فصل في شرائط صحّة الصوم برو به برنامه

فصل في شرائط صحّة الصوم و هي امور:

الأوّل: الإسلام و الإيمان (1)، فلا يصحّ من غير المؤمن و لو في جزء من النهار؛ فلو أسلم الكافر في أثناء النهار و لو قبل الزوال (2)، لم يصحّ صومه، و كذا لو ارتدّ ثمّ عاد إلى الإسلام بالتوبة و إن كان الصوم معيّناً و جدّد النيّة قبل الزوال على الأقوى.

الثاني: العقل، فلا يصحّ من المجنون و لو أدواراً و إن كان جنونه في جزء من النهار، و لا من السكران (3) و لا من المغمىٰ عليه (4) و لو في بعض النهار و إن سبقت منه النيّة على الأصحّ.

الثالث: عدم الإصباح جنباً أو على حدث الحيض و النفاس بعد النقاء من الدم على التفصيل المتقدّم (5).

الرابع: الخلوّ من الحيض و النفاس في مجموع النهار، فلا يصحّ من الحائض و النفساء إذا فاجأهما الدم و لو قبل الغروب بلحظة أو انقطع عنهما بعد الفجر بلحظة، و يصحّ من المستحاضة (6) إذا أتت بما عليها من الأغسال النهاريّة (7).

______________________________
(1). مكارم الشيرازي: في شرطيّة الإيمان لصحّة الصوم و سائر العبادات إشكال؛ و القدر المعلوم من أحاديث الباب و كلمات الأصحاب اعتباره في قبول العمل‌

(2). مكارم الشيرازي: يمكن أن يقال: العمدة في دليل بطلان عبادات الكافر هو الإجماع و هو لا يشمل ما لو أسلم قبل الزوال، فالأحوط له الصوم لو لم يأت بالمفطر‌

(3). الامام الخميني: الأحوط لمن يفيق من السكر مع سبق النيّة الإتمام ثمّ القضاء، و لمن يفيق من الإغماء مع سبقها الإتمام و إن لم يفعل القضاء‌

الخوئي: لا يُترك الاحتياط فيه و في المغمىٰ عليه إذا كانا ناويين للصوم قبل طلوع الفجر ثمّ عرض عليهما السكر و الإغماء إلى أن طلع الفجر‌

(4). الگلپايگاني: و الأحوط في المغمى عليه مع سبق النيّة الإتمام إذا أفاق في اليوم و القضاء مع تركه، و كذا لو أفاق قبل الزوال و لو مع عدم سبق النيّة‌

مكارم الشيرازي: لا دليل على فساد الصوم بالإغماء، فلو سبق منه النيّة صحّ صومه؛ و العجب أنّهم نزلوه منزلة الجنون في كثير من المقامات، مع أنّه بالنوم أشبه و النيّة بعدُ باقية في خزانة النفس، و لا إجماع هنا مع مخالفة غير واحد من أساطين الفقه، و أحاديث رفع القضاء عن المغمى عليه خارجة عن محلّ الكلام؛ و أمّا بالنسبة إلى السكران فلا يُترك الاحتياط، لأنّه شبه الجنون و إن لم يصدق عليه عنوانه‌

(5). مكارم الشيرازي: و قد عرفت أنّ الحكم فيها مبنيّ على الاحتياط‌

(6). الخوئي: على تفصيل تقدّم‌

(7). الامام الخميني: و الليلة الماضية على الأحوط، كما مر‌

الگلپايگاني: و الليلة المتقدّمة على ما مرّ‌

مكارم الشيرازي: و تأتي بغسل الليلة الماضية أيضاً على الأحوط، كما عرفت‌

العروة الوثقى مع التعليقات، ج‌2، ص: 50‌

الخامس: أن لا يكون مسافراً سفراً يوجب قصر الصلاة مع العلم بالحكم في الصوم الواجب، إلّا في ثلاثة مواضع:

أحدها: صوم ثلاثة أيّام بدل هدي التمتّع.

الثاني: صوم بدل البدنة ممّن أفاض من عرفات قبل الغروب عامداً، و هو ثمانية عشر يوماً.

الثالث: صوم النذر (1) المشترط فيه سفراً خاصّة أو سفراً و حضراً، دون النذر المطلق، بل الأقوى عدم جواز الصوم المندوب في السفر أيضاً، إلّا ثلاثة أيّام للحاجة في المدينة، و الأفضل (2) إتيانها (3) في الأربعاء و الخميس و الجمعة. و أمّا المسافر الجاهل بالحكم لو صام.

فيصحّ صومه و يجزيه، حسبما عرفته في جاهل حكم الصلاة إذ الإفطار كالقصر و الصيام كالتمام في الصلاة، لكن يشترط أن يبقى على جهله إلى آخر النهار، و أمّا لو علم بالحكم في الأثناء فلا يصحّ صومه؛ و أمّا الناسي فلا يلحق بالجاهل (4) في الصحّة. و كذا يصحّ الصوم من المسافر إذا سافر بعد الزوال (5)، كما أنّه يصحّ صومه إذا لم يقصّر في صلاته، كناوي الإقامة عشرة أيّام و المتردّد ثلاثين يوماً و كثير السفر (6) و العاصي (7) بسفره و غيرهم ممّن تقدّم تفصيلًا في كتاب الصلاة.

السادس: عدم المرض أو الرمد الّذي يضرّه الصوم لإيجابه شدّته أو طول برئه أو شدّة ألمه أو نحو ذلك؛ سواء حصل اليقين بذلك أو الظنّ، بل أو الاحتمال (8) الموجب للخوف (9)، بل لو‌

______________________________
(1). مكارم الشيرازي: لا يخلو عن الإشكال؛ و النص الوارد فيه و هو رواية ابن مهزيار (1/ 10 من أبواب من يصح عنه الصوم.

(2). الامام الخمينى: بل المتعين على الأحوط، لو لم يكن أقوى.

(3). الخوئى: بل الأحوط الاقتصار على ذلك.

مكارم الشيرازى: بل لا يترك الاقتصار عليه، لاقتصار النص عليه‌

(4). مكارم الشيرازى: فيه إشكال.

(5). الگلپايگانى: و الأحوط له القضاء أيضا إذا نورى السفر من الليل.

(6). الامام الخمينى: أى من كان شغله ذلك، كما مر.

(7). الگلپايگانى: و الأحوط في سفر الصيد للتجارة الجمع في الصلاة، لكن في الصوم يفطر بلا إشكال، كما مر.

(8). الگلپايگانى: إن كان عقلائيا؛ و كذا في خوف الصحيح لا بد أن يكون له منشأ عقلائى.

(9). مكارم الشيرازي: إذا كان الاحتمال المذكور له منشأ عقلائي.

العروة الوثقى مع التعليقات، ج‌2، ص: 51‌

خاف الصحيح (1) من حدوث المرض لم يصحّ منه، و كذا إذا خاف من الضرر في نفسه أو غيره أو عرضه أو عرض غيره أو في مال يجب حفظه و كان وجوبه أهمّ (2) في نظر الشارع من وجوب الصوم، و كذا إذا زاحمه (3) واجب آخر أهمّ منه (4)، و لا يكفي الضعف و إن كان مفرطاً ما دام يتحمّل عادة؛ نعم، لو كان ممّا لا يتحمّل عادةً، جاز الإفطار. و لو صام بزعم عدم الضرر فبان الخلاف بعد الفراغ من الصوم، ففي الصحّة إشكال (5)، فلا يُترك الاحتياط بالقضاء. و إذا حكم الطبيب بأنّ الصوم مضرٌّ و علم المكلّف من نفسه عدم الضرر يصحّ صومه (6)، و إذا حكم بعدم ضرره و علم المكلّف أو ظنّ كونه مضرّاً وجب عليه تركه، و لا يصحّ منه (7).

مسألة 1: يصحّ الصوم من النائم و لو في تمام النهار إذا سبقت منه النيّة في الليل، و أمّا إذا لم تسبق منه النيّة فإن استمرّ نومه إلى الزوال (8) بطل صومه و وجب عليه القضاء إذا كان واجباً، و إن استيقظ قبله نوى و صحّ (9)، كما أنّه لو كان مندوباً و استيقظ قبل الغروب يصحّ‌

______________________________
(1). الامام الخميني: إذا كان خوفه من منشأ يعتني به العقلاء، و كذا فيما بعده‌

(2). الامام الخميني: كون أهميّة المزاحم موجباً لبطلان الصوم و اشتراطه بعدم مزاحمته له، محلّ إشكال، بل منع، فالبطلان في بعض الأمثلة المتقدّمة محلّ منع؛ و كذا الحال في مزاحمته لواجب أهمّ‌

(3). مكارم الشيرازي: في صورة المزاحمة يرتفع الأمر بالصوم، و لكن يمكن تصحيح الصوم من باب الترتّب أو غيره من الطرق المذكورة في باب الضدّ، و لكنّ التقرّب بمثل ذلك لا يخلو عن إشكال‌

(4). الخوئي: الظاهر أنّ في كلّ مورد يكون عدم وجوب الصوم من جهة المزاحمة لواجب آخر أهمّ، يكون الصوم صحيحاً إذا صام من باب الترتّب؛ و منه يظهر الحال فيما إذا كان الصوم مستلزماً للضرر بالنسبة إلى غير الصائم أو عرضه أو عرض غيره أو مال يجب حفظه‌

(5). الامام الخميني: عدم الصحّة لا يخلو من قُرب‌

(6). الامام الخميني: مع عدم تبيّن الخلاف، كما مرّ‌

(7). الامام الخميني: مع تبيّن الخلاف محلّ تأمّل إذا صام متقرّباً‌

(8). الگلپايگاني: لكنّ الأحوط لمن استيقظ بعد الزوال تجديد النيّة و إتمام الصوم أيضاً برجاء المطلوبيّة‌

(9). الامام الخميني: لا يخلو من تأمّل و إن لا يخلو من قوّة، و الاحتياط بالنيّة و الإتمام و القضاء حسن‌

الخوئي: تقدّم الإشكال فيه في صيام شهر رمضان‌

العروة الوثقى مع التعليقات، ج‌2، ص: 52‌

إذا نوى.

مسألة 2: يصحّ الصوم و سائر العبادات من الصبيّ المميّز على الأقوى من شرعيّة عباداته، و يستحبّ تمرينه عليها، بل التشديد عليه لسبعٍ (1)؛ من غير فرق بين الذكر و الانثى في ذلك كلّه.

مسألة 3: يشترط في صحّة الصوم المندوب مضافاً إلى ما ذكر، أن لا يكون عليه صوم واجب، من قضاء أو نذر (2) أو كفّارة أو نحوها مع التمكّن من أدائه، و أمّا مع عدم التمكّن منه كما إذا كان مسافراً و قلنا بجواز الصوم المندوب في السفر أو كان في المدينة و أراد صيام ثلاثة أيّام للحاجة، فالأقوى صحّته (3)؛ و كذا إذا نسي (4) الواجب و أتى بالمندوب، فإنّ الأقوى صحّته (5) إذا تذكّر بعد الفراغ، و أمّا إذا تذكّر في الأثناء قطع و يجوز تجديد النيّة حينئذٍ للواجب مع بقاء محلّها، كما إذا كان قبل الزوال. و لو نذر التطوّع على الإطلاق صحّ و إن كان عليه واجب، فيجوز أن يأتي (6) بالمنذور قبله (7) بعد ما صار واجباً، و كذا لو نذر أيّاماً معيّنة يمكن إتيان الواجب قبلها؛ و أمّا لو نذر أيّاماً معيّنة لا يمكن إتيان الواجب قبلها، ففي صحّته إشكال (8)، من أنّه بعد النذر يصير واجباً، و من أنّ التطوّع قبل الفريضة غير جائز فلا يصحّ نذره، و لا يبعد أن يقال (9): أنّه لا يجوز بوصف التطوّع، و بالنذر يخرج عن الوصف و يكفي في‌

______________________________
(1). الامام الخميني: هذا التحديد محلّ تأمّل، و لا يبعد استحباب التشديد عليه إذا أطاق على صوم ثلاثة أيّام متتابعة‌

مكارم الشيرازي: في خصوص السبع تأمّل‌

(2). الامام الخميني: على الأحوط في غير القضاء، بل التعميم لا يخلو من قوّة‌

مكارم الشيرازي: هذا الحكم بالنسبة إلى قضاء غير شهر رمضان محلّ إشكال و إن كان أحوط‌

(3). الگلپايگاني: الصحّة غير معلومة‌

(4). الامام الخميني: لا يخلو من إشكال و إن لا يخلو من وجه‌

(5). مكارم الشيرازي: لا دليل على الصحّة بعد ظهور الأخبار المانعة في الحكم الواقعي الّذي لا يتغيّر بالنسيان‌

(6). الامام الخميني: فيه إشكال؛ فالأحوط أن يأتي بالمنذور بعده إلّا إذا ضاق وقته‌

(7). مكارم الشيرازي: إتيانه بالمنذور قبل أداء الفرض مشكل، لأنّ النذر يتعلّق بالراجح، و الراجح بالذات هو ما يأتي به بعد أداء الفرض، فهو متعلّق للنذر؛ و هكذا الكلام في الفرع الآتي‌

(8). الگلپايگاني: لا فرق في الإشكال بين الفروع الثلاثة، كما أنّ الصحّة في كلّ واحد منها لا تخلو عن إشكال‌

الامام الخميني: الأقوى بطلانه‌

(9). الخوئي: تقدّم الكلام في ذلك في مسألة التطوّع في وقت صلاة الفريضة‌

العروة الوثقى مع التعليقات، ج‌2، ص: 53‌
<![endif]-->

رجحان متعلّق النذر رجحانه و لو بالنذر (1)، و بعبارة اخرى: المانع هو وصف الندب و بالنذر يرتفع المانع.

مسألة 4: الظاهر جواز التطوّع بالصوم إذا كان ما عليه من الصوم الواجب استيجاريّاً و إن كان الأحوط تقديم الواجب.

Begin WebGozar.com Counter code End WebGozar.com Counter code