له اجرة، فيحسب مقدار اجرة المثل لهذا العمل، فإن كانت زائدة عن الثلث توقّف على إمضاء الورثة؛ و فيه: أنّه لم يملّك عليه الحجّ مطلقاً في ذمّته، ثمّ أوصى أن يجعله عنه، بل إنّما ملّك بالشرط الحجّ عنه، و هذا ليس مالًا تملكه الورثة (4)، فليس تمليكاً و وصيّة و إنّما هو تمليك على نحو خاصّ لا ينتقل إلى الورثة. و كذا الحال إذا ملّكه (5) داره بمائة تومان (6) مثلًا
______________________________
(1). مكارم الشيرازي: الأولى أن يقال: إذا صالحه داره كذلك لا يملك ذلك الحجّ الورثة بعد موته، بل يبقى على ملك المورث، فهو مال لا يكون داخلًا في التركة
(2). مكارم الشيرازي: و ما ذكره المحقّق القمّي غير بعيد، نظراً إلى أنّ المورث يملك العمل في ذمّة المصالح له، و هذا العمل مع لونه الخاصّ (أي كونه نيابة عن شخص المورث) ينتقل إلى الورثة، فلهم إبراء ذمّته عنه لو كان ندبيّاً، كما أنّ لهم المصالحة معه بمال آخر يأخذونه و يملّكه الورثة كسائر الإرث؛ و أمّا إذا أصرّ المصالح له على نفس الفعل لا غير، يكون هذا من باب الوصيّة، لأنّ الوصيّة ليست إلّا ما أوصى به بالنسبة إلى بعد موته و هذا من مصاديقه، فلا يحتاج إلى وصيّة اخرى غير هذه المصالحة مع هذا اللون، فإن فضل عن الثلث توقّف على إذن الورثة، و إلّا صحّ بعنوان الثلث؛ و من هنا يظهر الإشكال فيما ذكره الماتن قدس سره من قوله: «هذا ليس مالًا تملكه الورثة»، بل نقول: إنّه مال، لأنّه يبذل بإزائه المال و يمكن مصالحته بمال آخر
(3). الخوئي: الصحيح في الجواب أن يقال: إنّ الشارط لا يملك على المشروط عليه العمل المشروط حتّى ينتقل إلى الورثة
(4). الگلپايگاني: بل لا مانع من أن تملكه الورثة بالإرث كما تملكه بالشرط أو الاستيجار بعد الموت، فلهم الإسقاط أو المصالحة حتّى في الثلث، و ليس هذا وصيّة لتكون الورثة ممنوعة من الثلث
(5). الخوئي: ليس هذا كالصلح المشروط بالحجّ أو التمليك بشرط بيع العين و صرف الثمن في الحجّ، و ذلك فإنّ مائة تومان في المثال ملك للشارط حال حياته و قد شرط على من ملّكه الدار أن يصرفها في الحجّ فإن كان بمقدار ثلثه نفذت الوصيّة، و إلّا فلا
(6). الامام الخميني: الظاهر صحّة قول المحقّق القمّي في هذا الفرض
العروة الوثقى مع التعليقات، ج2، ص: 403
بشرط أن يصرفها (1) في الحجّ عنه (2) أو عن غيره، أو ملّكه إيّاها بشرط أن يبيعها (3) و يصرف ثمنها في الحجّ (4) أو نحوه، فجميع ذلك صحيح لازم من الأصل و إن كان العمل المشروط عليه ندبيّاً؛ نعم، له الخيار (5) عند تخلّف الشرط، و هذا ينتقل إلى الوارث، بمعنى أنّ حقّ الشرط (6) ينتقل إلى الوارث، فلو لم يعمل (7) المشروط عليه بما شرط عليه يجوز للوارث أن يفسخ المعاملة.
مسألة 11: لو أوصى بأن يحجّ عنه ماشياً أو حافياً، صحّ (8) و اعتبر خروجه من الثلث إن كان ندبيّاً و خروج الزائد (9) عن اجرة (10) الميقاتيّة عنه (11) إن كان واجباً (12). و لو نذر في حال حياته أن يحجّ ماشياً أو حافياً و لم يأت به حتّى مات، و أوصى به أو لم يوص، وجب الاستيجار (13)
______________________________
(1). الگلپايگاني: الظاهر أنّ هذا الشرط وصيّة إن كان المقصود الصرف في الحجّ بعد الموت، حيث إنّه عهد إلى المتصالح ليصرف بعد موته ماله في الحجّ، فالأقوى فيه ما عليه المحقّق القمّي؛
(2). مكارم الشيرازي: هذا أظهر من سابقه، لأنّ هنا أمرين: أصل المال المصالح عليه و شرطه، و التفكيك بينهما أسهل، مضافاً إلى أنّ الشرط ليس إلّا الوصيّة و هو أظهر من سابقه في الانتقال إلى الورثة ثمّ كونه من باب الوصيّة
(3). الگلپايگاني: لو قيل بصحّة هذا الشرط
(4). مكارم الشيرازي: إذا لم نقل أنّ هذا الشرط مخالف لمقتضى العقد؛ و فيه كلام في محلّه
(5). الامام الخميني: مع عدم التمكّن من الإجبار على العمل و لو بالرجوع إلى الحاكم العرفي، مع عدم الإمكان بوجه آخر
(6). الخوئي: إنّ هذا الحقّ الّذي لا ينتفع به الوارث و لا يمكنه إسقاطه لا ينتقل إلى الوارث، بل الظاهر أنّه باقٍ على ملك الميّت، فإذا تخلّف المشروط عليه يفسخ الحاكم عليه بالولاية و يصرف المال فيما شرط على المشروط عليه
(7). الگلپايگاني: و لم يمكن إجباره بالعمل به
(8). مكارم الشيرازي: إذا كان الحجّ كذلك أمراً مشروعاً غير مشتمل على الإسراف أو غيره من المحرّمات، و لكن بعض مصاديقه في عصرنا لا يخلو عن إشكال
(9). الگلپايگاني: مع ما به التفاوت بين اجرة الحجّ ماشياً أو حافياً و اجرته لا كذلك، إلّا أن يكون الواجب عليه كذلك و لو بالنذر أو الاستيجار
(10). الامام الخميني: و كذا التفاوت بين اجرة الحجّ ماشياً أو حافياً و بين غيرها
(11). مكارم الشيرازي: المراد اجرة الميقاتيّة غير ماشٍ، لا إذا كان ماشياً (إذا كان اجرته أكثر من الراكب)
(12). الخوئي: و كان حجّة الإسلام
(13). الخوئي: تقدّم عدم وجوبه من الأصل، و كذا فيما بعده من فروض وجوب الحجّ غير حجّة الإسلام
العروة الوثقى مع التعليقات، ج2، ص: 404
عنه من أصل التركة (1) كذلك؛ نعم، لو كان نذره مقيّداً بالمشي ببدنه، أمكن أن يقال (2) بعدم وجوب (3) الاستيجار عنه، لأنّ المنذور هو مشيه ببدنه فيسقط بموته، لأنّ مشي الأجير ليس ببدنه، ففرق بين كون المباشرة قيداً في المأمور به أو مورداً (4).
مسألة 12: إذا أوصى بحجّتين أو أزيد و قال إنّها واجبة عليه، صدّق و تخرج من أصل التركة (5)؛ نعم، لو كان إقراره بالوجوب عليه في مرض الموت (6) و كان متّهماً في إقراره، فالظاهر أنّه كالإقرار بالدين فيه في خروجه من الثلث إذا كان متّهماً، على ما هو الأقوى.
مسألة 13: لو مات الوصيّ بعد ما قبض من التركة اجرة الاستيجار و شكّ في أنّه استأجر الحجّ قبل موته أو لا، فإن مضت مدّة يمكن الاستيجار فيها، فالظاهر (7) حمل أمره على الصحّة (8) مع كون الوجوب فوريّاً منه، و مع كونه موسّعاً إشكال (9)؛ و إن لم تمض مدّة يمكن الاستيجار فيها، وجب الاستيجار من بقيّة التركة إذا كان الحجّ واجباً و من بقيّة
______________________________
(1). مكارم الشيرازي: قد عرفت الإشكال في وجوب إخراج الحجّ المنذور عن أصل التركة
(2). الگلپايگاني: بل الأقوى وجوب الاستيجار
(3). الامام الخميني: إلّا إذا احرز تعدّد المطلوب
(4). مكارم الشيرازي: المراد من كونه قيداً أن يكون قيداً مقوّماً، و إلّا لا شكّ في أنّ المباشرة قيد في كلّ نذر متعلّق بفعله، و حينئذٍ يمكن أن يقال بانصراف أدلّة القضاء عن الميّت عن مثل هذا النذر؛ فتأمّل
(5). الخوئي: فيما كانا يخرجان من أصل التركة على تقدير الثبوت كالحجّ الإسلامي و الحجّ الاستيجاري، دون الواجب بمثل النذر كما تقدّم
(6). مكارم الشيرازي: سيأتي الكلام فيه إن شاء اللّه في محلّه
(7). الامام الخميني: محلّ إشكال، بل منع
(8). الخوئي: فيه إشكال، بل منع
الگلپايگاني: مشكل
مكارم الشيرازي: قاعدة الصحّة إنّما تجري فيما إذا صدر فعل من فاعل و شكّ في صحّته و فساده، لا ما إذا شكّ في أصل الفعل و لكن يمكن الحكم ببراءة ذمّة الميّت هنا لاستقرار السيرة عليه، و إلّا لوجب على الورثة العمل بكلّ وصيّة أوصى به المورث إذا شكّ بعد موت الوصيّ، و هذا أمر مشكل لعلّه لا يقول به أحد
(9). الامام الخميني: لا إشكال في وجوب الاستيجار
العروة الوثقى مع التعليقات، ج2، ص: 405
الثلث إذا كان مندوباً؛ و في ضمانه لما قبض و عدمه، لاحتمال تلفه عنده بلا ضمان، وجهان (1)؛ نعم، لو كان المال المقبوض موجوداً، اخذ (2) حتّى في الصورة الاولى (3) و إن احتمل أن يكون استأجر من مال نفسه إذا كان ممّا يحتاج إلى بيعه و صرفه في الاجرة و تملّك ذلك المال بدلًا عمّا جعله اجرة، لأصالة بقاء ذلك المال على ملك الميّت.
مسألة 14: إذا قبض الوصيّ الاجرة و تلف في يده بلا تقصير، لم يكن ضامناً و وجب الاستيجار من بقيّة التركة أو بقيّة الثلث، و إن اقتسمت على الورثة استرجع منهم؛ و إن شكّ في كون التلف عن تقصير أو لا، فالظاهر عدم الضمان أيضاً، و كذا الحال (4) إن استأجر و مات الأجير و لم يكن له تركة أو لم يمكن الأخذ من ورثته.
مسألة 15: إذا أوصى بما عنده من المال للحجّ ندباً و لم يعلم أنّه يخرج من الثلث أو لا (5)، لم يجز صرف جميعه؛ نعم، لو ادّعى أنّ عند الورثة ضعف هذا أو أنّه أوصى سابقاً بذلك و الورثة أجازوا وصيّته، ففي سماع دعواه و عدمه وجهان (6).
______________________________
(1). الامام الخميني: الأقوى عدم الضمان
الخوئي: أوجههما العدم
الگلپايگاني: لا وجه لضمانه
مكارم الشيرازي: و الأقوى عدم الضمان، لأنّه أمين و ليس على الأمين ضمان إلّا إذا ثبت التفريط. و سيأتي من الماتن قدس سره اختيار هذا القول في المسألة الآتية
(2). الامام الخميني: لو عامل معه معاملة الملكيّة في حال حياته أو عامل الورثة كذلك، لا يبعد عدم جواز الأخذ، على إشكال خصوصاً في الأوّل
(3). مكارم الشيرازي: أخذ المال في هذه الصورة مشكل جدّاً، لما عرفت من براءة ذمّة الميّت حينئذٍ إمّا للسيرة أو للحمل على الصحّة و معها يكون المال ظاهراً للوصيّ، و بالجملة لا يمكن الجمع بين حمل أمره على الصحّة أو الحكم ببراءة ذمّة الميّت و الحكم ببقاء المال على ملك الميّت، و مع وجود الأمارة لا يجوز التمسّك باستصحاب بقاء المال على ملك الميّت، كما ذكره في المتن
(4). الامام الخميني: أي في وجوب الاستيجار من التركة
________________________________________
يزدى، سيد محمد كاظم طباطبايى، العروة الوثقى مع التعليقات، دو جلد، انتشارات مدرسه امام على بن ابى طالب عليه السلام، قم - إيران، اول، 1428 ه ق
العروة الوثقى مع التعليقات؛ ج2، ص: 405
(5). مكارم الشيرازي: حقّ العبارة أن يقال: و لم يعلم أنّه لمقدار الثلث أو أكثر
(6). الامام الخميني: الظاهر سماع دعواه بما هو المعهود في باب الدعاوي، لا بمعنى إنفاذ قوله مطلقاً
الخوئي: أوجههما عدم السماع
الگلپايگاني: الأقوى هو الأوّل
مكارم الشيرازي: بل وجوه، لاحتمال التفصيل بين الصورتين، و القول بالصحّة فيما لو ادّعى أنّ أمواله عند الورثة ضعيف؛ هذا، و القول بالفساد لو ادّعى أنّ الورثة أجازوا ذلك في حال كونهم منكرين لها
العروة الوثقى مع التعليقات، ج2، ص: 406
مسألة 16: من المعلوم أنّ الطواف مستحبّ مستقلًاّ من غير أن يكون في ضمن الحجّ، و يجوز النيابة فيه عن الميّت و كذا عن الحيّ إذا كان غائباً عن مكّة أو حاضراً و كان معذوراً (1) في الطواف بنفسه، و أمّا مع كونه حاضراً و غير معذور فلا تصحّ النيابة عنه؛ و أمّا سائر أفعال الحجّ، فاستحبابها مستقلًاّ غير معلوم، حتّى مثل السعي (2) بين الصفا و المروة.
مسألة 17: لو كان عند شخص وديعة و مات صاحبها، و كان عليه حجّة الإسلام و علم أو ظنّ (3) أنّ الورثة لا يؤدّون عنه إن ردّها إليهم، جاز بل وجب عليه أن يحجّ بها عنه (4)، و إن زادت عن اجرة الحجّ ردّ الزيادة إليهم، لصحيحة بريد (5) عن رجل استودعني مالًا فهلك و ليس لوارثه شيء و لم يحجّ حجّة الإسلام، قال عليه السلام: «حجّ عنه، و ما فضل فأعطهم» و هي و إن كانت مطلقة، إلّا أنّ الأصحاب قيّدوها بما إذا علم أو ظنّ بعدم تأديتهم (6) لو دفعها
______________________________
(1). مكارم الشيرازي: و يدلّ عليه مضافاً إلى عدم نقل الخلاف فيه، ما ورد في رواية ابن أبي نجران ممّن حدّثه عن أبي عبد اللّه عليه السلام (3/ 18 من أبواب النيابة) و ما رواه اسماعيل بن عبد الخالق عنه عليه السلام (1/ 51 من أبواب الطواف)؛ هذا، و لكنّ الّذي يختلج بالبال أنّ المعروف أنّ صاحب الزمان- ارواحنا فداه- يكون بالموقف في كلّ سنة فهو حاضر في مكّة، مع أنّ المشهور بين الشيعة جواز الحجّ و الطواف عنه، كما يظهر من رواية أبي محمّد الدعلجي الّذي رواها في البحار في باب ذكر من رآه عليه السلام، ج 52 ص 59 الحديث 42، و يظهر من رواية محمّد بن عثمان العمري 8/ 46 من أبواب وجوب الحجّ أيضاً أنّ صاحب العصر عليه السلام يحضر الموسم كلّ سنة؛ اللّهم إلّا أن يقال أنّ المعصومين عليهم السلام خارجون عن هذا الحكم؛ و هو يحتاج إلى مزيد تتبّع و تأمّل
(2). الامام الخميني: و إن يظهر من بعض الروايات استحبابه
(3). الخوئي: بل و مع احتماله أيضاً
(4). مكارم الشيرازي: و العمدة هنا ما رواه بريد (1/ 13 من أبواب النيابة)؛ و لو كان في سند الرواية كلام، يجبره عمل الأصحاب به (و للرواية طريقان)
(5). الامام الخميني: في كون هذه الرواية صحيحة إشكال بكلا السندين، لاحتمال كون سويد القلّا غير سويد بن مسلم القلّا الّذي وثّقه جمع، لكنّها معمول بها، فالسند مجبور على فرض ضعفه، بل المظنون اتّحادهما
(6). الگلپايگاني: هذا إذا كان الظنّ معتبراً شرعاً، و إلّا وجب التسليم إلى الورثة
العروة الوثقى مع التعليقات، ج2، ص: 407
إليهم (1)، و مقتضى إطلاقها عدم الحاجة إلى الاستيذان من الحاكم الشرعيّ؛ و دعوى أنّ ذلك للإذن من الإمام عليه السلام كما ترى، لأنّ الظاهر من كلام الإمام عليه السلام بيان الحكم الشرعيّ، ففي مورد الصحيحة لا حاجة إلى الإذن (2) من الحاكم (3)، و الظاهر عدم الاختصاص بما إذا لم يكن للورثة شيء، و كذا عدم الاختصاص بحجّ الودعيّ بنفسه، لانفهام الأعمّ من ذلك منها.
و هل يلحق بحجّة الإسلام غيرها (4) من أقسام الحجّ الواجب أو غير الحجّ من سائر ما يجب عليه، مثل الخمس و الزكاة و المظالم و الكفّارات و الدين أو لا؟ و كذا هل يلحق بالوديعة غيرها (5)، مثل العارية و العين المستأجرة و المغصوبة و الدين في ذمّته أو لا؟
وجهان؛ قد يقال بالثاني، لأنّ الحكم على خلاف القاعدة إذا قلنا: إنّ التركة مع الدين تنتقل إلى الوارث و إن كانوا مكلّفين بأداء الدين و محجورين عن التصرّف قبله، بل و كذا على القول ببقائها معه على حكم مال الميّت، لأنّ أمر الوفاء إليهم، فلعلّهم أرادوا الوفاء من غير هذا المال أو أرادوا أن يباشروا العمل الّذي على الميّت بأنفسهم، و الأقوى (6) مع العلم بأنّ
______________________________
(1). مكارم الشيرازي: الرواية مطلقة و القدر المتيقّن من جواز دفع الوديعة إلى الورثة ما إذا علم بقيامهم بأمر الحجّ، و أمّا غير هذا فلا دليل عليه. و القاعدة الّتي على وجوب إعطاء الأموال إلى الورثة قد خصّصت بما عرفت من حديث بريد، فإعطاؤها إلى الورثة في غير صورة العلم بأدائهم للحجّ مشكل
(2). الگلپايگاني: بل يجب الاستيذان
(3). الامام الخميني: الأحوط الاستيذان منه مع الإمكان
(4). الخوئي: الظاهر عدم إلحاق سائر أقسام الحجّ و كذا الكفّارات
(5). الخوئي: الظاهر هو الإلحاق
مكارم الشيرازي: الأقوى الإلحاق في جميع فروض المسألة إذا علم أنّ الورثة لا يقومون بهذا الواجب المالي، و أمّا في صورة الظنّ فلا يخلو عن إشكال. و الوجه فيما ذكرنا أنّ الحكم مطابق للقاعدة، لأنّه تدخل في أحكام الحسبة كما أفاده في المتن أو تدخل في باب الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر، بل قد يكون مصداقاً للخيانة في الأمانة، فإنّه إذا أعطاها الورثة مع علمه بأنّهم لا يقومون بواجبهم في هذا المال فقد خان فيه و أعان على إتلافه و صرفه في غير حقّه؛ و أمّا إلغاء الخصوصيّة عن مورد الرواية و تنقيح المناط مع قطع النظر عمّا ذكرنا فلا يخلو عن إشكال في بعض فروض المسألة، كما لا يخفى
(6). الامام الخميني: الإلحاق محلّ إشكال، فالأحوط إرجاع الأمر إلى الحاكم و عدم استبداده به، و كذا الحال في صورة الإنكار و الامتناع
العروة الوثقى مع التعليقات، ج2، ص: 408
الورثة لا يؤدّون بل مع الظنّ (1) القويّ أيضاً جواز الصرف فيما عليه، لا لما ذكره في المستند من أنّ وفاء ما على الميّت من الدين أو نحوه واجب كفائيّ على كلّ من قدر على ذلك. و أولويّة الورثة بالتركة إنّما هي ما دامت موجودة، و أمّا إذا بادر أحد إلى صرف المال فيما عليه لا يبقى مال حتّى تكون الورثة أولى به، إذ هذه الدعوى فاسدة جدّاً، بل لإمكان فهم المثال من الصحيحة أو دعوى تنقيح المناط أو أنّ المال (2) إذا كان بحكم مال الميّت (3) فيجب صرفه عليه و لا يجوز دفعه إلى من لا يصرفه عليه، بل و كذا على القول بالانتقال إلى الورثة، حيث إنّه يجب صرفه في دينه، فمن باب الحسبة (4) يجب على من عنده صرفه عليه، و يضمن لو دفعه (5) إلى الوارث لتفويته على الميّت؛ نعم، يجب الاستيذان من الحاكم، لأنّه وليّ من لا وليّ له، و يكفي الإذن الإجمالي، فلا يحتاج إلى إثبات وجوب ذلك الواجب عليه، كما قد يتخيّل؛ نعم، لو لم يعلم و لم يظنّ عدم تأدية الوارث، لا يجب الدفع إليه (6)، بل لو كان الوارث منكراً أو ممتنعاً و أمكن إثبات ذلك عند الحاكم أو أمكن إجباره عليه، لم يجز لمن عنده أن يصرفه بنفسه.
مسألة 18: يجوز للنائب بعد الفراغ عن الأعمال للمنوب عنه أن يطوف عن نفسه (7) و عن غيره، و كذا يجوز له أن يأتي بالعمرة المفردة عن نفسه و عن غيره.
______________________________
(1). الگلپايگاني: المعتبر شرعاً، كما مرّ
(2). الگلپايگاني: هذا الوجه هو المتعيّن
(3). الخوئي: هذا الوجه هو الصحيح، لكنّه يختصّ بما إذا كان الميّت لا يملك مالًا آخر يفي بأُجرة الحجّ، فإنّه مع الملك لا يتعيّن صرف خصوص ما عند الودعي و نحوه في الدين، بل الواجب صرف الجامع بينه و بين مال آخر، و الباقي في ملك الميّت حينئذٍ هو الكلّي، و أمّا شخص المال فهو للوارث فيجري فيه ما يجري في الوجه الآخر؛ ثمّ إنّه في فرض وجوب الصرف في الدين و نحوه و عدم جواز دفعه إلى الوارث لم تثبت ولاية لمن عنده المال على الصرف، فلا بدّ من الاستجازة من الحاكم الشرعيّ
(4). الخوئي: وجوب الصرف متوجّه إلى الوارث فقط، فكيف يكون ذلك من باب الحسبة؟
(5). الخوئي: لا وجه للضمان بعد ما لم يكن المال ملكاً للميّت
(6). مكارم الشيرازي: هكذا في بعض النسخ، و من الواضح زيادة «لا»؛ فيجب الدفع إليه، و الدليل على ذلك كونهم أولى من غيرهم بهذه الامور، بل قد يقال: إنّ المال أوّلًا يدخل في ملكهم
(7). مكارم الشيرازي: بل يجوز و لو في ضمن الأعمال إذا لم يزاحم ما عليه من حقّ الاستيجار. و يدلّ على ذلك مضافاً إلى أنّه موافق للقاعدة ما ورد في الباب 21 من أبواب النيابة، و تقييده في الرواية بما بعد الأعمال إشارة إلى عدم المزاحمة
العروة الوثقى مع التعليقات، ج2، ص: 409
مسألة 19: يجوز لمن أعطاه رجل مالًا لاستيجار الحجّ أن يحجّ بنفسه (1)، ما لم يعلم (2) أنّه أراد الاستيجار من الغير، و الأحوط عدم مباشرته (3) إلّا مع العلم بأنّ مراد المعطي حصول الحجّ في الخارج. و إذا عيّن شخصاً تعيّن، إلّا إذا علم عدم أهليّته (4) و أنّ المعطي مشتبه (5) في تعيينه، أو أنّ ذكره من باب أحد الأفراد.