تتمّة: في صور التنازع‌ برو به برنامه

قد علم من تضاعيف المسائل المتقدّمة الاتّفاقيّة أو الخلافيّة أنّ ما ذكروه في أوّل الفصل من تعريف الضمان و أنّه نقل الحقّ الثابت من ذمّة إلى اخرى و أنّه لا يصحّ في غير الدين و لا في غير الثابت حين الضمان، لا وجه له (5)، و أنّه أعمّ من ذلك حسب ما فصّل (6).

مسألة 1: لو اختلف المضمون له و المضمون عنه في أصل الضمان فادّعى أنّه ضمنه‌

______________________________
(1). الگلپايگاني: و يمكن تطبيقه على القواعد، لأنّه أتلف ماله بأمر الغير، و احترام المال يقتضي الضمان؛ نعم، لا بدّ أن يكون الأمر بداعٍ عقلائي كحفظ السفينة من الغرق؛ و أمّا لمجرّد خفّة السفينة و نحوها فيمكن الخدشة في كونه عقلائيّاً و لذا لم يحكموا بالصحّة، و الإنصاف أنّ الموارد مختلفة‌

مكارم الشيرازي: بل الدليل عليه حرمة عمل المسلم و ماله، و كون المقام من قبيل التسبيب؛ و الظاهر أنّ المجمعين أيضاً نظروا إلى ذلك، فتأمّل، و هذا هو الدليل بعينه بالنسبة إلى الشقّ الثاني؛ أمّا إذا كان بلا فائدة و كان نفس الإتلاف حراماً، فلا يجري فيه هذا الدليل و لا ضمان عليه‌

(2). مكارم الشيرازي: المراد منه هي المصلحة الّتي يجوز معها إلقاء المتاع في البحر و إتلافه؛ و لو لم تكن بهذه المنزلة، فلا ضمان لعدم جوازه شرعاً؛ و الحكم التكليفي هنا ينتهي إلى الحكم الوضعي، كما لا يخفى على الخبير‌

(3). الامام الخميني: و هو الأقوى؛ و أمّا الأوّل فقد ادّعى الشيخ إجماع الفرقة، بل إجماع الامّة عدا أبي ثور عليه و لا بأس به، لكنّه ليس من فروع هذا الكتاب و غير مربوط بالضمان المذكور فيه‌

(4). الخوئي: بل السيرة القطعيّة العقلائيّة قائمة على الصحّة‌

(5). الامام الخميني: بناءً على مبناه، و قد مرّ الكلام في المسائل المذكورة‌

(6). الخوئي: قد مرّ التفصيل‌

العروة الوثقى مع التعليقات، ج‌2، ص: 723‌

ضامن و أنكره المضمون له، فالقول قوله، و كذا لو ادّعى أنّه ضمن تمام ديونه و أنكره المضمون له، لأصالة بقاء ما كان عليه (1). و لو اختلفا في إعسار الضامن حين العقد و يساره، فادّعى المضمون له إعساره (2)، فالقول قول (3) المضمون عنه (4)؛ و كذا لو اختلفا في اشتراط الخيار للمضمون له و عدمه، فإنّ القول قول المضمون عنه، و كذا لو اختلفا في صحّة الضمان (5) و عدمها (6).

مسألة 2: لو اختلف الضامن و المضمون له في أصل الضمان أو في ثبوت الدين و عدمه أو في مقداره أو في مقدار ما ضمن أو في اشتراط تعجيله أو تنقيص أجله إذا كان مؤجّلًا أو في اشتراط شي‌ء عليه زائداً على أصل الدين (7)، فالقول قول الضامن. و لو اختلفا في اشتراط تأجيله مع كونه حالًّا أو زيادة أجله مع كونه مؤجّلًا أو وفائه أو إبراء المضمون له عن جميعه‌

______________________________
(1). مكارم الشيرازي: قال بعض الأكابر: بل لأصالة عدم الضمان، لأنّه الأصل السببي بالنسبة إلى أصالة بقاء الدين الّذي هو الأصل المسبّبي، فمع وجود الأصل السببي لا تصل النوبة إلى المسبّبي؛ هذا، و لكن ذكرنا في محلّه أنّ تقدّم الأصل السببي إنّما هو في موارد الاختلاف؛ أمّا إذا وافقا، فلا يبعد جريان كليهما، و لذا استدلّ الإمام عليه السلام باستصحاب الطهارة في أحاديث الاستصحاب، مع أنّ عدم تحقّق النوم بالنسبة إليه سببي؛ و العجب أنّه قدس سره تكلّف في توجيه رواية الاستصحاب بما لا ينافي ما ذكره، مع أنّ الأولى أن يعتقد بما ذكرنا و يأخذ بما هو ظاهر الرواية‌

(2). الگلپايگاني: إلّا إذا كان مسبوقاً بالإعسار المجهول عند الضامن، فالقول قوله في دعوى بقائه‌

(3). الامام الخميني: مع سبق يساره، و قول المضمون له مع سبق إعساره، و مع الجهل بالحالة السابقة فمحلّ إشكال‌

(4). الخوئي: هذا فيما إذا لم يثبت إعساره سابقاً‌

مكارم الشيرازي: هذا إنّما يتمّ فيما كان مسبوقاً باليسار؛ و أمّا لو كان مسبوقاً بالإعسار، فالقول قول المضمون له، فيجوز له فسخ الضمان عملًا بمقتضى الأصل؛ و أمّا لو لم يعلم بالحالة السابقة، فلا يقدّم قول المضمون عنه، لعدم العلم بالموضوع. و لا يجوز التمسّك بالعمومات، لأنّه من قبيل الشبهات الموضوعيّة؛ اللّهم إلّا أن يقال: إنّ المخصّص في المقام لبّي، فتأمّل. و أمّا التمسّك بأصالة الصحّة، كما يظهر من بعضهم، فهو فاسد، لأنّه لا شكّ في صحّة العقد مع الإعسار؛ و إنّما يظهر أثره في الخيار، كما مرّ‌

(5). الگلپايگاني: القول فيه قول مدّعي الصحّة‌

(6). مكارم الشيرازي: و القول هنا قول مدّعي الصحّة، سواء كان المضمون له أو المضمون عنه‌

(7). مكارم الشيرازي: قد عرفت أنّه يشكل اشتراط أمر زائد، لشبهة الربا، إلّا أن يكون شيئاً لا يلزم منه الربا‌

العروة الوثقى مع التعليقات، ج‌2، ص: 724‌

أو بعضه أو تقييده بكونه من مال معيّن و المفروض تلفه أو اشتراط خيار الفسخ للضامن أو اشتراط شي‌ء على المضمون له أو اشتراط كون الضمان بما يسوّي أقلّ من الدين، قدّم قول المضمون له.

مسألة 3: لو اختلف الضامن و المضمون عنه في الإذن و عدمه أو في وفاء الضامن حتّى يجوز له الرجوع و عدمه أو في مقدار الدين الّذي ضمن و أنكر المضمون عنه الزيادة أو في اشتراط شي‌ء على المضمون عنه (1) أو اشتراط الخيار للضامن (2)، قدّم قول المضمون عنه. و لو اختلفا في أصل الضمان أو في مقدار الدين الّذي ضمنه و أنكر الضامن الزيادة، فالقول قول الضامن.

مسألة 4: إذا أنكر الضامن الضمان فاستوفى الحقّ منه بالبيّنة، ليس له الرجوع على المضمون عنه المنكر للإذن (3) أو الدين (4)، لاعترافه بكونه اخذ منه ظلماً؛ نعم، لو كان مدّعياً مع ذلك للإذن في الأداء بلا ضمان و لم يكن منكراً لأصل الدين، و فرض كون المضمون عنه‌

______________________________
(1). الامام الخميني: أي في عقد آخر‌

الگلپايگاني: في ضمن عقد خارج، حيث إنّ المضمون عنه ليس طرفاً في عقد الضمان حتّى يشترط فيه شي‌ء عليه، و احتمال كونه ملزماً بما اشترطا عليه برضاه و إذنه لا وجه له‌

مكارم الشيرازي: فيه إشكال ظاهر أشار إليه جمع من أكابر المحشّين، و هو أنّه من قبيل الشروط الابتدائيّة، لأنّ العقد إنّما هو بين الضامن و المضمون له، فالمضمون عنه ليس طرفاً في عقد الضمان إلّا أن يؤخذ الشرط في ضمن عقد خارج. و ما قد يقال إنّه من قبيل «ألق متاعك في البحر و علىّ عوضه» فليس بصحيح، لأنّه راجع إلى ضمان أصل العين، و الكلام هنا في الشرائط الزائدة‌

(2). مكارم الشيرازي: فيه نظر، لأنّه يرد عليه إشكالان: الأوّل: ما عرفت من أنّ اشتراط الخيار للضامن أو المضمون له محلّ إشكال (فراجع المسألة الخامسة و ما علّقنا عليها). الثاني: أنّ الخيار إن كان في ضمن عقد الضمان، فليس المضمون عنه طرفاً له حتّى يصحّ له طرح الدعوى؛ و إن كان في ضمن الإذن، فليس الإذن من العقود؛ اللّهم إلّا أن يكون في ضمن عقد خارج لازم، و هو خلاف ظاهر الكلام‌

(3). الگلپايگاني: قيد كون المضمون عنه منكراً للإذن أو الدين غير محتاج إليه، لأنّ الحكم في صورتي الاعتراف و الإنكار واحد و إرجاع القيد إلى الضامن لا مصحّح له‌

(4). الخوئي: الظاهر أنّه لا فرق بين صورتي الإنكار و عدمه‌

مكارم الشيرازي: القيد الأخير غير لازم، فإنّ الضامن إذا كان منكراً للضمان لا يرجع إلى المضمون عنه، سواء اعترف بالإذن أو الدين أو لا، إلّا أن يكون هذا القيد توطئة لما يأتي في المسألة الآتية‌

العروة الوثقى مع التعليقات، ج‌2، ص: 725‌

أيضاً معترفاً بالدين و الإذن في الضمان، جاز له الرجوع (1) عليه (2)، إذ لا منافاة بين إنكار الضمان و ادّعاء الإذن في الأداء، فاستحقاقه الرجوع معلوم (3)، غاية الأمر أنّه يقول: إنّ ذلك للإذن في الأداء، و المضمون عنه يقول: إنّه للإذن في الضمان، فهو كما لو ادّعى على شخص أنّه يطلب منه عشر قرانات قرضاً، و المدّعى [عليه] ينكر القرض و يقول: إنّه يطلبه من باب ثمن المبيع، فأصل الطلب معلوم و لو لم يعترف المضمون عنه بالضمان أو الإذن فيه و ثبت عليه ذلك بالبيّنة؛ فكذلك (4) يجوز له الرجوع عليه مقاصّةً (5) عمّا اخذ منه. و هل يجوز للشاهدين على الإذن في الضمان حينئذٍ أن يشهدا بالإذن من غير بيان (6) كونه الإذن في الضمان أو كونه الإذن في الأداء؟ الظاهر ذلك (7) و إن كان لا يخلو عن إشكال؛ و كذا في نظائره،

______________________________
(1). الگلپايگاني: إذا أدّاه بقصد ما أذن له؛ و أمّا إذا اخذ منه قهراً من دون أن يقصد الأداء فلا وجه لرجوعه عليه، لاعترافه بأنّ الدين باقٍ بحاله و المال مأخوذ غصباً‌

(2). مكارم الشيرازي: و قد يقال إنّه لا يجوز له الرجوع أيضاً، لأنّ المفروض أنّ المال اخذ منه قهراً و لم يكن بعنوان أداء الدين؛ و لكن هذا الإيراد غير وارد، فإنّ الرجوع على المضمون عنه لا ينفكّ عن رضاه بالأداء بقاءً‌

(3). الخوئي: فيه إشكال، فإنّ الإذن في الضمان لا يقتضي الرجوع على الآذن إلّا مع تحقّق الضمان و الوفاء به خارجاً، و المفروض في المقام أنّ الضامن ينكر الضمان و يعترف بأنّ ما اخذ منه إنّما اخذ ظلماً، و معه كيف يكون استحقاقه الرجوع معلوماً؟ نعم، لا بأس بالرجوع على المضمون عنه مقاصّة لما اخذ منه قهراً بإذن من الحاكم الشرعيّ‌

(4). الخوئي: في العبارة تشويش، فإنّ جواز الرجوع على المضمون عنه مقاصّة بإذن من الحاكم الشرعيّ لا يرتبط بثبوت الضمان أو الإذن فيه بالبيّنة، بل المناط فيه اعترافه بالدين و بعدم الضمان‌

(5). الگلپايگاني: لم أتحقّق معنى المقاصّة في المقام، لأنّه إن أذن له و أدّاه بقصد أداء دينه فهو ضامن له و لا مورد للتقاصّ، و إن لم يأذن أو لم يقصد الضامن أدائه فلا حقّ له عليه حتّى يتحقّق موضوع التقاصّ‌

مكارم الشيرازي: لا معنى للمقاصّة هنا، لأنّ المفروض قيام البيّنة على الإذن فيأخذ المال الضامن بحكم النيّة القائمة على إذنه؛ نعم، لو قامت البيّنة على مجرّد الدين، صحّ التعبير بالمقاصّة؛ و لكنّ المقاصّة في الذمم لا تخلو عن إشكال، لعدم تعيّن الذمّة في العين الخارجي بدون تعيين صاحب الذمّة‌

(6). مكارم الشيرازي: الشهادة بالإذن بدون ذكر المتعلّق لا معنى له، إلّا أن يكون المتعلّق أمر جامع بين الضمان و الأداء؛ مثل أن يشهدا بأنّ المديون أذن في الإقدام على ما يوجب براءة ذمّته، فحينئذٍ لا إشكال في صحّة الشهادة، كما أنّه لا ينبغي الإشكال في صحّتها في الفرض الآتي (أي ما إذا شهدا بأصل الطلب، من غير بيان علّته)

(7). الخوئي: بل الظاهر عدمه، و يظهر وجهه ممّا مر‌

الامام الخميني: لا معنى للشهادة بالإذن المطلق بلا ذكر المتعلّق، و لا تأثير للبيّنة فيه، و هذا بخلاف الفرض الآتي، فإنّ الشهادة على الدين مؤثّرة و لو بلا ذكر السبب‌

العروة الوثقى مع التعليقات، ج‌2، ص: 726‌

كما إذا ادّعى شخص على آخر أنّه يطلب قرضاً و بيّنته تشهد بأنّه يطلبه من باب ثمن المبيع لا القرض، فيجوز لهما أن يشهدا بأصل الطلب من غير بيان أنّه للقرض أو لثمن المبيع على إشكال (1).

مسألة 5: إذا ادّعى الضامن الوفاء و أنكر المضمون له و حلف (2)، ليس له الرجوع على المضمون عنه (3) إذا لم يصدّقه في ذلك، و إن صدّقه جاز له الرجوع إذا كان بإذنه، و تقبل شهادته له بالأداء (4) إذا لم يكن هناك مانع من تهمة أو غيرها ممّا يمنع من قبول الشهادة.

مسألة 6: لو أذن المديون لغيره في وفاء دينه بلا ضمان، فوفى، جاز له الرجوع (5) عليه (6). و لو ادّعى الوفاء و أنكر الإذن، قبل قول المأذون، لأنّه أمين من قبله (7). و لو قيّد الأداء بالإشهاد و ادّعى الإشهاد و غيبة الشاهدين، قبل قوله أيضاً، و لو علم عدم إشهاده ليس له الرجوع؛ نعم، لو علم أنّه وفّاه و لكن لم يشهد، يحتمل جواز الرجوع عليه (8)، لأنّ الغرض من‌

______________________________
(1). الخوئي: الظاهر أنّه لا إشكال فيه‌

الگلپايگاني: الشهادة على أصل الدين من دون ذكر السبب لا إشكال فيه ظاهراً‌

(2). الگلپايگاني: و كذا إن لم يحلف ما لم يكن يصدّقه المضمون عنه و لم يثبت عليه شرعاً‌

(3). مكارم الشيرازي: بل و إن لم يحلف، بل و إن لم ينكر و سكت، لأنّ رجوعه إليه يتوقّف على ثبوت الوفاء؛ و ما لم يثبت الوفاء لا يجوز له الرجوع إلى المضمون عنه، كما مرّ التصريح به في المسألة (13)

(4). مكارم الشيرازي: لا يخلو عن إشكال، لاحتمال دخوله في مسألة عدم قبول شهادة من يجرّ نفعاً، فتأمّل؛ أو كون المقام مقام الاتّهام غالباً‌

(5). الگلپايگاني: إذا لم يقيّد إذنه بالوفاء المجّاني‌

(6). مكارم الشيرازي: إذا كان الإذن ظاهراً في قبول الرجوع إليه، كما هو الغالب، لأنّ الأداء تبرّعاً لا يحتاج إلى الإذن، و لكن قد يكون الإذن مقيّداً بالمجّانية أو ظاهراً فيه لبعض الأغراض و إن كان نادراً‌

(7). مكارم الشيرازي: فيه إشكال، لأنّ أدلّة الأمانة يشكل شمولها للمقام، لعدم كون المأذون وكيلًا و لا أجيراً؛ و قد جرت سيرة العقلاء على السؤال عن الدائن في أمثال المقام أو طلب مكتوب يدلّ على الإيصال‌

(8). الخوئي: لكنّه بعيد في فرض التقييد كما هو المفروض‌

مكارم الشيرازي: الأقوى عدم جواز الرجوع؛ و ما ذكره من الدليل غير تامّ، لأنّ الغرض قد يتعلّق بالإشهاد و ثبوت الأداء ظاهراً، حتّى يتخلّص عن دعوى الدائن‌

العروة الوثقى مع التعليقات، ج‌2، ص: 727‌

الإشهاد العلم (1) بحصول الوفاء، و المفروض تحقّقه.

______________________________
(1). الگلپايگاني: و قد لا يكون ذلك، مثل أن يخاف من الدائن دعوى عدم الضمان أو عدم الوفاء بعد الأداء‌

العروة الوثقى مع التعليقات، ج‌2، ص: 729‌

Begin WebGozar.com Counter code End WebGozar.com Counter code