فصل في الموصى به‌ برو به برنامه

تصحّ الوصيّة بكلّ ما يكون فيه غرض عقلائي محلّل، من عين أو منفعة أو حقّ قابل للنقل؛ و لا فرق في العين بين أن تكون موجودة فعلًا أو قوّةً (3)، فتصحّ بما تحمله الجارية أو الدابّة أو الشجرة، و تصحّ بالعبد الآبق منفرداً و لو لم يصحّ بيعه إلّا بالضميمة. و لا تصحّ بالمحرّمات كالخمر و الخنزير و نحوهما و لا بآلات اللهو و لا بما لا نفع فيه و لا غرض عقلائي كالحشرات و كلب الهراش، و أمّا كلب الصيد فلا مانع منه، و كذا كلب الحائط و الماشية و الزرع و إن قلنا بعدم مملوكيّة ما عدا كلب الصيد، إذ يكفي وجود الفائدة فيها (4). و لا تصحّ بما لا يقبل النقل من الحقوق، كحقّ القذف و نحوه. و تصحّ بالخمر المتّخذ للتخليل. و لا فرق في عدم صحّة الوصيّة بالخمر و الخنزير بين كون الموصي و الموصى له مسلمين أو كافرين (5) أو مختلفين، لأنّ الكفّار أيضاً مكلّفون بالفروع (6)؛ نعم، هم يقرّون على مذهبهم و إن لم يكن‌

______________________________
(1). الامام الخميني: لا إشكال في صحّته في الصورتين‌

(2). مكارم الشيرازي: لا يخلو عن إشكال، لأنّ جواز تصرّف الأجنبي في أمر الصغير حتّى يصرف مالًا في اموره و لو من أموال نفسه أو ثالث، غير ثابت، إلّا في أشياء طفيفة جرت السيرة عليها، مثل سقيه إذا كان عطشاناً ممّا يعلم عادةً برضى الوليّ به‌

(3). مكارم الشيرازي: بل و لو كانت معدومة في بعض الصور؛ كما إذا أوصى بثلث ماله و كان له أموال بالفعل، ثمّ حصل له أموال في المستقبل، فإنّ الوصيّة تشمل الجميع؛ نعم، إذا لم يكن له مال موجود مطلقاً، يشكل الوصيّة بالمعدوم فقط؛ و ذلك لعدم معروفيّته بين العقلاء و انصراف الإطلاقات إلى غيره؛ و في الحقيقة تجوز الوصيّة بمجموعة أموال بعضها موجود و بعضها معدوم‌

(4). مكارم الشيرازي: المراد هي الفائدة المقصودة المعتدّ بها، و إلّا فلكلّ شي‌ء فائدة نادرة، مع أنّه لا تصحّ الوصيّة بها‌

(5). الامام الخميني: فيه تأمّل‌

(6). الخوئي: الحكم ببطلان الوصيّة بالخمر و الخنزير و لو من الكافر للكافر، لعلّه لا يتوقّف على تكليفهم بالفروع‌

مكارم الشيرازي: و في تعليقات بعض الأعلام أنّ الحكم ببطلان الوصيّة بالخمر و الخنزير و لو من الكافر للكافر، لا يتوقّف على تكليفهم بالفروع (انتهى). و لعلّ نظره إلى أنّ البطلان من آثار عدم الماليّة و عدم الملكيّة الّتي هي من الأحكام الوضعيّة، و لكن يمكن الجواب عنه بأنّ عدم ماليّة الخمر و الخنزير إنّما نشأ من حرمة منافعهما؛ فلو لم يكن الكفّار مكلّفين بالفروع، كانتا من الأموال عندهم و تصحّ الوصيّة بها‌

العروة الوثقى مع التعليقات، ج‌2، ص: 889‌

عملهم صحيحاً (1). و لا تصحّ الوصيّة بمال الغير و لو أجاز ذلك الغير إذا أوصى لنفسه؛ نعم، لو أوصى فضولًا عن الغير (2)، احتمل (3) صحّته إذا أجاز (4).

مسألة 1: يشترط في نفوذ الوصيّة كونها بمقدار الثلث أو بأقلّ منه، فلو كانت بأزيد بطلت في الزائد، إلّا مع إجازة الورثة بلا إشكال. و ما عن عليّ بن بابويه من نفوذها مطلقاً، على تقدير ثبوت النسبة، شاذّ. و لا فرق بين أن يكون بحصّة مشاعة من التركة أو بعين معيّنة. و لو كانت زائدة و أجازها بعض الورثة دون بعض نفذت في حصّة المجيز (5) فقط، و لا يضرّ التبعيض، كما في سائر العقود؛ فلو خلّف ابناً و بنتاً و أوصى بنصف تركته فأجاز الابن دون البنت، كان للموصى له ثلاثة إلّا ثلث من ستّة، و لو انعكس كان له اثنان و ثلث من ستّة.

مسألة 2: لا يشترط في نفوذها قصد الموصي كونها من الثلث الّذي جعله الشارع له، فلو أوصى بعين غير ملتفت إلى ثلثه و كانت بقدره أو أقلّ صحّت، و لو قصد كونها من الأصل أو من ثلثي الورثة و بقاء ثلثه سليماً مع وصيّته بالثلث سابقاً أو لاحقاً، بطلت (6) مع‌

______________________________
(1). مكارم الشيرازي: و أىّ معنى لإقرارهم على مذهبهم، بعد الاعتراف ببطلان عملهم؟

(2). الگلپايگاني: بأن يقول مثلًا: دار زيد بعد وفاته للفقراء، فأمضاه الزيد، و الظاهر عدم الإشكال فيه على تقدير كون الوصيّة عقداً؛ نعم، على تقدير كونها إيقاعاً فجريان الفضولي فيها محلّ تأمّل، بل منع‌

(3). الخوئي: هذا هو الأظهر‌

(4). مكارم الشيرازي: مشكل، بناءً على ما عرفت من كونها من الإيقاعات و عدم اشتراط القبول فيها، لما هو المعروف بينهم من دعوى الإجماع على بطلان الفضوليّ في الإيقاعات‌

(5). مكارم الشيرازي: و كذا إذا أجاز جميع الورثة بعض الوصيّة أو البعض بعضها، لإطلاق الأدلّة في جميع ذلك‌

(6). الامام الخميني: لا يبعد لغويّة قصده و صحّة وصيّته في الثلث و لغويّة الوصيّة الثانية بالثلث، و كذا لا يبعد صحّتها في الفرض الآتي و لغويّة قصده، لكن في الفرعين إشكال لا يُترك التخلّص بالاحتياط‌

الگلپايگاني: مع وصيّته بالثلث سابقاً؛ و أمّا مع عدمها فإن كان من قصده الوصيّة زائداً عن الثلث فعلًا و قصد بيان مصرف الثلث بعد ذلك فهذه عين الوصيّة بالثلث مع الزيادة و في الزائد موقوفة على إمضاء الورثة؛ و أمّا لو لم يرجع إلى الوصيّة بالثلث فعلًا مع الزيادة، فقصد كون ذلك من الأصل و زائداً على الثلث لغو؛ سواء أوصى بعد ذلك بالثلث أو لم يوص، و هذه الوصيّة نافذة بمقدار الثلث و ما أوصى بعد ذلك فموقوف على الإمضاء‌

مكارم الشيرازي: أمّا إذا أوصى بالثلث سابقاً، فالبطلان واضح؛ و أمّا في صورة عدم الوصيّة سابقاً، فبطلانه غير معلوم، لأنّه يمكن أن يقال: إنّ الوصيّة تؤدّي من الثلث؛ و قصد كونها من الأصل لغو، لا أثر له، و لكن لا يخلو عن إشكال في فرض تقييد قصده بكونها من الأصل أو من ثلثي الورثة، و الأحوط التصالح بين الورثة و الموصى له‌

العروة الوثقى مع التعليقات، ج‌2، ص: 890‌

عدم إجازة الورثة. بل و كذا إن اتّفق أنّه لم يوص بالثلث أصلًا، لأنّ الوصيّة المفروضة مخالف للشرع (1) و إن لم تكن حينئذٍ زائدة على الثلث؛ نعم، لو كانت في واجب (2)، نفذت (3)، لأنّه يخرج من الأصل (4) إلّا مع تصريحه بإخراجه من الثلث.

مسألة 3: إذا أوصى بالأزيد أو بتمام تركته و لم يعلم كونها في واجب حتّى تنفذ أو لا حتّى يتوقّف الزائد على إجازة الورثة، فهل الأصل النفوذ إلّا إذا ثبت عدم كونها بالواجب أو عدمه إلّا إذا ثبت كونها بالواجب؟ وجهان؛ ربّما يقال بالأوّل، و يحمل عليه ما دلّ من الأخبار على أنّه «إذا أوصى بماله كلّه فهو جائز» و «أنّه أحقّ بماله ما دام فيه الروح»، لكنّ الأظهر الثاني (5)،

______________________________
(1). الخوئي: فيه منع ظاهر‌

(2). الامام الخميني: ماليّ دون غيره‌

الگلپايگاني: يعني فيما يخرج من الأصل‌

(3). مكارم الشيرازي: مراده الواجبات الّتي تخرج من الأصل‌

(4). الخوئي: مرّ أنّ الواجبات البدنيّة كالصلاة و الصوم لا تخرج من الأصل؛ و بذلك يظهر حال المسألة الآتية‌

(5). مكارم الشيرازي: استدلاله قدس سره بعمومات عدم صحّة الوصيّة إذا كانت بالأزيد مخدوش، لأنّ الخارج منه كونها بالواجب في مقام الثبوت، فالتمسّك بعموم العامّ هنا من قبيل التمسّك به في الشبهات المصداقيّة؛ و كون الواجب غير معلوم، لا يفيد؛ لأنّه لم يؤخذ العلم في موضوع الحكم، كما أنّ التمسّك بأصالة عدم نفوذها في الأزيد من الثلث إلّا مع الإمضاء (كما ذكره بعض أعاظم المحشّين) أيضاً يرجع إلى ذلك. و الأولى الاستدلال عليه بإطلاق أدلّة نفي الزائد على الثلث فإنّ احتمال الوصيّة بالواجب قائم في كثير من الوصايا الزائدة على الثلث، مع أنّه لم يرد إشارة إليه في تلك العمومات على كثرتها، مضافاً إلى جريان الأصل الموضوعي، أعني أصالة عدم حقّ واجب على الميّت في كثير من الموارد‌

العروة الوثقى مع التعليقات، ج‌2، ص: 891‌

لأنّ مقتضى ما دلّ (1) على عدم صحّتها إذا كانت أزيد من ذلك، و الخارج منه كونها بالواجب، و هو غير معلوم؛ نعم، إذا أقرّ بكون ما أوصى به من الواجب عليه يخرج من الأصل، بل و كذا إذا قال: أعطوا مقدار كذا خمساً أو زكاة أو نذراً أو نحو ذلك (2)، و شكّ في أنّها واجبة عليه أو من باب الاحتياط المستحبيّ، فإنّها أيضاً تخرج من الأصل، لأنّ الظاهر من الخمس و الزكاة الواجب منهما، و الظاهر من كلامه اشتغال ذمّته بهما.

مسألة 4: إذا أجاز الوارث بعد وفاة الموصي، فلا إشكال في نفوذها و لا يجوز له الرجوع في إجازته، و أمّا إذا أجاز في حياة الموصي ففي نفوذها و عدمه قولان؛ أقواهما الأوّل، كما هو المشهور، للأخبار المؤيّدة باحتمال (3) كونه ذا حقّ في الثلثين (4) فيرجع إجازته إلى إسقاط حقّه، كما لا يبعد استفادته من الأخبار الدالّة على أن ليس للميّت من ماله إلّا الثلث. هذا، و الإجازة من الوارث تنفيذ لعمل الموصي و ليست ابتداء عطيّة من الوارث (5)، فلا ينتقل الزائد إلى الموصى له من الوارث بأن ينتقل إليه بموت الموصي أوّلًا ثمّ ينتقل إلى الموصى له، بل و لا‌

________________________________________
يزدى، سيد محمد كاظم طباطبايى، العروة الوثقى مع التعليقات، دو جلد، انتشارات مدرسه امام على بن ابى طالب عليه السلام، قم - إيران، اول، 1428 ه‍ ق

العروة الوثقى مع التعليقات؛ ج‌2، ص: 891

______________________________
(1). الگلپايگاني: هذا تمسّك بالعامّ في الشبهة المصداقيّة، و الأولى التمسّك بأصالة عدم نفوذها في أزيد من الثلث إلّا مع الإمضاء‌

(2). مكارم الشيرازي: بناءً على إخراج النذر و مثله من الواجبات الماليّة الّتي ليست من حقوق الناس، عن الأصل‌

(3). الگلپايگاني: هذا الاحتمال ضعيف، كما يأتي منه قدس سره‌

(4). مكارم الشيرازي: أصل المسألة أعني جواز إمضاء الورثة للزائد على الثلث حال حياة الموصي، ممّا لا ينبغي الشكّ فيها، بعد ورود الروايات المعتبرة و فتوى المشهور بها، و لكن تأييدها بهذا الاحتمال غير متين، لعدم كون الورثة ذا حقّ في الثلثين حال الحياة؛ كما أنّ الاخبار الدالّة على أن ليس للميّت من ماله إلّا الثلث أيضاً خارجة عن محلّ الكلام‌

(5). مكارم الشيرازي: هذا بالنسبة إلى الإجازة قبل الموت واضح؛ و أمّا بالنسبة إلى ما بعد الموت، ففي غاية الإشكال، لأنّ التركة بحسب ظاهر أدلّة الإرث تنتقل إلى ملك الورثة و لا تبقى على ملك الميّت ما لم يكن هناك دين أو وصيّة نافذة؛ و حينئذٍ تكون الإجازة ابتداءً عطيّة أو شبهه؛ اللّهم إلّا أن يقال: عند صدور الوصيّة يبقى مقدارها على ملك الميّت، حتّى ينفذ الوارث الوصيّة أو يردّها، أو يقال بالكشف، أعني إجازة الورثة يكشف عن انتقال الملك إلى الموصى له من حين الوفاة؛ و لكن كلا الوجهين محلّ إشكال؛ و على كلّ حال تظهر الثمرة بين القولين في الأحكام الخاصّة للهبة كالقبض و جواز الرجوع و غيرهما و الأحكام الخاصّة بالمفلس و شبهه‌

العروة الوثقى مع التعليقات، ج‌2، ص: 892‌

بتقدير ملكه، بل ينتقل إليه من الموصي من الأوّل.

مسألة 5: ذكر بعضهم: أنّه لو أوصى بنصف ماله مثلًا، فأجاز الورثة، ثمّ قالوا ظننّا أنّه قليل، قضي عليهم بما ظنّوه (1) و عليهم الحلف على الزائد، فلو قالوا: ظننّا أنّه ألف درهم، فبان أنّه ألف دينار، قضي عليهم بصحّة الإجازة في خمسمائة درهم و أحلفوا على نفي ظنّ الزائد (2)، فللموصى له نصف ألف درهم من التركة و ثلث البقيّة (3)، و ذلك لأصالة (4) عدم تعلّق الإجازة بالزائد و أصالة عدم (5) علمهم بالزائد، بخلاف ما إذا أوصى بعين معيّنة كدارٍ أو عبد فأجازوا، ثمّ ادّعوا أنّهم ظنّوا أنّ ذلك أزيد من الثلث بقليل، فبان أنّه أزيد بكثير، فإنّه لا يسمع منهم ذلك، لأن إجازتهم تعلّقت بمعلوم و هو الدار أو العبد. و منهم من سوّى بين المسألتين في القبول. و منهم من سوّى بينهما في عدم القبول، و هذا هو الأقوى (6)، أخذاً بظاهر كلامهم في الإجازة، كما في سائر المقامات؛ كما إذا أقرّ بشي‌ء ثمّ ادّعى أنّه ظنّ كذا أو وهب أو صالح أو نحو ذلك ثمّ ادّعى أنّه ظنّ كذا، فإنّه لا يسمع منه. بل الأقوى عدم السماع حتّى مع‌

______________________________
(1). مكارم الشيرازي: الأقوى في المسألة التفصيل؛ فإن كان هذا الظنّ من قبيل الدواعي و المقارنات، فالوصيّة نافذة فيما وقع تحت عنوان النصف؛ و إن كان من المقيّدات، فالحقّ ما ذكروه من عدم نفوذ الوصيّة فيما زاد على ظنّهم، هذا بحسب مقام الثبوت؛ أمّا بحسب مقام الإثبات لو كان ظاهر الكلام الإطلاق، يؤخذ به و لا تسمع هذه الدعوى؛ و كذا لو كان ظاهره التقييد، يؤخذ به؛ نعم، لو كان ظاهره مبهماً، يؤخذ بالأقلّ و لا يحتاج إلى الحلف في شي‌ء من ذلك؛ فما ذكره البعض على إطلاقه ممنوع‌

(2). الامام الخميني: بل على نفي احتماله‌

الگلپايگاني: ليرجع إلى الحلف على نفي الإجازة عن الزائد ممّا ظنّوا، و إلّا فمجرّد نفي الظنّ لا يفيد نفي الإجازة‌

(3). الگلپايگاني: لا وجه لثلث البقيّة زائداً على خمسمائة درهم، لأنّه لو كان الممضى تمام خمسمائة درهم زائداً على الثلث فللموصى له ثلث المجموع زائداً على خمسمائة درهم، و إن كان الممضى سدس ألف درهم زائداً على الثلث فللموصى له ثلث المجموع و سدس ألف درهم‌

(4). الامام الخميني: هذان الأصلان غير أصيلين و إن كان المدّعىٰ حقّاً‌

(5). الگلپايگاني: هذا الأصل يفيد لدعوى عدم العلم؛ و أمّا لنفي الإجازة فغير مفيد‌

(6). الگلپايگاني: هذا مع الشكّ في الصدق؛ و أمّا مع العلم بصدق المدّعى فالأقوى في الصورة الاولى السماع، لأنّ النصف في نظر من يعلم بكون الكلّ ألف درهم ليس إلّا خمسمائة درهم بخلاف الصورة الثانية، فإنّ العبد لا يتفاوت بكثرة المال و قلّته أو كثرة قيمته و قلّتها؛ نعم، تخيّل ذلك أوجب إمضاء الدار و العبد و هذا لا يضرّ بشي‌ء‌

العروة الوثقى مع التعليقات، ج‌2، ص: 893‌

العلم بصدقهم في دعواهم (1)، إلّا إذا علم كون إجازتهم مقيّدة بكونه بمقدار كذا، فيرجع إلى عدم الإجازة، و معه يشكل السماع (2) فيما ظنّوه أيضاً (3).

مسألة 6: المدار في اعتبار الثلث على حال وفاة الموصي، لا حال الوصيّة، بل على حال حصول قبض الوارث للتركة (4) إن لم تكن بيدهم حال الوفاة، فلو أوصى بحصّة مشاعة كالربع أو الثلث و كان ماله بمقدار ثمّ نقص، كان النقص مشتركاً (5) بين الوارث و الموصي، و لو زاد كانت الزيادة لهما مطلقاً و إن كانت كثيرة جدّاً. و قد يقيّد بما إذا لم تكن كثيرة، إذ لا يعلم إرادته هذه الزيادة المتجدّدة، و الأصل عدم تعلّق الوصيّة بها؛ و لكن لا وجه له، للزوم العمل بإطلاق الوصيّة؛ نعم، لو كان هناك قرينة قطعيّة على عدم إرادته الزيادة المتجدّدة، صحّ ما ذكر، لكن عليه لا فرق بين كثرة الزيادة و قلّتها (6). و لو أوصى بعين معيّنة كانت بقدر‌

______________________________
(1). الخوئي: هذا إنّما يتمّ في مثل الوصيّة بمعلوم كالعبد و الدار، فإنّ الإجازة حينئذٍ تكون نافذة و لو علم مخالفة علم المجيز لما عليه الموصى به من الماليّة، فإنّ التخلّف حينئذٍ من قبيل تخلّف الداعي و هو لا يضرّ بصحّة الإجازة؛ و أمّا في مثل الوصيّة بالنصف مثلًا فالمجاز على تقدير اعتقاد المجيز بأنّ المال ألف درهم فرضاً إنّما هي الوصيّة بخمسمائة درهم فلا تكون الإجازة نافذة في الزائد، و بذلك يظهر أنّه لا مانع من سماع الدعوى في هذه الصورة، إلّا أنّها محتاجة إلى الإثبات، لأنّها مخالفة لظاهر الكلام‌

(2). الخوئي: لعلّه من سهو القلم، و صحيحه: «يشكل القضاء»‌

(3). مكارم الشيرازي: كأنّ نظره في ذلك إلى أنّ ما قصد لم يقع و ما وقع لم يقصد، فليست العبارة من سهو القلم، كما ذكره بعض الأعاظم و قال: «إنّ صحيحه يشكل القضاء»؛ و لكن هذا الإشكال على كلّ حال غير وارد، لعدم المانع من السماع فيما ظنّوه؛ كما لا يخفى‌

(4). مكارم الشيرازي: لا يعلم وجه صحيح لحال حصول قبض الوارث، لأنّ التركة تنتقل إلى الوارث حين الموت و إن كان متعلّقاً لحقّ الموصى له أيضاً، حتّى أنّ الدية إن قلنا بكونها من جملة التركة و يتعلّق بها حقّ الموصى له لا أثر للقبض فيها؛ و بالجملة: ذكر حال القبض ممّا لا يدلّ عليه دليل و لا يساعده القواعد المعروفة في الإرث و الوصيّة‌

(5). الگلپايگاني: هذا الحكم متفرّع على أنّ الظاهر من لفظ الموصي الربع حال الوصيّة أو حال الموت و لذا لو صرّح بالربع حال الوصيّة ثمّ زاد كانت الزيادة للوارث؛ و كذا لو نقص، كان النقص عليه ما لم ينقص ربع المال حال الوصيّة عن الثلث حال الوفاة، و كذا لو صرّح بالثلث حال الوصيّة ثمّ زاد المال كانت الزيادة للوارث؛ نعم، لو نقص كان النقص عليهما لعدم نفوذ الوصيّة في أكثر من الثلث حال الوفاة؛ نعم، ما ذكر من الوصيّة بالعين المعيّنة أو بالكلّي مثل مائة دينار، فهو من فروع كون المدار في الثلث الثلث حال الموت‌

(6). مكارم الشيرازي: الإنصاف أنّ كثرة الزيادة بنفسها قرينة قطعيّة في كثير من الأوقات على إرادة الحصّة حال الوصيّة، فلو أوصى لأجنبي بثلث ماله و كان ألف درهم، ثمّ تجدّد له ملايين درهم أو أكثر، يشكل الحكم بملكيّة الموصى له لثلثها‌

العروة الوثقى مع التعليقات، ج‌2، ص: 894‌

الثلث أو أقلّ، ثمّ حصل نقص في المال أو زيادة في قيمة تلك العين، بحيث صارت أزيد من الثلث حال الوفاة، بطلت بالنسبة إلى الزائد مع عدم إجازة الوارث، و إن كانت أزيد من الثلث حال الوصيّة ثمّ زادت التركة أو نقصت قيمة تلك العين فصارت بقدر الثلث أو أقلّ، صحّت الوصيّة فيها، و كذا الحال إذا أوصى بمقدار معيّن كلّي، كمأة دينار مثلًا.

مسألة 7: ربّما يحتمل فيما لو أوصى بعين معيّنة أو بكلّي كمأة دينار مثلًا، أنّه إذا اتلف من التركة بعد موت الموصي يردّ النقص عليهما أيضاً بالنسبة، كما في الحصّة المشاعة و إن كان الثلث وافياً، و ذلك بدعوى أنّ الوصيّة بها ترجع إلى الوصيّة بمقدار ما يساوي قيمتها، فيرجع إلى الوصيّة بحصّة مشاعة؛ و الأقوى عدم ورود النقص عليهما ما دام الثلث وافياً. و رجوعهما إلى الحصّة المشاعة في الثلث أو في التركة لا وجه له، خصوصاً في الوصيّة بالعين المعيّنة.

مسألة 8: إذا حصل للموصي مال بعد الموت، كما إذا نصب شبكة فوقع فيها صيد بعد موته، يخرج منه الوصيّة (1)، كما يخرج منه الديون؛ فلو كان أوصى بالثلث أو الربع اخذ ثلث ذلك المال أيضاً مثلًا. و إذا أوصى بعين و كانت أزيد من الثلث حين الموت و خرجت منه بضمّ ذلك المال، نفذت فيها، و كذا إذا أوصى بكلّي كمأة دينار مثلًا؛ بل لو أوصى ثمّ قتل، حسبت ديته من جملة تركته، فيخرج منها الثلث كما يخرج منها ديونه إذا كان القتل خطأً، بل و إن كان عمداً و صالحوا على الدية، للنصوص الخاصّة، مضافاً إلى الاعتبار و هو كونه أحقّ بعوض نفسه من غيره. و كذا إذا اخذ دية جرحه خطأً، بل أو عمداً.

و الحمد للّه ربّ العالمين و أفضل صلواته على نبيّه و آله الطاهرين‌

______________________________
(1). مكارم الشيرازى: المسألة لا تخلو عن إشكال، لأن الحيازة يعتبر فيها القصد و لو إجمالا في أعماق النفس، و هذا منتف بعد الموت، و الفرض أن الورثة ايضا لم يقصدوا الحيازة؛ و مجرد كون الأثر تابعا للمؤثر تبعية النماء كما في المستمسك و غيره، غير مفيد بعد قبول اشتراط النية في الحيازة و لو اجمالا؛ نعم، يمكن أن يقال بأن الشبكة تنتقل إلى ملك الورثة و الموصى له إذا كانت الوصية بالمشاع، فتنتقل إليهما مال وقع في الشبكة و إن كان هو أيضا لا يخلو عن إشكال على فرض اشترط القصد في الحيازة و لو اجمالا؛ نعم، يمكن أن يقال بأن الشبكة تنتقل إلى ملك الورثة و الموصى له إذا كانت الوصية بالمشاع، فتنتقل إليهما ما وقع في الشبكة و إن كان هو ايضا لا يخلو عن إشكال على فرض اشترط القصد في الحيازة؛ مضافا إلى أنه لا يجرى في غير المشاع، فالاحوط التصالح فيما هو محل للإشكال.

________________________________________
يزدى، سيد محمد كاظم طباطبايى، العروة الوثقى مع التعليقات، دو جلد، انتشارات مدرسه امام على بن ابى طالب عليه السلام، قم - إيران، اول، 1428 ه‍ ق

Begin WebGozar.com Counter code End WebGozar.com Counter code