أحدها: الكمال بالبلوغ و العقل؛ فلا يجب على الصبيّ و إن كان مراهقاً، و لا على المجنون و إن كان أدواريّاً إذا لم يف دور إفاقته بإتيان تمام الأعمال (9). و لو حجّ الصبيّ لم يجز عن حجّة
______________________________
(1). الامام الخميني: محلّ تأمّل لو لم نقل محلّ منع؛ نعم، لا يبعد مع كون التأخير استخفافاً
(2). مكارم الشيرازي: بل و لو أدركه في السنين الآتية، كما في زماننا هذا بالنسبة إلى كثير من الناس
(3). الامام الخميني: على الأولى
الخوئي: لا يجب ذلك
(4). مكارم الشيرازي: بل الأقوى كفاية الوثوق، و أمّا وجوب اختيار الأوثق فلا دليل عليه و إن كان أحوط و أولى، و الوجه فيه ظاهر
(5). الامام الخميني: مع عدم المحذور في الخروج معها
(6). الخوئي: لا موجب للاستقرار مع جواز التأخير
(7). مكارم الشيرازي: عدم الإثم إنّما هو في فرض الوثوق بوجدان الرفقة و التمكّن من المسير، و إلّا فلا يبعد الإثم
(8). الگلپايگاني: بل لا يحكم بالاستقرار إلّا إذا تبيّن إدراكه لو سار معهم
(9). الامام الخميني: بمقدّماتها الغير الحاصلة
الگلپايگاني: بشرائطها العقليّة و الشرعيّة حتّى الاستطاعة
مكارم الشيرازي: و إذا وفت لنفس الأعمال و لكن لم تف بمقدّماته، فهل يجب على الوليّ الأمر بمن يبعثه إلى فعل المقدّمات كالذهاب إلى الميقات ليحجّ بعد الإفاقة؟ فيه إشكال
العروة الوثقى مع التعليقات، ج2، ص: 270
الإسلام و إن قلنا بصحّة عباداته و شرعيّتها كما هو الأقوى، و كان واجداً لجميع الشرائط سوى البلوغ؛ ففي خبر مسمع عن الصادق عليه السلام: «لو أنّ غلاماً حجّ عشر حجج ثمّ احتلم كان عليه فريضة الإسلام» و في خبر إسحاق بن عمّار عن أبي الحسن عليه السلام عن ابن عشر سنين يحجّ؟ قال عليه السلام: «عليه حجّة الإسلام إذا احتلم، و كذا الجارية عليها الحجّ إذا طمثت».
مسألة 1: يستحبّ للصبيّ المميّز أن يحجّ و إن لم يكن مجزياً عن حجّة الإسلام، و لكن هل يتوقّف ذلك على إذن الوليّ أو لا؟ المشهور، بل قيل: لا خلاف فيه أنّه مشروط بإذنه، لاستتباعه المال في بعض الأحوال (1) للهدي و للكفّارة، و لأنّه عبادة متلقّاة من الشرع مخالف للأصل، فيجب الاقتصار فيه على المتيقّن. و فيه: إنّه ليس تصرّفاً ماليّاً و إن كان ربّما يستتبع المال، و أنّ العمومات كافية في صحّته و شرعيّته مطلقاً، فالأقوى عدم الاشتراط في صحّته و إن وجب الاستيذان في بعض الصور. و أمّا البالغ، فلا يعتبر في حجّه المندوب إذن الأبوين إن لم يكن مستلزماً للسفر المشتمل على الخطر الموجب لأذيّتهما، و أمّا في حجّه الواجب فلا إشكال.
مسألة 2: يستحبّ للوليّ أن يحرم بالصبيّ الغير المميّز بلا خلاف، لجملة من الأخبار، بل و كذا الصبيّة و إن استشكل فيها صاحب المستند، و كذا المجنون و إن كان لا يخلو عن إشكال (2)، لعدم نصّ فيه بالخصوص، فيستحقّ الثواب عليه؛ و المراد بالإحرام به جعله
______________________________
(1). مكارم الشيرازي: هذا الدليل غير تامّ، لا لما ذكره الماتن قدس سره فقط من أنّه ليس تصرّفاً ماليّاً و إن كان ربّما يستتبع المال، بل لأنّه إذا لم يكن للصبيّ مال أو كان له و لم يأذن وليّه، فهو كالعاجز عن الهدي و الكفّارة، فلا يكون هذا مانعاً من حجّ الصبيّ، هذا مضافاً إلى أنّه قد يكون هناك باذل للمال، فالدليل أخصّ من المدّعى
(2). الامام الخميني: لا بأس برجاء المطلوبيّة
الگلپايگاني: و لكن لو أحرم به برجاء المطلوبيّة فلا إشكال فيه
مكارم الشيرازي: الأحوط أن يؤتي به رجاءً و يؤتي عن المجنون ما يؤتي عن الصبيّ المميّز أو غير المميّز
العروة الوثقى مع التعليقات، ج2، ص: 271
محرماً، لا أن يحرم عنه، فيلبسه ثوبي الإحرام و يقول: «اللّهم إنّي أحرمت هذا الصبيّ ... الخ» و يأمره بالتلبية، بمعنى أن يلقّنه إيّاها، و إن لم يكن قابلًا يلبّي عنه، و يجنّبه عن كلّ ما يجب على المحرم الاجتناب عنه، و يأمره بكلّ من أفعال الحجّ يتمكّن منه، و ينوب عنه في كلّ ما لا يتمكّن، و يطوف به، و يسعى به بين الصفا و المروة و يقف به في عرفات و منى (1) و يأمره بالرمي، و إن لم يقدر يرمي عنه، و هكذا يأمره بصلاة الطواف، و إن لم يقدر يصلّي عنه، و لا بدّ من أن يكون طاهراً و متوضّئاً (2) و لو بصورة الوضوء (3)، و إن لم يمكن فيتوضّأ هو عنه (4)، و يحلّق رأسه، و هكذا جميع الأعمال.
مسألة 3: لا يلزم كون الوليّ محرماً في الإحرام بالصبيّ (5)، بل يجوز له ذلك و إن كان محلًاّ.
مسألة 4: المشهور على أنّ المراد بالوليّ في الإحرام بالصبيّ الغير المميّز، الوليّ الشرعيّ من الأب و الجدّ و الوصيّ لأحدهما و الحاكم و أمينه أو وكيل أحد المذكورين، لا مثل العمّ و الخال و نحوهما و الأجنبيّ؛ نعم، ألحقوا بالمذكورين الامّ و إن لم تكن وليّاً شرعيّاً، للنصّ الخاصّ فيها، قالوا: لأنّ الحكم على خلاف القاعدة فاللازم الاقتصار على المذكورين، فلا يترتّب أحكام الإحرام إذا كان المتصدّي غيرهم، و لكن لا يبعد (6) كون المراد الأعمّ منهم و ممّن يتولّى أمر الصبيّ و يتكفّله و إن لم يكن وليّاً شرعيّاً (7)، لقوله عليه السلام: «قدّموا من كان معكم
______________________________
(1). الخوئي: هذا من سهو القلم، و الصحيح: «المشعر» بدل «منى»
(2). الخوئي: على الأحوط الأولى فيه و فيما بعده
(3). الگلپايگاني: فيه إشكال؛ و كذا في التوضّي عنه، بل هو أشكل، فيطوف عنه الوليّ و يصلّي عنه، و الجمع بينه و بين التوضّي به و أمره بالطواف و الصلاة أحوط
مكارم الشيرازي: صورة الوضوء لا يوجب الطهارة، فلا يصحّ الطواف به، و أشكل منه الوضوء عن الصبيّ، فإنّه لا يوجب طهارته، و حيث إنّ الطواف مشروط بالوضوء فلا محيص إلّا من طواف الوليّ عنه
(4). الامام الخميني: مع عدم تمكّنه للوضوء أو للصلاة يصلّي عنه الوليّ و إن كان الأحوط إتيان الطفل صورة الوضوء و الصلاة، و أحوط منه توضّؤه مع عدم إمكان إتيانه بصورته
(5). مكارم الشيرازي: لا يخلو من إشكال، لأنّ النصوص قاصرة عنه
(6). الامام الخميني: مشكل و إن لا يخلو من قرب، لا لما ذكره
(7). مكارم الشيرازي: لكن لا بدّ أن يكون ذلك بإذن الوليّ الشرعيّ، فإنّ الحجّ بالصبيّ مثل سائر الأفعال القائمة به يحتاج إلى إذنه؛ فإذا أذن، جاز لغيره تكفّل أمره، و لعلّه مراد المشهور؛ و كذلك الأمر في المميّز
العروة الوثقى مع التعليقات، ج2، ص: 272
من الصبيان إلى الجحفة أو إلى بطن مرّ ... الخ» فإنّه يشمل غير الوليّ (1) الشرعيّ أيضاً؛ و أمّا في المميّز، فاللازم إذن الوليّ الشرعيّ إن اعتبرنا في صحّة إحرامه الإذن.
مسألة 5: النفقة الزائدة على نفقة الحضر، على الوليّ، لا من مال الصبيّ، إلّا إذا كان حفظه موقوفاً على السفر (2) به (3) أو يكون السفر مصلحة له (4).
مسألة 6: الهدي على الوليّ (5)، و كذا كفّارة الصيد إذا صاد الصبيّ؛ و أمّا الكفّارات الاخر المختصّة بالعمد فهل هي أيضاً على الوليّ أو في مال الصبيّ أو لا يجب الكفّارة في غير الصيد، لأنّ عمد الصبيّ خطأ و المفروض أنّ تلك الكفّارات لا تثبت في صورة الخطأ؟ وجوه لا يبعد قوّة الأخير، إمّا لذلك و إمّا لانصراف أدلّتها عن الصبيّ (6)، لكنّ الأحوط تكفّل الوليّ، بل لا يُترك هذا الاحتياط (7)، بل هو الأقوى (8)، لأنّ قوله عليه السلام: «عمد الصبيّ خطأ» مختصّ بالديات، و الانصراف ممنوع، و إلّا فيلزم الالتزام به في الصيد أيضاً.
مسألة 7: قد عرفت أنّه لو حجّ الصبيّ عشر مرّات لم يجزه عن حجّة الإسلام، بل يجب عليه بعد البلوغ و الاستطاعة، لكن استثنى المشهور من ذلك ما لو بلغ و أدرك المشعر، فإنّه حينئذٍ يجزي عن حجّة الإسلام، بل ادّعى بعضهم الإجماع عليه، و كذا إذا حجّ المجنون ندباً ثمّ كمل قبل المشعر (9)، و استدلّوا على ذلك بوجوه:
______________________________
(1). الگلپايگاني: فيه إشكال
(2). الامام الخميني: فتكون مئونة أصل السفر على الطفل لا مئونة الحجّ به لو كانت زائدة
(3). الگلپايگاني: و لم يكن للحجّ نفقة زائدة على ما للسفر الموقوف حفظه عليه
(4). مكارم الشيرازي: أو يكون نفس الحجّ- لا السفر- مصلحة له من ناحية التربية الدينيّة و غيرها
(5). مكارم الشيرازي: إلّا أن يكون للصبيّ مال و كان الحجّ مصلحة له و لو مع صرف مال، فيحتمل حينئذٍ أن يكون في مال الصبيّ؛ و شمول النصّ لمثل هذا غير معلوم، فتأمّل
(6). الخوئي: لا لذلك، بل لتخصيص أدلّة الكفّارات بغير الصبيّ لحديث الرفع؛ و وجوب الكفّارة على الوليّ يحتاج إلى الدليل و هو مفقود في غير الصيد
(7). الگلپايگاني: و كذا فيما إذا أتى الوليّ بموجبه عمداً فيما يكلّف على الاجتناب عنه
(8). الگلپايگاني: القوّة ممنوعة، و الصيد منصوص
مكارم الشيرازي: لا قوّة فيه، و انصراف النصوص عنه قويّ؛ و قياسه على الصيد مع الفارق، كما لا يخفى
(9). مكارم الشيرازي: قد عرفت الإشكال في أصل حجّ المجنون، و أنّه يؤتى به رجاءً
العروة الوثقى مع التعليقات، ج2، ص: 273
أحدها: النصوص الواردة في العبد على ما سيأتي، بدعوى عدم خصوصيّة للعبد في ذلك، بل المناط الشروع حال عدم الوجوب لعدم الكمال ثمّ حصوله قبل المشعر؛ و فيه: أنّه قياس، مع أنّ لازمه الالتزام به فيمن حجّ متسكّعاً ثمّ حصل له الاستطاعة قبل المشعر، و لا يقولون به.
الثاني: ما ورد من الأخبار من أنّ من لم يحرم من مكّة أحرم من حيث أمكنه، فإنّه يستفاد منها أنّ الوقت صالح لإنشاء الإحرام، فيلزم أن يكون صالحاً للانقلاب أو القلب بالأولى؛ و فيه ما لا يخفى.
الثالث: الأخبار الدالّة على أنّ من أدرك المشعر فقد أدرك الحجّ؛ و فيه: أنّ موردها (1) من لم يحرم، فلا يشمل من أحرم سابقاً لغير حجّة الإسلام، فالقول بالإجزاء مشكل (2)، و الأحوط الإعادة بعد ذلك إن كان مستطيعاً، بل لا يخلو عن قوّة. و على القول بالإجزاء يجري فيه الفروع الآتية في مسألة العبد، من أنّه هل يجب تجديد النيّة لحجّة الإسلام أو لا؟ و أنّه هل يشترط في الإجزاء استطاعته بعد البلوغ من البلد أو من الميقات أو لا؟ و أنّه هل يجري في حجّ التمتّع مع كون العمرة بتمامها قبل البلوغ أو لا؟ إلى غير ذلك.
مسألة 8: إذا مشى الصبيّ إلى الحجّ، فبلغ قبل أن يحرم من الميقات و كان مستطيعاً (3)، لا إشكال في أنّ حجّه حجّة الإسلام (4).
مسألة 9: إذا حجّ باعتقاد أنّه غير بالغ ندباً، فبان بعد الحجّ أنّه كان بالغاً (5)، فهل يجزي
______________________________
(1). الخوئي: لا يختصّ موردها بذلك، و لكنّها مع ذلك لا تشمل محلّ الكلام، لظهور اختصاصها بمن كان مكلّفاً و لم يدرك إلّا المشعر
(2). الامام الخميني: الأقوى هو الإجزاء
(3). الامام الخميني، الگلپايگاني: و لو من ذلك الموضع
مكارم الشيرازي: و يكفي في استطاعته كونه مستطيعاً من ذلك الموضع، كما لا يخفى
(4). الخوئي: و كذلك إذا بلغ بعد إحرامه، و لكن لا بدّ من رجوعه إلى أحد المواقيت و الإحرام منه لحجّة الإسلام، فإن لم يمكن الرجوع ففيه تفصيل يأتي
(5). مكارم الشيرازي: في المسألة إشكال؛ و هي مبنيّة على أنّ عنوان «حجّة الإسلام» من العناوين القصديّة فهذا الحجّ غير كافٍ، لأنّ المفروض أنّه لم يقصدها، أو هو أوّل حجّ يأتي به المستطيع فيكفيه ذلك الحجّ و إن لم ينو هذا العنوان، كما في عنواني القصر و الإتمام على المختار؛ و لا يُترك الاحتياط، لاحتمال اعتبار القيد المذكور؛ نعم، إذا قصد المأمور به الواقعي إجمالًا بعنوانه، فلا إشكال في كفايته و إن أخطأ في التطبيق. و سيأتي من المصنّف قدس سره هذا التفصيل في المسألة 25 و العجب أنّه لم يذكره هنا
العروة الوثقى مع التعليقات، ج2، ص: 274
عن حجّة الإسلام أو لا؟ وجهان؛ أوجههما الأوّل (1)؛ و كذا إذا حجّ الرجل باعتقاد عدم الاستطاعة بنيّة الندب ثمّ ظهر كونه مستطيعاً حين الحجّ.