فصل في أقسام الصوم برو به برنامه

أقسام الصوم أربعة:

واجب، و ندب، و مكروه كراهةَ عبادةٍ، و محظور. و الواجب أقسام: صوم شهر رمضان و صوم الكفّارة و صوم القضاء و صوم بدل الهدي في حجّ التمتّع و صوم النذر (3) و العهد و اليمين و الملتزم بشرط أو إجارة (4) و صوم اليوم الثالث (5) من أيّام الاعتكاف. أمّا الواجب فقد مرّ جملة منه.

و أمّا المندوب منه فأقسام:

منها: ما لا يختصّ بسبب مخصوص و لا زمان معيّن، كصوم أيّام السنة عدا ما استثني من العيدين و أيّام التشريق لمن كان بمنى؛ فقد وردت الأخبار الكثيرة في فضله من حيث هو و محبوبيّته و فوائده، و يكفي فيه ما ورد في الحديث القدسي: «الصوم لي و أنا اجازي به (6)» و ما‌

______________________________
(1). الامام الخميني: في غير النذر و شبهه إشكال‌

(2). الخوئي: الظاهر ثبوت الأمر الندبي له نظراً إلى أنّ الصوم في نفسه مأمور به بأمر ندبي عبادي؛ و أمّا الأمر الناشئ من قبل الكفّارة أو نحوها فهو توصّلي، فالمكلّف في مفروض المقام إنّما لم يمتثل الأمر التوصّلي، و أمّا الأمر الندبي العبادي فقد امتثله‌

(3). الامام الخميني: في كون هذا و ما بعده غير الأخير أي الثالث من أيّام الاعتكاف منه، إشكال، لما مرّ من أنّ المنذور لا يصير بعنوانه واجباً‌

(4). مكارم الشيرازي: في صوم الإجارة كلام، مرّ في باب صلاة الاستيجار‌

(5). الگلپايگاني: و ما يجب على وليّ الميّت ممّا فات منه لعذر أو مطلقاً، على ما مرّ‌

(6). مكارم الشيرازي: الموجود في الحديث المرويّ عن النبيّ صلى الله عليه و آله و عن الصادق عليه السلام: و أنا اجزي به؛ فراجع الباب الأوّل من أبواب الصوم المندوب من الوسائل‌

العروة الوثقى مع التعليقات، ج‌2، ص: 75‌

ورد من «أنّ الصوم جنّة من النار» و «أنّ نوم الصائم عبادة و صمته تسبيح و عمله متقبّل و دعاؤه مستجاب (1)». و نِعمَ ما قال بعض العلماء من أنّه لو لم يكن في الصوم إلّا الارتقاء عن حضيض حظوظ النفس البهيميّة إلى ذروة التشبّه بالملائكة الروحانيّة، لكفىٰ به فضلًا و منقبةً و شرفاً.

و منها: ما يختصّ بسبب مخصوص، و هي كثيرة مذكورة في كتب الأدعية.

و منها: ما يختصّ بوقت معيّن (2) و هو في مواضع:

منها: و هو آكدها، صوم ثلاثة أيّام من كلّ شهر؛ فقد ورد أنّه يعادل صوم الدهر و يذهب بوحر الصدر (3). و أفضل كيفيّاته ما عن المشهور و يدلّ عليه جملة من الأخبار، و هو أن يصوم أوّل خميس من الشهر و آخر خميس منه و أوّل أربعاء في العشر الثاني، و من تركه يستحبّ له قضاؤه، و مع العجز عن صومه لكبر و نحوه يستحبّ أن يتصدّق عن كلّ يوم بمدّ من طعام أو بدرهم.

و منها: صوم أيّام البيض من كلّ شهر، و هي الثالث عشر و الرابع عشر و الخامس عشر على الأصحّ المشهور؛ و عن العمّاني: أنّها الثلاثة المتقدّمة.

و منها: صوم يوم مولد النبي صلى الله عليه و آله و هو السابع عشر من ربيع الأوّل على الأصحّ؛ و عن الكلينيّ: أنّه الثاني عشر منه.

و منها: صوم يوم الغدير و هو الثامن عشر من ذي الحجّة.

و منها: صوم يوم مبعث النبي صلى الله عليه و آله و هو السابع و العشرون من رجب.

و منها: يوم دحو الأرض من تحت الكعبة و هو اليوم الخامس و العشرون من ذي القعدة.

و منها: يوم عرفة لمن لا يضعّفه الصوم عن الدعاء.

______________________________
(1). مكارم الشيرازي: هذه الروايات و أمثالها ليست بصدد استحباب الصوم بقول مطلق، كما هو ظاهر، و العمدة فيه معلوميّة المسألة بين المسلمين، مع بعض ما ورد فيه ممّا يظهر منه العموم؛ فراجع الباب الأوّل من أبواب الصوم المندوب من الوسائل‌

(2). مكارم الشيرازي: بعضها غير ثابت بطريق معتبر عندنا، فيؤتى بها بقصد القربة المطلقة أو رجاء ثوابه الخاصّ‌

(3). مكارم الشيرازي: «وحر الصدر» هو وسوسته؛ و عن نهاية ابن الأثير بعد ذكر هذا: قيل: الحقد و الغيظ، و قيل: العداوة، و قيل: أشدّ الغضب (انتهى) و يمكن أخذ الجامع بينها‌

العروة الوثقى مع التعليقات، ج‌2، ص: 76‌

و منها: يوم المباهلة (1) و هو الرابع و العشرون من ذي الحجّة.

و منها: كلّ خميس و جمعة معاً أو الجمعة فقط.

و منها: أوّل ذي الحجّة، بل كلّ يوم من التسع فيه.

و منها: يوم النيروز.

و منها: صوم رجب و شعبان، كلًاّ أو بعضاً و لو يوماً من كلٍّ منهما.

و منها: أوّل يوم من المحرّم و ثالثه و سابعه (2).

و منها: التاسع و العشرون من ذي القعدة.

و منها: صوم ستّة أيّام (3) بعد عيد الفطر بثلاثة أيّام أحدها العيد.

و منها: يوم النصف (4) من جمادي الاولى.

مسألة 1: لا يجب إتمام صوم التطوّع بالشروع فيه، بل يجوز له الإفطار إلى الغروب و إن كان يكره بعد الزوال (5).

مسألة 2: يستحبّ للصائم تطوّعاً قطع الصوم إذا دعاه أخوه المؤمن إلى الطعام، بل قيل بكراهته حينئذٍ.

و أمّا المكروه منه، بمعنى قلّة الثواب (6)، ففي مواضع أيضاً:

______________________________
(1). الامام الخميني: يصومه بقصد القربة المطلقة و شكراً لإظهار النبيّ الأكرم فضيلة عظيمة من فضائل مولانا أمير المؤمنين عليه السلام‌

(2). الامام الخميني: لم أعثر على دليله عجالةً؛ نعم، وردت رواية في صوم تاسعه، لكن في استحبابه تأمّل‌

(3). الامام الخميني: في استحباب صومها بالخصوص تأمّل‌

(4). الامام الخميني: يأتي به رجاءً أو للرجحان المطلق‌

(5). مكارم الشيرازي: دليل الكراهة غير واضح‌

(6). الامام الخميني: أو بمعنى انطباق عنوان مرجوح عليه تكون مرجوحيّته أهمّ من رجحان الصوم، أو بمعنى المزاحمة لما هو أفضل منه‌

الگلپايگاني: أو بمعنى المزاحم بما هو أفضل منه‌

مكارم الشيرازي: قد تكون الكراهة بمعنى قلّة الثواب، و كثيراً ما تكون لمزاحمته بما هو أتمّ ملاكاً و أفضل، و مداومة المعصومين عليهم السلام و أصحابهم على ترك بعض الصلوات أو الصيام في الأوقات المكروهة لعلّه من هذا الباب؛ و مزاحمة الأرجح لا يوجب منقصة فيه من حيث ذاته، كما في مزاحمة كلّ مستحبّين أحدهما أرجح من الآخر، و هو ظاهر‌

العروة الوثقى مع التعليقات، ج‌2، ص: 77‌

منها: صوم عاشوراء.

و منها: صوم عرفة لمن خاف أن يضعّفه عن الدعاء الّذي هو أفضل من الصوم، و كذا مع الشكّ (1) في هلال ذي الحجّة خوفاً من أن يكون يوم العيد.

و منها: صوم الضيف بدون إذن مضيفه (2)، و الأحوط تركه مع نهيه، بل الأحوط تركه مع عدم إذنه أيضاً.

و منها: صوم الولد بدون إذن والده، بل الأحوط تركه خصوصاً مع النهي (3)، بل يحرم إذا كان إيذاء له من حيث شفقته عليه (4). و الظاهر جريان الحكم في ولد الولد (5) بالنسبة إلى الجدّ؛ و الأولى مراعاة إذن الوالدة، و مع كونه إيذاء لها يحرم، كما في الوالد.

و أمّا المحظور منه، ففي مواضع أيضاً:

أحدها: صوم العيدين، الفطر و الأضحى و إن كان عن كفّارة القتل في الأشهر الحرم، و القول بجوازه للقاتل شاذّ و الرواية الدالّة عليه ضعيفة سنداً (6) و دلالةً (7).

الثاني: صوم أيّام التشريق و هي الحادي عشر و الثاني عشر و الثالث عشر (8) من ذي الحجّة لمن كان بمنى، و لا فرق على الأقوى (9) بين الناسك و غيره (10).

الثالث: صوم يوم الشكّ في أنّه من شعبان أو رمضان بنيّة أنّه من رمضان، و أمّا بنيّة أنّه من شعبان فلا مانع منه، كما مرّ.

الرابع: صوم وفاء نذر المعصية، بأن ينذر الصوم إذا تمكّن من الحرام الفلاني أو إذا ترك‌

______________________________
(1). الامام الخميني: الظاهر عدم كراهة صومه بالمعاني المتقدّمة‌

(2). الخوئي: هذا في صوم التطوّع، كما هو الحال في صوم الولد بدون إذن والده‌

(3). الامام الخميني: لا يُترك مع نهيه مطلقاً أو نهي الوالدة كذلك‌

(4). مكارم الشيرازي: لا يبعد كون إيذاء الأب حراماً و إن لم يكن من ناحية الشفقة على الولد‌

(5). مكارم الشيرازي: غير ظاهر، و لكنّه أحوط‌

(6). الامام الخميني: ضعف سندها ممنوع؛ نعم، هي مع شذوذها يمكن الخدشة في دلالتها أيضاً‌

(7). الخوئي: الرواية صحيحة سنداً و تامّة دلالةً، و لا مقتضى لرفع اليد عنها‌

(8). مكارم الشيرازي: الروايات في أنّ أيّام التشريق ثلاثة أيّام مع العيد أو بدونه، مختلفة، و الأحوط الثاني؛ فراجع الباب 2 من أبواب الصوم الحرام من الوسائل‌

(9). مكارم الشيرازي: القوّة ممنوعة‌

(10). الگلپايگاني: على الأحوط‌

العروة الوثقى مع التعليقات، ج‌2، ص: 78‌

الواجب الفلاني و يقصد بذلك الشكر على تيسّره، و أمّا إذا كان بقصد الزجر عنه فلا بأس به؛ نعم، يلحق بالأوّل في الحرمة ما إذا نذر الصوم زجراً عن طاعة صدرت منه أو عن معصية تركها.

الخامس: صوم الصمت، بأن ينوي في صومه السكوت عن الكلام في تمام النهار أو بعضه، بجعله في نيّته من قيود صومه؛ و أمّا إذا لم يجعله قيداً و إن صمت، فلا بأس به، بل و إن كان في حال النيّة بانياً على ذلك إذا لم يجعل الكلام جزءاً من المفطرات و تركه قيداً في صومه (1).

السادس: صوم الوصال و هو صوم يوم و ليلة إلى السحر، أو صوم يومين بلا إفطار في البين، و أمّا لو أخّر الإفطار إلى السحر أو إلى الليلة الثانية مع عدم قصد جعل تركه جزءاً من الصوم فلا بأس به و إن كان الأحوط عدم التأخير إلى السحر مطلقاً.

السابع: صوم الزوجة (2) مع المزاحمة لحقّ الزوج، و الأحوط تركه (3) بلا إذن منه، بل لا يُترك الاحتياط مع نهيه عنه (4) و إن لم يكن مزاحماً لحقّه.

الثامن: صوم المملوك مع المزاحمة لحقّ المولى، و الأحوط تركه (5) من دون إذنه، بل لا يُترك الاحتياط (6) مع نهيه.

التاسع: صوم الولد مع كونه موجباً لتألّم الوالدين و أذيّتهما (7).

العاشر: صوم المريض و من كان يضرّه الصوم.

الحادي عشر: صوم المسافر، إلّا في الصور المستثناة، على ما مرّ.

الثاني عشر: صوم الدهر حتّى العيدين، على ما في الخبر و إن كان يمكن أن يكون من حيث اشتماله عليهما، لا لكونه صوم الدهر من حيث هو.

______________________________
(1). مكارم الشيرازي: و من صوم الصمت المحرّم نيّة الصوم بنفس السكوت، لا ترك المفطرات مع السكوت، بل لعلّ ظاهر الروايات الناهية عن صمت يوم إلى الليل هو هذا؛ و أمّا حرمة غير هذا فهو من باب التشريع المحرّم‌

(2). الامام الخميني: على الأحوط؛ و كذا في المملوك‌

(3). الخوئي: هذا في التطوّع‌

(4). مكارم الشيرازي: بل و بدون إذنه، لا لمقتضى القاعدة، بل لدلالة الروايات الخاصّة و ضعف المعارض‌

(5). الخوئي: لا يُترك الاحتياط‌

(6). مكارم الشيرازي: و كذا مع عدم إذنه‌

(7). الامام الخميني: و لا يُترك الاحتياط مع نهيهما مطلقاً، كما مرّ‌

العروة الوثقى مع التعليقات، ج‌2، ص: 79‌

مسألة 3: يستحبّ الإمساك تأدّباً في شهر رمضان و إن لم يكن صوماً، في مواضع:

أحدها: المسافر إذا ورد أهله أو محلّ الإقامة بعد الزوال مطلقاً أو قبله و قد أفطر؛ و أمّا إذا ورد قبله و لم يفطر، فقد مرّ أنّه يجب عليه الصوم.

الثاني: المريض إذا برئ في أثناء النهار و قد أفطر، و كذا لو لم يفطر إذا كان بعد الزوال، بل قبله أيضاً، على ما مرّ من عدم صحّة صومه و إن كان الأحوط (1) تجديد (2) النيّة و الإتمام ثمّ القضاء.

الثالث: الحائض و النفساء إذا طهرتا في أثناء النهار.

الرابع: الكافر إذا أسلم في أثناء النهار (3)؛ أتى بالمفطر أم لا (4).

الخامس: الصبيّ إذا بلغ في أثناء النهار (5).

السادس: المجنون و المغمىٰ عليه (6) إذا أفاقا في أثنائه (7).

______________________________
(1). مكارم الشيرازي: قد عرفت أنّه لا يُترك هذا الاحتياط‌

(2). الامام الخميني: قد مرّ أنّ وجوبه لا يخلو من قرب‌

(3). مكارم الشيرازي: إذا أسلم الكافر قبل الظهر و لم يأت بالمفطر، يصوم على الأحوط‌

(4). الخوئي: تقدّم حكمه [في أوّل فصل أحكام القضاء]

(5). الگلپايگاني: قد مرّ أنّ الأحوط له إذا نوى الصوم قبل بلوغه الإتمام، و إن لم يتمّ فالقضاء‌

مكارم الشيرازي: و هو كالفرع السابق‌

(6). الامام الخميني: مرّ الاحتياط فيه لو سبق منه النيّة بالإتمام، و إلّا فبالقضاء‌

(7). مكارم الشيرازي: يأتي فيه ما مرّ فيما قبله‌

العروة الوثقى مع التعليقات، ج‌2، ص: 81‌

Begin WebGozar.com Counter code End WebGozar.com Counter code