و هو من الضمن، لأنّه موجب لتضمّن ذمّة الضامن للمال الّذي على المضمون عنه للمضمون له، فالنون فيه أصليّة كما يشهد له سائر تصرّفاته من الماضي و المستقبل و غيرهما. و ما قيل من احتمال كونه من الضمّ، فيكون النون زائدة، واضح الفساد، إذ مع منافاته لسائر مشتقّاته لازمه كون الميم مشدّدة. و له إطلاقان: إطلاق بالمعنى الأعمّ الشامل للحوالة و الكفالة أيضاً، فيكون بمعنى التعهّد بالمال أو النفس؛ و إطلاق بالمعنى الأخصّ و هو التعهّد بالمال عيناً أو منفعةً أو عملًا، و هو المقصود (1) من هذا الفصل.
و يشترط فيه امور:
أحدها: الإيجاب، و يكفي فيه كلّ لفظ دالّ، بل يكفي الفعل الدالّ (2) و لو بضميمة القرائن
______________________________
(1). الگلپايگاني: و لعلّ الأولى تعريف ما هو المقصود من هذا الفصل بأنّه إثبات مال في الذمّة بعقد، كما في المبسوط و الوسيلة
(2). الامام الخميني: محلّ تأمّل
الگلپايگاني: لو فرض دلالته عليه؛ لكنّه مجرّد فرض، و كذا في القبول
مكارم الشيرازي: و من أظهر الأفعال دلالةً عليه، الكتابة و التوقيع عليها؛ و ما في بعض الحواشي من أنّه لا يوجد فعل دالّ عليه، كما ترى؛ و قد ذكرنا في محلّه كفاية الإنشاء بالكتابة في العقود كلّها إلّا ما خرج بالدليل
________________________________________
يزدى، سيد محمد كاظم طباطبايى، العروة الوثقى مع التعليقات، دو جلد، انتشارات مدرسه امام على بن ابى طالب عليه السلام، قم - إيران، اول، 1428 ه ق
العروة الوثقى مع التعليقات؛ ج2، ص: 694
العروة الوثقى مع التعليقات، ج2، ص: 694
على التعهّد و الالتزام بما على غيره من المال.
و الثاني: القبول من المضمون له، و يكفي فيه أيضاً كلّ ما دلّ على ذلك من قول أو فعل.
و على هذا فيكون من العقود المفتقرة إلى الإيجاب و القبول، كذا ذكروه (1)؛ و لكن لا يبعد دعوى عدم اشتراط القبول على حدّ سائر العقود اللازمة، بل يكفي رضا المضمون له (2) سابقاً أو لاحقاً، كما عن الإيضاح و الأردبيليّ، حيث قالا: يكفي فيه الرضا و لا يعتبر القبول العقديّ، بل عن القواعد: و في اشتراط قبوله احتمال. و يمكن استظهاره من قضيّة الميّت المديون الّذي امتنع النبيّ صلى الله عليه و آله أن يصلّي عليه حتّى ضمنه عليّ عليه السلام. و على هذا فلا يعتبر فيه ما يعتبر في العقود من الترتيب و الموالاة و سائر ما يعتبر في قبولها؛ و أمّا رضا المضمون عنه فليس معتبراً فيه (3)، إذ يصحّ الضمان التبرّعيّ، فيكون بمنزلة وفاء دين الغير تبرّعاً، حيث لا يعتبر رضاه، و هذا واضح فيما لم يستلزم (4) الوفاء أو الضمان عنه ضرراً (5) عليه (6) أو حرجاً، من حيث كون تبرّع هذا الشخص لوفاء دينه منافياً لشأنه، كما إذا تبرّع وضيع ديناً عن شريف غنيّ قادر على وفاء دينه فعلًا.
الثالث: كون الضامن بالغاً عاقلًا؛ فلا يصحّ ضمان الصبيّ و إن كان مراهقاً، بل و إن أذن له
______________________________
(1). الامام الخميني، الگلپايگاني: و هو الأقوى
مكارم الشيرازي: و هذا هو الأقوى، لا للإجماع المدّعى و شبهه، بل لأنّ ماهيّة الضمان عند العقلاء ماهيّة العقود، لأنّه تبديل مال بمال آخر، فكيف يمكن بدون قبول مالكه؛ و ما ورد في الحديث الصريح في اعتبار رضا المضمون له، شاهد على ما ذكرناه، فإنّ هذا الرضا كالرضا في البيع؛ و أمّا الحديث المنسوب إلى النبي صلى الله عليه و آله من امتناعه عن الصلاة على ميّت حتّى ضمنه عليّ عليه السلام الظاهر في عدم الحاجة إلى القبول، مضافاً إلى الإشكال في سنده، قابل للحمل على ما ذكرناه، لاحتمال حضور المضمون له و كون سكوته بمنزلة القبول، و إلّا فهو شاذّ معرض عنه
(2). الخوئي: هذا إذا أبرزه في الخارج بمبرز
(3). مكارم الشيرازي: و العمدة فيه أنّ العقد قائم بين الضامن و المضمون له؛ و أمّا المضمون عنه فليس طرفاً له، فلا يعتبر رضاه؛ نعم، إذا استلزم ضرراً عليه، فينفي بأدلّة نفي الضرر
(4). الگلپايگاني: بل و إن استلزم
(5). الامام الخميني: اعتبار عدم الضرر و الحرج على المضمون عنه في صحّة الضمان غير معلوم
(6). الخوئي: بل و لو استلزم ذلك، فإنّ التكليف لا يرتبط بالوضع
العروة الوثقى مع التعليقات، ج2، ص: 695
الوليّ على إشكال (1)، و لا ضمان المجنون إلّا إذا كان أدواريّاً في دور إفاقته؛ و كذا يعتبر كون المضمون له بالغاً عاقلًا؛ و أمّا المضمون عنه فلا يعتبر فيه ذلك، فيصحّ كونه صغيراً أو مجنوناً؛ نعم، لا ينفع إذنهما في جواز الرجوع بالعوض.
الرابع: كونه مختاراً (2)؛ فلا يصحّ ضمان المكره (3).
الخامس: عدم كونه محجوراً لسفه إلّا بإذن الوليّ، و كذا المضمون له، و لا بأس بكون الضامن مفلساً، فإنّ ضمانه نظير اقتراضه، فلا يشارك المضمون له مع الغرماء؛ و أمّا المضمون له فيشترط عدم كونه مفلساً (4)؛ و لا بأس بكون المضمون عنه سفيهاً أو مفلساً، لكن لا ينفع إذنه (5) في جواز الرجوع (6) عليه (7).
السادس: أن لا يكون الضامن مملوكاً غير مأذون من قبل مولاه على المشهور (8)، لقوله تعالى: «لا يقدر على شيء» و لكن لا يبعد صحّة ضمانه و كونه في ذمّته يتبع به بعد العتق، كما عن التذكرة و المختلف. و نفي القدرة منصرف عمّا لا ينافي حقّ المولى. و دعوى أنّ المملوك لا
______________________________
(1). الخوئي: الظاهر الجواز إذا كانت فيه مصلحة و إن كان هذا الفرض نادراً، و أولى بالجواز ما إذا كان المضمون له صبيّاً
(2). الامام الخميني: و كذا المضمون له في قبوله
الگلپايگاني: و كذا يعتبر كون المضمون له أيضاً مختاراً، فلا يصحّ الضمان للمكره
مكارم الشيرازي: هذا الشرط معتبر في المضمون له أيضاً، لاتّحاد الدليل في البابين
(3). الخوئي: و كذلك المضمون له
(4). مكارم الشيرازي: فإنّ قبوله تصرّف في أمواله، فلا يجوز بحكم الحجر عليه؛ بخلاف إيجاب الضامن، فإنّه تصرّف في ذمّته لا في أمواله؛ و هذا هو الفارق بين المقامين
(5). الامام الخميني: في الرجوع إلى ما تعلّق به الحجر؛ و أمّا بغيره أو بعد رفعه فلا مانع من الرجوع إليه بسبب إذنه في حال الحجر
(6). مكارم الشيرازي: بل ينفع في صورتين: أحدهما بالنسبة إلى مقدار نصيب المضمون له؛ و الثاني بالنسبة إلى ما بعد الحجر؛ أمّا الثاني فهو واضح؛ و أمّا الأوّل فإنّه ملزم بأداء دينه كلًاّ أو بعضاً إلى المضمون له، فله تبديله بالضامن؛ و لا يتفاوت الحال بينما إذا أخذه المضمون له الّذي هو من الغرماء أو الضامن الّذي يقوم مقامه
(7). الخوئي: أي في أمواله الموجودة الّتي تكون مورداً للحجر
(8). الامام الخميني: و هو الأقوى، و دعوى الانصراف غير وجيهة، و ضمان الإتلاف خارج عنها تخصّصاً
الگلپايگاني: و هو المنصور
العروة الوثقى مع التعليقات، ج2، ص: 696
ذمّة له، كما ترى، و لذا لا إشكال في ضمانه لمتلفاته. هذا، و أمّا إذا أذن له مولاه فلا إشكال في صحّة ضمانه. و حينئذٍ فإن عيّن كونه في ذمّة نفسه أو في ذمّة المملوك يتبع به بعد عتقه أو في كسبه، فهو المتّبع، و إن أطلق الإذن ففي كونه في ذمّة المولى أو في كسب المملوك أو في ذمّته يتبع به بعد عتقه أو كونه متعلّقاً برقبته وجوه و أقوال؛ أوجهها الأوّل، لانفهامه (1) عرفاً (2)، كما في إذنه للاستدانة لنفقته أو لأمر آخر و كما في إذنه في التزويج، حيث إنّ المهر و النفقة على مولاه. و دعوى الفرق بين الضمان و الاستدانة بأنّ الاستدانة موجبة لملكيّته و حيث إنّه لا قابليّة له لذلك يستفاد منه كونه على مولاه بخلاف الضمان، حيث إنّه لا ملكيّة فيه، مدفوعة بمنع عدم قابليّته للملكيّة، و على فرضه أيضاً لا يكون فارقاً بعد الانفهام العرفيّ.
السابع: التنجيز (3)؛ فلو علّق الضمان على شرط، كأن يقول: أنا ضامن لما على فلان إن أذن لي أبي، أو أنا ضامن إن لم يف المديون إلى زمان كذا أو إن لم يف أصلًا، بطل على المشهور (4)، لكن لا دليل عليه بعد صدق الضمان و شمول العمومات العامّة إلّا دعوى الإجماع
______________________________
(1). الامام الخميني: محلّ تأمّل
(2). الگلپايگاني: و لو لم يفهم منه ذلك و كان مجملًا مردّداً بين كونه في ذمّة نفسه أو ذمّة العبد بحيث يتبع به بعد عتقه فالظاهر بطلانه
(3). الامام الخميني: على الأحوط
(4). الخوئي: فيه إشكال، و الاحتياط لا يُترك
الگلپايگاني: و هو المنصور
مكارم الشيرازي: الإنصاف عدم بطلان التعليق في الفرض الثاني، أي إذا قال: أنا ضامن إن لم يف المديون إلى زمان كذا، لأنّ العمدة في بطلان التعليق ليس هي الإجماع و لا عدم إمكان التعليق في الإنشاء (لعدم الاعتبار بالإجماع في هذه المسائل، و جواز التعليق في الإنشاء كما حقّق في محلّه في الاصول في بحث الواجب المشروط) بل العمدة هي منافاة التعليق لحقيقة العقد عند العرف و العقلاء، فمن قال: بعتك هذا إن أجاز أبي أو جاء أخي لا يعدّ عقداً و معاهدةً و بيعاً عند العقلاء، و هذا الأمر مفقود فيما نحن فيه؛ فإذا وقع النزاع بين الدائن و المديون و أراد رجل ثالث فصل الخصومة بينهما، فقال: أنا ضامن لأداء الدين إن لم يف هو إلى زمان كذا أو ما أشبه ذلك، فإنّه يعدّ عقداً و عهداً عند العقلاء و لا يضرّه مثل هذا التعليق كما هو ظاهر؛ و الوجه فيه أنّ الضمان لا يرتبط بالاثنين، بل يرتبط في الحقيقة بثلاثة أشخاص، و لذا يمكن تعليقه على عدم وفاء المضمون عنه بدينه. و لا يتوهّم أنّ هذا إنّما يصحّ لو قلنا بأنّ الضمان من قبيل ضمّ الذمّة إلى الذمّة، لأنّ المسألة غير مبنيّة عليه، بل يجوز للضامن التصريح بأنّ المديون إن لم يف إلى زمان كذا انتقل ذمّته إلى ذمّته؛ فإذا قبله المضمون له، كان عقداً صحيحاً عند العقلاء و أمضاه الشارع المقدّس بعدم ردعه، بل يشمله العمومات
العروة الوثقى مع التعليقات، ج2، ص: 697
في كلّي العقود على أنّ اللازم ترتّب الأثر عند إنشاء العقد من غير تأخير، أو دعوى منافاة التعليق للإنشاء. و في الثاني ما لا يخفى، و في الأوّل منع تحقّقه في المقام. و ربّما يقال: لا يجوز تعليق الضمان، و لكن يجوز تعليق الوفاء على شرط مع كون الضمان مطلقاً، و فيه: أنّ تعليق الوفاء عين تعليق الضمان و لا يعقل التفكيك؛ نعم، في المثال الثاني يمكن أن يقال (1) بإمكان تحقّق الضمان منجّزاً مع كون الوفاء معلّقاً على عدم وفاء المضمون له، لأنّه يصدق أنّه ضمن الدين على نحو الضمان في الأعيان المضمونة، إذ حقيقته (2) قضيّة تعليقيّة (3)، إلّا أن يقال بالفرق بين الضمان العقديّ و الضمان اليديّ (4).
الثامن: كون الدين الّذي يضمنه ثابتاً في ذمّة المضمون عنه؛ سواء كان مستقرّاً كالقرض و العوضين في البيع الّذي لا خيار فيه، أو متزلزلًا كأحد العوضين في البيع الخياريّ، كما إذا ضمن الثمن الكليّ للبائع أو المبيع الكليّ للمشتري أو المبيع الشخصي (5) قبل القبض، و كالمهر
______________________________
(1). الامام الخميني: كيف يمكن مع دعوى امتناع التفكيك، مع أنّ هذا النحو من الضمان غير ما عندنا من كونه ناقلًا
الخوئي: لعلّه يريد بذلك أنّ الضمان في مورد تعليق الوفاء على عدم وفاء المديون ليس بمعنى النقل إلى الذمّة ليرجع تعليق الوفاء عليه إلى تعليق الضمان، بل هو بمعنى تعهّد ما في ذمّة الغير على حذو تعهّد العين الخارجيّة، و عليه فالضمان فعليّ و أثره الانتقال إلى الذمّة على تقدير عدم وفاء المديون كما أنّ أثره في ضمان العين الخارجيّة ذلك على تقدير تلفها، و على هذا فلا بأس بما أفاده قدس سره. و لا يبعد أن يكون الضمان بالمعنى المزبور من المرتكزات العرفيّة
(2). الامام الخميني: كون حقيقة ضمان اليد قضيّة تعليقيّة، في محلّ المنع، و لا يسع المقام تفصيله
(3). الگلپايگاني: إن كان المقصود تعليق الضمان بعدم الإعطاء فهذا عين ما هو باطل عند المشهور، و إن كان المقصود الضمان منجّزاً لكنّه يخبر بأنّه يفي ما دام الدين باقياً و لم يؤدّ المضمون عنه، فالظاهر أنّه ليس بتعليق و لا ممنوع
(4). الگلپايگاني: و يمكن أن يقال: إنّ عهدة العين في ضمان اليد أيضاً فعليّ؛ غاية الأمر أنّ عليه الردّ مع البقاء و المثل أو القيمة مع التلف
(5). الامام الخميني: محلّ إشكال، مع أنّه ليس من أمثلة المقام
الخوئي: لا موقع لذكره في المقام، فإنّ الكلام إنّما هو في ضمان الدين
العروة الوثقى مع التعليقات، ج2، ص: 698
قبل الدخول و نحو ذلك؛ فلو قال: اقرض فلاناً كذا و أنا ضامن، أو بعه نسيئة و أنا ضامن، لم يصحّ على المشهور (1)، بل عن التذكرة الإجماع (2)، قال: لو قال لغيره: مهما أعطيت فلاناً فهو علىّ، لم يصحّ إجماعاً. و لكن ما ذكروه من الشرط ينافي جملة من الفروع الآتية. و يمكن أن يقال بالصحّة إذا حصل المقتضي للثبوت و إن لم يثبت فعلًا، بل مطلقاً، لصدق الضمان و شمول العمومات العامّة و إن لم يكن من الضمان المصطلح عندهم، بل يمكن منع عدم كونه منه أيضاً.
التاسع: أن لا يكون ذمّة الضامن مشغولة للمضمون عنه بمثل الدين الّذي عليه، على ما يظهر من كلماتهم في بيان الضمان بالمعنى الأعمّ، حيث قالوا: إنّه بمعنى التعهّد بمال أو نفس، فالثاني الكفالة، و الأوّل إن كان ممّن عليه للمضمون عنه مال فهو الحوالة، و إن لم يكن فضمان بالمعنى الأخصّ. و لكن لا دليل على هذا الشرط (3)، فإذا ضمن للمضمون عنه بمثل ما له عليه يكون ضماناً، فإن كان بإذنه يتهاتران (4) بعد أداء مال الضمان، و إلّا فيبقى الّذي للمضمون عنه عليه و تفرغ ذمّته ممّا عليه بضمان الضامن تبرّعاً، و ليس من الحوالة، لأنّ المضمون عنه على
______________________________
(1). الامام الخميني: و هو الأقوى
الخوئي: فيه إشكال، و الاحتياط لا يُترك؛ و لا يبعد تفرّع هذا الشرط على سابقه
الگلپايگاني: و هو الأقوى؛ و أمّا الفروع الآتية فيأتي الكلام فيها إن شاء اللّه
(2). مكارم الشيرازي: لا يخلو عن إشكال، بل يمكن أن يقال: إن كان الضمان بمعنى نقل ذمّة إلى ذمّة (فعلًا) أو ضمّها إليها كذلك، فلا إشكال في عدم صحّة ضمان ما لم يجب، و الظاهر أنّ كلمات القوم و إجماعهم ناظرة إلى هذا المعنى؛ أمّا إن كان بمعنى النقل أو الضمّ مشروطاً أو معلّقاً على تحقّقها، فلا مانع من ذلك إذا تحقّق مقتضيه، لبناء العقلاء عليه، لا سيّما في استخدام الأجير قبل اشتغاله بالعمل، فيضمنه غيره غالباً، بمعنى كون خساراته في المستقبل عليه؛ و تدلّ عليه كلماتهم في ضمان مال الجعالة، بل و قوله تعالى: «وَ لِمَنْ جٰاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ وَ أَنَا بِهِ زَعِيمٌ» فلا ينبغي الإشكال في صحّة ذلك، و لكن سيأتي في مسألة (37) الإشكال في دلالة الآية؛ و مع ذلك أصل المسألة ثابتة
(3). مكارم الشيرازي: فيه إشكال؛ فإنّ الحقّ تفاوت الضمان و الحوالة مفهوماً و مصداقاً، فإنّ الضمان أمر قائم بالضامن و المضمون له، و الضامن هو الموجب و المضمون له هو القابل؛ و أمّا الحوالة أمر قائم بأشخاص ثلاثة: المحيل، المحال، و المحال عليه، و الموجب هو المحيل و القابل هو المحال و المحال عليه، و من المعلوم أنّ المحيل غير الضامن؛ فلا يمكن إنشاؤهما بإنشاء واحد حتّى يترتّب عليه أحكامهما
(4). الخوئي: هذا إذا كان كلاهما حالّين أو كلاهما مؤجّلين بمدّة متساوية، و إلّا فلا وجه للتهاتر
العروة الوثقى مع التعليقات، ج2، ص: 699
التقديرين لم يحل مديونه على الضامن (1) حتّى تكون حوالة، و مع الإغماض عن ذلك غاية ما يكون أنّه يكون داخلًا في كلا العنوانين (2)، فيترتّب عليه ما يختصّ بكلّ منهما مضافاً إلى ما يكون مشتركاً.
العاشر: امتياز الدين و المضمون له و المضمون عنه عند الضامن على وجه يصحّ معه القصد إلى الضمان (3)، و يكفي التميّز الواقعيّ و إن لم يعلمه الضامن، فالمضرّ هو الإبهام و الترديد؛ فلا يصحّ ضمان أحد الدينين و لو لشخص واحد على شخص واحد على وجه الترديد مع فرض تحقّق الدينين، و لا ضمان دين أحد الشخصين و لو لواحد، و لا ضمان دين لأحد الشخصين و لو على واحد. و لو قال: ضمنت الدين الّذي على فلان و لم يعلم أنّه لزيد أو لعمرو، أو الدين الّذي لفلان و لم يعلم أنّه على زيد أو على عمرو، صحّ (4)، لأنّه متعيّن واقعاً، و كذا لو قال: ضمنت لك كلّ ما كان لك على الناس، أو قال: ضمنت عنك كلّ ما كان عليك لكلّ من كان من الناس. و من الغريب ما عن بعضهم من اعتبار العلم بالمضمون عنه و المضمون له بالوصف و النسب أو العلم باسمهما و نسبهما؛ مع أنّه لا دليل عليه أصلًا، و لم يعتبر ذلك في البيع الّذي هو أضيق دائرة من سائر العقود.
مسألة 1: لا يشترط في صحّة الضمان العلم بمقدار الدين و لا بجنسه (5)؛ و يمكن أن يستدلّ
______________________________
(1). مكارم الشيرازي: الصحيح أن يقال: لم يحل دائنه
(2). الگلپايگاني: مع التسليم و الاعتراف بتغاير العنوانين، و أنّ المنشأ في أحدهما إثبات مال في الذمّة و فراغ ذمّة اخرى و في الآخر نقل ما في ذمّة إلى ذمّة مشغولة بمثل ما فيها و أنّ اعتبار ذلك في أحدهما وظيفة الضامن و في الآخر وظيفة المديون، فكيف يمكن إنشاؤهما بإنشاء واحد حتّى يكون داخلًا في كلا العنوانين و مورداً لكلا الأثرين مع أنّ الأثر المختصّ بأحدهما مستلزم لما لا يجتمع مع المختصّ بالآخر، فيكون الجمع بينهما مستلزماً للجمع بين النقيضين. و ظاهر العلماء- رضوان اللّه عليهم- أنّ المديون إذا ضمن فلا بدّ أن يكون حوالة بمعنى بطلان ما إذا قصد الضمان و لا يبعد ذلك، و سيأتي في الحوالة ما يوضحه إن شاء اللّه تعالى
(3). مكارم الشيرازي: هذا غير كافٍ، بل لا بدّ أن يكون- مع ذلك- الضمان غير سفهيّ؛ فلو دار أمر الدين بين ألف نفر أو دار أمر المضمون له بين رجال مختلفين جدّاً، أشكل الأمر غالباً و لم يكن هذا الضمان معقولًا عند العقلاء، بل عدّ سفهيّاً غرريّاً
(4). الخوئي: هذا مع قبول المضمون له، و إلّا فلا يصحّ؛ و بذلك يظهر حال ما بعد هذا الفرع
(5). مكارم الشيرازي: الأحوط لو لا الأقوى، اغتفار الجهل بما هو المتعارف في هذا الباب؛ فأمّا ما خرج عن المتعارف بين العقلاء، فلا يجوز؛ كما إذا دار أمر الدين بين الألف و مائة ألف، إلّا أن يصرّح الضامن بأنّه يضمنه و لو كان مائة الف أو أكثر؛ و ذلك لعدم دلالة العمومات على أزيد منه، و لم يثبت حديث «الزعيم غارم» من طرقنا، و الضمان المنقول عن عليّ بن الحسين عليه السلام قضيّة في واقعة، لأنّه كان عالماً بمقدار الدين؛ هذا مضافاً إلى إمكان عدّه من المعاوضات من ناحية المضمون له أو الضامن أيضاً إذا كان إذنيّاً، و قد ثبت في محلّه نفي الغرر عن جميع المعاوضات، فتأمّل
العروة الوثقى مع التعليقات، ج2، ص: 700
عليه مضافاً إلى العمومات العامّة و قوله صلى الله عليه و آله: «الزعيم غارم»، بضمان عليّ بن الحسين عليه السلام (1) لدين عبد اللّه بن الحسن و ضمانه لدين محمّد بن اسامة. لكنّ الصحّة مخصوصة بما إذا كان له واقع معيّن، و أمّا إذا لم يكن كذلك كقولك: ضمنت شيئاً من دينك فلا يصحّ. و لعلّه مراد من قال: إنّ الصحّة إنّما هي فيما إذا كان يمكن العلم به بعد ذلك، فلا يرد عليه ما يقال من عدم الإشكال في الصحّة مع فرض تعيّنه واقعاً، و إن لم يمكن العلم به فيأخذ بالقدر المعلوم. هذا، و خالف بعضهم فاشترط العلم به لنفي الغرر و الضرر، و ردّ بعدم العموم في الأوّل، لاختصاصه بالبيع أو مطلق المعاوضات و بالإقدام في الثاني. و يمكن الفرق (2) بين الضمان التبرّعي و الإذني، فيعتبر في الثاني دون الأوّل، إذ ضمان عليّ بن الحسين عليه السلام كان تبرّعيّاً. و اختصاص نفي الغرر بالمعاوضات ممنوع، بل يجري في مثل المقام الشبيه بالمعاوضة إذا كان بالإذن مع قصد الرجوع على الإذن، و هذا التفصيل لا يخلو عن قرب (3).
مسألة 2: إذا تحقّق الضمان الجامع لشرائط الصحّة، انتقل الحقّ من ذمّة المضمون عنه إلى ذمّة الضامن (4) و تبرأ ذمّة المضمون عنه بالإجماع و النصوص، خلافاً للجمهور، حيث إنّ
______________________________
(1). الامام الخميني: لكن في الروايتين ضعفٌ سنداً بل و دلالةً، و لكن ما في المتن لا يخلو من قوّة مطلقاً، من غير فرق بين الضمان التبرّعي و غيره
(2). الخوئي: لكنّه بعيد
(3). الگلپايگاني: بل الأقرب عدم الفرق، لعدم الغرر، فإنّ باب الضمان غير باب المعاوضات
(4). مكارم الشيرازي: الأقوى أنّ الضمان عند العرف و العقلاء له معنيان: أحدهما قبول دين المديون؛ و الثاني ضمّ ذمّته إلى ذمّته؛ فأيّهما قصد، كان له أثر. و المسألة و إن كانت معركة للآراء و فيها أقوال أربعة أو خمسة، و لكنّ الإنصاف أنّ ماهيّة الضمان بحسب نيّة الضامن و المضمون له تختلف جدّاً؛ فمن ضمن عن ميّت لا مال له ديناً، فهو قاصد إلى النقل بلا إشكال، كما أنّ من ضمن مستديناً من البنوك، كان من نيّته ضمّ ذمّته إلى ذمّته على نحو الترتّب؛ و كلّ واحد منهما دائر بين العقلاء و إطلاقات أدلّة العقود يشملهما، و من البعيد جدّاً أن يقصد الضمّ و يكلّفهما الشارع بالنقل، و كذلك عكسه؛ و من البعيد أيضاً أن يكون ذهن الضامن خالياً من كلّ شيء، لأنّه إذا اختلفت حقيقة الضمان كيف ينوي إنشائه بدون القصد إلى أحدهما؛ و ليس هذا من أحكام الضمان، بل محتواه و ماهيّته، هذا بحسب مقام الثبوت؛ و أمّا بحسب مقام الإثبات فلا بدّ من ملاحظة القرائن، فإذا كان الضمان من ميّت لا مال له، و شبه ذلك، كان من القسم الأوّل؛ مثل ما ورد فيما رووه العامّة و الخاصّة من تأخّر النبيّ صلى الله عليه و آله عن الصلاة على ميّت حتّى ضمنه بعض الحاضرين، و كذا إذا كانت الصيغة بعنوان «علىّ دينه» فإنّ هذا ظاهر في النقل؛ و أمّا إذا كانت القرائن تشهد على الثاني كما هو كذلك في البنوك في عصرنا، يؤخذ بمقتضاه؛ و إذا شكّ بينها، فاللازم الرجوع إلى الاصول العمليّة؛ هذا، و كلماتهم في هذا الباب مشوّشة. و الاستدلال بالإجماع أو الاستناد إلى بعض الروايات كروايتي عبد اللّه بن سنان و حسن بن الجهم (الوسائل كتاب الضمان 1/ 2 و 1/ 4) بعد قيام القرائن على كونه من قبيل القسم الأوّل مشكل جدّاً، و اللّه العالم بحقايق الامور
العروة الوثقى مع التعليقات، ج2، ص: 701
الضمان عندهم ضمّ ذمّة إلى ذمّة. و ظاهر كلمات الأصحاب عدم صحّة ما ذكروه حتّى مع التصريح به على هذا النحو، و يمكن الحكم (1) بصحّته (2) حينئذٍ، للعمومات.
مسألة 3: إذا أبرأ المضمون له ذمّة الضامن، برئت ذمّته و ذمّة المضمون عنه. و إن أبرأ ذمّة المضمون عنه لم يؤثّر شيئاً، فلا تبرأ ذمّة الضامن، لعدم المحلّ للإبراء بعد براءته بالضمان، إلّا إذا استفيد منه الإبراء من الدين الّذي كان عليه بحيث يفهم منه عرفاً إبراء ذمّة الضامن؛ و أمّا في الضمان بمعنى ضمّ ذمّة إلى ذمّة، فإن أبرأ ذمّة المضمون عنه برئت ذمّة الضامن أيضاً (3)، و إن أبرأ ذمّة الضامن فلا تبرأ ذمّة المضمون عنه، كذا قالوا (4)؛ و يمكن أن يقال (5) ببراءة ذمّتهما
______________________________
(1). الخوئي: لكنّه ضعيف جدّاً
(2). الامام الخميني: محلّ إشكال
الگلپايگاني: بل مشكل
(3). مكارم الشيرازي: يختلف هذا على المباني؛ فإن كان الضمّ من قبيل الترتّب و الوثيقة، لا شكّ في براءة ذمّة الضامن بإبراء المضمون عنه، دون العكس؛ و إن كان من قبيل التخيير، كما في تعاقب الأيدي، فإبراء أحدهما لا يدلّ على إبراء الآخر، إلّا أن يستفاد من القرائن الخاصّة غير ذلك
(4). الامام الخميني: و هو الوجه على هذا المبنى
(5). الگلپايگاني: حيث لم يعلم المقصود من ضمّ الذمّة إلى الذمّة و أنّ ذمّة الضامن هل هي وثيقة لذمّة المديون كما صرّح بعض القائلين به بعدم جواز المطالبة من الضامن إلّا بعد عدم إمكان الأداء من المديون، أو أنّ ضمانها كضمان اليد مع تعدّد الأيادي كما عن بعضهم جواز الرجوع إلى كلّ منهما على التخيير؛ فلا داعي لنا لتفريع الفروع سيّما مع عدم ملائمته لبعض ما فرّعوا عليه
العروة الوثقى مع التعليقات، ج2، ص: 702
على التقديرين.
مسألة 4: الضمان لازم من طرف الضامن و المضمون له، فلا يجوز للضامن فسخه حتّى لو كان بإذن المضمون عنه و تبيّن إعساره (1)، و كذا لا يجوز للمضمون له فسخه و الرجوع على المضمون عنه، لكن بشرط ملاءة الضامن حين الضمان أو علم المضمون له بإعساره، بخلاف ما لو كان معسراً حين الضمان و كان جاهلًا بإعساره، ففي هذه الصورة يجوز (2) له الفسخ على المشهور (3)، بل الظاهر عدم الخلاف فيه، و يستفاد من بعض الأخبار أيضاً. و المدار، كما أشرنا إليه، في الإعسار و اليسار على حال الضمان، فلو كان موسراً ثمّ اعسر لا يجوز له الفسخ، كما أنّه لو كان معسراً ثمّ أيسر يبقى الخيار، و الظاهر عدم الفرق في ثبوت الخيار مع الجهل بالإعسار بين كون المضمون عنه أيضاً معسراً أو لا. و هل يلحق بالإعسار تبيّن كونه مماطلًا مع يساره في ثبوت الخيار أو لا؟ وجهان (4).
مسألة 5: يجوز اشتراط الخيار (5) في الضمان للضامن و المضمون له (6)، لعموم أدلّة
______________________________
(1). مكارم الشيرازي: إذا كان ظاهر حال المضمون عنه عدم الإعسار، لا يبعد جواز فسخ الضمان من ناحية الضامن دفعاً للضرر؛ و هو أشبه شيء بخيار الغبن. و الظاهر أنّه لا فرق بين هذه المسألة و المسألة الآتية
(2). الخوئي: و لكن للمناقشة فيه مجال واسع، و ليس في المسألة رواية تدلّ على الخيار و جواز الفسخ
(3). مكارم الشيرازي: و هو الأقوى، لما عرفت في سابقه
(4). الامام الخميني، الخوئي: أوجههما العدم
الگلپايگاني: أقواهما العدم
مكارم الشيرازي: الأقوى عدم الخيار، لعدم ما يدلّ عليه بعد حرمة القياس
(5). الخوئي: فيه إشكال، بل منع؛ و كذا في ثبوت الخيار عند تخلّف الشرط. و الوجه فيه أنّ انفساخ عقدٍ ما إذا لم يمكن في نفسه و لو بالتقايل، فأدلّة الشروط لا تفي بصحّة جعل الخيار فيه؛ و بذلك يظهر الحال في المسألة الآتية
(6). مكارم الشيرازي: كلاهما لا يخلو عن إشكال؛ و ذلك لأنّ اللزوم يحتمل كونه من أحكام الضمان، لا من حقوق الطرفين حتّى يقبل التقايل؛ و بعبارة اخرى: حيث لم يثبت كون اللزوم من حقوق الطرفين، لا يجوز لهما اشتراط الخيار، كما لا يجوز لهما التقايل و لا يجوز الرجوع إلى عموم أدلّة الخيار بعد الشكّ في قابليّة المحلّ؛ هذا مضافاً إلى أنّه لو كان الضمان من قسم ضمّ الذمّة إلى الذمّة، أشكل الأمر في اشتراط الخيار من ناحية الضامن، لأنّه ينافي كونه وثيقة و إن هو إلّا كالرهن الّذي صرّح بعضهم بعدم جريان الخيار فيه من ناحية الراهن؛ مضافاً إلى أنّ اشتراط الخيار في الضمان، غير متعارف عند العقلاء
العروة الوثقى مع التعليقات، ج2، ص: 703
الشروط، و الظاهر جواز اشتراط شيء لكلّ منهما (1)، كما إذا قال الضامن: أنا ضامن بشرط أن تخيط (2) لي ثوباً، أو قال المضمون له: أقبل الضمان بشرط أن تعمل لي كذا، و مع التخلّف يثبت للشارط خيار تخلّف الشرط.
مسألة 6: إذا تبيّن كون الضامن مملوكاً و ضمن من غير إذن مولاه أو بإذنه و قلنا: إنّه يتبع بما ضمن بعد العتق، لا يبعد (3) ثبوت الخيار للمضمون له.
مسألة 7: يجوز ضمان الدين الحالّ حالًّا و مؤجّلًا (4)، و كذا ضمان المؤجّل حالًّا و مؤجّلًا بمثل ذلك الأجل أو أزيد أو أنقص؛ و القول بعدم صحّة الضمان إلّا مؤجّلًا و أنّه يعتبر فيه الأجل كالسلم ضعيف، كالقول بعدم صحّة ضمان الدين المؤجّل حالًّا أو بأنقص. و دعوى أنّه من ضمان ما لم يجب، كما ترى.
مسألة 8: إذا ضمن الدين الحالّ مؤجّلًا بإذن المضمون عنه، فالأجل للضمان لا للدين (5)،
______________________________
(1). مكارم الشيرازي: أمّا بالنسبة إلى الضامن، فلا إشكال فيه؛ و أمّا بالنسبة إلى المضمون له، فهو مشكل جدّاً، لشبهة الربا، بناءً على جريانها في جميع المعاوضات، كما هو المشهور بينهم
(2). الگلپايگاني: بنحو الالتزام في الالتزام لا بنحو التعليق في الضمان. و جواز الفسخ لتخلّف الشرط كأصل الشرط و إن كان على القاعدة؛ لكن حيث يستلزم اشتغال ذمّة المضمون عنه بعد الخلوّ و ذلك بدون رضاه خلاف القاعدة، فالقول بأنّ الفسخ مع التخلّف موقوف على رضا المضمون عنه لا يخلو عن سداد
(3). الگلپايگاني: و ذلك لكون العبد حينئذٍ مصداقاً للمفلس و المعسر، و المفروض جهل الضامن به
(4). مكارم الشيرازي: كلّ ذلك لشمول عمومات الضمان له. و غاية ما استدلّ به على عدم الجواز في بعض فروع المسألة امور ثلاثة: كونه من قبيل ضمان ما لم يجب، و عدم جواز زيادة الفرع على الأصل، و لزوم المماثلة، فإنّه نقل للدين مع جميع صفاته؛ و لكن جميع ذلك كما ترى، فإنّ ضمان ما لم يجب إنّما هو فيما لم يكن هناك دين، كنفقة الأيّام المستقبلة للزوجة؛ و الضمان ليس فرعاً من جميع الجهات، كما أنّ المماثلة إنّما تعتبر في مقدار الدين على إشكال؛ نعم، إذا كان الضمان من قبيل ضمّ الذمّة، أمكن الاستدلال بلزوم المماثلة و عدم زيادة الفرع على الأصل، و لكن كلام القوم في الضمان بمعنى نقل الذمّة إلى الذمّة، كما لا يخفى
(5). مكارم الشيرازي: و لكن إذا كان الإذن مقيّداً بالضمان المؤجّل، كما هو ظاهر العبارة أو محتملها، فلا يجوز للضامن الرجوع إلى المضمون عنه قبل الأجل، لعدم إذنه في ذلك، كما هو المفروض؛ نعم، لو كان الإذن مطلقاً، لكنّه ضمنه مؤجّلًا، يصحّ ما ذكره في المتن
العروة الوثقى مع التعليقات، ج2، ص: 704
فلو أسقط الضامن أجله و أدّى الدين قبل الأجل يجوز له الرجوع على المضمون عنه، لأنّ الّذي عليه كان حالًّا و لم يصر مؤجّلًا بتأجيل الضمان. و كذا إذا مات قبل انقضاء أجله و حلّ ما عليه و اخذ من تركته، يجوز لوارثه الرجوع على المضمون عنه. و احتمال صيرورة أصل الدين مؤجّلًا حتّى بالنسبة إلى المضمون عنه ضعيف.
مسألة 9: إذا كان الدين مؤجّلًا فضمنه الضامن كذلك (1)، فمات و حلّ ما عليه و اخذ من تركته، ليس لوارثه الرجوع على المضمون عنه إلّا بعد حلول أجل أصل الدين، لأنّ الحلول على الضامن بموته لا يستلزم الحلول على المضمون عنه. و كذا لو أسقط أجله و أدّى الدين قبل الأجل، لا يجوز له الرجوع على المضمون عنه إلّا بعد انقضاء الأجل.
مسألة 10: إذا ضمن الدين المؤجّل حالًّا بإذن المضمون عنه (2)، فإن فهم من إذنه رضاه بالرجوع عليه يجوز للضامن ذلك، و إلّا فلا يجوز (3) إلّا بعد انقضاء الأجل، و الإذن في الضمان أعمّ من كونه حالًّا.
مسألة 11: إذا ضمن الدين المؤجّل بأقلّ من أجله و أدّاه، ليس له (4) الرجوع على المضمون عنه إلّا بعد انقضاء أجله (5). و إذا ضمنه بأزيد من أجله فأسقط الزائد و أدّاه، جاز له الرجوع عليه، على ما مرّ من أنّ أجل الضمان لا يوجب صيرورة أصل الدين مؤجّلًا، و كذا
______________________________
(1). مكارم الشيرازي: المراد به ما كان بإذن المضمون عنه، و إلّا لا يترتّب عليه هذه الآثار
(2). الامام الخميني: إذا صرّح بضمانه حالًّا فالأقرب الرجوع عليه مع أدائه
مكارم الشيرازي: و دليله ظاهر، فإنّ جواز الرجوع إلى المضمون عنه عموماً أو خصوصاً تابع لمقدار ظهور كلامه في الإذن، و ليس هنا محلّ التمسّك بعمومات جواز رجوع الضامن إليه، لأنّه من قبيل التمسّك بالعامّ في الشبهات المصداقيّة؛ فالمدار دائماً ظهور إذن المضمون عنه
(3). الگلپايگاني: لا يبعد كفاية الإذن في الضمان حالًّا في جواز الرجوع، و لعلّه المراد بقوله: الإذن في الضمان أعمّ من كونه حالًّا
(4). الامام الخميني: إلّا إذا صرّح المضمون عنه بضمانه أقلّ من أجله، فإنّ الأقرب معه جواز الرجوع عليه مع الأداء
(5). مكارم الشيرازي: الأقوى فيه التفصيل بين ما إذا صرّح في مقام الإذن بأنّه راضٍ بضمانه قبل الأجل و يؤدّيه، أو كان كلامه ظاهراً في ذلك و بين ما كان الإذن مطلقاً و لم يكن له ظهور، ففي الأوّل يرجع إلى المضمون عنه، دون الثاني؛ و هذا الكلام يجري في الفرع الآتي، بل و غيره
العروة الوثقى مع التعليقات، ج2، ص: 705
إذا مات بعد انقضاء أجل الدين قبل انقضاء الزائد فأخذ من تركته، فإنّه يرجع على المضمون عنه.
مسألة 12: إذا ضمن بغير إذن المضمون عنه، برئت ذمّته و لم يكن له الرجوع عليه و إن كان أداؤه بإذنه أو أمره، إلّا أن يأذن له في الأداء عنه تبرّعاً منه في وفاء دينه، كأن يقول: أدّ ما ضمنت عنّي و ارجع به علىّ، على إشكال (1) في هذه الصورة أيضاً؛ من حيث إنّ مرجعه حينئذٍ إلى الوعد الّذي لا يلزم الوفاء به. و إذا ضمن بإذنه فله الرجوع عليه بعد الأداء و إن لم يكن بإذنه، لأنّه بمجرّد الإذن في الضمان اشتغلت ذمّته من غير توقّف على شيء؛ نعم، لو أذن له في الضمان تبرّعاً فضمن، ليس له الرجوع عليه، لأنّ الإذن على هذا الوجه كلا إذن.
مسألة 13: ليس للضامن الرجوع على المضمون عنه في صورة الإذن، إلّا بعد أداء مال الضمان على المشهور، بل الظاهر عدم الخلاف (2) فيه؛ و إنّما يرجع عليه بمقدار ما أدّى، فليس له المطالبة قبله (3)، إمّا لأنّ ذمّة الضامن و إن اشتغلت حين الضمان بمجرّده إلّا أنّ ذمّة المضمون عنه لا تشتغل إلّا بعد الأداء و بمقداره، و إمّا لأنّها تشتغل حين الضمان لكن بشرط الأداء، فالأداء على هذا كاشف عن الاشتغال من حينه، و إمّا لأنّها و إن اشتغلت بمجرّد الضمان إلّا أنّ جواز المطالبة مشروط بالأداء، و ظاهرهم هو الوجه الأوّل (4)، و على أىّ حال
______________________________
(1). الخوئي: الظاهر أنّه لا إشكال فيه و ليس مرجعه إلى الوعد
مكارم الشيرازي: الظاهر أنّه لا إشكال في كونه وعداً ابتدائيّاً و لا يدخل في مسألة أمر الآمر الموجب للضمان، فإنّ المفروض انتقال الدين بضمان الضامن، فالضامن إنّما يؤدّي دين نفسه و الإذن لا أثر له؛ و عبارة المتن أيضاً لا يخلو عن تشويش
(2). الگلپايگاني: إلّا عن الشيخ قدس سره حيث حكم في المبسوط بأنّه إذا ضمن بإذنه كان له مطالبة المضمون عنه بتخليصه عن الدين و إن لم يطالبه المضمون له، و اختاره العلّامة قدس سره في التحرير؛ اللّهم إلّا أن يكون المقصود أن ليس له الرجوع بأخذ الدين بحيث يملكه قبل الأداء، فهو صحيح و الظاهر عدم الخلاف فيه
(3). مكارم الشيرازي: الظاهر أنّ هذا الحكم موافق للقاعدة و ذهاب المشهور إليه من هذه الناحية، كما أنّ رواية عمر بن يزيد و كذا رواية ابن بكير أيضاً ناظرتان إليه؛ و حاصله: إنّ اشتغال ذمّة الضامن بدين لا يكون دليلًا على اشتغال ذمّة المضمون عنه للضامن، فإنّ هذا الاشتغال إنّما هو بمقتضى إذنه و ظاهر الإذن أنّه يؤدّيه إذا أدّى الدين، لا غير؛ حتّى لو شككنا في ذلك، فالأصل براءة ذمّة المضمون عنه قبل أداء الضامن دينه
(4). الخوئي: و هو الّذي تقتضيه القاعدة
الگلپايگاني: و هو الأقوى، كما هو صريح بعضهم و ظاهر الباقي حتّى مثل الشيخ قدس سره في المبسوط و العلّامة قدس سره في التحرير؛ فإنّ الحكم بجواز مطالبة الضامن المضمون عنه بتخليصه عن الدين غير الحكم باشتغال ذمّة المضمون عنه
العروة الوثقى مع التعليقات، ج2، ص: 706
لا خلاف في أصل الحكم و إن كان مقتضى القاعدة (1) جواز المطالبة و اشتغال ذمّته (2) من حين الضمان في قبال اشتغال ذمّة الضامن؛ سواء أدّى أو لم يؤدّ. فالحكم المذكور على خلاف القاعدة ثبت بالإجماع و خصوص الخبر: «عن رجل ضمن ضماناً ثمّ صالح عليه قال: ليس له إلّا الّذي صالح عليه» بدعوى الاستفادة منه أن ليس للضامن إلّا ما خسر. و يتفرّع على ما ذكروه (3) أنّ المضمون له لو أبرأ ذمّة الضامن عن تمام الدين ليس له الرجوع على المضمون عنه أصلًا، و إن أبرأه من البعض ليس له الرجوع بمقداره، و كذا لو صالح معه بالأقلّ كما هو مورد الخبر، و كذا لو ضمن عن الضامن ضامن تبرّعاً فأدّى، فإنّه حيث لم يخسر بشيء لم يرجع على المضمون عنه و إن كان بإذنه، و كذا لو وفّاه عنه غيره تبرّعاً.
مسألة 14: لو حسب المضمون له على الضامن ما عليه، خمساً أو زكاة أو صدقة، فالظاهر أنّ له الرجوع على المضمون عنه و لا يكون ذلك في حكم الإبراء، و كذا لو أخذه منه ثمّ ردّه عليه هبةً؛ و أمّا لو وهبه ما في ذمّته، فهل هو كالإبراء أو لا؟ وجهان (4). و لو مات
______________________________
(1). الامام الخميني: كون مقتضى القاعدة ما ذكره ممنوع، بل الظاهر أنّ مجرّد إذنه بالضمان و ضمانه و اشتغال ذمّته لا يوجب اشتغال ذمّة المضمون عنه و لو للأصل و عدم الدليل عليه؛ نعم، بعد الأداء لا إشكال نصّاً و فتوى في جواز الرجوع و اشتغال ذمّته، و يمكن استفادة ما ذكر من الرواية المشار إليها أيضاً
(2). الگلپايگاني: بل الأوفق بالقواعد هو الأوّل، لأنّ إنشاء الضمان إنشاء لاشتغال ذمّة الضامن بما في ذمّة المضمون عنه للمضمون له و يعبّر عنه بانتقال ما في ذمّة المضمون عنه إلى ذمّة الضامن و ليس فيه من اشتغال ذمّة المضمون عنه عين و لا أثر، و لكن حيث إنّ أداء الضامن دينه من مال نفسه بإذنه يكون بمنزلة أداء المضمون عنه و إتلافه ذلك المال و استيفائه فيشتغل ذمّته به له؛ و أمّا اشتغال ذمّته بمجرّد اشتغال ذمّة الضامن فلا دليل له ما لم ينجرّ إلى إتلاف المال
(3). مكارم الشيرازي: هذه الفروع على المختار من أنّ المسألة مبنيّة على القاعدة واضحة؛ و لكن بناءً على ما ذكره الماتن قدس سره من كونها مخالفة للقاعدة و أنّها ثابتة بالنصّ، لا يخلو بعضها عن خفاء
(4). الامام الخميني: أقواهما الأوّل
الخوئي: لا يبعد أن يكون ثانيهما أقرب
مكارم الشيرازي: لو كان هبة ما في الذمّة بحسب الماهيّة غير الإبراء، كان الوجه الثاني وجيهاً؛ و لكنّ الكلام في اختلافهما موضوعاً و ماهيّةً؛ بخلاف الإرث الّذي يأتي حكمه في ذيل المسألة؛ فما في بعض حواشي الأعلام من قياس الإرث على الهبة، غير صحيح قطعاً
العروة الوثقى مع التعليقات، ج2، ص: 707
المضمون له، فورثه الضامن، لم يسقط (1) جواز الرجوع به على المضمون عنه.
مسألة 15: لو باعه أو صالحه المضمون له بما يسوّي أقلّ من الدين، أو وفّاه الضامن بما يسوّي أقلّ منه، فقد صرّح بعضهم بأنّه لا يرجع على المضمون عنه إلّا بمقدار ما يسوّي، و هو مشكل (2) بعد كون الحكم على خلاف القاعدة (3) و كون القدر المسلّم غير هذه الصور و ظاهر خبر: «الصلح الرضا من الدين بأقلّ منه»، لا ما إذا صالحه بما يسوّي أقلّ منه؛ و أمّا لو باعه أو صالحه أو وفّاه الضامن بما يسوّي أزيد، فلا إشكال في عدم جواز الرجوع بالزيادة.
مسألة 16: إذا دفع المضمون عنه إلى الضامن مقدار ما ضمن قبل أدائه، فإن كان ذلك بعنوان الأمانة ليحتسب بعد الأداء عمّا له عليه، فلا إشكال و يكون في يده أمانة لا يضمن لو تلف إلّا بالتعدّي أو التفريط؛ و إن كان بعنوان وفاء ما عليه، فإن قلنا باشتغال ذمّته حين الضمان و إن لم يجب عليه دفعه إلّا بعد أداء الضامن، أو قلنا باشتغاله حينه بشرط الأداء بعد ذلك على وجه الكشف، فهو صحيح و يحتسب وفاءً، لكن بشرط حصول الأداء من الضامن على التقدير الثاني؛ و إن قلنا إنّه لا تشتغل ذمّته إلّا بالأداء و حينه، كما هو ظاهر المشهور (4)، فيشكل صحّته وفاءً، لأنّ المفروض عدم اشتغال ذمّته بعد، فيكون في يده كالمقبوض بالعقد الفاسد، و بعد الأداء ليس له الاحتساب إلّا بإذن جديد أو العلم ببقاء
______________________________
(1). الگلپايگاني: الفرق بين سقوط الدين بالهبة و سقوطه بالإرث غير واضح، حيث حكم في الأوّل بأنّ في كونه كالإبراء أو لا، وجهان، و حكم في الثاني بعدم السقوط جزماً
(2). الگلپايگاني: بل لا إشكال فيه و لا ظهور للخبر في خصوص الرضا من الدين بأقلّ منه؛ و قد مرّ أنّ الحكم على القاعدة
مكارم الشيرازي: لا إشكال فيه بعد ما عرفت من كون الحكم موافقاً للقاعدة؛ و شمول الروايتين له أيضاً غير بعيد
(3). الامام الخميني: مرّ منع كونه على خلاف القاعدة، لكنّ المسألة مع ذلك محلّ إشكال بجميع صورها
الخوئي: الظاهر أنّه لا إشكال فيه و الحكم على طبق القاعدة، و خبر الصلح مطلق
(4). الامام الخميني: و هو الأشبه، كما مرّ
الگلپايگاني: و قد مرّ أنّه الأقوى
مكارم الشيرازي: و هو المختار، كما عرفت في المسائل السابقة
العروة الوثقى مع التعليقات، ج2، ص: 708
الرضا به (1).
مسألة 17: لو قال الضامن للمضمون عنه: ادفع عنّي إلى المضمون له ما علىّ من مال الضمان، فدفع، برئت ذمّتهما معاً؛ أمّا الضامن فلأنّه قد أدّى دينه، و أمّا المضمون عنه فلأنّ المفروض أنّ الضامن لم يخسر، كذا قد يقال؛ و الأوجه (2) أن يقال: إنّ الضامن حيث أمر المضمون عنه بأداء دينه فقد اشتغلت ذمّته بالأداء، و المفروض أنّ ذمّة المضمون عنه أيضاً مشغولة له، حيث إنّه أذن له في الضمان، فالأداء المفروض موجب لاشتغال ذمّة الضامن من حيث كونه بأمره و لاشتغال ذمّة المضمون عنه، حيث إنّ الضمان بإذنه و قد وفى الضامن فيتهاتران أو يتقاصّان (3)؛ و إشكال صاحب الجواهر في اشتغال ذمّة الضامن بالقول المزبور في غير محلّه.
مسألة 18: إذا دفع المضمون عنه إلى المضمون له من غير إذن الضامن برئا معاً، كما لو دفعه أجنبيّ عنه.
مسألة 19: إذا ضمن تبرّعاً فضمن عنه ضامن بإذنه و أدّى، ليس له الرجوع على المضمون عنه، بل على الضامن، بل و كذا لو ضمن بالإذن فضمن عنه ضامن بإذنه، فإنّه بالأداء يرجع على الضامن و يرجع هو على المضمون عنه الأوّل.
______________________________
(1). مكارم الشيرازي: قد يقال، كما في المستمسك، بأنّه يكفي الشكّ في بقاء الرضا، فيستصحب؛ و لكن يمكن الإيراد عليه بأنّه من قبيل الأصل المثبت و أنّ عنوان الوفاء قد حصل من ضمّ الاستصحاب إلى الوجدان بتحقّق الدين بأداء الضامن؛ و من المعلوم أنّ عنوان البقاء بسيط و من اللوازم العقليّة لهما، فتأمّل
(2). الگلپايگاني: بل الأوجه التفصيل بين القول باشتغال ذمّة المضمون عنه حين الضمان فيشتغل ذمّة الضامن للمضمون عنه بالأداء بإذنه فيتهاتران و بين القول بعدم الاشتغال إلّا بعد أداء الضامن، فإن أدّى المضمون عنه مجّاناً فلا تشتغل ذمّته لعدم خسران الضامن و إن أدّى بإذنه بقصد أخذ العوض منه، فإن أعطاه الضامن عوض ما أدّى عنه بإذنه اشتغل ذمّته له بالدين لأنّه خسر بإعطائه و إلّا فلا، كما مرّ في أداء الضامن
(3). الامام الخميني: لا معنى للتقاصّ هاهنا، و أمّا التهاتر فوجيه
الخوئي: لا موقع للمقاصّة في المقام، و براءة الذمّتين إنّما هي من جهة التهاتر
مكارم الشيرازي: ليس هنا موضع التقاصّ، إلّا أن يقال إنّ المراد منه التقاصّ القهريّ، و لكنّه يرجع بالمآل إلى التهاتر
العروة الوثقى مع التعليقات، ج2، ص: 709
مسألة 20: يجوز أن يضمن الدين بأقلّ منه برضا المضمون له، و كذا يجوز أن يضمنه بأكثر منه (1)، و في الصورة الاولى لا يرجع على المضمون عنه مع إذنه في الضمان إلّا بذلك الأقلّ، كما أنّ في الثانية لا يرجع عليه إلّا بمقدار الدين، إلّا إذا أذن المضمون عنه في الضمان بالزيادة.
مسألة 21: يجوز الضمان بغير جنس (2) الدين (3)، كما يجوز الوفاء بغير الجنس، و ليس له أن يرجع على المضمون عنه إلّا بالجنس الّذي عليه إلّا برضاه.
مسألة 22: يجوز الضمان بشرط الرهانة (4) فيرهن بعد الضمان، بل الظاهر جواز اشتراط كون الملك الفلانيّ رهناً بنحو شرط النتيجة (5) في ضمن عقد الضمان.
مسألة 23: إذا كان على الدين الّذي على المضمون عنه رهن، فهل ينفكّ بالضمان أو
______________________________
(1). الامام الخميني: فيه إشكال
الگلپايگاني: مشكل، إلّا بمعنى الالتزام بإعطاء شيء زائد عليه مجّاناً
الخوئي: فيه إشكال، بل منع
مكارم الشيرازي: الضمان بالأكثر مشكل جدّاً، لمنافاته لحقيقة الضمان؛ سواء كان بمعنى نقل الذمّة أو ضمّ ذمّة إلى ذمّة؛ و لما فيه من شبهة الربا، بناءً على جريانه في مطلق المعاوضات؛ و أمّا الضمان بأقلّ من الدين فحيث إنّه لا معنى له إلّا إبراء بعض الدين، فهو صحيح على كلّ حال
(2). الگلپايگاني: بمعنى اشتراط الأداء من غير الجنس، و إلّا فمشكل
(3). الخوئي: فيه إشكال، بل منع
مكارم الشيرازي: و لكنّه في الحقيقة يرجع إلى معاوضة في ضمن عقد الضمان، و هو معاوضة جنس الدين بجنس آخر؛ و هكذا مسألة وفاء الدين بغير جنسه؛ و أمّا تصحيحه من باب الاشتراط فهو مشكل، لأنّه شرط مخالف لمقتضى العقد؛ هذا، و لو كان في التبديل بغير الجنس محاباة، فالظاهر عدم جواز رجوع الضامن على المضمون عنه إلّا بهذا المقدار
(4). الخوئي: هذا إنّما يتمّ فيما إذا كان الشرط بنحو شرط النتيجة؛ و أمّا إذا كان الشرط بنحو شرط الفعل فلا يصحّ، لأنّ مرجعه إلى جعل الخيار فيه و قد تقدّم أنّ الخيار لا يدخل في عقد الضمان
(5). الگلپايگاني: لكن ذلك لا يوجب سقوط اشتراط صحّة الرهن بالقبض
مكارم الشيرازي: و الدليل على صحّته فيما لم يشترط في صيغة خاصّة (كالنكاح و الطلاق) هو عمومات أدلّة الشروط؛ و لا يعتبر في الشرط التمليك و لا إضافته إلى مالكه، كما قيل، بل المعتبر فيه أن يكون في الشرط نفع عائد إلى أحد الطرفين، لا غير
العروة الوثقى مع التعليقات، ج2، ص: 710
لا (1)؟ يظهر من المسالك و الجواهر انفكاكه (2)، لأنّه بمنزلة الوفاء، لكنّه لا يخلو عن إشكال (3)، هذا مع الإطلاق؛ و أمّا مع اشتراط البقاء أو عدمه فهو المتّبع.
مسألة 24: يجوز اشتراط الضمان في مال معيّن (4) على وجه التقييد (5) أو على نحو الشرائط في العقود، من كونه من باب الالتزام في الالتزام، و حينئذٍ يجب على الضامن الوفاء من ذلك المال بمعنى صرفه فيه؛ و على الأوّل إذا تلف ذلك المال يبطل الضمان و يرجع المضمون له على المضمون عنه، كما أنّه إذا نقص يبقى الناقص في عهدته (6)؛ و على الثاني لا يبطل، بل
_______________