و هي إمّا مصدر «وصى يصي» بمعنى الوصل، حيث إنّ الموصي يصل تصرّفه بعد الموت بتصرّفه حال الحياة، و إمّا اسم مصدر بمعنى العهد (1)، من «وصّى يوصّي توصية» أو «أوصى يوصي إيصاء». و هي إمّا تمليكيّة أو عهديّة، و بعبارة اخرى (2): إمّا تمليك عين أو منفعة، أو تسليط على حقّ، أو فكّ ملك، أو عهد متعلّق بالغير، أو عهد متعلّق بنفسه كالوصيّة بما يتعلّق بتجهيزه. و تنقسم انقسام الأحكام الخمسة.
مسألة 1: الوصيّة العهديّة لا تحتاج إلى القبول، و كذا الوصيّة بالفكّ كالعتق؛ و أمّا
______________________________
(1). مكارم الشيرازي: و هنا احتمال ثالث- لعلّه الأظهر- من كتب أهل اللغة و من موارد استعمال هذه الكلمة، و هو أنّها إن كانت من الثلاثي المجرّد فهي بمعنى «الوصل» لا غير، و إن استعملت من المزيد (إمّا من باب الإفعال أو التفعيل) فهو معنى «العهد» لا غير؛ لكنّ الظاهر أنّ الوصيّة اسم مصدر من الثلاثي المزيد فقط و بمعنى العهد، كما يظهر من موارد استعمالاتها في كتاب اللّه العزيز، سواء كان العهد بالنسبة إلى حال الحياة أو بعدها؛ و لكن لا يستعمل هذه الكلمة في عرف الفقهاء إلّا في «العهد لما بعد الحياة» و يعادله في الفارسية «سفارش كردن» و لكنّه عامّ لكلّ عهد، من دون تفاوت بين الحياة و الممات
(2). الامام الخميني: ما ذكره ليس عبارة اخرى لما سبق، لأنّ الوصيّة بالفكّ ليست من القسمين، و لو جعلت العهديّة أعم من الفكّ لا تكون الوصيّة إلّا قسماً واحداً، و الأمر سهل
العروة الوثقى مع التعليقات، ج2، ص: 872
التمليكيّة فالمشهور على أنّه يعتبر فيها القبول جزءاً، و عليه تكون من العقود (1)، أو شرطاً على وجه الكشف أو النقل فيكون من الإيقاعات، و يحتمل قويّاً عدم اعتبار القبول فيها (2)،
______________________________
(1). الامام الخميني: الظاهر أنّ تحقّق الوصيّة و ترتّب الأحكام عليها من حرمة التبديل و غيرها لا يتوقّف على القبول، لكن تملّك الموصى له متوقّف عليه، فلا يتملّك قهراً، فالوصيّة من الإيقاعات لكنّها جزء سبب لحصول الملك للموصى له
الگلپايگاني: و هو الأقوى. و الظاهر أنّ الوصيّة اصطلاحاً عبارة عن العهد المتعلّق بامور راجعة إلى بعد الموت و هي ليست عنواناً قبال سائر العناوين من العقود و الإيقاعات حتّى يبحث في أنّها من أيّهما، فكما أنّ العهود الراجعة إلى امور الناس حال حياتهم مختلفة، بعضها عقود و بعضها إيقاعات و بعضها شرائط و بعضها وعد و بعضها استدعاء، فكذلك العهود الراجعة إلى بعد الموت. فإن كان تمليك عين أو منفعة أو نقل حقّ أو تسليطاً أو وكالة، فهو عقد كما في حال الحياة. و إن كان عتقاً أو إبراءً أو إسقاطاً فهو إيقاع. و إن كان عهداً راجعاً إلى تجهيزه و صلاته و صومه و حجّه و ردّ أمانته و أمثال ذلك، فهو إذن و استدعاء؛ و الفرق أنّ العهود الراجعة إلى بعد الموت معلّقة بالموت بخلاف الراجعة إلى حال الحياة حيث إنّها منجّزة. و أمّا نفوذ أيّ عقد أو إيقاع و جواز العمل بأىّ عهد أو وجوبه أو عدمه فهو تابع للدليل و حيث إنّها اعتبرت للتصرّف بعد الموت، فلا يضرّها التعليق بالموت و تخلّل الموت بين الإيجاب و القبول و لا بين الإنشاء و المنشأ، عقداً كان أو إيقاعاً. و الحاصل أنّه يعتبر في التمليكيّة القبول و كذا في العهديّة إن كانت راجعة إلى التصرّف في ماله أو بدنه أو إلى أمر من يكون عليه الولاية، لأنّ هذه في الحقيقة وكالة و يحتاج إلى القبول؛ و إن لم تكن راجعة إليه كاستدعاء عمل بعد موته، فلا يعتبر في جواز العمل بها القبول و إن كان في وجوبه على الموصى إليه يحتاج إليه أحياناً. و أمّا إذا كانت عهداً بتمليك الغير أو إعطاء شيء إيّاه، فلا إشكال في اعتبار قبول ذلك الغير بعد تمليك الوصيّ أو إعطائه إيّاه، و إن ردّ فالمال للوارث أو يصرف في الخيرات إن كان من الثلث
(2). الخوئي: هذا الاحتمال هو الصحيح، بل لا دليل على كون الردّ مانعاً سوى ظهور التسالم عليه فإن تمّ إجماع، و إلّا فلا وجه له أيضاً
مكارم الشيرازي: و هذا هو الأقوى، بل لا دليل على كون الردّ مانعاً، لإطلاق الآية الشريفة و لظهور غير واحد من الروايات المرويّة هنا (راجع الحديث 1 و 2 و 3 و 4 و 5، من الباب 29 من أبواب أحكام الوصايا، من المجلّد 13 من الوسائل). و ما قد يدّعى من الإجماع على اعتبار القبول أو كون الردّ مانعاً، ممّا لا اعتبار به في أمثال المقام؛ كما أنّ القول بكون الملك القهري تصرّف في سلطان الغير، فلا يجوز إلّا بإذنه، كما ترى، فإنّ مجرّد التمليك ليس تصرّفاً في سلطان؛ و هكذا القول بكون التمليك ممّا يحتاج إلى إيجاب و قبول دائماً، فإنّه دعوى بلا برهان، و كذا القول بكون الوصيّة من العقود؛ كلّ ذلك مردود بعد إطلاق الآية و ظهور الروايات؛ نعم، للموصى له عدم القبول بمعنى الإعراض عمّا ملكه؛ و هذا لا دخل له بما نحن بصدده
العروة الوثقى مع التعليقات، ج2، ص: 873
بل يكون الردّ مانعاً، و عليه تكون من الإيقاع الصريح (1). و دعوى أنّه يستلزم الملك القهريّ و هو باطل في غير مثل الإرث، مدفوعة بأنّه لا مانع منه عقلًا، و مقتضى عمومات الوصيّة ذلك، مع أنّ الملك القهريّ موجود في مثل الوقف.
مسألة 2: بناءً على اعتبار القبول في الوصيّة يصحّ إيقاعه بعد وفاة الموصي بلا إشكال، و قبل وفاته على الأقوى (2)؛ و لا وجه لما عن جماعة من عدم صحّته حال الحياة، لأنّها تمليك بعد الموت، فالقبول قبله كالقبول قبل الوصيّة، فلا محلّ له، و لأنّه كاشف أو ناقل و هما معاً منتفيان حال الحياة، إذ نمنع عدم المحلّ له، إذ الإنشاء المعلّق على الموت قد حصل فيمكن القبول المطابق له، و الكشف و النقل إنّما يكونان بعد تحقّق المعلّق عليه، فهما في القبول بعد الموت لا مطلقاً.
مسألة 3: تتضيّق الواجبات الموسّعة بظهور أمارات الموت مثل قضاء الصلوات و الصيام و النذور المطلقة و الكفّارات و نحوها، فيجب المبادرة إلى إتيانها مع الإمكان، و مع عدمه يجب (3) الوصيّة بها (4)؛ سواء فاتت لعذر أو لا لعذر، لوجوب تفريغ الذمّة بما أمكن في حال الحياة، و إن لم يجز فيها النيابة فبعد الموت تجري فيها يجب التفريغ بها بالإيصاء. و كذا يجب ردّ أعيان أموال الناس الّتي كانت عنده كالوديعة و العارية و مال المضاربة و نحوها، و
______________________________
(1). الگلپايگاني: هذا خلاف ما ارتكز عند العرف من كون التمليك و التملّك عقداً لا إيقاعاً فلا بدّ لإثباته من دليل شرعي تعبّدي و ليس في أدلّة الوصيّة ما يدلّ على ذلك، إلّا ما دلّ على أنّه لو مات الموصى له قبل موت الموصي فالوصيّة لوارثه و ظاهر بعضه عدم اعتبار القبول حتّى من الوارث، و يبعّده ما ذكر من ارتكاز احتياجها إلى القبول عند العامّة فيحمل على أنّ الوصيّة لوارث الموصى له مع قبوله، فالمتيقّن ممّا ثبت به تعبّداً على خلاف القاعدة قيام الوارث مقامه مع قبوله لا بدون القبول
(2). مكارم الشيرازي: و العجب ممّن أورد بعض الإيرادات على القبول هنا، مع ورودها بعينها على الإيجاب أيضاً؛ فلو كان في انفكاك الأثر عن المؤثّر، أعني انفكاك الملكيّة عن القبول، إشكالًا، كان هذا الإشكال متوجّهاً إلى إيجاب الوصيّة بعينها أيضاً؛ و هكذا مسألة التعليق في الإنشاء، بل مسألة الكشف و النقل؛ كما لا يخفى على المتأمّل الخبير
(3). الامام الخميني: إذا كان عنده أموال الناس أو كان عليه حقوق و واجبات يعلم بها الورثة و يطمئنّ بإيصالهم و تأديتهم على ما هي عليها، لا يجب الإيصاء بها و إن كان أولى بل أحوط
(4). مكارم الشيرازي: بناءً على جواز الاستيجار للصلاة و الصيام و نحوهما، و قد عرفت الإشكال فيه في محلّه في كتاب الصلاة، و لكن لا يُترك الاحتياط بالوصيّة هنا
العروة الوثقى مع التعليقات، ج2، ص: 874
مع عدم الإمكان يجب الوصيّة بها (1). و كذا يجب أداء ديون الناس الحالّة (2)، و مع عدم الإمكان أو مع كونها مؤجّلة يجب الوصيّة بها، إلّا إذا كانت معلومة أو موثّقة بالأسناد المعتبرة. و كذا إذا كان عليه زكاة أو خمس أو نحو ذلك، فإنّه يجب عليه أداؤها أو الوصيّة بها.
و لا فرق فيما ذكر بين ما لو كانت له تركة أو لا، إذا احتمل وجود (3) متبرّع (4) أو أداؤها من بيت المال.
مسألة 4: ردّ الموصى له للوصيّة مبطل لها إذا كان قبل حصول الملكيّة (5)، و إذا كان بعد
______________________________
(1). مكارم الشيرازي: قد لا تكفي مجرّد الوصيّة، لعدم الاعتماد على عمل الورثة بها، فيجب الإشهاد أيضاً بأنّ هذا المال لفلان؛ و قد لا يكفي الإشهاد أيضاً، لعدم الثقة لأوصياء، فيجب إيداعها عنه ثقةً، فالمقامات مختلفة؛ و قد تكون الوصيّة أقرب إلى أداء الحقوق، و اخرى يكون الإشهاد مع الوصيّة، و ثالثة مع الإيداع؛ و قد تتساوى الجميع، فتخيّر بينها؛ فالحكم بوجوب الوصيّة دائماً ممّا لا دليل عليه
(2). مكارم الشيرازي: لا شكّ في أنّ الديون المؤجّلة تصير معجّلة بالموت، كما صرّح به جمع من الأصحاب في أحكام موت المفلس، بل ادّعي عليه الإجماع (فراجع المسالك، كتاب المفلس، و الجواهر ج 25، ص 323) و يدلّ عليه روايات متعدّدة (رواها الوسائل في الباب 12 من أبواب الدين، من كتاب التجارة، ج 13) و لكنّ المفروض ظهور أمارات الموت لا الموت نفسه، و لا دليل على حلول الدين بظهور أمارات الموت؛ و إنّما المقطوع و المسلّم حلوله بنفس الموت، و القياس باطل عندنا
(3). الگلپايگاني: على الأحوط
(4). مكارم الشيرازي: و هذا الاحتمال قريب شايع بين الناس؛ فإذا أوصوا بدين و لم يكن لهم مال و اطّلع عليه أولادهم و أقاربهم، كثيراً ما لا يرضون ببقاء الميّت على دينه و يؤدّون عنه تبرّعاً؛ و مع هذا الاحتمال لِمَ لا يوصي الميّت بديونه؟ أ ليس مقدّمة الواجب واجبة؟ و من الواضح أنّ الشكّ هنا من قبيل الشكّ في القدرة الّتي تجب الاحتياط فيها و لا يكون مجرى للبراءة
(5). الخوئي: المعروف بينهم أنّ ردّ الوصيّة حال حياة الموصي لا يبطلها، و هو الصحيح، و قد عرفت حاله بعد الموت و قبل القبول [في التعليقة المتقدّمة]؛ و أمّا الردّ في سائر العقود فالظاهر أنّه لا يبطلها، فلو قبل بعده صحّت، بل الأمر كذلك في العقد الفضوليّ أيضاً إن لم يقم إجماع على خلافه
الگلپايگاني: لكن لا مطلقاً، بل المسلّم مبطليّته إذا وقع بعد الموت و قبل القبول، و أمّا الردّ قبل الموت فسيأتي حكمه. ثمّ التعبير بالمبطل يناسب القول باشتراط القبول في الملك، إمّا جزءاً للعقد و إمّا دخيلًا في الإيقاع، و أمّا على القول بحصول الملكيّة بالموت و كون الردّ رافعاً فيناسب التعبير بالفسخ دون المبطل إلّا أن يلتزم بأنّ الردّ بوجوده المتأخّر يمنع عن تأثير الموت حين وقوعه و هو في غاية الإشكال و لا يلتزم به في غير المورد
مكارم الشيرازي: قد عرفت أنّ ظاهر الأدلّة كون الوصيّة من الإيقاعات، فلا تحتاج إلى القبول، كما لا تبطل بالردّ، و عليه لا مجال لما ذكره من التفصيل؛ لكن لا يُترك الاحتياط إذا ردّ في حال الحياة. و العمدة فيه أنّ الوصيّة من هذه الجهة كالوقف العامّ، مثل وقف شيء على العلماء و الطلّاب أو السادات، فإنّه غير محتاج إلى القبول، لا من ناحيتهم و لا من ناحية الحاكم الشرعيّ؛ و دعوى الإجماع على لزوم القبول في الوصيّة في الجملة إجماعاً، كما ترى، لإمكان استناد المجمعين إلى ما عرفت سابقاً ممّا لا يمكن الاعتماد عليها
العروة الوثقى مع التعليقات، ج2، ص: 875
حصولها لا يكون مبطلًا لها. فعلى هذا إذا كان الردّ منه بعد الموت و قبل القبول أو بعد القبول الواقع حال حياة الموصي (1) مع كون الردّ أيضاً كذلك، يكون مبطلًا لها، لعدم حصول (2) الملكيّة (3) بعد، و إذا كان بعد الموت و بعد القبول لا يكون مبطلًا، سواء كان القبول بعد الموت أيضاً أو قبله، و سواء كان قبل القبض أو بعده، بناءً على الأقوى من عدم اشتراط القبض في صحّتها، لعدم الدليل على اعتباره، و ذلك لحصول الملكيّة حينئذٍ له، فلا تزول بالردّ، و لا دليل على كون الوصيّة جائزة بعد تماميّتها بالنسبة إلى الموصى له، كما أنّها جائزة بالنسبة إلى الموصي، حيث إنّه يجوز له الرجوع في وصيّته كما سيأتي.
و ظاهر كلمات العلماء، حيث حكموا ببطلانها بالردّ، عدم صحّة القبول بعده (4)، لأنّه
______________________________
(1). الگلپايگاني: ظاهر عبارة كثير منهم عدم الاعتبار بالردّ الواقع قبل موت الموصي مطلقاً، بعد القبول أو قبله
(2). الامام الخميني: هذا بالنسبة إلى الصورة الاولى منافٍ لما سبق منه من قوّة احتمال عدم اعتبار القبول لحصول الملكيّة بموت الموصي قبل قبول الموصى له قهراً و إن كان هو الأقوى، لما سبق منّا من اعتباره في حصول ملكيّته؛ نعم، لو قيل بأنّ الردّ كاشف عن عدم الملكيّة بالموت يرتفع التنافي، لكنّه ضعيف
(3). مكارم الشيرازي: لا أثر لحصول الملكيّة و عدمها، بل المعيار كون الردّ بعد القبول أو قبله، بناءً على كون الوصيّة من العقود؛ فإن كان بعد القبول، فلا ينفع الردّ، سواء في حال الحياة أو في حال مماة الموصي؛ و إن كان قبل القبول، فالردّ موجب للبطلان في الحالين، و بالجملة: المدار على كمال العقد و عدمه، لا على حصول الملكيّة و عدمها
(4). مكارم الشيرازي: الظاهر أنّ الموجب إذا لم يرجع عن إيجابه، فالعقد من ناحيته باقٍ على حاله، فيصحّ القبول و لو بعد الردّ؛ و يشهد له ما ورد في باب الفضوليّ، فإنّ الإجازة قائمة مقام الإيجاب أو القبول، و الظاهر أنّ بناء العقلاء في عقودهم أيضاً على ذلك، فإذا وقع الإيجاب من ناحية الموجب بالكتابة (كما هو المعمول عندهم اليوم) فما دام الموجب باقياً على إيجابه، للقابل إمضاؤه و لو كان بعد الردّ؛ نعم، يمكن أن يقال بأنّه إذا مات الموصي و ردّ الموصى له، لا يصحّ القبول بعده، لعدم بقاء إيجابه حينئذٍ، بخلاف حال حياته و استمراره على الإيجاب، و لعلّ هذا هو الوجه في ما ذكروه من الفرق بين حال حياة الموصي و مماته؛ و لعلّ ما ادّعاه في الجواهر من الإجماع أيضاً ناظر إلى ذلك؛ و منه يظهر الإشكال فيما ذكره المصنّف قدس سره من عدم الفرق بين حال الحياة و الموت
العروة الوثقى مع التعليقات، ج2، ص: 876
عندهم مبطل للإيجاب الصادر من الموصي، كما أنّ الأمر كذلك في سائر العقود، حيث إنّ الردّ بعد الإيجاب يبطله و إن رجع و قبل بلا تأخير، و كما في إجازة الفضوليّ، حيث إنّها لا تصحّ بعد الردّ، لكن لا يخلو عن إشكال (1) إذا كان الموصي باقياً (2) على إيجابه، بل في سائر العقود أيضاً مشكل إن لم يكن إجماع، خصوصاً في الفضوليّ، حيث إنّ مقتضى بعض الأخبار صحّتها و لو بعد الردّ. و دعوى عدم صدق المعاهدة عرفاً إذا كان القبول بعد الردّ، ممنوعة (3).
ثمّ إنّهم ذكروا أنّه لو كان القبول بعد الردّ الواقع حال الحياة صحّ؛ و هو أيضاً مشكل على ما ذكروه من كونه مبطلًا للإيجاب، إذ لا فرق حينئذٍ بين ما كان في حال الحياة أو بعد الموت، إلّا إذا قلنا: إنّ الردّ و القبول لا أثر لهما حال الحياة و إنّ محلّهما إنّما هو بعد الموت، و هو محلّ منع.
مسألة 5: لو أوصى له بشيئين بإيجاب واحد، فقبل الموصى له أحدهما دون الآخر، صحّ فيما قبل (4) و بطل فيما ردّ (5)؛ و كذا لو أوصى له بشيء فقبل بعضه مشاعاً أو مفروزاً و ردّ بعضه
______________________________
(1). الامام الخميني: فيما إذا كان الموصي باقياً على إيجابه الظاهر منه حال حياته نسب إلى المشهور عدم تأثير الردّ، بل يجوز له القبول بعد حياته، و كيف كان لا يبعد الصحّة بعد الردّ و إن قلنا بالبطلان في الفضولي و الإيجاب في سائر العقود، و لا أظنّ تحقّق إجماع في المقام
(2). الگلپايگاني: ظاهر هذه العبارة موهمة لكون المقصود حال حياة الموصي، مع أنّهم لم يحكموا ببطلان الإيجاب بالردّ حال حياة الموصي، كما مرّ في الحاشية السابقة
(3). الگلپايگاني: الإنصاف أنّ دعوى الجزم بصدق المعاهدة مع وقوع الردّ بين الإيجاب و القبول مشكلة، و الحكم بالصحّة في الوصيّة على القول بها مبنيّ على استدلال ضعيف منهم بأنّ الردّ و القبول حال حياة الموصي لا أثر له؛ اللّهم إلّا أن يقال: إنّ بقاء الوصيّة بعد الردّ بمنزلة وصيّة جديدة و لكنّه ممنوع، و إلّا فيمكن أن يقال بذلك في سائر العقود أيضاً
(4). الگلپايگاني: الحكم بالصحّة مشكل، لعدم تطابق القبول مع الإيجاب
(5). مكارم الشيرازي: و العمدة فيه أنّه لو لم نقل باشتراط القبول و تأثير الردّ في البطلان، كما قوّيناه سابقاً، فلا كلام؛ و كذا لو قلنا بتأثير الردّ فقط، و أمّا لو قلنا باشتراط القبول فمقتضى القاعدة و إن كان وجوب التطابق بين الإيجاب و القبول في العقود كلّها، لدخله في مفهوم العقد و ماهيّته عرفاً، و لكن إذا كانت القرائن قائمة على تعدّد المطلوب و كون العقد بمنزلة عقود متعدّدة، فلا ينبغي الشكّ في جواز قبول بعضها دون بعض. و الإنصاف أنّ عقد الوصيّة حينئذٍ كعقد الهبة المجّانية من قبيل تعدّد المطلوب غالباً، فقد انقلب الأصل فيها إلى صحّة قبول البعض دون بعض؛ نعم، هناك موارد نادرة يعلم فيها وحدة المطلوب أو يشكّ، و لا أصل فيها إلّا الفساد؛ و لكنّها قليلة جدّاً
العروة الوثقى مع التعليقات، ج2، ص: 877
الآخر و إن لم نقل بصحّة مثل ذلك في البيع و نحوه؛ بدعوى عدم التطابق حينئذٍ بين الإيجاب و القبول، لأنّ مقتضى القاعدة (1) الصحّة في البيع أيضاً إن لم يكن إجماع. و دعوى عدم التطابق ممنوعة (2)؛ نعم، لو علم من حال الموصي إرادته تمليك المجموع من حيث المجموع، لم يصحّ التبعيض (3).
مسألة 6: لا يجوز للورثة (4) التصرّف في العين الموصى بها قبل أن يختار الموصى له أحد الأمرين من القبول أو الردّ (5)، و ليس لهم إجباره على اختيار أحدهما معجّلًا، إلّا إذا كان تأخيره موجباً للضرر عليهم، فيجبره الحاكم حينئذٍ على اختيار أحدهما (6).
______________________________
(1). الامام الخميني: بل مقتضى القاعدة في البيع البطلان، إلّا في بعض الموارد كما لو جمع بين امور مستقلّة في اللحاظ و القيمة في إنشاء واحد؛ و أمّا في الوصيّة فالأقوى الصحّة إلّا فيما استثناه
(2). الگلپايگاني: عدم التطابق واضح و مقتضى القاعدة البطلان؛ نعم، على القول بكون الوصيّة إيقاعاً و كون القبول شرطاً في الموصى به أو كون الردّ رافعاً، فمقتضى القاعدة صحّة الوصيّة و التبعيض في تحقّق الوصيّة و استقراره، لكنّه ضعيف
(3). الخوئي: بل صحّ فيه أيضاً، فإنّ تمليك المجموع من حيث إنّه مجموع لا محصّل له، إلّا أن يكون قبول الوصيّة في كلّ جزء أو عدم ردّها على القول بالاعتبار شرطاً في الوصيّة بالجزء الآخر، و عليه فلا يترتّب على التخلّف إلّا الخيار دون البطلان
(4). الگلپايگاني: هذا على ما اختاره من عدم اعتبار القبول و حصول الملك بالموت و كون الردّ مانعاً بناءً على إرادة الرفع من المنع فواضح؛ و أمّا على غير هذا المبنى فالحكم مبنيّ على الاحتياط دون الإلزام، لعدم الملزم خصوصاً على القول بكون الوصيّة عقداً
(5). مكارم الشيرازي: إذا قلنا باعتبار القبول في الوصيّة و كونها من العقود، لا وجه لمنع الورثة؛ لأنّه من قبيل تصرّف الأصيل قبل إجازة المالك من طرف الفضوليّ، فإنّه جائز على المختار، لعدم تحقّق عقد هناك؛ نعم، قد يقال بأنّ نفس الوصيّة مشتملة على اشتراط بقاء العين حتّى يختار الموصى له، كما هو كذلك في باب النذر المعلّق، فإنّه لا يجوز التصرّف في العين المنذورة و إن كان قبل حصول شرطه؛ و هذا ليس ببعيد، و بناءً عليه يكون لإجبار الحاكم وجه، و لكن بناءً على المختار من كون الوصيّة إيقاعاً فلا مجال لشيء من هذه الأحكام
(6). الخوئي: لا وجه له و لو قلنا باعتبار القبول في صحّة الوصيّة، إذ لا ضرر على الورثة في التأخير، غاية الأمر أنّه يفوت عليهم الانتفاع على تقدير تأخير الردّ
العروة الوثقى مع التعليقات، ج2، ص: 878
مسألة 7: إذا مات الموصى له قبل القبول أو الردّ، فالمشهور قيام وارثه مقامه (1) في ذلك، فله القبول إذا لم يرجع الموصي عن وصيّته؛ من غير فرق بين كون موته في حياة الموصي أو بعد موته، و بين علم الموصي بموته و عدمه. و قيل بالبطلان بموته قبل القبول، و قيل بالتفصيل بين ما إذا علم أنّ غرض الموصي خصوص الموصى له فتبطل، و بين غيره فلورثته، و القول الأوّل و إن كان على خلاف القاعدة (2) مطلقاً بناءً على اعتبار القبول في صحّتها، لأنّ المفروض أنّ الإيجاب مختصّ بالموصى له و كون قبول الوارث بمنزلة قبوله ممنوع، كما أنّ دعوى انتقال حقّ القبول إلى الوارث أيضاً محلّ منع صغرى و كبرىً، لمنع كونه حقّاً (3) و منع كون كلّ حقّ منتقلًا إلى الوارث حتّى مثل ما نحن فيه من الحقّ الخاصّ به الّذي لا يصدق كونه من تركته، و على ما قوّينا من عدم اعتبار القبول فيها، بل كون الردّ مانعاً أيضاً، يكون الحكم على خلاف القاعدة في خصوص صورة موته قبل موت الموصى له، لعدم ملكيّته في حياة الموصي؛ لكنّ الأقوى مع ذلك هو إطلاق الصحّة، كما هو المشهور، و ذلك لصحيحة محمّد بن قيس الصريحة في ذلك حتّى في صورة موته في حياة الموصي المؤيّدة بخبر الساباطيّ و صحيح المثنّى، و لا يعارضها صحيحتا محمّد بن مسلم و منصور بن حازم بعد إعراض المشهور عنهما و إمكان حملهما على محامل، منها التقيّة، لأنّ المعروف بينهم عدم الصحّة؛ نعم، يمكن دعوى انصراف (4) الصحيحة عمّا إذا علم كون غرض الموصي خصوص
______________________________
(1). مكارم الشيرازي: و هو الأقوى، لما ذكره قدس سره و إن كانت المسألة مخالفة للقواعد في خصوص صورة موت الموصى له قبل الموصي، لأنّه تبطل الوصيّة حينئذٍ على القاعدة؛ و تخصيص القاعدة بالنصّ الخاصّ المعتبر غير نادر في طيّات كتب الفقه. و أمّا قوله: لصحيحة محمّد بن قيس الصريحة في ذلك المؤيّدة بخبر الساباطي و صحيح المثنّى (عباس بن عامر) ففيه أوّلًا أنّه لا وجه لقوله: فإنّ الصحيحة مختصّة بهذا المورد لا يشمل غيره؛ هذا مضافاً إلى أنّ روايتي الساباطي و المثنّى ظاهرتان أو صريحتان في موت الموصى له بعد الموصي، فلا تشملان صورة موت الموصى له قبل الموصي، كما لا يخفى على من راجعهما
(2). الامام الخميني: لا يبعد أن يكون على وفقها بناءً على ما مرّ في حقيقة الوصيّة
(3). الگلپايگاني: و يشهد لذلك عدم كونه قابلًا للإسقاط، و الالتزام بكونه قابلًا للنقل بالإرث دون الإسقاط في غاية الإشكال
(4). الگلپايگاني: دعوى الانصراف ممنوعة؛ بل الغالب كون شخص الموصى له مورداً لغرض الموصي؛ نعم، لو قيّد الوصيّة بحياة الموصى له بأن يقول: هذا لك بعد حياتي إن كنت حيّاً، فلا ينتقل إلى وارث الموصى له بموته في حياة الموصي، لرواية عبد الرحمن بن أبي عبد اللّه عن أبي عبد اللّه عليه السلام؛ و كذا لو قيّده بما يلازمه، كأن يقول: إن فعلت كذا بعد موتي
العروة الوثقى مع التعليقات، ج2، ص: 879
شخص الموصى له على وجه التقييد، بل ربّما يقال: إنّ محلّ الخلاف غير هذه الصورة، لكنّ الانصراف ممنوع. و على فرضه يختصّ الإشكال بما إذا كان موته قبل موت الموصي، و إلّا فبناءً على عدم اعتبار القبول بموت الموصي صار مالكاً بعد فرض عدم ردّه، فينتقل إلى ورثته.
بقي هنا امور:
أحدها: هل الحكم يشمل ورثة الوارث (1)، كما إذا مات الموصى له قبل القبول و مات وارثه أيضاً قبل القبول، فهل الوصيّة لوارث الوارث أو لا؟ وجوه (2)؛ الشمول و عدمه، لكون الحكم على خلاف القاعدة، و الابتناء على كون مدرك الحكم انتقال حقّ القبول فتشمل، و كونه الأخبار (3) فلا.
الثاني: إذا قبل بعض الورثة و ردّ بعضهم (4)، فهل تبطل (5) أو تصحّ و يرث الرادّ أيضاً مقدار حصّته أو تصحّ بمقدار حصّة القابل فقط أو تصحّ و تمامه للقابل أو التفصيل بين كون
______________________________
(1). مكارم الشيرازي: الأقوى هو الشمول، لإطلاق صحيحة محمّد بن قيس الّتي هي العمدة في المقام، و لا أقلّ من فهم الملاك عنها و أنّ الحكم يدور مدار الوراثة لا أنّه تعبّد خاصّ؛ و الإرث هنا و إن لم يكن إرثاً حقيقيّاً، لعدم دخول المال في ملك الموصى له، إلّا أنّه بعد حكم الشارع بتحقّق عنوان الإرث هنا يعمّ جميع طبقات الإرث و وارث الوارث
(2). الخوئي: أقواها الأوّل، بل لا وجه لغيره إذا كان موت الموصى له بعد موت الموصي، على ما مرّ من عدم اعتبار القبول
الامام الخميني: أقواها الأوّل
(3). الگلپايگاني: و هو الأقوى
(4). مكارم الشيرازي: الأقوى صحّة الوصيّة في مقدار حصّة القابل فقط؛ و ذلك لما عرفت في المسألة الخامسة، من أنّ الوصيّة من قبيل تعدّد المطلوب، فتقبل التجزية، فتصحّ في سهم القابل و تبطل في سهم الرادّ؛ نعم، لو كان من باب وحدة المطلوب، تبطل في الجميع بلا إشكال، هذا كلّه بناءً على اعتبار القبول أو مانعيّة الردّ في الوصيّة؛ أمّا على المختار، من عدم اعتبار شيء من ذلك، فالأمر واضح
(5). الگلپايگاني: قد مرّ الإشكال في قبول الموصى له بعض الوصيّة، فضلًا عن وارثه
العروة الوثقى مع التعليقات، ج2، ص: 880
موته قبل موت الموصي فتبطل أو بعده فتصحّ بالنسبة إلى مقدار حصّة القابل؟ وجوه (1).
الثالث: هل ينتقل الموصى به بقبول الوارث إلى الميّت ثمّ إليه، أو إليه ابتداءً من الموصي؟
وجهان؛ أوجههما (2) الثاني (3). و ربما يبنى على كون القبول كاشفاً أو ناقلًا، فعلى الثاني الثاني و على الأوّل الأوّل؛ و فيه: أنّه على الثاني أيضاً يمكن أن يقال بانتقاله إلى الميّت آناً ما ثمّ إلى وارثه، بل على الأوّل يمكن أن يقال بكشف قبوله عن الانتقال إليه من حين موت الموصي، لأنّه كأنّه هو القابل فيكون منتقلًا إليه من الأوّل.
الرابع: هل المدار على الوارث حين موت الموصى له إذا كان قبل موت الموصي، أو الوارث حين موت الموصي (4)، أو البناء على كون القبول من الوارث موجباً للانتقال إلى الميّت ثمّ إليه أو كونه موجباً للانتقال إليه أوّلًا من الموصي؟ فعلى الأوّل الأوّل، و على الثاني الثاني؟ وجوه (5).
______________________________
(1). الخوئي: إذا كان موت الموصي قبل موت الموصى له، فلا ريب في تعيّن الوجه الثاني على ما مرّ، و أمّا إذا انعكس الأمر فعلى القول باشتراط تملّك الوارث بعدم ردّه فالمتعيّن هو الثالث؛ و أمّا على ما قوّيناه، من أنّه لا أثر للردّ فيتعيّن الوجه الثاني أيضاً
الامام الخميني: أقواها الثالث
(2). الامام الخميني: لكنّ القسمة بين الورثة على حسب قسمة المواريث
(3). الخوئي: هذا فيما إذا مات الموصى له قبل الموصي؛ و أمّا في عكسه فالمال ينتقل إلى الوارث من الموصى له، على ما مرّ
الگلپايگاني: كما هو ظاهر الأخبار
مكارم الشيرازي: و لكن يقسم حسب سهام الإرث؛ و الدليل على ذلك كلّه ظهور صحيحة محمّد بن قيس، فإنّ ظاهره انتقال المال إلى الوارث ابتداءً، كما أنّ جعل الحكم على عنوان الورثة شاهد على أنّ التقسيم على نحو سهام الإرث، و الثمرة تظهر في أخذ الديون و الوصايا منه، لو قلنا بانتقاله ابتداءً إلى ملك الميّت ثمّ منه إلى وارثه؛ هذا، و لكن إطلاق الرواية ينفي ذلك كلّه، و هو شاهد آخر على انتقال الوصيّة إلى الوارث بلا واسطة
(4). مكارم الشيرازي: الأقوى هو الثاني، لأنّ ظاهر عنوان الوارث هو الوارث الحيّ حين انتقال المال إليه؛ و العجب من عدّة من الأعلام حيث اختاروا الوجه الأوّل، مع أنّ إطلاق عنوان الوارث على الوارث الميّت غير مأنوس في العرف قطعاً؛ نعم، لو قلنا بالكشف و أنّه بعد موت الموصي ينكشف أنّ الموصى له كان مالكاً له حال حياته، ورثه كلّ من كان حيّاً عند موت الموصى له؛ و لكن هذا المبنى مخالف للتحقيق؛ و منه يظهر بطلان القول بالتفصيل أيضاً
(5). الگلپايگاني: لا يبعد أن يكون الخبر ظاهراً في الثاني
الامام الخميني: الأوجه الأوّل
الخوئي: أوجهها الأوّل
العروة الوثقى مع التعليقات، ج2، ص: 881
الخامس: إذا أوصى له بأرض فمات قبل القبول، فهل ترث زوجته منها أو لا (1)؟ وجهان مبنيّان على الوجهين (2) في المسألة المتقدّمة (3)؛ فعلى الانتقال إلى الميّت ثمّ إلى الوارث لا ترث، و على الانتقال إليه أوّلًا لا مانع من الانتقال إليها، لأنّ المفروض أنّها لم تنتقل إليه إرثاً من الزوج (4)، بل وصيّة من الموصي. كما أنّه يبنى على الوجهين إخراج الديون (5) و الوصايا (6) من
______________________________
(1). مكارم الشيرازي: الأحوط أن يصالح مع الزوجة؛ و ذلك لإجمال الأدلّة من هذه الجهة. و في المسألة وجوه: أحدها ما ذكره قدس سره في المتن؛ و الثاني أن لا تكون الزوجة محرومة على كلّ تقدير، لأنّ ملكيّة الموصى له ملكيّة تقديريّة مصحّحة لانتقال الملك إلى الورثة، فلا يترتّب عليه شيء سوى تصحيح الانتقال؛ و الثالث أن تكون محرومة على كلّ تقدير، لأنّ الملك و إن انتقل إليها مستقلًاّ، و لكن ظاهر إطلاق الأدلّة أنّه يكون إرثاً فيأتي فيه كلّ ما يأتي في الإرث، و منه حرمان الزوجة عن الأرض على المشهور؛ و لهذا لا يُترك الاحتياط فيما ذكرنا
(2). الامام الخميني: الأقوى إخراجهما منه على الوجهين و المتولّي للقبول بالنسبة إلى السهمين هو وصيّ الميّت أو الحاكم، و الأحوط ضمّ قبول الورثة إليه
(3). الخوئي: و قد عرفت التفصيل فيها
(4). الگلپايگاني: لكن لا يبعد دعوى انصراف النصّ إلى الانتقال إلى وارث الموصى له بنحو الإرث المعهود في الشرع، فالزوجة محرومة على الوجهين
(5). الگلپايگاني: الأحوط إخراج الديون منه بإمضاء الورثة بعد قبولهم الوصيّة، لكنّ القاعدة تقتضي عدم وجوب القبول عليهم على تقدير كون جوازه حكماً، و على تقدير القبول فالمسألة مبنيّة على القولين كما في المتن، و على تقدير كون القبول حقّاً لهم بالإرث فلا يبعد جواز إلزام الدائن الورثة على القبول بناءً على انتقال الملك ابتداءً إلى الميّت لتعلّق حقّهم على هذا الحقّ أيضاً، و على القول بانتقال الملك إليهم ابتداءً فيمكن القول بجواز منع الدائن الوارث عن التملّك إلّا بعد أداء الدين، لما مرّ من تعلّق حقّه بهذا الحقّ أيضاً
(6). الگلپايگاني: حكم الوصايا حكم الدين فيما تعلّق بمال الميّت؛ نعم، فيما يجب على الوصيّ العمل به؛ و إن لم يكن للميّت مال و توقّف العمل به على القبول فيجب عليه القبول و العمل به
مكارم الشيرازي: الأقوى هنا عدم إخراج الديون و الوصايا مطلقاً؛ و ذلك لأنّ إطلاق النصّ (و هو صحيحة محمّد بن قيس) من هذه الجهة قويّ، فإنّ ابتلاء كثير من الناس بأمر الدين و الوصيّة مستلزم لتقييد النصّ غالباً، و حيث أطلق الإمام عليه السلام يعلم منه عدم إخراج الديون و الوصايا هنا، فتفترق المسألة عن المسألة السابقة، لا سيّما و قد عرفت أنّ الانتقال إلى ورثة الموصى له إنّما يكون من الموصي، لا منه
العروة الوثقى مع التعليقات، ج2، ص: 882
الموصى به بعد قبول الوارث و عدمه؛ أمّا إذا كانت بما يكون من الحبوة ففي اختصاص الولد الأكبر به بناءً على الانتقال إلى الميّت أوّلًا فمشكل، لانصراف الأدلّة عن مثل هذا.
السادس: إذا كان الموصى به ممّن ينعتق على الموصى له، فإن قلنا بالانتقال إليه أوّلًا بعد قبول الوارث، فإن قلنا به كشفاً و كان موته بعد موت الموصي (1) انعتق عليه و شارك الوارث ممّن في طبقته و يقدّم عليهم (2) مع تقدّم طبقته، فالوارث يقوم مقامه في القبول ثمّ يسقط عن الوارثيّة لوجود من هو مقدّم عليه؛ و إن كان موته قبل موت الموصي أو قلنا بالنقل و أنّه حين قبول الوارث ينتقل إليه آناً ما، فينعتق، لكن لا يرث إلّا إذا كان انعتاقه قبل قسمة الورثة، و ذلك لأنّه على هذا التقدير انعتق بعد سبق سائر الورثة بالإرث؛ نعم، لو انعتق قبل القسمة في صورة تعدّد الورثة، شاركهم (3)؛ و إن قلنا بالانتقال إلى الوارث من الموصي لا من الموصى له، فلا ينعتق عليه، لعدم ملكه، بل يكون للورثة، إلّا إذا كان ممّن ينعتق عليهم أو على بعضهم، فحينئذٍ ينعتق و لكن لا يرث، إلّا إذا كان ذلك مع تعدّد الورثة و قبل قسمتهم.
السابع: لا فرق في قيام الوارث مقام الموصى له بين التمليكيّة و العهديّة (4).
مسألة 8: اشتراط القبول- على القول به- مختصّ بالتمليكيّة كما عرفت، فلا يعتبر (5) في
______________________________
(1). الخوئي: لا حاجة في هذا الفرض إلى قبول الوارث على ما مرّ، فيحكم بانعتاق الموصى به من الأوّل؛ و أمّا إذا مات الموصي بعد الموصى له فلا وجه للانعتاق أصلًا، لأنّ الوارث حينئذٍ يتلقّى الموصى به من الموصي دون الموصى له
(2). الامام الخميني: في غير الكشف الحقيقي، و إلّا فتلزم لغويّة إجازتهم، للكشف عن كونهم غير الورثة من أوّل الأمر
الگلپايگاني: و لا يلزم من كاشفيّة القبول عدم كاشفيّته إلّا على القول بالكشف الحكمي، لأنّ الكاشف قبول الوارث لو لا الوصيّة و المكشوف الوارثيّة بالوصيّة، من غير فرق بين الكشف الحقيقي أو الحكمي
(3). الگلپايگاني: مع اتّحاد الطبقة؛ و يقدّم عليهم مع تقدّم طبقته
(4). مكارم الشيرازي: و المراد بالعهديّة هنا خصوص ما أمر الموصي بإعطاء مال للموصى له، لا كلّ وصيّة عهديّة؛ و أمّا الدليل على عدم الفرق، فلإلغاء الخصوصيّة عن التمليكيّة هنا بحسب متفاهم العرف؛ و رواية عمّار الساباطي (الحديث 3، من الباب 13 من أحكام الوصايا) مؤيّدة للمراد
(5). الگلپايگاني: الظاهر من العبارة و من تنظيرها في المسألة الاولى بالعتق و فكّ الملك عدم اعتبار القبول في العهديّة مطلقاً حتّى من الموصى إليه، لكنّ الظاهر منهم الإجماع على عدم الفرق بين الوصيّتين في الحاجة إلى القبول في التمليكيّة من الموصى له و في العهديّة من الموصى إليه؛ نعم، يكفي في قبول الموصى إليه القبول الفعلي؛ و أمّا قبول الموصى له في العهديّة إذا كانت وصيّة بالتمليك فلا إشكال في اعتباره، لكنّه غير مربوط بقبول الوصيّة
العروة الوثقى مع التعليقات، ج2، ص: 883
العهديّة (1)، و يختصّ بما إذا كان لشخص معيّن أو أشخاص معيّنين؛ و أمّا إذا كان للنوع أو للجهات، كالوصيّة للفقراء و العلماء أو للمساجد، فلا يعتبر قبولهم (2) أو قبول الحاكم فيما للجهات و إن احتمل (3) ذلك، أو قيل. و دعوى أنّ الوصيّة لها ليست من التمليكيّة بل هي عهديّة (4)، و إلّا فلا يصحّ تمليك النوع أو الجهات، كما ترى. و قد عرفت سابقاً قوّة عدم اعتبار القبول مطلقاً، و إنّما يكون الردّ مانعاً (5)، و هو أيضاً لا يجري في مثل المذكورات، فلا تبطل بردّ بعض الفقراء مثلًا، بل إذا انحصر النوع في ذلك الوقت في شخص فردّ لا تبطل.
مسألة 9: الأقوى في تحقّق الوصيّة كفاية كلّ ما دلّ عليها من الألفاظ، و لا يعتبر فيه لفظ خاصّ، بل يكفي كلّ فعل دالّ عليها حتّى الإشارة و الكتابة و لو في حال الاختيار (6) إذا
______________________________
(1). الامام الخميني: يعني قبول الموصى له في صحّة الوصيّة، و قد مرّ اعتباره مطلقاً، و في العهديّة لا وجه لاعتباره؛ و أمّا لو عهد أن يعطي شيئاً بشخص ففي تملّكه يعتبر القبول بلا إشكال
مكارم الشيرازي: يعني لا يعتبر قبول الموصى له لو أوصى في الوصيّة العهديّة بإعطاء شيءٍ الآخر؛ ففي هذا المقام لا يعتبر في صحّة الوصيّة قبول الموصى له، لأنّها ليست تمليكاً؛ نعم، للموصى له قبوله و ردّه و لا يحصل الملكيّة له بدون القبول؛ و الوجه فيه ظاهر
(2). مكارم الشيرازي: و هذا استثناءان من شرطيّة القبول، أي تختصّ شرطيّة القبول في الوصيّة التمليكيّة بما إذا كان لشخص معيّن؛ و لكنّ الإنصاف أنّ هذا من الشواهد الظاهرة، و لا أقلّ من المؤيّدات القويّة لكون الوصيّة من الإيقاعات مطلقاً، و إلّا فكيف يمكن أن يكون عنوان واحد كالوصيّة تارةً من العقود و اخرى من الإيقاعات؟ و ذلك باختلاف المتعلّقات
(3). الامام الخميني: احتمال اعتبار قبول الفقراء أو العلماء بما أنّهم منطبقات الجهات بعيد غايته، لكن احتمال اعتبار قبول الحاكم ليس بذلك البعد و إن كان الأقرب عدمه، كما أنّ بطلانها بردّ الحاكم فيما تقتضي مصلحة سياسيّة أو كان في قبولها مفسدة كذلك قريب
(4). الگلپايگاني: و لا يبعد ذلك و إن قلنا بمالكيّة الجهة أو النوع
(5). مكارم الشيرازي: قد مرّ أنّ الردّ أيضاً ليس بمانع، لظهور روايات الباب في هذا المعنى؛ نعم، للموصى له الإعراض عنه، فيخرج عن ملكه بهذا؛ كما هو كذلك في سائر الأملاك
(6). الگلپايگاني: الأحوط الاقتصار عليهما بحال الضرورة
مكارم الشيرازي: أمّا الإشارة، ففي كفايتها في حال الاختيار إشكال ظاهر؛ و أمّا الكتابة، فالأقوى كفايتها في جميع العقود و الإيقاعات إذا كانت بعنوان الإنشاء؛ و الدليل عليه شمول إطلاقات أدلّة صحّة العقود و الإيقاعات لها، بل المعروف في زماننا كون الكتابة أقوى و أظهر من الألفاظ في مقام الإنشاء، بل لا يعتمدون في الامور المهمّة إلّا على إمضاء أسناد من طريق الكتابة، و لا يعتمدون على مجرّد الألفاظ فيها، فكيف لا يعتمدون على الكتابة مع أنّ العقد أمر عرفيّ عقلائي يتّخذ منهم، و ليس من الأحكام الّذي يؤخذ من الشارع المقدّس؛ و لعلّ ما حكي عن المشهور في عدم الاكتفاء بالكتابة في إنشاء العقود و الإيقاعات، كان مختصّاً بأعصار لا يتداول فيها الإنشاء بالكتابة؛ و لكنّ الإنصاف أنّ الوصيّة مستثناة من هذه الجهة حتّى في الأعصار القديمة، فإنّ الوصايا حيث كانت متعلّقة بامور مستقبلة، كان إنشاؤها غالباً بالكتابة؛ و ما قد يقال من أنّهم كانوا يكتبون ثمّ ينشرون بالألفاظ على طبقها أو بالعكس، دعوى بلا دليل، بل يظهر من الروايات الكثيرة المرويّة من طرق الخاصّة و العامّة أنّ كتابة الوصيّة كانت متداولة من أقدم الأعصار الإسلاميّة و كانت حجّة لإثباتها (فراجع سنن البيهقي، ج 6، ص 271، من كتاب الوصايا؛ فقد روي فيه روايات عديدة من صحاحهم عنه صلى الله عليه و آله في ذلك، في أنّ المسلم إذا بات تكون وصيّته مكتوبة عنده، أو ما يقرب من هذا. و راجع الوسائل، ج 13، كتاب الوصايا، الباب 1، الحديث 5 و 7 و الباب 48، الحديث 1 و 2، و المستدرك، كتاب الوصايا، الباب 1؛ و ضعف أسنادها لا يضرّ بعد تضافرها و تكاثرها) بل يظهر من حديث القرطاس و القلم، المشهور عن النبيّ صلى الله عليه و آله كفاية الكتابة حتّى في الوصيّة بأمر الخلافة، بل كونها أظهر و أقوى من اللفظ؛ و لذا أنّهم منعوه صلى الله عليه و آله من الكتابة، و بالجملة: لا ينبغي الإشكال في الاكتفاء بالكتابة بقصد الإنشاء مع التوقيع عليها في أبواب المعاملات و الإيقاعات كلّها و في الوصيّة بالخصوص
العروة الوثقى مع التعليقات، ج2، ص: 884
كانت صريحة في الدلالة، بل أو ظاهرة، فإنّ ظاهر الأفعال معتبر كظاهر الأقوال. فما يظهر من جماعة اختصاص كفاية الإشارة و الكتابة بحال الضرورة لا وجه له، بل يكفي وجود مكتوب منه بخطّه و مهره إذا علم كونه إنّما كتبه بعنوان الوصيّة؛ و يمكن أن يستدلّ عليه بقوله عليه السلام: «لا ينبغي لامرئ مسلم أن يبيت ليلة إلّا و وصيّته تحت رأسه»، بل يدلّ عليه ما رواه الصدوق عن إبراهيم بن محمّد الهمداني: قال: كتبت إليه: كتب رجل كتاباً بخطّه و لم يقل لورثته: هذه وصيّتي و لم يقل: إنّي قد أوصيت، إلّا أنّه كتب كتاباً فيه ما أراد أن يوصي به، هل يجب على ورثته القيام بما في الكتاب بخطّه و لم يأمرهم بذلك؟ فكتب: «إن كان له ولد ينفذون كلّ شيء يجدون في كتاب أبيهم في وجه البرّ و غيره».
مسألة 10: يشترط في الموصي امور:
الأوّل: البلوغ، فلا تصحّ وصيّة غير البالغ؛ نعم، الأقوى وفاقاً للمشهور صحّة وصيّة
العروة الوثقى مع التعليقات، ج2، ص: 885
البالغ عشراً إذا كان عاقلًا في وجوه المعروف للأرحام أو غيرهم (1)، لجملة من الأخبار المعتبرة، خلافاً لابن إدريس و تبعه جماعة.
الثاني: العقل، فلا تصحّ وصيّة المجنون؛ نعم، تصحّ وصيّة الأدواريّ منه إذا كانت في دور إفاقته. و كذا لا تصحّ وصيّة السكران حال سكره. و لا يعتبر استمرار العقل، فلو أوصى ثمّ جنّ لم تبطل، كما أنّه لو اغمي عليه أو سكر، لا تبطل وصيّته؛ فاعتبار العقل إنّما هو حال إنشاء الوصيّة.
الثالث: الاختيار.
الرابع: الرشد (2)، فلا تصحّ وصيّة السفيه (3) و إن كانت بالمعروف؛ سواء كانت قبل حجر الحاكم (4) أو بعده (5)؛ و أمّا المفلس، فلا مانع من وصيّته و إن كانت بعد حجر الحاكم، لعدم الضرر بها على الغرماء لتقدّم الدين على الوصيّة.
الخامس: الحرّيّة، فلا تصحّ وصيّة المملوك بناءً على عدم ملكه و إن أجاز مولاه، بل و كذا بناءً على ما هو الأقوى (6) من ملكه، لعموم أدلّة الحجر و قوله عليه السلام: «لا وصيّة لمملوك» بناءً على إرادة نفي وصيّته لغيره، لا نفي الوصيّة له؛ نعم، لو أجاز مولاه، صحّ على البناء المذكور. و
______________________________
(1). الخوئي: صحّة وصيّته للغرباء محلّ إشكال
مكارم الشيرازي: بل يختصّ ذلك بالأرحام و وجوه البرّ، لورود هذا القيد في صحيحة محمّد بن مسلم المقيّدة للإطلاقات، و لا سيّما أنّ الغالب الوصيّة للأرحام؛ و عدم وجود القائل به بين القدماء لا يضرّنا بعد عدم اعتبار الإجماع المركّب في أمثال هذه المسائل، و منه يعلم أنّ اللازم كون وصاياه عقلائيّة و في حدود معقولة، لما ورد في جملة من روايات الباب
(2). الخوئي: في اعتباره إشكال، و الاحتياط لا يُترك
(3). مكارم الشيرازي: و العمدة فيه عدم كون عقده و إيقاعه معتبراً عند العقلاء إذا كان في الامور الماليّة، فلا تشمله أدلّة وجوب الوفاء بالعقود، لانصرافها إليه، فإذاً لا نحتاج إلى ما يدلّ على التخصيص في أدلّة جواز الوصيّة، كما توهّمه غير واحد من الأعلام؛ و بعبارة اخرى: المقتضي للصحّة هنا مفقود و لا نحتاج إلى إثبات وجود المانع
(4). الامام الخميني: الأقرب صحّتها قبل حجره، إلّا إذا كان سفهه متّصلًا بصغره
(5). مكارم الشيرازي: الظاهر عدم حاجة السفيه إلى حجر الحاكم، بعد ما عرفت من عدم اعتبار عقده عند العقلاء، فلا تشمله العمومات
(6). الامام الخميني: ملكه محلّ إشكال
العروة الوثقى مع التعليقات، ج2، ص: 886
لو أوصى بماله ثمّ انعتق و كان المال باقياً في يده، صحّت (1) على إشكال (2)؛ نعم، لو علّقها على الحرّيّة، فالأقوى صحّتها (3) و لا يضرّ التعليق المفروض، كما لا يضرّ إذا قال: هذا لزيد إن متّ في سفري. و لو أوصى بدفنه (4) في مكان خاصّ لا يحتاج إلى صرف مال، فالأقوى الصحّة (5)، و كذا ما كان من هذا القبيل.
السادس: أن لا يكون قاتل نفسه، بأن أوصى بعد ما أحدث في نفسه (6) ما يوجب هلاكه من جرح أو شرب سمّ أو نحو ذلك، فإنّه لا تصحّ وصيّته على المشهور المدّعى عليه الإجماع، للنصّ الصحيح الصريح، خلافاً لابن إدريس و تبعه بعض. و القدر المنصرف إليه الإطلاق الوصيّة بالمال، و أمّا الوصيّة بما يتعلّق بالتجهيز و نحوه ممّا لا تعلّق له بالمال فالظاهر صحّتها (7)؛ كما أنّ الحكم مختصّ بما إذا كان فعل ذلك عمداً، لا سهواً أو خطأً، و برجاء أن يموت لا لغرض آخر، و على وجه العصيان لا مثل الجهاد في سبيل اللّه، و بما لو مات من ذلك. و أمّا إذا عوفي ثمّ أوصى، صحّت وصيّته بلا إشكال، و هل تصحّ وصيّته قبل المعافاة؟ (8)
______________________________
(1). الگلپايگاني: مشكل و إن علّقها على الحريّة
(2). الامام الخميني: بل الصحّة ممنوعة
الخوئي: الإشكال قويّ فيه و فيما بعده؛ نعم، إذا أجازها بعد العتق صحّت و إن لم يجزها المولى
(3). الامام الخميني: لا تخلو من تأمّل
(4). الامام الخميني: محلّ تأمّل فيه و فيما كان من هذا القبيل
(5). الگلپايگاني: و الأحوط أن تكون بإذنه أو إجازته للوصيّة أو للعمل بها
(6). مكارم الشيرازي: لا ينبغي الشكّ في أنّ مقتضى العمومات صحّة الوصيّة في هذا الحال و إن أيقن بالموت و كان حياته غير مستقرّة، بل كثير من الوصايا لو لم نقل أكثرها وقعت في حال ظهور أمارات الموت، مع بقاء العقل و الرشد؛ كما يظهر من الوصيّة المعروفة عن النبيّ صلى الله عليه و آله و إنّه و إن منع منه الجبّارون، و كذا وصايا أمير المؤمنين عليه السلام بعد ما ضربه ابن ملجم، و وصيّة الحسن عليه السلام بعد أن صار مسموماً، و غير ذلك من وصايا الأئمّة عليهم السلام و العلماء- قدّس سرّهم- و غيرهم، لكن تخصّص في القاتل لنفسه، للنصّ الصحيح الصريح مع فتوى المشهور به، فإذا جرح نفسه ثمّ أوصى لا تقبل وصيّته؛ و فتوى ابن إدريس إنّما تصحّ على مبناه، لا على المباني المعروفة في اصول الفقه من حجيّة خبر الواحد
(7). الگلپايگاني: بل مشكل
(8). مكارم الشيرازي: لا إشكال في صحّته، لأنّ النصّ ظاهر أو صريح في فرض الموت بذاك الجرح أو شبهه، لا ما إذا لم يمت به، بل عوفي؛ إلّا إذا قيّد وصيّته بفرض موته بذاك السبب، أي الجرح لنفسه و شبهه
العروة الوثقى مع التعليقات، ج2، ص: 887
إشكال (1). و لا يلحق التنجيز بالوصيّة. هذا، و لو أوصى قبل أن يحدث في نفسه ذلك ثمّ أحدث، صحّت وصيّته و إن كان حين الوصيّة بانياً على أن يحدث ذلك بعدها، للصحيح المتقدّم، مضافاً إلى العمومات.
مسألة 11: يصحّ لكلّ من الأب و الجدّ الوصيّة بالولاية على الأطفال مع فقد الآخر، و لا تصحّ مع وجوده (2)، كما لا يصحّ ذلك لغيرهما حتّى الحاكم الشرعي، فإنّه بعد فقدهما له الولاية عليهم ما دام حيّاً، و ليس له أن يوصي بها لغيره بعد موته، فيرجع الأمر بعد موته إلى الحاكم الآخر، فحاله حال كلّ من الأب و الجدّ (3) مع وجود الآخر. و لا ولاية في ذلك للُامّ، خلافاً لابن الجنيد، حيث جعل ل?
تصحّ الوصيّة بكلّ ما يكون فيه غرض عقلائي محلّل، من عين أو منفعة أو حقّ قابل للنقل؛ و لا فرق في العين بين أن تكون موجودة فعلًا أو قوّةً (3)، فتصحّ بما تحمله الجارية أو الدابّة أو الشجرة، و تصحّ بالعبد الآبق منفرداً و لو لم يصحّ بيعه إلّا بالضميمة. و لا تصحّ بالمحرّمات كالخمر و الخنزير و نحوهما و لا بآلات اللهو و لا بما لا نفع فيه و لا غرض عقلائي كالحشرات و كلب الهراش، و أمّا كلب الصيد فلا مانع منه، و كذا كلب الحائط و الماشية و الزرع و إن قلنا بعدم مملوكيّة ما عدا كلب الصيد، إذ يكفي وجود الفائدة فيها (4). و لا تصحّ بما لا يقبل النقل من الحقوق، كحقّ القذف و نحوه. و تصحّ بالخمر المتّخذ للتخليل. و لا فرق في عدم صحّة الوصيّة بالخمر و الخنزير بين كون الموصي و الموصى له مسلمين أو كافرين (5) أو مختلفين، لأنّ الكفّار أيضاً مكلّفون بالفروع (6)؛ نعم، هم يقرّون على مذهبهم و إن لم يكن
______________________________
(1). الامام الخميني: لا إشكال في صحّته في الصورتين
(2). مكارم الشيرازي: لا يخلو عن إشكال، لأنّ جواز تصرّف الأجنبي في أمر الصغير حتّى يصرف مالًا في اموره و لو من أموال نفسه أو ثالث، غير ثابت، إلّا في أشياء طفيفة جرت السيرة عليها، مثل سقيه إذا كان عطشاناً ممّا يعلم عادةً برضى الوليّ به
(3). مكارم الشيرازي: بل و لو كانت معدومة في بعض الصور؛ كما إذا أوصى بثلث ماله و كان له أموال بالفعل، ثمّ حصل له أموال في المستقبل، فإنّ الوصيّة تشمل الجميع؛ نعم، إذا لم يكن له مال موجود مطلقاً، يشكل الوصيّة بالمعدوم فقط؛ و ذلك لعدم معروفيّته بين العقلاء و انصراف الإطلاقات إلى غيره؛ و في الحقيقة تجوز الوصيّة بمجموعة أموال بعضها موجود و بعضها معدوم
(4). مكارم الشيرازي: المراد هي الفائدة المقصودة المعتدّ بها، و إلّا فلكلّ شيء فائدة نادرة، مع أنّه لا تصحّ الوصيّة بها
(5). الامام الخميني: فيه تأمّل
(6). الخوئي: الحكم ببطلان الوصيّة بالخمر و الخنزير و لو من الكافر للكافر، لعلّه لا يتوقّف على تكليفهم بالفروع
مكارم الشيرازي: و في تعليقات بعض الأعلام أنّ الحكم ببطلان الوصيّة بالخمر و الخنزير و لو من الكافر للكافر، لا يتوقّف على تكليفهم بالفروع (انتهى). و لعلّ نظره إلى أنّ البطلان من آثار عدم الماليّة و عدم الملكيّة الّتي هي من الأحكام الوضعيّة، و لكن يمكن الجواب عنه بأنّ عدم ماليّة الخمر و الخنزير إنّما نشأ من حرمة منافعهما؛ فلو لم يكن الكفّار مكلّفين بالفروع، كانتا من الأموال عندهم و تصحّ الوصيّة بها
العروة الوثقى مع التعليقات، ج2، ص: 889
عملهم صحيحاً (1). و لا تصحّ الوصيّة بمال الغير و لو أجاز ذلك الغير إذا أوصى لنفسه؛ نعم، لو أوصى فضولًا عن الغير (2)، احتمل (3) صحّته إذا أجاز (4).
مسألة 1: يشترط في نفوذ الوصيّة كونها بمقدار الثلث أو بأقلّ منه، فلو كانت بأزيد بطلت في الزائد، إلّا مع إجازة الورثة بلا إشكال. و ما عن عليّ بن بابويه من نفوذها مطلقاً، على تقدير ثبوت النسبة، شاذّ. و لا فرق بين أن يكون بحصّة مشاعة من التركة أو بعين معيّنة. و لو كانت زائدة و أجازها بعض الورثة دون بعض نفذت في حصّة المجيز (5) فقط، و لا يضرّ التبعيض، كما في سائر العقود؛ فلو خلّف ابناً و بنتاً و أوصى بنصف تركته فأجاز الابن دون البنت، كان للموصى له ثلاثة إلّا ثلث من ستّة، و لو انعكس كان له اثنان و ثلث من ستّة.
مسألة 2: لا يشترط في نفوذها قصد الموصي كونها من الثلث الّذي جعله الشارع له، فلو أوصى بعين غير ملتفت إلى ثلثه و كانت بقدره أو أقلّ صحّت، و لو قصد كونها من الأصل أو من ثلثي الورثة و بقاء ثلثه سليماً مع وصيّته بالثلث سابقاً أو لاحقاً، بطلت (6) مع
______________________________
(1). مكارم الشيرازي: و أىّ معنى لإقرارهم على مذهبهم، بعد الاعتراف ببطلان عملهم؟
(2). الگلپايگاني: بأن يقول مثلًا: دار زيد بعد وفاته للفقراء، فأمضاه الزيد، و الظاهر عدم الإشكال فيه على تقدير كون الوصيّة عقداً؛ نعم، على تقدير كونها إيقاعاً فجريان الفضولي فيها محلّ تأمّل، بل منع
(3). الخوئي: هذا هو الأظهر
(4). مكارم الشيرازي: مشكل، بناءً على ما عرفت من كونها من الإيقاعات و عدم اشتراط القبول فيها، لما هو المعروف بينهم من دعوى الإجماع على بطلان الفضوليّ في الإيقاعات
(5). مكارم الشيرازي: و كذا إذا أجاز جميع الورثة بعض الوصيّة أو البعض بعضها، لإطلاق الأدلّة في جميع ذلك
(6). الامام الخميني: لا يبعد لغويّة قصده و صحّة وصيّته في الثلث و لغويّة الوصيّة الثانية بالثلث، و كذا لا يبعد صحّتها في الفرض الآتي و لغويّة قصده، لكن في الفرعين إشكال لا يُترك التخلّص بالاحتياط
الگلپايگاني: مع وصيّته بالثلث سابقاً؛ و أمّا مع عدمها فإن كان من قصده الوصيّة زائداً عن الثلث فعلًا و قصد بيان مصرف الثلث بعد ذلك فهذه عين الوصيّة بالثلث مع الزيادة و في الزائد موقوفة على إمضاء الورثة؛ و أمّا لو لم يرجع إلى الوصيّة بالثلث فعلًا مع الزيادة، فقصد كون ذلك من الأصل و زائداً على الثلث لغو؛ سواء أوصى بعد ذلك بالثلث أو لم يوص، و هذه الوصيّة نافذة بمقدار الثلث و ما أوصى بعد ذلك فموقوف على الإمضاء
مكارم الشيرازي: أمّا إذا أوصى بالثلث سابقاً، فالبطلان واضح؛ و أمّا في صورة عدم الوصيّة سابقاً، فبطلانه غير معلوم، لأنّه يمكن أن يقال: إنّ الوصيّة تؤدّي من الثلث؛ و قصد كونها من الأصل لغو، لا أثر له، و لكن لا يخلو عن إشكال في فرض تقييد قصده بكونها من الأصل أو من ثلثي الورثة، و الأحوط التصالح بين الورثة و الموصى له
العروة الوثقى مع التعليقات، ج2، ص: 890
عدم إجازة الورثة. بل و كذا إن اتّفق أنّه لم يوص بالثلث أصلًا، لأنّ الوصيّة المفروضة مخالف للشرع (1) و إن لم تكن حينئذٍ زائدة على الثلث؛ نعم، لو كانت في واجب (2)، نفذت (3)، لأنّه يخرج من الأصل (4) إلّا مع تصريحه بإخراجه من الثلث.
مسألة 3: إذا أوصى بالأزيد أو بتمام تركته و لم يعلم كونها في واجب حتّى تنفذ أو لا حتّى يتوقّف الزائد على إجازة الورثة، فهل الأصل النفوذ إلّا إذا ثبت عدم كونها بالواجب أو عدمه إلّا إذا ثبت كونها بالواجب؟ وجهان؛ ربّما يقال بالأوّل، و يحمل عليه ما دلّ من الأخبار على أنّه «إذا أوصى بماله كلّه فهو جائز» و «أنّه أحقّ بماله ما دام فيه الروح»، لكنّ الأظهر الثاني (5)،
______________________________
(1). الخوئي: فيه منع ظاهر
(2). الامام الخميني: ماليّ دون غيره
الگلپايگاني: يعني فيما يخرج من الأصل
(3). مكارم الشيرازي: مراده الواجبات الّتي تخرج من الأصل
(4). الخوئي: مرّ أنّ الواجبات البدنيّة كالصلاة و الصوم لا تخرج من الأصل؛ و بذلك يظهر حال المسألة الآتية
(5). مكارم الشيرازي: استدلاله قدس سره بعمومات عدم صحّة الوصيّة إذا كانت بالأزيد مخدوش، لأنّ الخارج منه كونها بالواجب في مقام الثبوت، فالتمسّك بعموم العامّ هنا من قبيل التمسّك به في الشبهات المصداقيّة؛ و كون الواجب غير معلوم، لا يفيد؛ لأنّه لم يؤخذ العلم في موضوع الحكم، كما أنّ التمسّك بأصالة عدم نفوذها في الأزيد من الثلث إلّا مع الإمضاء (كما ذكره بعض أعاظم المحشّين) أيضاً يرجع إلى ذلك. و الأولى الاستدلال عليه بإطلاق أدلّة نفي الزائد على الثلث فإنّ احتمال الوصيّة بالواجب قائم في كثير من الوصايا الزائدة على الثلث، مع أنّه لم يرد إشارة إليه في تلك العمومات على كثرتها، مضافاً إلى جريان الأصل الموضوعي، أعني أصالة عدم حقّ واجب على الميّت في كثير من الموارد
العروة الوثقى مع التعليقات، ج2، ص: 891
لأنّ مقتضى ما دلّ (1) على عدم صحّتها إذا كانت أزيد من ذلك، و الخارج منه كونها بالواجب، و هو غير معلوم؛ نعم، إذا أقرّ بكون ما أوصى به من الواجب عليه يخرج من الأصل، بل و كذا إذا قال: أعطوا مقدار كذا خمساً أو زكاة أو نذراً أو نحو ذلك (2)، و شكّ في أنّها واجبة عليه أو من باب الاحتياط المستحبيّ، فإنّها أيضاً تخرج من الأصل، لأنّ الظاهر من الخمس و الزكاة الواجب منهما، و الظاهر من كلامه اشتغال ذمّته بهما.
مسألة 4: إذا أجاز الوارث بعد وفاة الموصي، فلا إشكال في نفوذها و لا يجوز له الرجوع في إجازته، و أمّا إذا أجاز في حياة الموصي ففي نفوذها و عدمه قولان؛ أقواهما الأوّل، كما هو المشهور، للأخبار المؤيّدة باحتمال (3) كونه ذا حقّ في الثلثين (4) فيرجع إجازته إلى إسقاط حقّه، كما لا يبعد استفادته من الأخبار الدالّة على أن ليس للميّت من ماله إلّا الثلث. هذا، و الإجازة من الوارث تنفيذ لعمل الموصي و ليست ابتداء عطيّة من الوارث (5)، فلا ينتقل الزائد إلى الموصى له من الوارث بأن ينتقل إليه بموت الموصي أوّلًا ثمّ ينتقل إلى الموصى له، بل و لا
________________________________________
يزدى، سيد محمد كاظم طباطبايى، العروة الوثقى مع التعليقات، دو جلد، انتشارات مدرسه امام على بن ابى طالب عليه السلام، قم - إيران، اول، 1428 ه ق
العروة الوثقى مع التعليقات؛ ج2، ص: 891
______________________________
(1). الگلپايگاني: هذا تمسّك بالعامّ في الشبهة المصداقيّة، و الأولى التمسّك بأصالة عدم نفوذها في أزيد من الثلث إلّا مع الإمضاء
(2). مكارم الشيرازي: بناءً على إخراج النذر و مثله من الواجبات الماليّة الّتي ليست من حقوق الناس، عن الأصل
(3). الگلپايگاني: هذا الاحتمال ضعيف، كما يأتي منه قدس سره
(4). مكارم الشيرازي: أصل المسألة أعني جواز إمضاء الورثة للزائد على الثلث حال حياة الموصي، ممّا لا ينبغي الشكّ فيها، بعد ورود الروايات المعتبرة و فتوى المشهور بها، و لكن تأييدها بهذا الاحتمال غير متين، لعدم كون الورثة ذا حقّ في الثلثين حال الحياة؛ كما أنّ الاخبار الدالّة على أن ليس للميّت من ماله إلّا الثلث أيضاً خارجة عن محلّ الكلام
(5). مكارم الشيرازي: هذا بالنسبة إلى الإجازة قبل الموت واضح؛ و أمّا بالنسبة إلى ما بعد الموت، ففي غاية الإشكال، لأنّ التركة بحسب ظاهر أدلّة الإرث تنتقل إلى ملك الورثة و لا تبقى على ملك الميّت ما لم يكن هناك دين أو وصيّة نافذة؛ و حينئذٍ تكون الإجازة ابتداءً عطيّة أو شبهه؛ اللّهم إلّا أن يقال: عند صدور الوصيّة يبقى مقدارها على ملك الميّت، حتّى ينفذ الوارث الوصيّة أو يردّها، أو يقال بالكشف، أعني إجازة الورثة يكشف عن انتقال الملك إلى الموصى له من حين الوفاة؛ و لكن كلا الوجهين محلّ إشكال؛ و على كلّ حال تظهر الثمرة بين القولين في الأحكام الخاصّة للهبة كالقبض و جواز الرجوع و غيرهما و الأحكام الخاصّة بالمفلس و شبهه
العروة الوثقى مع التعليقات، ج2، ص: 892
بتقدير ملكه، بل ينتقل إليه من الموصي من الأوّل.
مسألة 5: ذكر بعضهم: أنّه لو أوصى بنصف ماله مثلًا، فأجاز الورثة، ثمّ قالوا ظننّا أنّه قليل، قضي عليهم بما ظنّوه (1) و عليهم الحلف على الزائد، فلو قالوا: ظننّا أنّه ألف درهم، فبان أنّه ألف دينار، قضي عليهم بصحّة الإجازة في خمسمائة درهم و أحلفوا على نفي ظنّ الزائد (2)، فللموصى له نصف ألف درهم من التركة و ثلث البقيّة (3)، و ذلك لأصالة (4) عدم تعلّق الإجازة بالزائد و أصالة عدم (5) علمهم بالزائد، بخلاف ما إذا أوصى بعين معيّنة كدارٍ أو عبد فأجازوا، ثمّ ادّعوا أنّهم ظنّوا أنّ ذلك أزيد من الثلث بقليل، فبان أنّه أزيد بكثير، فإنّه لا يسمع منهم ذلك، لأن إجازتهم تعلّقت بمعلوم و هو الدار أو العبد. و منهم من سوّى بين المسألتين في القبول. و منهم من سوّى بينهما في عدم القبول، و هذا هو الأقوى (6)، أخذاً بظاهر كلامهم في الإجازة، كما في سائر المقامات؛ كما إذا أقرّ بشيء ثمّ ادّعى أنّه ظنّ كذا أو وهب أو صالح أو نحو ذلك ثمّ ادّعى أنّه ظنّ كذا، فإنّه لا يسمع منه. بل الأقوى عدم السماع حتّى مع
______________________________
(1). مكارم الشيرازي: الأقوى في المسألة التفصيل؛ فإن كان هذا الظنّ من قبيل الدواعي و المقارنات، فالوصيّة نافذة فيما وقع تحت عنوان النصف؛ و إن كان من المقيّدات، فالحقّ ما ذكروه من عدم نفوذ الوصيّة فيما زاد على ظنّهم، هذا بحسب مقام الثبوت؛ أمّا بحسب مقام الإثبات لو كان ظاهر الكلام الإطلاق، يؤخذ به و لا تسمع هذه الدعوى؛ و كذا لو كان ظاهره التقييد، يؤخذ به؛ نعم، لو كان ظاهره مبهماً، يؤخذ بالأقلّ و لا يحتاج إلى الحلف في شيء من ذلك؛ فما ذكره البعض على إطلاقه ممنوع
(2). الامام الخميني: بل على نفي احتماله
الگلپايگاني: ليرجع إلى الحلف على نفي الإجازة عن الزائد ممّا ظنّوا، و إلّا فمجرّد نفي الظنّ لا يفيد نفي الإجازة
(3). الگلپايگاني: لا وجه لثلث البقيّة زائداً على خمسمائة درهم، لأنّه لو كان الممضى تمام خمسمائة درهم زائداً على الثلث فللموصى له ثلث المجموع زائداً على خمسمائة درهم، و إن كان الممضى سدس ألف درهم زائداً على الثلث فللموصى له ثلث المجموع و سدس ألف درهم
(4). الامام الخميني: هذان الأصلان غير أصيلين و إن كان المدّعىٰ حقّاً
(5). الگلپايگاني: هذا الأصل يفيد لدعوى عدم العلم؛ و أمّا لنفي الإجازة فغير مفيد
(6). الگلپايگاني: هذا مع الشكّ في الصدق؛ و أمّا مع العلم بصدق المدّعى فالأقوى في الصورة الاولى السماع، لأنّ النصف في نظر من يعلم بكون الكلّ ألف درهم ليس إلّا خمسمائة درهم بخلاف الصورة الثانية، فإنّ العبد لا يتفاوت بكثرة المال و قلّته أو كثرة قيمته و قلّتها؛ نعم، تخيّل ذلك أوجب إمضاء الدار و العبد و هذا لا يضرّ بشيء
العروة الوثقى مع التعليقات، ج2، ص: 893
العلم بصدقهم في دعواهم (1)، إلّا إذا علم كون إجازتهم مقيّدة بكونه بمقدار كذا، فيرجع إلى عدم الإجازة، و معه يشكل السماع (2) فيما ظنّوه أيضاً (3).
مسألة 6: المدار في اعتبار الثلث على حال وفاة الموصي، لا حال الوصيّة، بل على حال حصول قبض الوارث للتركة (4) إن لم تكن بيدهم حال الوفاة، فلو أوصى بحصّة مشاعة كالربع أو الثلث و كان ماله بمقدار ثمّ نقص، كان النقص مشتركاً (5) بين الوارث و الموصي، و لو زاد كانت الزيادة لهما مطلقاً و إن كانت كثيرة جدّاً. و قد يقيّد بما إذا لم تكن كثيرة، إذ لا يعلم إرادته هذه الزيادة المتجدّدة، و الأصل عدم تعلّق الوصيّة بها؛ و لكن لا وجه له، للزوم العمل بإطلاق الوصيّة؛ نعم، لو كان هناك قرينة قطعيّة على عدم إرادته الزيادة المتجدّدة، صحّ ما ذكر، لكن عليه لا فرق بين كثرة الزيادة و قلّتها (6). و لو أوصى بعين معيّنة كانت بقدر
______________________________
(1). الخوئي: هذا إنّما يتمّ في مثل الوصيّة بمعلوم كالعبد و الدار، فإنّ الإجازة حينئذٍ تكون نافذة و لو علم مخالفة علم المجيز لما عليه الموصى به من الماليّة، فإنّ التخلّف حينئذٍ من قبيل تخلّف الداعي و هو لا يضرّ بصحّة الإجازة؛ و أمّا في مثل الوصيّة بالنصف مثلًا فالمجاز على تقدير اعتقاد المجيز بأنّ المال ألف درهم فرضاً إنّما هي الوصيّة بخمسمائة درهم فلا تكون الإجازة نافذة في الزائد، و بذلك يظهر أنّه لا مانع من سماع الدعوى في هذه الصورة، إلّا أنّها محتاجة إلى الإثبات، لأنّها مخالفة لظاهر الكلام
(2). الخوئي: لعلّه من سهو القلم، و صحيحه: «يشكل القضاء»
(3). مكارم الشيرازي: كأنّ نظره في ذلك إلى أنّ ما قصد لم يقع و ما وقع لم يقصد، فليست العبارة من سهو القلم، كما ذكره بعض الأعاظم و قال: «إنّ صحيحه يشكل القضاء»؛ و لكن هذا الإشكال على كلّ حال غير وارد، لعدم المانع من السماع فيما ظنّوه؛ كما لا يخفى
(4). مكارم الشيرازي: لا يعلم وجه صحيح لحال حصول قبض الوارث، لأنّ التركة تنتقل إلى الوارث حين الموت و إن كان متعلّقاً لحقّ الموصى له أيضاً، حتّى أنّ الدية إن قلنا بكونها من جملة التركة و يتعلّق بها حقّ الموصى له لا أثر للقبض فيها؛ و بالجملة: ذكر حال القبض ممّا لا يدلّ عليه دليل و لا يساعده القواعد المعروفة في الإرث و الوصيّة
(5). الگلپايگاني: هذا الحكم متفرّع على أنّ الظاهر من لفظ الموصي الربع حال الوصيّة أو حال الموت و لذا لو صرّح بالربع حال الوصيّة ثمّ زاد كانت الزيادة للوارث؛ و كذا لو نقص، كان النقص عليه ما لم ينقص ربع المال حال الوصيّة عن الثلث حال الوفاة، و كذا لو صرّح بالثلث حال الوصيّة ثمّ زاد المال كانت الزيادة للوارث؛ نعم، لو نقص كان النقص عليهما لعدم نفوذ الوصيّة في أكثر من الثلث حال الوفاة؛ نعم، ما ذكر من الوصيّة بالعين المعيّنة أو بالكلّي مثل مائة دينار، فهو من فروع كون المدار في الثلث الثلث حال الموت
(6). مكارم الشيرازي: الإنصاف أنّ كثرة الزيادة بنفسها قرينة قطعيّة في كثير من الأوقات على إرادة الحصّة حال الوصيّة، فلو أوصى لأجنبي بثلث ماله و كان ألف درهم، ثمّ تجدّد له ملايين درهم أو أكثر، يشكل الحكم بملكيّة الموصى له لثلثها
العروة الوثقى مع التعليقات، ج2، ص: 894
الثلث أو أقلّ، ثمّ حصل نقص في المال أو زيادة في قيمة تلك العين، بحيث صارت أزيد من الثلث حال الوفاة، بطلت بالنسبة إلى الزائد مع عدم إجازة الوارث، و إن كانت أزيد من الثلث حال الوصيّة ثمّ زادت التركة أو نقصت قيمة تلك العين فصارت بقدر الثلث أو أقلّ، صحّت الوصيّة فيها، و كذا الحال إذا أوصى بمقدار معيّن كلّي، كمأة دينار مثلًا.
مسألة 7: ربّما يحتمل فيما لو أوصى بعين معيّنة أو بكلّي كمأة دينار مثلًا، أنّه إذا اتلف من التركة بعد موت الموصي يردّ النقص عليهما أيضاً بالنسبة، كما في الحصّة المشاعة و إن كان الثلث وافياً، و ذلك بدعوى أنّ الوصيّة بها ترجع إلى الوصيّة بمقدار ما يساوي قيمتها، فيرجع إلى الوصيّة بحصّة مشاعة؛ و الأقوى عدم ورود النقص عليهما ما دام الثلث وافياً. و رجوعهما إلى الحصّة المشاعة في الثلث أو في التركة لا وجه له، خصوصاً في الوصيّة بالعين المعيّنة.
مسألة 8: إذا حصل للموصي مال بعد الموت، كما إذا نصب شبكة فوقع فيها صيد بعد موته، يخرج منه الوصيّة (1)، كما يخرج منه الديون؛ فلو كان أوصى بالثلث أو الربع اخذ ثلث ذلك المال أيضاً مثلًا. و إذا أوصى بعين و كانت أزيد من الثلث حين الموت و خرجت منه بضمّ ذلك المال، نفذت فيها، و كذا إذا أوصى بكلّي كمأة دينار مثلًا؛ بل لو أوصى ثمّ قتل، حسبت ديته من جملة تركته، فيخرج منها الثلث كما يخرج منها ديونه إذا كان القتل خطأً، بل و إن كان عمداً و صالحوا على الدية، للنصوص الخاصّة، مضافاً إلى الاعتبار و هو كونه أحقّ بعوض نفسه من غيره. و كذا إذا اخذ دية جرحه خطأً، بل أو عمداً.
و الحمد للّه ربّ العالمين و أفضل صلواته على نبيّه و آله الطاهرين
______________________________
(1). مكارم الشيرازى: المسألة لا تخلو عن إشكال، لأن الحيازة يعتبر فيها القصد و لو إجمالا في أعماق النفس، و هذا منتف بعد الموت، و الفرض أن الورثة ايضا لم يقصدوا الحيازة؛ و مجرد كون الأثر تابعا للمؤثر تبعية النماء كما في المستمسك و غيره، غير مفيد بعد قبول اشتراط النية في الحيازة و لو اجمالا؛ نعم، يمكن أن يقال بأن الشبكة تنتقل إلى ملك الورثة و الموصى له إذا كانت الوصية بالمشاع، فتنتقل إليهما مال وقع في الشبكة و إن كان هو أيضا لا يخلو عن إشكال على فرض اشترط القصد في الحيازة و لو اجمالا؛ نعم، يمكن أن يقال بأن الشبكة تنتقل إلى ملك الورثة و الموصى له إذا كانت الوصية بالمشاع، فتنتقل إليهما ما وقع في الشبكة و إن كان هو ايضا لا يخلو عن إشكال على فرض اشترط القصد في الحيازة؛ مضافا إلى أنه لا يجرى في غير المشاع، فالاحوط التصالح فيما هو محل للإشكال.
________________________________________
يزدى، سيد محمد كاظم طباطبايى، العروة الوثقى مع التعليقات، دو جلد، انتشارات مدرسه امام على بن ابى طالب عليه السلام، قم - إيران، اول، 1428 ه ق