فصل في طرق ثبوت هلال رمضان و شوّال للصوم و الإفطار برو به برنامه

فصل في طرق ثبوت هلال رمضان و شوّال للصوم و الإفطار و هي امور:

الأوّل: رؤية المكلّف نفسه.

الثاني: التواتر.

الثالث: الشياع المفيد للعلم، و في حكمه كلّ ما يفيد العلم و لو بمعاونة القرائن؛ فمن حصل له العلم بأحد الوجوه المذكورة وجب عليه العمل به و إن لم يوافقه أحد، بل و إن شهد و ردّ الحاكم شهادته.

الرابع: مضيّ ثلاثين يوماً من هلال شعبان أو ثلاثين يوماً من هلال رمضان، فإنّه يجب الصوم معه في الأوّل و الإفطار في الثاني.

الخامس: البيّنة (5) الشرعيّة، و هي خبر عدلين؛ سواء شهدا عند الحاكم و قبل شهادتهما أو لم يشهدا عنده أو شهدا و ردّ شهادتهما؛ فكلّ من شهد عنده عدلان عنده، يجوز بل يجب عليه ترتيب الأثر من الصوم أو الإفطار. و لا فرق بين أن تكون البيّنة من البلد أو من‌

______________________________
(1). مكارم الشيرازي: يأتي فيها ما سبق في الحامل‌

(2). الگلپايگاني: القوّة ممنوعة‌

(3). الامام الخميني: في القوّة إشكال‌

(4). مكارم الشيرازي: إذا كان بأُجرة لا يجحف بها و لم يلزم محذور آخر‌

(5). الگلپايگاني: لكن يعتبر احتمال صدقهما احتمالًا عقلائيّاً؛ فلو لم يكن في السماء علّة و استهلّ جماعة فلم ير إلّا واحد أو اثنان مع عدم الضعف في أبصار غيرهما، أو كان في السماء علّة لا يرى بحسب العادة، فحجيّتها محلّ منع‌

العروة الوثقى مع التعليقات، ج‌2، ص: 58‌

خارجه (1)، و بين وجود العلّة في السماء (2) و عدمها؛ نعم، يشترط توافقهما في الأوصاف (3)، فلو اختلفا فيها لا اعتبار بها؛ نعم، لو أطلقا أو وصف أحدهما و أطلق الآخر كفى، و لا يعتبر اتّحادهما في زمان الرؤية مع توافقهما على الرؤية في الليل، و لا يثبت بشهادة النساء و لا بعدل واحد و لو مع ضمّ اليمين.

السادس: حكم الحاكم (4) الّذي لم يعلم خطأه و لا خطأ مستنده، كما إذا استند إلى الشياع الظنّي.

و لا يثبت بقول المنجّمين و لا بغيبوبة (5) الشفق (6) في الليلة الاخرى و لا برؤيته يوم الثلاثين قبل الزوال (7)، فلا يحكم بكون ذلك اليوم أوّل الشهر، و لا بغير ذلك ممّا يفيد الظنّ و لو كان قويّاً، إلّا للأسير و المحبوس.

مسألة 1: لا يثبت بشهادة العدلين إذا لم يشهدا بالرؤية، بل شهدا شهادة علميّة.

مسألة 2: إذا لم يثبت الهلال و ترك الصوم، ثمّ شهد عدلان برؤيته، يجب قضاء ذلك‌

______________________________
(1). الامام الخميني: إلّا مع الصحو و اجتماع الناس للرؤية و حصول الاختلاف و التكاذب بينهم بحيث يقوى احتمال الاشتباه في العدلين، فإنّه في هذه الصورة محلّ إشكال‌

(2). مكارم الشيرازي: لا يجوز الاعتماد على البيّنة إذا كانت متّهمة، بأن لم يكن في السماء علّة و استهلّ جماعة مع عدم كون البيّنة أقوى بصراً من غيرهما و كذا كلّ ما أشبهه، لأنّ هذا هو الملاك في حجيّة البيّنة و أشباهها، مضافاً إلى بعض ما ورد فيها من نصوص خاصّة عمل بها جمع من أجلّاء الأصحاب، و يأتي مثل هذا الكلام في اختلافهما في بيان الأوصاف‌

(3). الامام الخميني: مع عدم توصيفهما بما يخالف الواقع، ككون تحديبه إلى فوق الافق أو متمايلًا إلى الجنوب في بلاد تغرب الشمس في شمال القمر أو في أشهر كانت كذلك أو بالعكس؛ نعم، لا يبعد قبول شهادتهما إذا اختلفا في بعض الأوصاف الخارجة ممّا يحتمل فيه اختلاف تشخيصهما، ككونه مرتفعاً أو مطوّقاً أو في عرض شمالي أو جنوبي ممّا لا يكون فاحشاً‌

(4). الخوئي: في ثبوت الهلال بحكم الحاكم إشكال، بل الأظهر عدم ثبوته و إن كان رعاية الاحتياط أولى‌

(5). الگلپايگاني: يعني لا عبرة بغيبوبة الهلال بعد الشفق لإثبات كونه الليلة الثانية‌

(6). الامام الخميني: لا يخفى ما في العبارة من النقص، و حقّها: و لا بغيبوبته بعد الشفق في كونه من الليلة الماضية‌

مكارم الشيرازي: لا معنى لغيبوبة الشفق هنا، و الظاهر أنّ مراده غيبوبة الهلال بعد الشفق، كما قيل أنّها دليل على أنّ الليلة هي الليلة الثانية، و هو ضعيف لضعف مستنده‌

(7). الخوئي: الظاهر ثبوته بذلك، كما أنّ الظاهر ثبوته بتطوّق الهلال، فيدلّ على أنّه للّيلة الثانية‌

العروة الوثقى مع التعليقات، ج‌2، ص: 59‌

اليوم، و كذا إذا قامت البيّنة على هلال شوّال ليلة التاسع و العشرين من هلال رمضان (1)، أو رآه في تلك الليلة بنفسه.

مسألة 3: لا يختصّ اعتبار حكم الحاكم (2) بمقلّديه، بل هو نافذ بالنسبة إلى الحاكم الآخر أيضاً إذا لم يثبت عنده خلافه.

مسألة 4: إذا ثبت رؤيته في بلد آخر و لم يثبت في بلده، فإن كانا متقاربين كفى، و إلّا فلا (3)، إلّا إذا علم (4) توافق افقهما (5) و إن كانا متباعدين.

مسألة 5: لا يجوز الاعتماد على البريد البرقيّ (6) المسمّى بالتلگراف في الإخبار عن الرؤية، إلّا إذا حصل منه العلم، بأن كان البلدان متقاربين و تحقّق حكم الحاكم أو شهادة العدلين برؤيته هناك.

مسألة 6: في يوم الشكّ في أنّه من رمضان أو شوّال يجب أن يصوم، و في يوم الشكّ في أنّه من شعبان أو رمضان يجوز الإفطار و يجوز أن يصوم، لكن لا بقصد أنّه من رمضان، كما مرّ سابقاً تفصيل الكلام فيه. و لو تبيّن في الصورة الاولى كونه من شوّال وجب الإفطار؛ سواء كان قبل الزوال أو بعده. و لو تبيّن في الصورة الثانية كونه من رمضان وجب الإمساك و كان صحيحاً إذا لم يفطر و نوى قبل الزوال (7)، و يجب قضاؤه إذا كان بعد الزوال.

مسألة 7: لو غمّت الشهور و لم ير الهلال في جملة منها أو في تمامها، حسب كلّ شهر ثلاثين ما لم يعلم النقصان عادةً.

______________________________
(1). الامام الخميني: أي من هلال لم يثبت عنده‌

(2). الخوئي: مرّ الكلام فيه [في هذا الفصل- الأمر السادس]

(3). الخوئي: لا تبعد الكفاية في البلدان الّتي تشترك في الليل و لو في مقدار، و منه يظهر الحال في المسألة الآتية‌

(4). الگلپايگاني: لا يبعد الكفاية مطلقاً، لكن لا يُترك الاحتياط في المتقدّم افقاً عن البلد المرئيّ فيها‌

(5). مكارم الشيرازي: و ليعلم أنّ المراد بوحدة الافق هنا وحدة نصف النهارات، لا المدارات، كما قد يتوهّم. و ليعلم أيضاً أنّ رؤية الهلال في البلاد الشرقيّة تكفي عن الغربيّة و لا عكس، لأنّه إذا شوهد في الشرق شوهد في الغرب بطريق أولى‌

(6). مكارم الشيرازي: العبارة لا تخلو عن إشكال و تكرار، فإنّ البريد البرقي و التليفن و شبههما يجوز الاعتماد عليها في الإخبار إذا كانت سليمة؛ إنّما الإشكال من جهة اختلاف الآفاق، و قد مرّ في المسألة السابقة حكمه و لا يحتاج إلى التكرار‌

(7). الخوئي: مرّ الإشكال فيه‌

العروة الوثقى مع التعليقات، ج‌2، ص: 60‌

مسألة 8: الأسير و المحبوس إذا لم يتمكّنا من تحصيل العلم بالشهر، عملا بالظنّ، و مع عدمه تخيّرا في كلّ سنة بين الشهور (1)، فيعيّنان شهراً له، و يجب (2) مراعاة المطابقة بين الشهرين في سنتين، بأن يكون بينهما أحد عشر شهراً؛ و لو بان بعد ذلك أنّ ما ظنّه أو اختاره لم يكن رمضان، فإن تبيّن سبقه كفاه، لأنّه حينئذٍ يكون ما أتى به قضاء (3)، و إن تبيّن لحوقه و قد مضى، قضاه، و إن لم يمض أتى به، و يجوز له (4) في صورة عدم حصول (5) الظنّ أن لا يصوم حتّى يتيقّن (6) أنّه كان سابقاً فيأتي به قضاءً، و الأحوط إجراء أحكام شهر رمضان على ما ظنّه، من الكفّارة و المتابعة و الفطرة و صلاة العيد و حرمة صومه ما دام الاشتباه باقياً، و إن بان الخلاف عمل بمقتضاه.

مسألة 9: إذا اشتبه شهر رمضان بين شهرين أو ثلاثة أشهر مثلًا، فالأحوط صوم الجميع (7) و إن كان لا يبعد إجراء حكم الأسير (8) و المحبوس؛ و أمّا إن اشتبه الشهر المنذور‌

______________________________
(1). الخوئي: فيه إشكال، بل منع‌

(2). الامام الخميني: على الأقوى فيما إذا ظنّ، إلّا إذا انقلب ظنّه فيعمل على طبق الثاني، و يجب على الأحوط مع التخيير‌

(3). مكارم الشيرازي: و يسقط نيّة القضاء هنا لو قلنا بأنّه من العناوين القصديّة، لورود النصّ أو لأنّ مثل هذا الشخص لا يقصد أمر الأداء بعينه إلّا من باب الخطاء في التطبيق، ففي مكنون ضميره نيّة امتثال المولى كيفما كان‌

(4). مكارم الشيرازي: بل لا يجوز له، لمخالفته العلم الإجمالي، بل و لعلّه مخالف لظاهر رواية عبد الرحمن الّتي هي العمدة في المسألة‌

(5). الخوئي: فيه إشكال، بل الظاهر عدم الجواز‌

(6). الامام الخميني: بل حتّى يتيقّن عدم تقدّمه على شهر رمضان، فينوي ما في ذمّته، و الأحوط اختيار ذلك‌

الگلپايگاني: الأقوى عدم الاكتفاء بشهر يحتمل تقدّمه عن شهر رمضان، كما أنّ الأقوى عدم التأخير عن زمان يعلم بكونه شهر رمضان أو بعده‌

(7). مكارم الشيرازي: إذا اشتبه شهر رمضان بين ثلاثة أشهر و ما زاد، يجوز له الحكم بالتخيير، و لا يبعد شمول رواية عبد الرحمن الّتي هي الأصل في المسألة له؛ و أمّا في المنذور، فيجوز التأخير إلى آخر زمان محتمل، بمقتضى الاستصحاب، ثمّ يأتي به بقصد ما في الذمّة من الأداء أو القضاء‌

(8). الامام الخميني: في العمل بالظنّ؛ و أمّا في التخيير فمشكل. و طريق التخلّص في النذر هو السفر في الشهر الأوّل و صيام شهر الثاني بنيّة ما في الذمّة، لما مرّ من جواز السفر في النذر المعيّن و القضاء بعده‌

العروة الوثقى مع التعليقات، ج‌2، ص: 61‌

صومه بين شهرين أو ثلاثة، فالظاهر (1) وجوب الاحتياط (2) ما لم يستلزم الحرج، و معه يعمل بالظنّ (3) و مع عدمه يتخيّر (4).

مسألة 10: إذا فرض كون المكلّف في المكان الّذي نهاره ستّة أشهر و ليله ستّة أشهر (5)، أو‌

______________________________
(1). الگلپايگاني: فيه تأمّل‌

(2). الخوئي: بل الظاهر وجوب الاحتياط إلى زمان يكون الصوم فيه حرجيّاً، و حكم الظنّ هنا حكم الشكّ‌

(3). الامام الخميني: لا يخلو من إشكال، فالأحوط التجزّي في الاحتياط مع الإمكان، مع إدخال المظنون فيه، و مع عدم إمكانه العمل بالظنّ، و إلّا فيختار الأخير فيصوم بقصد ما في الذمّة؛ هذا كلّه فيما إذا لم يمكن التخلّص بالسفر في النذر، كما مرّ، أو كان الصوم واجباً عليه بالعهد مثلًا‌

(4). الگلپايگاني: بل يحتاط بما مرّ في شهر رمضان‌

(5). مكارم الشيرازي: الأقرب الرجوع في منطقة القطب الشمالي و الجنوبي إلى الأقطار الّتي لها يوم و ليلة متعارفان مخيّراً بينها؛ كما يرجع غير المتعارف في الوجه و الأصابع و منبت الشعر في الوضوء إلى المتعارف، و كذا أشباهه. و حيث إنّ المتعارف أيضاً مختلف في الآفاق الشماليّة و الجنوبيّة من خطّ الاستواء، يجوز الأخذ بالحدّ الوسط فيما بينهما، و هي جعل الليل اثنا عشر ساعة و النهار كذلك في تمام طول السنة، إمّا لأنّه أحد مصاديق التخيير أو لأنّه هو الحدّ الوسط بينها. و ليعلم أنّ في المسألة أقوال أو وجوه ستّة غير هذا الوجه، و هي: ترك العبادات بالكليّة لفقدان شرائطها، أو ترك خصوص الصوم و فعل خمس صلوات طول السنة، أو وجوب الهجرة إلى المناطق الّتي ليست كذلك؛ و شي‌ء من هذه الوجوه الثلاثة لا يوافق مذاق الشرع و ذوق الفقه، للعلم بأنّ مصالح العبادات و علل تشريعها لا تختلف باختلاف الآفاق و الأمكنة، و حاجة كلّ إنسان إليها أشدّ من حاجته إلى الغذاء؛ و أمّا وجوب الهجرة لا يغني عن شي‌ء، فإنّه قد لا يمكن الهجرة؛ و احتمل بعضهم كون المدار بلده الّذي كان متوطّناً فيه، و لا وجه له أصلًا، كاحتمال رجوعه إلى أقرب الأماكن إليه من الأماكن المتعارفة، لعدم انطباقه على ضابطة فقهيّة، و كذا ما اختاره صاحب الرسالة القطبيّة و هو سادس الوجوه، و حاصله الأخذ بالقدر المتيقّن، أي آخر يوم في تلك المنطقة كان له يوم و ليلة متعارفتان؛ و على كلّ حال فإن كان دليله الاستصحاب، فمن الواضح تغيير موضوعه، و إن كان شي‌ء آخر فليتبيّن؛ ثمّ ليعلم أنّه لا ينبغي الإشكال في صلاة الظهر و العصر، لأنّ دلوك الشمس فيها موجود، لأنّ الشمس له حركة رحويّة تدور في كلّ أربع و عشرين ساعة دائرة حول الافق، و في هذا السير ترتفع تدريجاً عن الافق حتّى يبلغ إلى دائرة نصف النهار و يزيد إشراقها، ثمّ تزول عن هذه الدائرة و تنخفض تدريجاً حتّى تكون قريباً من الافق و يقلّ نورها في الغاية، و حينئذٍ تكون على الخطّ المقابل لنصف النهار (المسمّى بدائرة نصف النهار الشماليّة) و هذا في الحقيقة منتصف ليلها، ثمّ ترجع تدريجاً إلى الحالة الاولى، فنصف النهار فيها يعلم من غاية ارتفاع الشمس، كما أنّ نصف الليل يعلم من غاية انخفاضها، و منهما يعلم حال غيرها من الأوقات لو كان المدار على القول الأوّل. و أمّا في الأوقات الّتي يكون الليل مستمرّاً، يعلم حال الزوال و انتصاف الليل من شدّة الظلمة و قلّتها و من حركة النجوم حول الافق، فإنّها أيضاً ترتفع و تنخفض تدريجاً، كما ذكرنا في الشمس؛ فتأمّل جيّداً‌

العروة الوثقى مع التعليقات، ج‌2، ص: 62‌

نهاره ثلاثة و ليله ستّة (1)، أو نحو ذلك، فلا يبعد كون المدار في صومه و صلاته على البلدان المتعارفة (2) المتوسّطة، مخيّراً بين أفراد المتوسّط؛ و أمّا احتمال سقوط تكليفهما عنه فبعيد، كاحتمال سقوط (3) الصوم و كون الواجب صلاة يوم واحد و ليلة واحدة، و يحتمل (4) كون المدار بلده الّذي كان متوطّناً فيه سابقاً إن كان له بلد سابق.

Begin WebGozar.com Counter code End WebGozar.com Counter code