الثالث: الاستطاعة من حيث المال و صحّة البدن و قوّته و تخلية السرب و سلامته و سعة الوقت و كفايته، بالإجماع و الكتاب و السنّة.
مسألة 1: لا خلاف و لا إشكال في عدم كفاية القدرة العقليّة في وجوب الحجّ، بل يشترط فيه الاستطاعة الشرعيّة (4)، و هي كما في جملة من الأخبار الزاد و الراحلة، فمع عدمهما
______________________________
(1). الامام الخميني: لا غرابة فيه، بل دعوى الانصراف بمكان من الغرابة، كما أنّ دعوى جريان جميع آثار الحرّيّة عليه في نوبته عهدتها على مدّعيها
(2). الگلپايگاني: لكنّ الانصراف ممنوع و إجراء الآثار في كلّ مورد بالدليل، مع أنّ الكليّة أيضاً محلّ إشكال و يشهد له تتبّع موارده
(3). الخوئي: فيه منع ظاهر
(4). مكارم الشيرازي: يمكن أن يقال: الاستطاعة المعتبرة في الحجّ هي الاستطاعة العرفيّة لا العقليّة و لا الشرعيّة التعبّديّة و لا العرفيّة بالقوّة، فاعتبار الزاد و الراحلة و غيرهما إنّما هو في صورة الحاجة إليها لا غير، و يدلّ على ذلك امور:
أوّلها: ظهور إطلاق الآية الشريفة و الروايات، و عدم الصارف عنها؛ و أمّا اعتبار الاستطاعة الشرعيّة، سواء كان بمعنى الشرط التعبّديّ أو ثبوت الحقيقة الشرعيّة لها، لا دليل عليه أبداً لا سيّما الثاني، إلّا بإخراج الأدلّة عن ظهورها أو الجمود على اعتبار الزاد و الراحلة من غير الاعتناء بما يفهمه العرف منها؛
ثانيها: استمرار السيرة من لدن زمن النبي صلى الله عليه و آله إلى يومنا هذا على حجّ المشاة، أو طىّ بعض الطريق راكباً و بعضه ماشياً، و لم يرد الإنكار عليه في روايات المعصومين: و هذا أيضاً يكشف عمّا ذكرنا؛
ثالثها: الروايات المصرّحة بما عرفت، الّتي لم يثبت إعراض الأصحاب عنها و لا يمكن حملها على الحجّ المندوب، كما لا يخفى على من راجعها؛ فلا تغترّ إذاً بإطلاق ظاهر الفتاوى باعتبار الراحلة في الاستطاعة، فإنّها كالنصوص ناظرة إلى المعنى العرفي
العروة الوثقى مع التعليقات، ج2، ص: 279
لا يجب و إن كان قادراً عليه عقلًا بالاكتساب و نحوه. و هل يكون اشتراط وجود الراحلة مختصّاً بصورة الحاجة إليها، لعدم قدرته على المشي أو كونه مشقّة عليه أو منافياً لشرفه، أو يشترط مطلقاً و لو مع عدم الحاجة إليه؟ مقتضى إطلاق الأخبار و الإجماعات المنقولة الثاني، و ذهب جماعة من المتأخّرين إلى الأوّل، لجملة من الأخبار المصرّحة بالوجوب إن أطاق المشي بعضاً أو كلًاّ، بدعوى أنّ مقتضى الجمع بينها و بين الأخبار الأوّلة حملها على صورة الحاجة، مع أنّها منزّلة على الغالب، بل انصرافها إليها؛ و الأقوى هو القول الثاني، لإعراض المشهور (1) عن هذه الأخبار مع كونها بمرأى منهم و مسمع، فاللازم طرحها أو حملها على بعض المحامل، كالحمل على الحجّ المندوب و إن كان بعيداً عن سياقها، مع أنّها مفسّرة للاستطاعة في الآية الشريفة. و حمل الآية على القدر المشترك بين الوجوب و الندب بعيد، أو حملها على من استقرّ عليه حجّة الإسلام سابقاً و هو أيضاً بعيد، أو نحو ذلك؛ و كيف كان، فالأقوى ما ذكرنا و إن كان لا ينبغي ترك الاحتياط بالعمل بالأخبار المزبورة، خصوصاً بالنسبة إلى من لا فرق عنده بين المشي و الركوب أو يكون المشي أسهل، لانصراف الأخبار الأوّلة عن هذه الصورة، بل لو لا الإجماعات المنقولة و الشهرة لكان هذا القول في غاية القوّة.
مسألة 2: لا فرق في اشتراط وجود الراحلة بين القريب و البعيد (2) حتّى بالنسبة إلى أهل مكّة، لإطلاق الأدلّة؛ فما عن جماعة من عدم اشتراطه بالنسبة إليهم، لا وجه له (3).
مسألة 3: لا يشترط وجودهما عيناً عنده، بل يكفي وجود ما يمكن صرفه في تحصيلهما
______________________________
(1). الخوئي: لا لذلك، بل لأنّ الأخبار بين ما هو ضعيف و ما لا دلالة له؛ و أمّا دعوى الانصراف فيما دلّ على وجوب الحجّ بالزاد و الراحلة فعهدتها على مدّعيها
(2). مكارم الشيرازي: قد مرّ عدم اعتبار الراحلة إلّا عند الحاجة إليها، لا سيّما بالنسبة إلى أهل مكّة، و سيرة المسلمين من لدن زمن النبي صلى الله عليه و آله إلى زماننا هذا قد استقرّت على خلافه، لوجود المشاة في الحاجّ دائماً، من دون فرق بين الواجب و المستحبّ؛ و أمّا بالنسبة إلى أهل مكّة، فالأمر أظهر، لأنّ الاستطاعة بمقتضى الآية الشريفة إنّما هو للوصول إليها، و هذا أمر حاصل بالنسبة إليهم، و لعمري أنّ الجمود الّذي يُرى من بعض الأعاظم- رحمهم اللّه جميعاً- في هذا المقام عجيب، لا يساعد عليه الأدلّة و لا فهم العرف
(3). الگلپايگاني: لكنّه لا يُترك الاحتياط في من أطاق منهم المشي إلى عرفات و العود منها بلا مهانة و لا مشقّة
العروة الوثقى مع التعليقات، ج2، ص: 280
من المال؛ من غير فرق بين النقود و الأملاك من البساتين و الدكّاكين و الخانات و نحوها. و لا يشترط إمكان حمل الزاد معه، بل يكفي إمكان تحصيله في المنازل بقدر الحاجة، و مع عدمه فيها يجب حمله (1) مع الإمكان؛ من غير فرق بين علف الدابّة و غيره (2)، و مع عدمه يسقط الوجوب.
مسألة 4: المراد بالزاد هنا، المأكول و المشروب و سائر ما يحتاج إليه المسافر من الأوعية الّتي يتوقّف عليها حمل المحتاج إليه و جميع ضروريّات ذلك السفر بحسب حاله قوّةً و ضعفاً، و زمانه حرّاً و برداً، و شأنه شرفاً و ضعةً؛ و المراد بالراحلة مطلق ما يركب و لو مثل السفينة في طريق البحر. و اللّازم وجود ما يناسب حاله بحسب القوّة و الضعف، بل الظاهر اعتباره من حيث الضعة و الشرف كمّاً و كيفاً (3)، فإذا كان من شأنه ركوب المحمل أو الكنيسة بحيث يعدّ ما دونهما نقصاً عليه، يشترط في الوجوب القدرة عليه، و لا يكفي ما دونه و إن كانت الآية و الأخبار مطلقة (4)، و ذلك لحكومة قاعدة نفي العسر و الحرج على الإطلاقات؛ نعم، إذا لم يكن بحدّ الحرج، وجب معه الحجّ و عليه يحمل ما في بعض الأخبار من وجوبه و لو على حمار أجدع مقطوع الذنب.
مسألة 5: إذا لم يكن عنده الزاد و لكن كان كسوباً (5) يمكنه تحصيله بالكسب في الطريق لأكله و شربه و غيرهما من بعض حوائجه، هل يجب عليه أو لا؟ الأقوى عدمه (6) و إن كان
______________________________
(1). الامام الخميني: وجوباً عقليّاً لا شرعيّاً
(2). مكارم الشيرازي: و من غير فرق بين زاد نفسه و زاد من يعينه على الحجّ عند الحاجة إليه
(3). مكارم الشيرازي: لكنّ المراد بالضعة و الشرف ليس الاعتبارات الوهميّة الموجودة عند كثير من الناس، بل يختصّ بما يعدّ عيباً و نقصاً و مهانةً و ذلّةً
(4). الگلپايگاني: فيه إشكال، بل لا يبعد عدم صدق الاستطاعة فيما يتوقّف الحجّ على ما فيه هدم لشرفه و إن لم يكن بحدّ الحرج، و الأخبار محمولة على غير هذه الصورة
مكارم الشيرازي: إطلاق الآية و الأخبار من هذه الجهة غير معلوم، بل هي منصرفة إلى ما لا يوجب المهانة و الذلّ و العسر و الحرج، و لا أقلّ من الشكّ في إطلاقها، فإذاً لا نحتاج إلى دليل للتقييد أو التخصيص كدليل الحرج و الضرر، حتّى يقال قد لا تصل المهانة إلى هذا الحدّ؛ و أمّا ما ورد في روايات عديدة من «وجوبه و لو على حمار أجدع» أو شبهه، فهي ناظرة إلى ما لا يلزم منه ما ذكر
(5). مكارم الشيرازي: و لكن لا يكفيه عن حجّة الإسلام، بعد ما عرفت من أنّ الأقوى عدم وجوبه عليه
(6). الامام الخميني: و لا يجزي عن حجّة الإسلام لو تكلّف بإتيانه
العروة الوثقى مع التعليقات، ج2، ص: 281
أحوط (1).
مسألة 6: إنّما يعتبر الاستطاعة من مكانه، لا من بلده (2)؛ فالعراقيّ إذا استطاع و هو في الشام وجب عليه و إن لم يكن عنده بقدر الاستطاعة من العراق، بل لو مشى إلى ما قبل الميقات متسكّعاً أو لحاجة اخرى من تجارة أو غيرها و كان له هناك ما يمكن أن يحجّ به وجب عليه، بل لو أحرم متسكّعاً فاستطاع و كان أمامه ميقات آخر، أمكن أن يقال (3) بالوجوب عليه و إن كان لا يخلو عن إشكال.
مسألة 7: إذا كان من شأنه ركوب المحمل (4) أو الكنيسة و لم يوجد، سقط الوجوب؛ و لو وجد و لم يوجد شريك للشقّ الآخر، فإن لم يتمكّن من اجرة الشقّين سقط أيضاً، و إن تمكّن فالظاهر الوجوب (5) لصدق الاستطاعة؛ فلا وجه لما عن العلّامة من التوقّف فيه، لأنّ بذل المال له خسران، لا مقابل له؛ نعم، لو كان بذله مجحفاً (6) و مضرّاً بحاله لم يجب (7)، كما هو الحال في شراء ماء الوضوء.
مسألة 8: غلاء أسعار ما يحتاج إليه أو اجرة المركوب في تلك السنة لا يوجب السقوط و لا يجوز التأخير عن تلك السنة مع تمكّنه من القيمة، بل و كذا لو توقّف على الشراء بأزيد من ثمن المثل و القيمة المتعارفة، بل و كذا لو توقّف على بيع أملاكه بأقلّ من ثمن المثل (8)، لعدم
______________________________
(1). الگلپايگاني: لكنّه لو عمل بهذا الاحتياط لا يُترك الاحتياط بتكرار الحجّ بعد الاستطاعة، إلّا إذا كان مستطيعاً من الميقات في الأوّل
(2). مكارم الشيرازي: نعم، صرّح بعضهم كالشهيد الثاني فيما حكي عنه باعتبار كون الحجّ من بلده الّذي توطّنه، و لكن لا دليل عليه بعد إطلاق الأدلّة؛ و وجوب الحجّ البلديّ عن الميّت، على القول به، لا ربط له بما نحن فيه، و سيأتي عدم وجوبه أيضاً إن شاء اللّه
(3). الخوئي: بل هو المتعيّن، لكشف الاستطاعة عن عدم الأمر الندبي حين الإحرام، فيجب عليه الإحرام للحجّ ثانياً، سواء أ كان أمامه ميقات آخر أم لم يكن
(4). مكارم الشيرازي: قد عرفت معنى الشأن في هذه الموارد في المسألة الرابعة، فلا نعيد
(5). الخوئي: فيه إشكال، لأنّه لا يجب تحمّل الضرر الزائد على مصارف الحجّ؛ و منه يظهر الحال في المسألة الآتية
(6). الامام الخميني: الميزان صيرورة الحجّ حرجيّاً عليه، و كذا الحال في المسألة الآتية كما أشار إليه الماتن قدس سره
(7). الگلپايگاني: بل يجب إلّا إذا لم يصدق عليه المستطيع
(8). مكارم الشيرازي: في إطلاقه تأمّل، بل المدار في ذلك كلّه على الاستطاعة العرفيّة، و من الواضح أنّه لو لم يكن عنده مال و اضطرّ إلى بيع بعض أملاكه بعشر قيمتها مثلًا لا يعدّ مستطيعاً عرفاً و إن كان له أملاك كثيرة و كذا ما أشبهه، فلا نحتاج إلى أدلّة نفي الضرر و الحرج و إن كانت منطبقة على ما نحن فيه أحياناً
العروة الوثقى مع التعليقات، ج2، ص: 282
وجود راغب في القيمة المتعارفة؛ فما عن الشيخ من سقوط الوجوب، ضعيف؛ نعم، لو كان الضرر مجحفاً بماله مضرّاً بحاله (1)، لم يجب، و إلّا فمطلق الضرر لا يرفع الوجوب بعد صدق الاستطاعة و شمول الأدلّة، فالمناط هو الإجحاف و الوصول إلى حدّ الحرج الرافع للتكليف.
مسألة 9: لا يكفي في وجوب الحجّ وجود نفقة الذهاب فقط، بل يشترط وجود نفقة العود إلى وطنه إن أراده و إن لم يكن له فيه أهل و لا مسكن مملوك و لو بالإجارة، للحرج في التكليف بالإقامة في غير وطنه المألوف له؛ نعم، إذا لم يرد العود أو كان وحيداً لا تعلّق له بوطن، لم يعتبر وجود نفقة العود، لإطلاق الآية و الأخبار في كفاية وجود نفقة الذهاب. و إذا أراد السكنى في بلد آخر غير وطنه، لا بدّ من وجود النفقة إليه إذا لم يكن أبعد (2) من وطنه (3)، و إلّا فالظاهر كفاية مقدار العود إلى وطنه.
مسألة 10: قد عرفت أنّه لا يشترط وجود أعيان ما يحتاج إليه في نفقة الحجّ من الزاد و الراحلة، و لا وجود أثمانها من النقود، بل يجب عليه بيع ما عنده من الأموال لشرائها، لكن يستثنى من ذلك ما يحتاج إليه في ضروريّات معاشه، فلا تُباع دار سكناه اللائقة بحاله و لا خادمه المحتاج إليه و لا ثياب تجمّله اللائقة بحاله، فضلًا عن ثياب مهنته، و لا أثاث بيته من الفراش و الأواني و غيرهما ممّا هو محلّ حاجته، بل و لا حليّ المرأة مع حاجتها بالمقدار اللائق بها بحسب حالها في زمانها و مكانها، و لا كتب العلم لأهله الّتي لا بدّ له منها (4) فيما
______________________________
(1). الگلپايگاني: على نحوٍ لم يصدق عليه المستطيع، كما مرّ
(2). الامام الخميني: ليست الأبعديّة دخيلة في ذلك، بل الميزان هو أكثريّة النفقة؛ نعم، لو كان السكنى لضرورة ألجأته إليه، يعتبر العود و لو مع أكثريّتها
(3). الگلپايگاني: بل لا يكون نفقة الذهاب إليه أكثر من نفقة العود إلى وطنه؛ نعم، إذا اضطرّ إليه فيعتبر وجود النفقة إليه مطلقاً
مكارم الشيرازي: الأولى أن يقال: إذا لم يكن أكثر مئونة من وطنه؛ فإنّ مجرّد الأبعديّة لا يكون موجباً لكثرة المئونة دائماً، بل قد يكون الأبعد أقلّ مئونة من الأقرب
(4). مكارم الشيرازي: تقييد الكتب العلميّة بكونها ممّا لا بدّ منها، بل و كذا كون العلم ممّا يجب تحصيله، لا موجب له، بل يكفي كونهما لائقين بحاله كما في اللباس و الحليّ و غيرها
العروة الوثقى مع التعليقات، ج2، ص: 283
يجب تحصيله، لأنّ الضرورة الدينيّة أعظم من الدنيويّة، و لا آلات الصنائع المحتاج إليها في معاشه، و لا فرس ركوبه مع الحاجة إليه، و لا سلاحه و لا سائر ما يحتاج إليه، لاستلزام التكليف بصرفها في الحجّ العُسرَ و الحرجَ (1). و لا يعتبر فيها الحاجة الفعليّة؛ فلا وجه لما عن كشف اللثام من أنّ فرسه إن كان صالحاً لركوبه في طريق الحجّ فهو من الراحلة، و إلّا فهو في مسيره إلى الحجّ لا يفتقر إليه بل يفتقر إلى غيره، و لا دليل على عدم وجوب بيعه حينئذٍ؛ كما لا وجه لما عن الدروس من التوقّف في استثناء ما يضطرّ إليه من أمتعة المنزل و السلاح و آلات الصنائع؛ فالأقوى استثناء جميع ما يحتاج إليه في معاشه ممّا يكون إيجاب بيعه مستلزماً للعسر و الحرج؛ نعم، لو زادت أعيان المذكورات عن مقدار الحاجة وجب بيع الزائد في نفقة الحجّ، و كذا لو استغنى عنها بعد الحاجة، كما في حليّ المرأة إذا كبرت عنه و نحوه.
مسألة 11: لو كان بيده دار موقوفة (2) تكفيه لسكناه و كان عنده دار مملوكة، فالظاهر وجوب بيع المملوكة (3) إذا كانت وافية لمصارف الحجّ أو متمّمة لها، و كذا في الكتب المحتاج
______________________________
(1). الامام الخميني: و لإمكان دعوى عدم صدق المستطيع عرفاً على من يمكنه السفر بصرف ضروريّاته، خصوصاً ما يخلّ بمعاشه و اكتسابه
الگلپايگاني: في استلزام التكليف بصرفها في الحجّ العسر و الحرج الرافعين للتكليف تأمّل و إشكال، لكن لا يبعد عدم صدق الاستطاعة عرفاً فيما يتوقّف الحجّ على هدم أساس الحضر و إن لم يكن بحرج
مكارم الشيرازي: المدار دائماً على الاستطاعة العرفيّة و ليس مدارها على ما لا يلزم منه العُسر، بل هي أمر عرفيّ مستقلّ عنه و دائرتها العسر و الحرج جدّاً، فكثيراً ما لا يلزم من بيع بعض الثياب أو تبديل الدار بدار أقلّ قيمةً أو بيع الحليّ و غيرها العسر و الحرج، مع أنّ الاستطاعة العرفيّة غير موجودة، فلا يجبر المكلّف ببيعها و تحصيل الاستطاعة؛ و هكذا الكلام في المركب و السلاح و آلات الصناعة و شبهها. دليلنا ظهور لفظ الاستطاعة في الآية الشريفة و روايات الباب فيما ذكرنا، بل و جريان السيرة المستمرّة عليه
(2). الگلپايگاني: بالوقف الخاصّ، و إلّا ففي وجوب بيع المملوكة إشكال، إلّا مع صدق الاستغناء عنها و عدم الحاجة إليها
(3). مكارم الشيرازي: الظهور ممنوع، لأنّ المتعارف في غالب الناس كون دار مملوك لهم من شئونهم، سواء في حياتهم أو لأطفالهم الصغار بعد وفاتهم و إن أمكنهم رفع الحاجة بدار موقوفة، و لذا كلّ من يقدر على ذلك ينتقل من الموقوفة إلى المملوكة؛ فما ذكره مجرّد فرض غالباً، لا سيّما إذا كان الوقف عامّاً ينتفع منه غيره أيضاً، و الحاصل أنّه ليس المدار على العسر و الحرج كما ذكره، بل عنوان الاستطاعة عنوان مستقلّ برأسه، كما عرفت
العروة الوثقى مع التعليقات، ج2، ص: 284
إليها إذا كان عنده من الموقوفة مقدار كفايته، فيجب بيع المملوكة منها، و كذا الحال في سائر المستثنيات إذا ارتفعت حاجته فيها بغير المملوكة، لصدق الاستطاعة حينئذٍ إذا لم يكن ذلك منافياً لشأنه (1) و لم يكن عليه حرج في ذلك؛ نعم، لو لم تكن موجودة و أمكنه تحصيلها، لم يجب عليه ذلك (2)، فلا يجب بيع ما عنده و في ملكه؛ و الفرق عدم صدق الاستطاعة في هذه الصورة بخلاف الصورة الاولى، إلّا إذا حصلت بلا سعي منه أو حصلها مع عدم وجوبه، فإنّه بعد التحصيل يكون كالحاصل أوّلًا.
مسألة 12: لو لم تكن المستثنيات زائدة عن اللائق بحاله بحسب عينها، لكن كانت زائدة بحسب القيمة و أمكن تبديلها بما يكون أقلّ قيمة مع كونه لائقاً بحاله أيضاً، فهل يجب التبديل للصرف في نفقة الحجّ أو لتتميمها؟ قولان، من صدق الاستطاعة، و من عدم زيادة العين عن مقدار الحاجة، و الأصل عدم وجوب التبديل؛ و الأقوى الأوّل إذا لم يكن فيه حرج أو نقص عليه و كانت الزيادة معتدّاً بها، كما إذا كانت له دار تسوّي مائة و أمكن تبديلها بما يسوّي خمسين مع كونه لائقاً بحاله من غير عُسر، فإنّه يصدق الاستطاعة؛ نعم، لو كانت الزيادة قليلة جدّاً (3) بحيث لا يعتنى بها (4)، أمكن دعوى عدم الوجوب (5) و إن كان
______________________________
(1). الامام الخميني: و لا معرضاً للزوال، و إلّا لم تصدق الاستطاعة
الگلپايگاني: و لا معرضاً للزوال من قبل المتولّي أو الشركاء بحيث لم تحسب المملوكة زائدة عن حاجته عرفاً
(2). الخوئي: فيه إشكال، فإنّ المفروض أنّ عنده ما يحجّ به و لا حرج عليه في صرفه في الحجّ بعد قدرته على تحصيل الدار و غيرها ممّا يحتاج إليه، و الفرق بين المقام و تحصيل ما يحجّ به ظاهر
(3). الامام الخميني: مع فرض الزيادة لا تأثير للقلّة إذا كانت متمّمة؛ فالأقوى وجوب التبديل
(4). الگلپايگاني: بحيث لم يحسب زائداً عن الحاجة
(5). الخوئي: لكنّها بعيدة جدّاً
مكارم الشيرازي: و هكذا إذا كانت الزيادة كثيرة و لكن لا يعدّ إسرافاً في حقّه و زائداً عن شأنه، و إن شئت قلت: إنّ الشأن قد يكون ذو مراتب؛ منه ما يكون في الحدّ الأقلّ بحيث يكون الأنقص منه عيباً و مهانةً، و قد يكون في الحدّ الأعلى بحيث يكون أزيد منه إسرافاً و خروجاً عن زيّه؛ فيجوز بين الحدّين و إن كان الفرق كثيراً، و ذلك لأنّ بيع الدار مثلًا خارج عن موضوع الاستطاعة (و الدور مختلفة جدّاً) مضافاً إلى استقرار السيرة على ما ذكرنا
العروة الوثقى مع التعليقات، ج2، ص: 285
الأحوط التبديل أيضاً.
مسألة 13: إذا لم يكن عنده من أعيان المستثنيات، لكن كان عنده ما يمكن شراؤها به من النقود أو نحوها، ففي جواز شرائها و ترك الحجّ إشكال، بل الأقوى عدم جوازه (1)، إلّا أن يكون عدمها موجباً للحرج عليه، فالمدار في ذلك هو الحرج (2) و عدمه، و حينئذٍ فإن كانت موجودة عنده لا يجب بيعها إلّا مع عدم الحاجة، و إن لم يكن موجودة لا يجوز شراؤها إلّا مع لزوم الحرج في تركه، و لو كانت موجودة و باعها بقصد التبديل بآخر لم يجب صرف ثمنها في الحجّ، فحكم ثمنها حكمها، و لو باعها لا بقصد التبديل وجب بعد البيع صرف ثمنها في الحجّ إلّا مع الضرورة إليها (3) على حدّ الحرج (4) في عدمها.
مسألة 14: إذا كان عنده مقدار ما يكفيه للحجّ و نازعته نفسه إلى النكاح، صرّح جماعة بوجوب الحجّ و تقديمه على التزويج، بل قال بعضهم: و إن شقّ عليه ترك التزويج؛ و الأقوى وفاقاً لجماعة اخرى، عدم وجوبه مع كون ترك التزويج حرجاً عليه (5) أو موجباً لحدوث مرض أو للوقوع في الزنا (6) و نحوه؛ نعم، لو كانت عنده زوجة واجبة النفقة و لم يكن
______________________________
(1). مكارم الشيرازي: الأقوى جواز ابتياع الدار الّذي مورد الحاجة و ترك الحجّ، لأنّه لا يعدّ مستطيعاً عرفاً، و قد عرفت أنّ المعتبر في الاستطاعة هو الاستطاعة العرفيّة و لا يشترط فيها الحرج كما عرفت، و لا فرق عند العرف بين الدار الموجود و بين ثمنه إذا صرفه فيه
(2). الامام الخميني: بل لا يبعد عدم صدق الاستطاعة عرفاً إذا كان عنده ما يحتاج إلى صرفه في ضروريّات معاشه و مكسبه؛ من غير فرق بين كون النقد عنده ابتداء أو بالبيع بقصد التبديل أو لا بقصده
(3). الخوئي: هذا مع بنائه على صرف الثمن فيها جزماً أو احتمالًا، و أمّا مع بنائه على العدم فالظاهر هو وجوب الصرف في الحجّ لعدم كونه حرجيّاً عندئذٍ
(4). مكارم الشيرازي: هذا إذا كان بانياً على عدم اشتراء الدار و شبهه، كمن كان بانياً على القناعة بالدار الاستيجاري طول حياته، فمثله يعدّ مستطيعاً مع النقد الموجود
(5). مكارم الشيرازي: قد عرفت أنّه لا يعتبر الحرج في أمثال المقام، بل إذا عدّ التزويج من حاجاته العرفيّة يجوز له صرف المال فيه و ترك الحجّ، إلّا إذا أعرض عنه و بنى على عدمه. و العجب أنّه جعل المدار في ذيل كلامه على الاستطاعة العرفيّة، و في صدره على الحرج و المرض و الخوف من الوقوع في الزنا، مع أنّ مدار المسألة واحد
(6). الخوئي: العلم بالوقوع في الزنا اختياراً لا يجوّز ترك الحجّ
العروة الوثقى مع التعليقات، ج2، ص: 286
له حاجة فيها، لا يجب أن يطلّقها و صرف مقدار نفقتها في تتميم مصرف الحجّ، لعدم صدق الاستطاعة عرفاً.
مسألة 15: إذا لم يكن عنده ما يحجّ به، و لكن كان له دين على شخص بمقدار مئونته أو بما تتمّ به مئونته، فاللازم اقتضاؤه و صرفه في الحجّ إذا كان الدين حالًّا و كان المديون باذلًا، لصدق الاستطاعة حينئذٍ، و كذا إذا كان مماطلًا و أمكن إجباره بإعانة متسلّط، أو كان منكراً و أمكن إثباته عند الحاكم الشرعيّ و أخذه بلا كلفة و حرج، بل و كذا إذا توقّف استيفاؤه على الرجوع إلى حاكم الجور بناءً على ما هو الأقوى من جواز الرجوع إليه مع توقّف استيفاء الحقّ عليه، لأنّه حينئذٍ يكون واجباً بعد صدق الاستطاعة، لكونه مقدّمة للواجب المطلق، و كذا لو كان الدين مؤجّلًا و كان المديون باذلًا قبل الأجل (1) لو طالبه (2)؛ و منع صاحب الجواهر الوجوب حينئذٍ بدعوى عدم صدق الاستطاعة، محلّ منع (3). و أمّا لو كان المديون معسراً أو مماطلًا لا يمكن إجباره أو منكراً للدين و لم يمكن إثباته أو كان الترافع مستلزماً للحرج أو كان الدين مؤجّلًا مع عدم كون المديون باذلًا، فلا يجب (4)، بل الظاهر (5) عدم الوجوب لو لم يكن واثقاً ببذله مع المطالبة (6).
مسألة 16: لا يجب الاقتراض للحجّ إذا لم يكن له مال و إن كان قادراً على وفائه بعد ذلك بسهولة، لأنّه تحصيل للاستطاعة و هو غير واجب (7)؛ نعم، لو كان له مال غائب
______________________________
(1). الگلپايگاني: بلا استدعاء و أمّا الاستدعاء فهو تحصيل للاستطاعة و وجوبه ممنوع
(2). الخوئي: فإنّ له ما يحجّ به بالفعل و هو متمكّن من صرفه فيه و لو بالمطالبة
مكارم الشيرازي: بحيث عدّ في نظر العرف كالمال الموجود لا كتحصيل المال، و المقامات مختلفة؛ ففي الفرض الأوّل يعدّ مستطيعاً عرفاً دون الثاني
(3). الامام الخميني: بل وجيه إن كان البذل موقوفاً على المطالبة كما هو المفروض
(4). الخوئي: هذا إذا لم يمكن بيع الدين بما يفي بمصارف الحجّ و لو بتتميم ما عنده فيما إذا لم يكن فيه حرج أو ضرر
(5). الگلپايگاني: بل الأحوط في الفرض المطالبة، لاحتمال الاستطاعة مع التمكّن من الفحص
(6). مكارم الشيرازي: لا يبعد وجوب المطالبة إذا احتمل البذل، مع الشرط الّذي ذكرناه في المسألة السابقة، لأنّه يكون كالمحاسبة و الاختبار لكشف الحال و كونه مستطيعاً أم لا، الّتي لا إشكال في وجوبها
(7). مكارم الشيرازي: بل لا يكون تحصيلًا للاستطاعة، لأنّ المال الموجود بالاقتراض لا يجعل الإنسان مستطيعاً عرفاً و إن صار مستطيعاً عقلًا
العروة الوثقى مع التعليقات، ج2، ص: 287
لا يمكن صرفه في الحجّ فعلًا أو مال حاضر لا راغب في شرائه أو دين مؤجّل لا يكون المديون باذلًا له قبل الأجل، و أمكنه الاستقراض و الصرف في الحجّ ثمّ وفاؤه بعد ذلك، فالظاهر (1) وجوبه (2)، لصدق الاستطاعة حينئذٍ عرفاً، إلّا إذا لم يكن واثقاً بوصول الغائب أو حصول الدين بعد ذلك، فحينئذٍ لا يجب الاستقراض، لعدم صدق الاستطاعة في هذه الصورة.
مسألة 17: إذا كان عنده ما يكفيه للحجّ و كان عليه دين، ففي كونه مانعاً عن وجوب الحجّ مطلقاً، سواء كان حالًّا مطالباً به أو لا أو كونه مؤجّلًا أو عدم كونه مانعاً إلّا مع الحلول و المطالبة أو كونه مانعاً إلّا مع التأجيل أو الحلول مع عدم المطالبة أو كونه مانعاً إلّا مع التأجيل و سعة الأجل للحجّ و العود، أقوال؛ و الأقوى كونه مانعاً إلّا مع التأجيل و الوثوق بالتمكّن من أداء الدين إذا صرف ما عنده في الحجّ، و ذلك لعدم صدق الاستطاعة (3) في غير هذه الصورة، و هي المناط في الوجوب لا مجرّد كونه مالكاً للمال و جواز التصرّف فيه بأىّ وجه أراد؛ و عدم المطالبة في صورة الحلول أو الرضا بالتأخير لا ينفع في صدق الاستطاعة؛ نعم، لا يبعد الصدق إذا كان واثقاً بالتمكّن من الأداء مع فعليّة الرضا بالتأخير من الدائن، و الأخبار الدالّة على جواز الحجّ لمن عليه دين لا تنفع في الوجوب و في كونه حجّة الإسلام؛ و أمّا صحيح معاوية بن عمّار عن الصادق عليه السلام عن رجل عليه دين أ عليه أن يحجّ؟ قال: «نعم، إنّ حجّة الإسلام واجبة على من أطاق المشي من المسلمين» و خبر عبد الرحمن عنه عليه السلام أنّه قال: «الحجّ واجب على الرجل و إن كان عليه دين»، فمحمولان على الصورة الّتي ذكرنا (4)، أو
______________________________
(1). الگلپايگاني: فيه تأمّل و إشكال
الامام الخميني: بل الظاهر عدم وجوبه و من قبيل تحصيل الاستطاعة
(2). الخوئي: بل الظاهر عدمه؛ نعم، إذا أمكن بيع المال الغائب بلا ضرر مترتّب عليه، وجب البيع أو الاستقراض
مكارم الشيرازي: إذا لم يكن فيه ذلّ و مهانة، بل كلّ الاستقراض في مثله متعارفاً في سائر الحوائج، هذا بالنسبة إلى ما قبل الاقتراض؛ و أمّا بعده فلا إشكال في صدق الاستطاعة عليه مطلقاً
(3). الخوئي: الاستطاعة قد فسّرت في الروايات بالتمكّن من الزاد و الراحلة، و المفروض في المقام تحقّقها، فيقع التزاحم بين وجوب الحجّ و وجوب أداء الدين، لكن وجوب أداء الدين أهمّ فيقدّم فيما إذا كان صرف المال في الحجّ منافياً للأداء و لو في المستقبل؛ و بذلك يظهر الحال في بقيّة المسألة
(4). مكارم الشيرازي: يمكن أن يقال: ظاهر الرواية الاولى وجوب الحجّ عليه إذا أطاق المشي و لم يحتج إلى مصارف زائدة، فلا يحمل على الاستحباب، بناءً على ما عرفت من أنّ اشتراط وجود الراحلة إنّما هو في فرض الحاجة، و يحتمل حمل الثاني أيضاً عليه؛ و أمّا حملهما على الاستحباب أو على من استقرّ عليه الحجّ، فكلاهما بعيدان
العروة الوثقى مع التعليقات، ج2، ص: 288
على من استقرّ عليه الحجّ سابقاً و إن كان لا يخلو عن إشكال كما سيظهر، فالأولى الحمل الأوّل. و أمّا ما يظهر من صاحب المستند من أنّ كلًاّ من أداء الدين و الحجّ واجب، فاللازم بعد عدم الترجيح التخيير بينهما في صورة الحلول مع المطالبة أو التأجيل مع عدم سعة الأجل للذهاب و العود، و تقديم الحجّ في صورة الحلول مع الرضا بالتأخير أو التأجيل مع سعة الأجل للحجّ و العود و لو مع عدم الوثوق بالتمكّن من أداء الدين بعد ذلك، حيث لا يجب المبادرة إلى الأداء فيهما فيبقى وجوب الحجّ بلا مزاحم، ففيه: أنّه لا وجه للتخيير في الصورتين الاوليين، و لا لتعيين تقديم الحجّ في الأخيرتين بعد كون الوجوب تخييراً أو تعييناً مشروطاً بالاستطاعة الغير الصادقة في المقام، خصوصاً مع المطالبة و عدم الرضا بالتأخير، مع أنّ التخيير فرع كون الواجبين مطلقين و في عرض واحد و المفروض أنّ وجوب أداء الدين مطلق، بخلاف وجوب الحجّ فإنّه مشروط بالاستطاعة (1) الشرعيّة (2)؛ نعم، لو استقرّ عليه وجوب الحجّ سابقاً، فالظاهر التخيير (3)، لأنّهما حينئذٍ في عرض واحد و إن كان يحتمل تقديم الدين إذا كان حالًّا مع المطالبة، أو مع عدم الرضا بالتأخير لأهميّة حقّ الناس من حقّ اللّه، لكنّه ممنوع (4)، و لذا لو فرض كونهما عليه بعد الموت
______________________________
(1). مكارم الشيرازي: و خلاصة الكلام أنّه إذا تعارض واجبان أحدهما مطلق و الآخر مشروط، و العمل بالمطلق يوجب انتفاء الشرط، فاللازم تقديم المطلق لانتفاء المشروط بانتفاء شرطه، و المقام من هذا القبيل
(2). الامام الخميني: و هي غير حاصلة، لا العقليّة حتّى تكون حاصلة مزاحمة، فالقيد في محلّه
الگلپايگاني: القيد غير محتاج إليه، لعدم صدق الاستطاعة مع الدين عرفاً ما لم يتمكّن المديون من الجمع بين الحجّ و أداء الدين، كما أنّه لا يبتني على القول باشتراط الرجوع إلى الكفاية كما عن بعض الأعاظم
مكارم الشيرازي: قد عرفت أنّ المعتبر الاستطاعة العرفيّة؛ هذا مضافاً إلى أنّه لا أثر لهذا القيد هنا، لأنّ الاستطاعة بكلا المعنيين منتفية هنا
(3). الامام الخميني: إن لم يمكنه الجمع و لو بالحجّ متسكّعاً
الگلپايگاني: إذا لم يقدر إلّا على أحدهما، و إلّا يجب الجمع و لو كان متسكّعاً في حجّه
(4). مكارم الشيرازي: و هو جيّد، لأنّ ما اشتهر من أنّ حقّ الناس مقدّم على حقّ اللّه مطلقاً غير ثابت، بل قد يكون بالعكس و لا بدّ أن يقدّم حقّ اللّه، و قد يستويان، و المقامات مختلفة، كما لا يخفى على من لاحظ أبواب الفقه؛ و على كلّ حال، الأخذ بالتخيير هنا قويّ، إلّا إذا قدر على الجمع فإنّه يجمع بينهما
العروة الوثقى مع التعليقات، ج2، ص: 289
يوزّع المال عليهما (1) و لا يقدّم دين الناس، و يحتمل تقديم الأسبق منهما في الوجوب، لكنّه أيضاً لا وجه له، كما لا يخفى.
مسألة 18: لا فرق في كون الدين مانعاً (2) من وجوب الحجّ بين أن يكون سابقاً على حصول المال بقدر الاستطاعة أو لا، كما إذا استطاع للحجّ ثمّ عرض عليه دين بأن أتلف مال الغير مثلًا على وجه الضمان من دون تعمّد قبل خروج الرفقة أو بعده قبل أن يخرج هو أو بعد خروجه قبل الشروع في الأعمال، فحاله حال تلف المال من دون دين (3)، فإنّه يكشف عن عدم كونه مستطيعاً.
مسألة 19: إذا كان عليه خمس أو زكاة و كان عنده مقدار ما يكفيه للحجّ لولاهما، فحالهما حال الدين مع المطالبة، لأنّ المستحقّين لهما مطالبون فيجب صرفه فيهما و لا يكون مستطيعاً (4)؛ و إن كان الحجّ مستقرّاً عليه سابقاً، يجيء الوجوه المذكورة، من التخيير أو تقديم حقّ الناس (5) أو تقديم الأسبق (6)، هذا إذا كان الخمس أو الزكاة في ذمّته؛ و أمّا إذا كانا في عين ماله فلا إشكال في تقديمهما على الحجّ؛ سواء كان مستقرّاً عليه أو لا، كما أنّهما يقدّمان على ديون الناس أيضاً. و لو حصلت الاستطاعة و الدين و الخمس و الزكاة معاً، فكما لو سبق الدين.
مسألة 20: إذا كان عليه دين مؤجّل بأجل طويل جدّاً (7) كما بعد خمسين سنة، فالظاهر
______________________________
(1). الخوئي: التوزيع إنّما هو في فرض كفاية المال لهما، و إلّا فلا بدّ من صرفه في الحجّ بمقتضى النصّ، و لولاه كان المتعيّن الصرف في الدين
(2). الخوئي: على ما عرفت [في المسألة السابقة]
(3). مكارم الشيرازي: يعني تلف ماله الّذي يحجّ به، فإنّ الدين يكون بمنزلة تلف هذا المال
(4). الخوئي: بل هو مستطيع كما مرّ، لكنّه مع ذلك يجب صرف المال فيهما و بالصرف تزول الاستطاعة
(5). الخوئي: تقدّم أنّه المتعيّن
(6). مكارم الشيرازي: قد عرفت أنّ الأقوى هو التخيير، لعدم دليل على تقديم شيء منها
(7). مكارم الشيرازي: قد عرفت أنّ الأمد الطويل غير لازم، بل المدار على عدم كونه مطالباً فعلًا مع أنّه يقدر على أدائه بعداً
العروة الوثقى مع التعليقات، ج2، ص: 290
عدم منعه عن الاستطاعة، و كذا إذا كان الديّان مسامحاً في أصله، كما في مهور نساء أهل الهند، فإنّهم يجعلون المهر ما لا يقدر الزوج على أدائه كمأة ألف روپية أو خمسين ألف، لإظهار الجلالة، و ليسوا مقيّدين بالإعطاء و الأخذ، فمثل ذلك لا يمنع من الاستطاعة و وجوب الحجّ، و كالدين ممّن بناؤه على الإبراء (1) إذا لم يتمكّن المديون من الأداء أو واعده بالإبراء بعد ذلك.
مسألة 21: إذا شكّ في مقدار ماله و أنّه وصل إلى حدّ الاستطاعة أو لا، هل يجب عليه الفحص أم لا؟ وجهان (2)؛ أحوطهما ذلك (3)؛ و كذا إذا علم مقداره و شكّ في مقدار مصرف الحجّ و أنّه يكفيه أو لا.
مسألة 22: لو كان بيده مقدار نفقة الذهاب و الإياب و كان له مال غائب لو كان باقياً يكفيه في رواج أمره بعد العود، لكن لا يعلم بقاؤه أو عدم بقائه، فالظاهر (4) وجوب الحجّ بهذا الّذي بيده، استصحاباً لبقاء الغائب (5)، فهو كما لو شكّ في أنّ أمواله الحاضرة تبقى إلى ما بعد العود أو لا، فلا يعدّ (6) من الأصل المثبت.
______________________________
(1). الامام الخميني: مع الاطمينان به و بإنجاز وعده
الگلپايگاني: و كان واثقاً به، و كذا في الإيفاء بوعده
مكارم الشيرازي: إذا لم يكن في قبول الإبراء مهانةً و ذلّةً و كان ممّن وعده موثوق به
(2). الخوئي: أظهرهما عدم الوجوب، و كذلك فيما بعده
(3). مكارم الشيرازي: بل الأقوى وجوب الفحص فيما لا يعلم عادةً إلّا به، لبناء العقلاء على ذلك و إمضاء الشارع له، و مثله مستثنى من عدم وجوب الفحص في الشبهات الموضوعيّة الّذي دليله الإجماع أو الإطلاقات، كما حقّقناه في محلّه
(4). الگلپايگاني: مشكل، لكنّه أحوط مع العجز عن الفحص؛ و الشكّ في بقاء الأموال الحاضرة مورد للأصل العقلائي، فلا يقاس به
(5). الخوئي: الحكم و إن كان كما ذكره، لكنّ التعليل عليل فإنّ الأصل مثبت
مكارم الشيرازي: قد يقال: إنّ استصحاب المال الغائب لا يثبت كونه في يده بعد الرجوع، فإنّه من الأصل المثبت، و لكن يمكن أن يجاب عنه بأنّ مجرّد وجوده بحكم الاستصحاب في موطن يمكن الوصول إليه كافٍ في صدق الاستطاعة و لا يحتاج إلى أمر آخر
(6). الامام الخميني: لأنّ موضوع وجوب الحجّ مركّب محرز بالأصل و الوجدان، و تنظيره صحيح من وجه و إن كان له فارق من جهة
العروة الوثقى مع التعليقات، ج2، ص: 291
مسألة 23: إذا حصل عنده مقدار ما يكفيه للحجّ، يجوز له (1) قبل أن يتمكّن من المسير أن يتصرّف فيه بما يخرجه عن الاستطاعة (2)؛ و أمّا بعد التمكّن منه فلا يجوز (3) و إن كان قبل خروج الرفقة، و لو تصرّف بما يخرجه عنها بقيت ذمّته مشغولة به، و الظاهر صحّة التصرّف مثل الهبة و العتق و إن كان فعل حراماً، لأنّ النهي متعلّق بأمر خارج؛ نعم، لو كان قصده في ذلك التصرّف الفرار من الحجّ لا لغرض شرعيّ، أمكن أن يقال (4) بعدم الصحّة (5)، و الظاهر أنّ المناط في عدم جواز التصرّف المخرج هو التمكّن في تلك السنة، فلو لم يتمكّن فيها و لكن يتمكّن في السنة الاخرى (6) لم يمنع عن جواز التصرّف، فلا يجب إبقاء المال إلى العام القابل إذا كان له مانع في هذه السنة، فليس حاله حال من يكون بلده بعيداً عن مكّة بمسافة سنتين.
مسألة 24: إذا كان له مال غائب بقدر الاستطاعة وحده أو منضمّاً إلى ماله الحاضر و تمكّن من التصرّف في ذلك المال الغائب، يكون مستطيعاً و يجب عليه الحجّ، و إن لم يكن متمكّناً من التصرّف فيه و لو بتوكيل من يبيعه هناك، فلا يكون مستطيعاً إلّا بعد التمكّن منه
______________________________
(1). الامام الخميني: إذا كان عدم التمكّن لأجل عدم الصحّة في البدن أو عدم تخلية السرب فالأقوى جواز التصرّف كما في المتن، و أمّا إذا كان لأجل عدم تهيئة الأسباب أو فقدان الرفقة فلا يجوز مع احتمال الحصول، فضلًا عن العلم به، و لو تصرّف و الحال هذه استقرّ عليه الحجّ إذا فرض رفع العذر فيما بعد
الگلپايگاني: إذا لم يعلم بعروض التمكّن، و إلّا فالتصرّف مشكل خصوصاً في أوان خروج الناس للحجّ
الخوئي: الظاهر عدم جوازه
(2). مكارم الشيرازي: إذا علم أنّه يتمكّن من المسير في أوانه بحسب العادة أو إذا لم يحصل مانع غير مترقّب، يشكل صرف ماله فيما لا يحتاج إليه، لصدق الاستطاعة عليه عرفاً، لأنّ التمكّن من المسير إنّما يجب في ظرفه، و المفروض أنّه حاصل و المال موجود حالًّا، و لا أقلّ من الاحتياط
(3). الگلپايگاني: في أوان خروج الناس للحجّ؛ و أمّا قبله فالمنع من التصرّف مشكل و إن كان أحوط
(4). الامام الخميني، الگلپايگاني: لكنّه ضعيف
(5). الخوئي: بل الأقوى الصحّة في هذا الفرض أيضاً
مكارم الشيرازي: مجرّد قصد الفرار عن الحجّ لا يوجب فساد الهبة؛ هذا مضافاً إلى أنّ المعروف أنّ النهي المتعلّق بالمعاملة لا يوجب فسادها، سواء تعلّق بأمر خارج أو داخل، فتعليله الّذي ذكره في المتن غير تامّ
(6). الخوئي: الظاهر عدم الفرق بين الموردين، فيجب في هذا الفرض أيضاً إبقاء المال إلى العام المقبل و لا يجوز له تفويته
العروة الوثقى مع التعليقات، ج2، ص: 292
أو الوصول في يده؛ و على هذا فلو تلف (1) في الصورة الاولى بقي وجوب الحجّ مستقرّاً عليه (2) إن كان التمكّن في حال تحقّق سائر الشرائط، و لو تلف في الصورة الثانية لم يستقرّ؛ و كذا إذا مات مورّثه و هو في بلد آخر و تمكّن من التصرّف في حصّته أو لم يتمكّن، فإنّه على الأوّل يكون مستطيعاً بخلافه على الثاني.
مسألة 25: إذا وصل ماله إلى حدّ الاستطاعة لكنّه كان جاهلًا به (3) أو كان غافلًا (4) عن وجوب الحجّ عليه، ثمّ تذكّر بعد أن تلف (5) ذلك المال، فالظاهر استقرار وجوب الحجّ عليه إذا كان واجداً لسائر الشرائط حين وجوده، و الجهل و الغفلة لا يمنعان عن الاستطاعة، غاية الأمر أنّه معذور في ترك ما وجب عليه، و حينئذٍ فإذا مات قبل التلف أو بعده وجب الاستيجار عنه إن كانت له تركة بمقداره، و كذا إذا نقل ذلك المال إلى غيره بهبة أو صلح ثمّ علم بعد ذلك أنّه كان بقدر الاستطاعة؛ فلا وجه لما ذكره المحقّق القمّي في أجوبة مسائله من عدم الوجوب، لأنّه لجهله لم يصر مورداً، و بعد النقل و التذكّر ليس عنده ما يكفيه، فلم يستقرّ عليه، لأنّ عدم التمكّن من جهة الجهل و الغفلة لا ينافي الوجوب الواقعيّ، و القدرة الّتي هي شرط في التكاليف القدرة من حيث هي، و هي موجودة، و العلم شرط في التنجّز لا في أصل التكليف.
______________________________
(1). الگلپايگاني: بتقصيره في أوان الخروج للحجّ أو مع التواني في الحجّ في السنة الاولى
(2). الامام الخميني: إذا لم يحجّ مع التمكّن فتلف بعد مضيّ الموسم أو كان التلف بتقصير منه و لو قبل أوان خروج الرفقة على الأقوى
مكارم الشيرازي: الأحسن أن يقال: فلو تلفه أو قصر في حفظه استقرّ الحجّ عليه، و إلّا فمجرّد التلف الخارج عن الاختيار يخرجه عن الاستطاعة
(3). مكارم الشيرازي: صدق الاستطاعة مع الجهل أو الغفلة لا عن تقصير مشكل جدّاً، فإنّ العلم و الالتفات من مقوّماتها؛ اللّهم إلّا أن يقال إنّ موضوع الاستطاعة هو الزاد و الراحلة و شبههما و هي حاصلة على الفرض، و لكنّ المسألة لا تخلو عن إشكال، و الاحتياط سبيل النجاة
(4). الخوئي: هذا إذا كانت الغفلة مستندة إلى التقصير بترك التعلّم؛ و أمّا في غير ذلك فلا يجب الحجّ واقعاً فإنّها مانعة عن تحقّق الاستطاعة، و كذلك الجهل المركّب في الشبهة الموضوعيّة
(5). الامام الخميني: بتقصير منه بعد تماميّة سائر الشرائط و لو قبل أوان خروج الرفقة، أو تلف بعد مضيّ موسم الحجّ
الگلپايگاني: بتقصيره في أوان خروج الناس للحجّ أو تلف بعد مضيّ موسم الحجّ في السنة الاولى
العروة الوثقى مع التعليقات، ج2، ص: 293
مسألة 26: إذا اعتقد أنّه غير مستطيع فحجّ ندباً، فإن قصد امتثال الأمر (1) المتعلّق به فعلًا و تخيّل أنّه الأمر الندبيّ أجزأ (2) عن حجّة الإسلام، لأنّه حينئذٍ من باب الاشتباه في التطبيق، و إن قصد الأمر الندبيّ على وجه التقييد (3) لم يجز عنها (4) و إن كان حجّه صحيحاً (5)؛ و كذا الحال إذا علم باستطاعته ثمّ غفل عن ذلك، و أمّا لو علم بذلك و تخيّل عدم فوريّتها فقصد الأمر الندبيّ فلا يجزي لأنّه يرجع إلى التقييد (6).
مسألة 27: هل تكفي في الاستطاعة الملكيّة المتزلزلة للزاد و الراحلة و غيرهما، كما إذا صالحه شخص ما يكفيه للحجّ بشرط الخيار له إلى مدّة معيّنة أو باعه محاباةً كذلك؟
وجهان؛ أقواهما العدم (7)، لأنّها في معرض الزوال، إلّا إذا كان واثقاً (8) بأنّه لا يفسخ (9)؛ و كذا لو وهبه و أقبضه إذا لم يكن رحماً، فإنّه ما دامت العين موجودة، له الرجوع؛ و يمكن أن يقال (10) بالوجوب هنا، حيث إنّ له التصرّف في الموهوب فتلزم الهبة.
______________________________
(1). الامام الخميني: لكن وقوع ذلك مع العلم و الالتفات بالحكم و الموضوع مشكل
(2). الگلپايگاني: فيه إشكال
(3). الخوئي: ليس هذا من موارد التقييد، و إنّما هو من موارد التخلّف في الداعي، إذ المفروض أنّه قصد الأمر الفعلي المتعلّق بالحجّ، و من المفروض أنّه مستطيع و واجد لسائر الشرائط، فالصادر منه هو حجّة الإسلام و إن كان هو جاهلًا به، و لا يعتبر قصد هذا العنوان في صحّة الحجّ، فلا يقاس المقام بما إذا قصد نافلة الفجر ثمّ علم أنّه كان قد صلّاها، فإنّ ما أتى به لا يجزئ عن صلاة الفجر لأنّها غير مقصودة
(4). مكارم الشيرازي: الأقوى هو الإجزاء، لما ذكرناه مراراً من أنّه يكفي في صحّة العبادة الحسن الفعلي و الفاعلي، و هما حاصلان هنا و التقييد لا يضرّهما؛ نعم، بناءً على لزوم قصد أمره لا يصحّ
(5). الامام الخميني: فيه تأمّل
مكارم الشيرازي: يعني ندباً، و لكنّه منوط بصحّة صدور الحجّ الندبي عن المستطيع
(6). الخوئي: لا لذلك، بل لأنّ الأمر الفعلي لم يقصد و إنّما قصد الأمر الندبي المترتّب على مخالفة الأمر الفعلي
(7). الخوئي: فيه إشكال، بل منع
مكارم الشيرازي: بل الأقوى هو الكفاية، لاستصحاب عدم الفسخ إلّا أن يثق بالفسخ؛ أمّا مجرّد الاحتمال لا يمنع العقلاء عن الجري نحو مراداتهم، فيصدق الاستطاعة عرفاً
(8). الامام الخميني: الوثوق و الاطمينان موجب للزوم الحجّ عليه ظاهراً، لكن لو فسخ قبل تمام الأعمال يكشف عن عدم الاستطاعة
(9). الگلپايگاني: و لكن إذا فسخ يكشف عن عدم الاستطاعة، إلّا إذا كان حين الفسخ واجداً لعوضه
(10). الخوئي: بل هو الأوجه
العروة الوثقى مع التعليقات، ج2، ص: 294
<![endif]-->
مسألة 28: يشترط في وجوب الحجّ بعد حصول الزاد و الراحلة بقاء المال إلى تمام الأعمال (1)، فلو تلف بعد ذلك و لو في أثناء الطريق كشف عن عدم الاستطاعة، و كذا لو حصل عليه دين قهراً عليه (2)، كما إذا أتلف مال غيره خطأً؛ و أمّا لو أتلفه عمداً، فالظاهر كونه كإتلاف الزاد و الراحلة عمداً في عدم زوال استقرار الحجّ.
مسألة 29: إذا تلف بعد تمام الأعمال مئونة عوده إلى وطنه أو تلف ما به الكفاية من ماله في وطنه، بناءً على اعتبار الرجوع إلى كفاية في الاستطاعة، فهل يكفيه عن حجّة الإسلام أو لا؟ وجهان؛ لا يبعد الإجزاء (3)، و يقرّبه (4) ما ورد من أنّ من مات بعد الإحرام و دخول الحرم أجزأه عن حجّة الإسلام، بل يمكن أن يقال (5) بذلك إذا تلف في أثناء الحجّ (6) أيضاً.
مسألة 30: الظاهر عدم اعتبار الملكيّة في الزاد و الراحلة، فلو حصلا بالإباحة اللازمة (7) كفى في الوجوب، لصدق الاستطاعة (8)، و يؤيّده الأخبار الواردة في البذل، فلو شرط أحد
______________________________
(1). مكارم الشيرازي: هذا إذا احتاج إلى الزاد و الراحلة في أعماله، كما أشرنا إليه سابقاً
(2). الخوئي: على ما تقدّم [في هذا الفصل، المسألة 17]
(3). الامام الخميني: بعد البناء المذكور لا وجه للإجزاء و لا دليل عليه؛ و ما دلّ على إجزاء حجّ من مات بعد الإحرام و دخول الحرم غير مربوط بالمقام، و أبعد من ذلك التلف في أثناء الحجّ إذا كان المراد أعمّ من تلف مئونة إتمامه
مكارم الشيرازي: و الأحسن أن يستدلّ له بأنّه كان مستطيعاً عند الإتيان بالحجّ و كان عنده مئونة الرجوع، ثمّ تبدّل الموضوع بعد الإتيان بالحجّ، و من الواضح أنّ تبدّل الموضوع لا يؤثّر في صحّة عمله السابق
(4). الخوئي، الگلپايگاني: لم يظهر وجه للتقريب
(5). الخوئي: هذا إذا لم يحتج إتمام الحجّ إلى صرف مال يضرّ بإعاشته بعد رجوعه
(6). الگلپايگاني: إن بقيت له مئونة التتميم، و إلّا فمشكل
مكارم الشيرازي: لا يخلو عن إشكال، إلّا إذا كان عنده ما يتمّ الحجّ و لو لم تكن عنده مئونة الرجوع إلى وطنه
(7). الخوئي: بل الظاهر كفاية الإباحة غير اللازمة أيضاً
(8). مكارم الشيرازي: و قد يتوهّم لزوم الملك استناداً إلى ما ورد في قوله عليه السلام أن يكون له زاد و راحلة و شبه ذلك، و لكن قد عرفت أنّه ليس للاستطاعة حقيقة شرعيّة، بل المراد معناها العرفي، و من الواضح أنّه أعمّ و حمل اللام على الأعمّ من الملكيّة قريب جدّاً، و قد ذكرنا أيضاً أنّ المعتبر فيها كونها بالفعل، فالنقص عليه بلزوم حصولها بإباحة المعادن و غيرها شرعاً لكلّ إنسان عجيب
العروة الوثقى مع التعليقات، ج2، ص: 295
المتعاملين على الآخر في ضمن عقد لازم أن يكون له التصرّف في ماله بما يعادل مائة ليرة مثلًا، وجب عليه الحجّ (1) و يكون كما لو كان مالكاً له.
مسألة 31: لو أوصى له بما يكفيه للحجّ، فالظاهر وجوب الحجّ (2) عليه بعد موت الموصي، خصوصاً إذا لم يعتبر القبول (3) في ملكيّة الموصى له و قلنا بملكيّته ما لم يردّ، فإنّه ليس له الردّ حينئذٍ.
مسألة 32: إذا نذر قبل حصول الاستطاعة أن يزور الحسين عليه السلام في كلّ عرفة، ثمّ حصلت، لم يجب عليه (4) الحجّ (5)، بل و كذا لو نذر إن جاء مسافره أن يعطي الفقير كذا مقداراً،
______________________________
(1). مكارم الشيرازي: كون العقد لازماً غير لازم، لما عرفت في المسألة (26) عدم اعتبار اللزوم في صدق الاستطاعة
(2). الامام الخميني: بل الظاهر عدم الوجوب، لما قلنا باعتبار القبول في حصول الملكيّة و معه لا وجه لوجوبه، لأنّه من قبيل تحصيل الاستطاعة
(3). الخوئي: يختصّ الوجوب بهذا الفرض
الگلپا