و هي المعاملة (1) على الأرض بالزراعة بحصّة من حاصلها (2)، و تسمّى مخابرة أيضاً، و لعلّها من الخبرة بمعنى النصيب، كما يظهر من مجمع البحرين. و لا إشكال في مشروعيّتها، بل يمكن دعوى استحبابها، لما دلّ على استحباب الزراعة بدعوى كونها أعمّ من المباشرة (3) و
______________________________
(1). الگلپايگاني: و حقيقتها اعتبار إضافة بين الأرض و العامل مستتبعة لسلطنته عليها بالزراعة ببذره أو ببذر المالك أو غيره و إضافة اخرى بين المالك و العامل مستتبعة لسلطنته عليه بالعمل بإزاء حصّة من الحاصل أو السلطنة على الأرض، فعقدها بمنزلة إجارة الأرض و العامل و مال الإجارة للأرض حصّة من الزراعة إن كان البذر من العامل مع التزامه بالعمل و مجرّد العمل إن كان البذر من المالك و في إجارة العامل حصّة من الحاصل إن كان البذر للمالك و منافع الأرض إن كان للعامل
(2). مكارم الشيرازي: و الأولى أن يقال: هي معاملة بين المالك و الزارع تشبه الإجارة من بعض الجهات و تفارقها من بعض الجهات؛ فإن كان البذر من الزارع، فهي تشبه إجارة الأرض مالكها، لكنّه يفارقه من جهتين: من حيث إنّ مال الإجارة هنا حصّة من منافع الأرض، و من حيث إنّ الزارع مكلّف بخصوص الزراعة. و إن كان البذر و غيره من المالك، فهي تشبه كون الزارع أجيراً له، و لكن بحصّة معيّنة من حاصل الأرض مع كون المالك مكلّفاً بجعل الأرض تحت يديه للزراعة. و الفرق الثاني في الحقيقة متفرّع على الفرق الأوّل، كما لا يخفى على الخبير؛ و الحاصل أنّ حقيقة المزارعة معاملة على منافع الأرض أو على منافع الشخص بحصّة من زراعتها
(3). الگلپايگاني: أو بدعوى كونها مقدّمة للمستحبّ
مكارم الشيرازي: لكن بعض هذه الأحاديث كالصريح في كون المراد منها المباشرة و إن كان بعضها أعمّ أو خاصّ بالمزارعة
العروة الوثقى مع التعليقات، ج2، ص: 630
التسبيب، ففي خبر الواسطيّ قال: سألت جعفر بن محمّد عليه السلام عن الفلّاحين قال: «هم الزارعون كنوز اللّه في أرضه، و ما في الأعمال شيء أحبّ إلى اللّه من الزراعة، و ما بعث اللّه نبيّاً إلّا زارعاً إلّا إدريس عليه السلام، فإنّه كان خيّاطاً» و في آخر عن أبي عبد اللّه عليه السلام: «الزارعون كنوز الأنام، يزرعون طيباً أخرجه اللّه و هم يوم القيامة أحسن الناس مقاماً و أقربهم منزلةً يدعون المباركين» و في خبر عنه عليه السلام قال: «سئل النبي صلى الله عليه و آله أىّ الأعمال خير؟ قال: زرع يزرعه صاحبه و أصلحه و أدّى حقّه يوم حصاده؛ قال: فأىّ الأعمال بعد الزرع؟ قال: رجل في غنم له قد تبع بها مواضع القطر يقيم الصلاة و يؤتي الزكاة؛ قال: فأىّ المال بعد الغنم خير؟
قال: البقر يغدو بخير و يروح بخير؛ قال: فأىّ المال بعد البقر خير؟ قال: الراسيات في الوحل، المطعمات في المحلّ، نعم المال النخل، من باعها فإنّما ثمنه بمنزلة رماد على رأس شاهق اشتدّت به الريح في يوم عاصف، إلّا أن يخلف مكانها. قيل: يا رسول اللّه صلى الله عليه و آله فأىّ المال بعد النخل خير؟ فسكت، فقام إليه رجل فقال له: فأين الإبل؟ قال: فيها الشقاء و الجفاء و العناء و بعد الدار تغدو مدبرة و تروح مدبرة، لا يأتي خيرها إلّا من جانبها الأشئم، أمّا إنّها لا تعدم الأشقياء الفجرة» و عنه عليه السلام: «الكيمياء الأكبر الزراعة» و عنه عليه السلام: «إنّ اللّه جعل أرزاق أنبيائه في الزرع و الضرع كيلا يكرهوا شيئاً من قطر السماء» و عنه عليه السلام: «أنّه سأله رجل فقال له: جعلت فداك أسمع قوماً يقولون: إنّ المزارعة مكروهة، فقال: ازرعوا فلا و اللّه ما عمل الناس عملًا أحلّ و لا أطيب منه»، و يستفاد (1) من هذا الخبر ما ذكرنا (2) من أنّ الزراعة أعمّ من المباشرة (3) و التسبيب. و أمّا ما رواه الصدوق مرفوعاً عن النبيّ صلى الله عليه و آله «أنّه نهى عن المخابرة، قال: و هي المزارعة بالنصف أو الثلث أو الربع»، فلا بدّ من حمله على بعض المحامل، لعدم مقاومته لما ذكر (4)؛ و في مجمع البحرين: و ما روي من أنّه صلى الله عليه و آله نهى عن المخابرة، كان ذلك حين تنازعوا فنهاهم عنها.
______________________________
(1). الگلپايگاني: فيه تأمّل
(2). الخوئي: لا يستفاد ذلك، لأنّ المذكور في الخبر: «أسمع قوماً يقولون: إنّ الزراعة مكروهة»
(3). الامام الخميني: لكن في النسخ الّتي عندي من «الوسائل» و «مستدركه» و «مرآة العقول»: «أسمع قوماً يقولون: إنّ الزراعة مكروهة» فيخرج عن استفادة ما ذكره
(4). الخوئي: الرواية ضعيفة، و تقدّم أنّه ليس فيما ذكر دلالة على الاستحباب
العروة الوثقى مع التعليقات، ج2، ص: 631
و يشترط فيها امور:
أحدها: الإيجاب و القبول، و يكفي فيهما كلّ لفظ دالّ؛ سواء كان حقيقة أو مجازاً مع القرينة (1) كزارعتك أو سلّمت إليك الأرض على أن تزرع على كذا. و لا يعتبر فيهما العربيّة و لا الماضويّة، فيكفي الفارسيّ و غيره و الأمر كقوله: ازرع هذه الأرض على كذا أو المستقبل أو الجملة الاسميّة مع قصد الإنشاء (2) بها. و كذا لا يعتبر تقديم الإيجاب على القبول. و يصحّ الإيجاب من كلّ من المالك و الزارع، بل يكفي القبول الفعلي (3) بعد الإيجاب القوليّ على الأقوى، و تجري فيها المعاطاة و إن كانت لا تلزم (4) إلّا بالشروع في العمل (5).
الثاني: البلوغ و العقل و الاختيار، و عدم الحجر لسفه أو فلس، و مالكيّة التصرّف في كلّ من المالك و الزارع؛ نعم، لا يقدح حينئذٍ فلس الزارع إذا لم يكن منه مال، لأنّه ليس تصرّفاً ماليّاً (6).
الثالث: أن يكون النماء مشتركاً بينهما؛ فلو جعل الكلّ لأحدهما لم يصحّ مزارعة.
الرابع: أن يكون مشاعاً بينهما؛ فلو شرطا اختصاص أحدهما بنوع كالّذي حصل أوّلًا و الآخر بنوع آخر أو شرطا أن يكون ما حصل من هذه القطعة من الأرض لأحدهما و ما حصل من القطعة الاخرى للآخر، لم يصحّ.
الخامس: تعيين الحصّة بمثل النصف أو الثلث أو الربع أو نحو ذلك؛ فلو قال: ازرع هذه الأرض على أن يكون لك أو لي شيء من حاصلها، بطل.
______________________________
(1). الگلپايگاني: بشرط أن يكون ظاهراً
(2). مكارم الشيرازي: و العمدة في جميع ذلك كون اللفظ ظاهراً في الإنشاء و لو مع القرينة، لعدم دليل على أزيد منه؛ و من هذا الباب، القبول الفعليّ و المعاطاة أيضاً
(3). الگلپايگاني: الأحوط عدم الاكتفاء به
(4). الامام الخميني: حال المعاطاة حال العقد بالصيغة في اللزوم و الجواز ظاهراً، كما مرّ
الخوئي: فيه إشكال، و اللزوم غير بعيد
(5). مكارم الشيرازي: بل الأقوى لزومها إذا أخذ الأرض و البذر و شبهه من المالك بقصد إنشاء الإيجاب و القبول
(6). الگلپايگاني: هذا إذا لم يكن البذر من العامل و لم يكن الزرع محتاجاً إلى صرف المال، و لكنّ الأحوط مع ذلك الاستيذان من الغرماء
العروة الوثقى مع التعليقات، ج2، ص: 632
السادس: تعيين المدّة بالأشهر و السنين؛ فلو أطلق بطل؛ نعم، لو عيّن المزروع (1) أو مبدأ الشروع (2) في الزرع لا يبعد صحّته إذا لم يستلزم غرراً (3)، بل مع عدم تعيين ابتداء الشروع (4) أيضاً إذا كانت الأرض ممّا لا يزرع في السنة إلّا مرّة (5) لكن مع تعيين السنة، لعدم الغرر فيه. و لا دليل على اعتبار التعيين تعبّداً، و القدر المسلّم من الإجماع على تعيينها غير هذه الصورة.
و في صورة تعيين المدّة لا بدّ و أن تكون بمقدار يبلغ فيه الزرع، فلا تكفي المدّة القليلة الّتي تقصر عن إدراك النماء.
السابع: أن تكون الأرض قابلة للزرع و لو بالعلاج؛ فلو كانت سبخة لا يمكن الانتفاع بها، أو كان يستولي عليها الماء قبل أوان إدراك الحاصل أو نحو ذلك، أو لم يكن هناك ماء للزراعة و لم يمكن تحصيله و لو بمثل حفر البئر أو نحو ذلك و لم يمكن الاكتفاء بالغيث، بطل.
الثامن: تعيين المزروع من الحنطة و الشعير و غيرهما، مع اختلاف الأغراض فيه؛ فمع عدمه يبطل، إلّا أن يكون هناك انصراف يوجب التعيين أو كان مرادهما التعميم (6)، و حينئذٍ فيتخيّر الزارع بين أنواعه.
التاسع: تعيين الأرض و مقدارها؛ فلو لم يعيّنها بأنّها هذه القطعة أو تلك القطعة أو من هذه المزرعة أو تلك، أو لم يعيّن مقدارها، بطل مع اختلافها، بحيث يلزم الغرر (7)؛ نعم، مع عدم لزومه لا يبعد الصحّة، كأن يقول: «مقدار جريب من هذه القطعة» من الأرض الّتي لا
______________________________
(1). الگلپايگاني: مع تعيّن مبدئه و منتهاه بحسب العادة
(2). الگلپايگاني: مع تعيّن منتهاه بحسب العادة
(3). مكارم الشيرازي: بأن كان له مدّة متعارفة و نهاية معلومة بحسب العادة؛ هذا، و الأولى عدم تعيين المدّة بالأشهر، لعدم إمكان ضبطها غالباً، لاختلاف المزروع باختلاف كيفيّة الهواء من البرودة و الحرارة و كثرة المياه و قلّتها، إلّا أن يعيّن أشهراً يبلغ فيه المزروع على كلّ حال؛ و بالجملة: المهمّ في الزراعة هو التعيين لنوع المزروع و السنين، لا الأشهر و الأيّام
(4). الامام الخميني: فيه إشكال
(5). الگلپايگاني: في وقت معيّن
(6). مكارم الشيرازي: إذا لم يكن في التعميم غرر
(7). مكارم الشيرازي: حقّ العبارة تأخير قوله: أو لم يعيّن مقدارها من قوله: بحيث يلزم الغرر؛ و ذلك لأنّ عدم التعيين مساوق للغرر دائماً
العروة الوثقى مع التعليقات، ج2، ص: 633
اختلاف بين أجزائها، أو «أىّ مقدار (1) شئت منها (2)». و لا يعتبر كونها شخصيّة، فلو عيّن كلّيّاً موصوفاً على وجه يرتفع الغرر، فالظاهر صحّته، و حينئذٍ يتخيّر المالك في تعيينه.
العاشر: تعيين كون البذر على أىّ منهما، و كذا سائر المصارف و اللوازم إذا لم يكن هناك انصراف مغنٍ عنه و لو بسبب التعارف.
مسألة 1: لا يشترط في المزارعة كون الأرض ملكاً للمزارع، بل يكفي كونه مسلّطاً عليها بوجه من الوجوه، كأن يكون مالكاً لمنفعتها بالإجارة (3) أو الوصيّة أو الوقف عليه أو مسلّطاً عليها بالتولية كمتولّي الوقف العامّ أو الخاصّ و الوصيّ أو كان له حقّ اختصاص بها بمثل التحجير (4) و السبق (5) و نحو ذلك أو كان مالكاً للانتفاع بها كما إذا أخذها بعنوان المزارعة فزارع غيره أو شارك غيره (6)، بل يجوز أن يستعير الأرض (7)
______________________________
(1). الامام الخميني: ليس المراد هذا العنوان بإجماله، بل المراد أىّ مقدار معيّن شئت بنحو الكلّي في المعيّن من الأرض الكذائيّة
(2). الگلپايگاني: مشكل
مكارم الشيرازي: الظاهر بطلانه، لاستلزام الغرر، لأنّ شية الزارع غير معلومة، فقد يكون هكتاراً و قد يكون عشراً؛ نعم، لو عيّن المقدار، لم يكن به بأس من حيث كونه من قبيل الكليّ في المعيّن. و المسألة نظير ما إذا قال البائع للمشتري: بعتك من هذه الصبرة أىّ مقدار شئت، كلّ صاع بكذا، فإنّه باطل بلا إشكال
(3). الامام الخميني: مع عدم الاشتراط فيها بانتفاعه مباشرةً
الگلپايگاني: مع عدم قيد المباشرة بالزراعة في عقد الإجارة
(4). الامام الخميني: لا يكفي ظاهراً حقّ التحجير في صحّتها، و كذا السبق للإحياء؛ نعم، لا إشكال فيما إذا سبق فأحياها
الگلپايگاني: في كفاية التحجير و نحوه لصحّة المزارعة إشكال، بل منع، لأنّه موجب لأولويّته بالإحياء لا للتسلّط على نقل المنافع إلى الغير و لو بالمزارعة
(5). مكارم الشيرازي: المسألة مبنيّة على كون التحجير و السبق موجباً لأولويّته بالمنافع أو بالإحياء فقط دون المنافع؛ و حيث إنّ الظاهر صحّة الأوّل، فلا مانع من المزارعة، لعدم ثبوت دليل على لزوم ملكيّة الأرض أو المنافع فيها
(6). مكارم الشيرازي: إذا لم يشترط المباشرة بنفسه
(7). الگلپايگاني: جواز استعارة الأرض للمزارعة محلّ منع، لأنّ المستعير يملك الانتفاع من غير تسلّط على المعير و لا يملك التمليك عليه و لا إيجاد حقّ الزراعة للغير عليه، و لو فعل ذلك يكون فضوليّاً موقوفاً على إجازة المالك و لو زارع لنفسه يكون كالفضولي لنفسه
العروة الوثقى مع التعليقات، ج2، ص: 634
للمزارعة (1)؛ نعم، لو لم يكن له فيها حقّ أصلًا، لم يصحّ مزارعتها، فلا يجوز المزارعة في الأرض الموات مع عدم تحجير أو سبق أو نحو ذلك، فإنّ المزارع و العامل فيها سواء؛ نعم، يصحّ الشركة (2) في زراعتها مع اشتراك البذر أو بإجارة أحدهما نفسه للآخر في مقابل البذر أو نحو ذلك، لكنّه ليس حينئذٍ من المزارعة المصطلحة. و لعلّ هذا مراد الشهيد (3) في المسالك من عدم جواز المزارعة في الأراضي الخراجيّة (4) الّتي هي للمسلمين قاطبةً إلّا مع الاشتراك في البذر أو بعنوان آخر، فمراده هو فيما إذا لم يكن للمزارع جهة اختصاص بها، و إلّا فلا إشكال في جوازها بعد الإجارة من السلطان، كما يدلّ عليه جملة من الأخبار.
مسألة 2: إذا أذن لشخص (5) في زرع أرضه على أن يكون الحاصل بينهما بالنصف أو الثلث أو نحوهما، فالظاهر صحّته (6).
______________________________
(1). مكارم الشيرازي: قد يقال بأنّ جواز استعارة الأرض للمزارعة محلّ منع، لأنّ المستعير يملك الانتفاع من غير تسلّط على المعير، فلو فعل ذلك كان فضوليّاً موقوفاً على إجازة المالك؛ قلت: لا يعتبر في جواز المزارعة التسلّط على المعير، بل يكفي كونه مالكاً للانتفاع أو أولى بالانتفاع من غيره؛ فيجوز استعارته أرضاً من أخيه للزراعة، ثمّ المزارعة مع غيره، لعدم دليل على اعتبار أكثر من هذا؛ نعم، لا بدّ من أن تكون العارية بعنوان عام لا يشترط فيها المباشرة
(2). الگلپايگاني: الأولى أن يقال: يحكم بالشركة في الحاصل مع الشركة في البذر، لأنّ الشركة حينئذٍ ليست مستندة إلى العقد حتّى يحكم عليها بالصحّة
(3). الگلپايگاني: لكنّه خلاف الظاهر من كلامه، فراجع
(4). مكارم الشيرازي: و لكنّه توجيه بعيد لكلامه، لأنّه ظاهر أو صريح في اعتبار الملكيّة في صحّة المزارعة؛ و على كلّ حال، فهو مخالف لما ورد في أبواب الأراضي الخراجيّة و استمرّت به السيرة من جواز ذلك
(5). الخوئي: إذا كان مالك الأرض قاصداً بذلك إنشاء عقد المزارعة، صحّ و لزم بقبول الزارع و لو قبولًا فعليّاً؛ و أمّا إذا كان قاصداً مجرّد الإباحة، لم يصحّ بعنوان المزارعة؛ و بذلك يظهر الحال في الفروض الآتية
(6). الامام الخميني: إن لم يكن من المزارعة فصحّته محلّ تأمّل و إشكال، لكن كونه منها كما في المتن غير بعيد، و كذا لو أذن عامّاً؛ و ليس ذلك من الجعالة و لا نظيرها، و كذا الإذن في الخان و الحمّام غير شبيه بالجعالة، بل الظاهر أنّه إباحة بالعوض أو إذن بالإتلاف مضموناً و بعضها إجارة باطلة، و لهذا يشكل استحقاقه للزيادة عن اجرة المثل، و نظائر المسألة محلّ إشكال تحتاج إلى التأمّل
الگلپايگاني: بمعنى أنّ ذلك الإذن المقيّد مع تقبّل العامل موجب لنقل حصّة من الحاصل إلى الآخر و لعلّ ذاك من قبيل الإذن بالاستيفاء أو بالإتلاف بعوض معيّن المتداول بين الناس في كثير من الموارد كما في دخول الحمّام و أكل الطعام من الطبّاخ و شرب الچاي و البيتوتة في الخانات و المنازل المعدّة لذلك؛ و لا بُعد في الالتزام بتأثير الإذن المذكور مع تقبّل المتلف أو المستوفي في اشتغال ذمّته بالمسمّى بالإتلاف أو الاستيفاء، فيكون نظير الجعالة في أنّ الإذن في العمل مع تقبّل جعل مخصوص موجب لاشتغال ذمّة الآذن بما جعل على نفسه. و الظاهر أنّه المراد من العبارة و المقصود من تنظيره بالجعالة
العروة الوثقى مع التعليقات، ج2، ص: 635
و إن لم يكن من المزارعة المصطلحة (1)، بل لا يبعد كونه منها أيضاً (2)؛ و كذا لو أذن لكلّ من يتصدّى للزرع و إن لم يعيّن شخصاً؛ و كذا لو قال: كلّ من زرع أرضي هذه أو مقداراً من المزرعة الفلانيّة فلي نصف حاصله (3) أو ثلثه مثلًا، فأقدم واحد على ذلك فيكون نظير الجعالة، فهو كما لو قال: كلّ من بات في خاني أو داري فعليه في كلّ ليلة درهم، أو كلّ من دخل حمّامي (4) فعليه في كلّ مرّة ورقة، فإنّ الظاهر صحّته للعمومات (5)، إذ هو نوع من المعاملات العقلائيّة و لا نسلّم انحصارها في المعهودات، و لا حاجة إلى الدليل الخاصّ لمشروعيّتها، بل كلّ معاملة عقلائيّة صحيحة إلّا ما خرج بالدليل الخاصّ كما هو مقتضى العمومات.
______________________________
(1). مكارم الشيرازي: الحقّ فيه التفصيل؛ فإن قصد المالك بالإذن المزارعة، و العامل بعمله القبول، كان مزارعة شبيه المعاطاة، فإنّه يجوز فيه الإنشاء اللفظي من طرف و الإنشاء العملي من طرف آخر؛ و إن قصد مجرّد الإباحة، كان داخلًا في الإباحة المعوّضة؛ و نظيره كثير في العرف، كما في المطاعم و الحمّامات و الفنادق
(2). الگلپايگاني: بدعوى أنّ المزارعة المتداولة بين الناس قد تكون بإنشاء المزارعة بقول «زارعتك» و قد تكون بالإذن في الزراعة هكذا، فيشمله قوله عليه السلام: «لا بأس بالمزارعة بالثلث و الربع و الخمس» هذا إذا لم يكن الإذن المذكور ظاهراً في إنشاء المزارعة، و إلّا فيدخل فيما ذكره سابقاً من كون الإيجاب باللفظ و القبول بالفعل
(3). مكارم الشيرازي: الأولى أن يقال: فله نصف حاصله؛ حتّى لا يتوهّم أنّه عكس الجعالة أو يقال بأنّ مراده من هذه العبارة ما يستفاد منه بالدلالة الالتزاميّة؛ و على كلّ حال، فهو داخل في المزارعة إذا قصد بهذا القول أو الفعل إنشائها، و إلّا كان من الإباحة بالعوض. و من هنا يظهر أنّه ليس من المعاملات على الفرض الأخير؛ فإنّ الإباحة المشروطة بالضمان غير داخلة في أبواب العقود و المعاملات، كما لا يخفى على المتأمّل الخبير
(4). الگلپايگاني: و في الرواية إنّما اخذ العجل لدخول الحمّام لا للثوب، و قد مرّ في الإجارة
(5). الخوئي: العمومات لا تشمل الموارد الّتي يكون التمليك و التملّك فيها متعلّقاً بأمر معدوم حال العقد
العروة الوثقى مع التعليقات، ج2، ص: 636
مسألة 3: المزارعة من العقود اللازمة، لا تبطل إلّا بالتقايل أو الفسخ بخيار الشرط أو بخيار الاشتراط (1)، أي تخلّف بعض الشروط المشترطة على أحدهما؛ و تبطل أيضاً بخروج الأرض عن قابليّة (2) الانتفاع لفقد الماء أو استيلائه أو نحو ذلك؛ و لا تبطل بموت أحدهما، فيقوم وارث (3) الميّت منهما مقامه؛ نعم، تبطل بموت العامل مع اشتراط مباشرته للعمل (4)؛ سواء كان قبل خروج الثمرة (5) أو بعده. و أمّا المزارعة المعاطاتيّة (6)، فلا تلزم إلّا بعد التصرّف (7)؛ و أمّا الإذنيّة، فيجوز فيها الرجوع دائماً (8)، لكن إذا كان بعد الزرع و كان البذر من العامل يمكن دعوى لزوم إبقائه (9) إلى حصول الحاصل، لأنّ الإذن في الشيء إذن في لوازمه (10).
______________________________
(1). مكارم الشيرازي: أو بعض الخيارات الاخر الّتي دليلها عامّ يشمل ما نحن فيه، كخيار الغبن و شبهه
(2). الامام الخميني: مع عدم تيسّر العلاج
(3). الگلپايگاني: بمعنى أنّ الأرض تنتقل إلى ورثة مالكها متعلّقة لحقّ العامل و البذر إلى ورثة مالكه متعلّقاً لحقّ الآخر و العمل دين على العامل يستوفى من تركته
(4). مكارم الشيرازي: هذا إذا كانت المباشرة من قبيل المقوّم للعقد، أمّا إن كان على نحو الاشتراط، فلا يلزم إلّا خيار الشرط
(5). الگلپايگاني: فإن كان قبل خروج الزرع أو قبل بلوغه فيأتي حكمه في المسألة (6) و إن كان بعد بلوغه و كان البذر للعامل فالحصّة بينهما على ما جعلا و لمالك الأرض اجرة مثلها بمقدار الباقي من العمل إذا أراد الورثة إبقاء سهمهم من الزرع إلى أوان حصاده و رضي به المالك أيضاً، و إن كان البذر للمالك الأرض فينقص من حصّة العامل بمقدار ما نقص من العمل
(6). الامام الخميني: مرّ الكلام فيها
(7). الخوئي: مرّ آنفاً أنّ اللزوم غير بعيد
مكارم الشيرازي: بل الأصل في المعاطاة، اللزوم مطلقاً؛ سواء في البيع و غيره، كما ذكرنا في محلّه
(8). الامام الخميني: إذا لم نقل بحصول المزارعة الصحيحة بالإذن، و إلّا فصارت لازمة لا يجوز الرجوع فيها
مكارم الشيرازي: يأتي فيه التفصيل السابق في المسألة (2)
(9). الامام الخميني: مع فرض جواز الرجوع، ما ذكره غير وجيه كدليله
مكارم الشيرازي: لا وجه له، لأنّ الإذن لا يوجب تعهّداً للإذن؛ نعم، إذا وقع المأذون في خسارة من هذه الناحية، فاللازم عليه جبرانه
(10). الخوئي: و مقتضاه عدم جواز الرجوع، لعموم التعليل في رواية الرحى؛ و على تقدير جواز الرجوع، فإذا رجع غرم للعامل بدل البذر و اجرة المثل لعمله
الگلپايگاني: نعم، الإذن في الشيء و إن كان إذناً في لوازمه، لكن لا مانع من الرجوع عنه، فلو أذن بالزراعة و إبقاء الزرع، له الرجوع عنه قبل البلوغ و له الأمر بإزالته بلا أرش و له أخذ اجرة المثل لإبقائه إلى أن يبلغ
العروة الوثقى مع التعليقات، ج2، ص: 637
و فائدة الرجوع أخذ اجرة الأرض منه حينئذٍ، و يكون الحاصل كلّه للعامل.
مسألة 4: إذا استعار أرضاً (1) للمزارعة ثمّ أجرى عقدها، لزمت، لكن للمعير الرجوع في إعارته (2) فيستحقّ اجرة المثل لأرضه على المستعير (3)، كما إذا استعارها للإجارة (4) فآجرها بناءً على ما هو الأقوى (5) من جواز كون العوض لغير مالك المعوّض.
مسألة 5: إذا شرط أحدهما على الآخر شيئاً في ذمّته أو في الخارج، من ذهب أو فضّة أو غيرهما، مضافاً إلى حصّته من الحاصل، صحّ، و ليس قراره مشروطاً (6) بسلامة الحاصل، بل الأقوى (7) صحّة استثناء (8) مقدار معيّن من الحاصل لأحدهما (9) مع العلم ببقاء مقدار
______________________________
(1). الگلپايگاني: قد مرّ أنّ استعارة الأرض للمزارعة محلّ منع، كما مرّ وجهه؛ و كذلك استعارتها للإجارة، لاشتراكهما في جهة المنع
(2). الخوئي: لا يبعد عدم جواز رجوعه
الگلپايگاني: بل لا وجه للرجوع على فرض صحّة الاستعارة للإجارة و المزارعة و لزوم عقدهما، لأنّ الإذن لإيقاع العقد اللازم على ملكه بمنزلة الإذن في إتلاف ماله، سواء قلنا بتمليك المنافع في المزارعة و الإجارة أو بإيجاد إضافة موجبة للسلطنة عليها
مكارم الشيرازي: في جواز الرجوع تأمّل و إشكال؛ و كذا فيما أشبهه من إعارة اللوح للسفينة، ثمّ رجوع المالك في وسط البحر، و كذا اللباس للصلاة مع رجوعه في أثنائها و إعارة الأرض لدفن الميّت؛ و الأقوى أنّ الإعارة في هذه الامور لازمة، لأنّ الأصل في العقود اللزوم، و بناء العقلاء عليه في هذه الموارد واضح؛ و ما دلّ على جواز العارية من الإجماع و غيره إنّما يكون في غيرها، كما لا يخفى على من راجع كلمات الأصحاب في كتاب العارية و أحكامها
(3). الامام الخميني: أي اجرة ما بعد الرجوع
(4). مكارم الشيرازي: جواز الاستعارة للإجارة غير ثابتة في العرف، و لعلّ ماهيّة الاستعارة تنافي الإجارة، فشمول الإطلاقات لها مشكل؛ نعم، للمالك أن يقول: لك إجارة هذه الأرض و أخذ اجرتها
(5). الخوئي: مرّ أنّ الأقوى خلافه، و المسألة غير مبتنية عليه
الامام الخميني: الظاهر عدم الابتناء على هذا المبنى، و مع ابتنائه أيضاً لا يبعد ما في المتن
الگلپايگاني: بل الأقوى خلافه؛ نعم، لمالك الأرض الإذن للمستعير لنقل المنافع إلى نفسه قبل المزارعة، فتصحّ المزارعة، لكنّه غير ما في المتن
(6). الگلپايگاني: إلّا إذا اشترطا ذلك
(7). الگلپايگاني: و الأحوط ترك ذلك
(8). الخوئي: في القوّة إشكال، بل منع، لأنّ العمومات كما عرفت لا تشمل مثل هذه المعاملات، و الدليل الخاصّ غير موجود؛ و كذا الحال في استثناء مقدار البذر
(9). مكارم الشيرازي: لا يخلو من إشكال، لمنافاته لحقيقة المزارعة و لبعض الأخبار المعتبرة الدالّة على أنّه لا تقبل الأرض بحنطة مسمّاة، و لكن بالنصف و الثلث و الربع و الخمس لا بأس به (الحديث 2 من الباب 8 من أبواب المزارعة) بل الصورة الاولى أيضاً غير خالية عن الإشكال و إن كانت مشهورة
العروة الوثقى مع التعليقات، ج2، ص: 638
آخر ليكون مشاعاً بينهما، فلا يعتبر إشاعة جميع الحاصل بينهما على الأقوى، كما يجوز استثناء مقدار البذر لمن كان منه أو استثناء مقدار خراج السلطان أو ما يصرف في تعمير الأرض ثمّ القسمة. و هل يكون قراره (1) في هذه الصورة مشروطاً بالسلامة كاستثناء الأرطال في بيع الثمار أو لا؟ وجهان (2).
مسألة 6: إذا شرط مدّة معيّنة يبلغ الحاصل فيها غالباً، فمضت و الزرع باقٍ لم يبلغ (3)، فالظاهر أنّ للمالك الأمر بإزالته بلا أرش أو إبقائه و مطالبة الاجرة إن رضي العامل بإعطائها، و لا يجب عليه الإبقاء بلا اجرة (4)، كما لا يجب عليه الأرش مع إرادة الإزالة، لعدم حقّ للزارع بعد المدّة و الناس مسلّطون على أموالهم، و لا فرق بين أن يكون ذلك بتفريط
______________________________
(1). الامام الخميني: إن كان المراد من السلامة هو حصول الزرع في مقابل لا حصوله، فلا معنى للقرار مع عدم السلامة فيما يستثنى من الحاصل، و إن كان المراد هي السلامة في مقابل التعيّب حتّى تلاحظ نسبة النقص فيحاسب بالنسبة، فلا يكون القرار مشروطاً بها، أي لا تلاحظ النسبة
(2). الخوئي: لا يبعد قُرب الوجه الأوّل، فلو تلف نصف الحاصل مثلًا يحسب التالف على المستثنى و المستثنى منه بالنسبة
الگلپايگاني: أمّا سلامة ذلك المقدار فلا بدّ منه لصحّة الاستثناء، و كذا مقدار يكون مشاعاً بينهما لتحقّق شرط الإشاعة و لو في بعض الحاصل؛ و أمّا الزائد على ذلك فمبنيّ على الاشتراط، كما مرّ نظيره
مكارم الشيرازي: ظاهر استثناء مقدار من الحاصل منصرف إلى صورة سلامته، و أنّه ينقص منه بالنسبة إذا فسد بعض الزراعة، إلّا أن يصرّح في الكلام بخلافه؛ و الظاهر أنّ استثناء الأرطال أيضاً كذلك. و لا فرق بين التصريح بالاستثناء أو بالاشتراط، كما ذكره في المستمسك، فإنّ المدار في هذه المقامات على ما هو المعمول المتعارف في الخارج، لا الألفاظ و التعبيرات الّتي هي إشارات إليه
(3). مكارم الشيرازي: الظاهر أنّ للمسألة صوراً كثيرة تختلف أحكامها، فإن كان بتقصير من الزارع، فللمالك إزالته بلا أرش إذا تضرّر من بقائه، و إن كان لتأخّر المياه و شبه ذلك و كان مقدار التأخير متعارفاً، فعلى المالك إبقاؤه لانصراف العقد إليه؛ و إن لم يكن كذلك و كان القصد في الواقع إلى بلوغ الحاصل، و ذكر المدّة كان من قبيل الخطأ في التطبيق، فاللازم أيضاً إبقاؤه؛ و إن لم يكن كذلك، فإن ورد على أحدهما الضرر دون الآخر فاللازم مراعاته، و إن ورد الضرر عليهما فالظاهر تقديم المالك لسلطانه
(4). الگلپايگاني: بل و لا مع الاجرة
العروة الوثقى مع التعليقات، ج2، ص: 639
الزارع أو من قبل اللّه كتأخير المياه أو تغيّر الهواء. و قيل بتخييره بين القلع مع الأرش و البقاء مع الاجرة، و فيه: ما عرفت، خصوصاً إذا كان بتفريط الزارع، مع أنّه لا وجه لإلزامه العامل بالاجرة بلا رضاه؛ نعم، لو شرط الزارع على المالك إبقائه إلى البلوغ بلا اجرة أو معها إن مضت المدّة قبله، لا يبعد صحّته (1) و وجوب الإبقاء عليه.
مسألة 7: لو ترك الزارع الزرع بعد العقد و تسليم الأرض إليه حتّى انقضت المدّة، ففي ضمانه اجرة المثل (2) للأرض، كما أنّه يستقرّ عليه المسمّى في الإجارة، أو عدم ضمانه (3) أصلًا، غاية الأمر كونه آثماً بترك تحصيل الحاصل، أو التفصيل بين ما إذا تركه اختياراً فيضمن أو معذوراً (4) فلا، أو ضمانه ما يعادل الحصّة (5) المسمّاة من الثلث أو النصف أو غيرهما بحسب التخمين في تلك السنة، أو ضمانه بمقدار تلك الحصّة (6) من منفعة الأرض من نصف أو ثلث و من قيمة عمل الزارع، أو الفرق بين ما إذا اطّلع المالك على تركه للزرع فلم يفسخ المعاملة لتدارك استيفاء منفعة أرضه فلا يضمن (7) و بين صورة عدم اطّلاعه إلى أن فات وقت الزرع
______________________________
(1). الامام الخميني: إذا كانت مدّة التأخير على فرضه معلومة
الگلپايگاني: بشرط تعيين المدّة بأن يقال إلى شهر مثلًا، و إلّا فمشكل، بل صحّة العقد معه أيضاً محلّ إشكال
(2). الگلپايگاني: إمّا لكونها أقرب بما فات من مالك الأرض، و إمّا لكون الأرض مع عدم الزرع مغصوبة تحت يده
(3). الگلپايگاني: بناءً على عدم كون المزارعة إلّا تعهّداً و التزاماً من الطرفين بلا إيراث حقّ لأحدهما على الآخر و كون الأرض تحت يد العامل برضا المالك، و فيه ما لا يخفى
(4). الگلپايگاني: و لعلّه لعدم كونه غاصباً في هذا الفرض، و فيه: أنّه مع تقيّد إذنه بالزراعة تكون الأرض تحت يده بغير إذن المالك و عليه أجرة المثل، غاية الأمر أنّه معذور غير معاقب لو كان معذوراً في الردّ على المالك أيضاً
(5). الگلپايگاني: بتقريب أنّها أقرب إلى الفائت من المالك يعني الحصّة المسمّاة
(6). الگلپايگاني: هذا على القول باقتضاء المزارعة الشركة، كما يأتي منه في المسألة (15) و عليه فيجب على العامل إعطاء نصف البذر على المالك إن كان البذر عليه، و إن كان على المالك فعليه إعطاء نصفه على العامل بعد ما يأخذ اجرة الأرض و العمل منه حسب السهم
(7). الگلپايگاني: هذا التفصيل على تقدير صحّته لا ينفع، لفرض كون العين تحت يد العامل و معه لا تأثير للفسخ في رفع الضمان حتّى يستند تركه إلى المالك؛ نعم، لو كانت الأرض بيد المالك كان له وجه
العروة الوثقى مع التعليقات، ج2، ص: 640
فيضمن، وجوه (1)، و بعضها أقوال (2)؛ فظاهر بل صريح جماعةٍ الأوّل (3)، بل قال بعضهم: يضمن النقص (4) الحاصل بسبب ترك الزرع إذا حصل نقص، و استظهر بعضهم الثاني، و ربما يستقرب الثالث، و يمكن القول بالرابع، و الأوجه الخامس و أضعفها السادس؛ ثمّ هذا كلّه إذا لم يكن الترك بسبب عذر عامّ، و إلّا فيكشف عن بطلان المعاملة. و لو انعكس المطلب، بأن امتنع المالك من تسليم الأرض بعد العقد (5) فللعامل الفسخ؛ و مع عدمه ففي ضمان المالك ما يعادل حصّته من منفعة الأرض أو ما يعادل حصّته من الحاصل بحسب التخمين أو التفصيل بين صورة العذر و عدمه أو عدم الضمان حتّى لو قلنا به في الفرض الأوّل بدعوى الفرق بينهما، وجوه (6).
______________________________
(1). مكارم الشيرازي: الضمان هو الأقوى من بين الوجوه الستّة، بشرط كون الأرض تحت يد العامل؛ سواء اطّلع المالك على تركه للزرع فلم يفسخ أم لا؛ و كذا يضمن النقص الحاصل بترك الزراعة؛ كلّ ذلك لقاعدة الإتلاف. و كونه تحت يده بإذن المالك و بمقتضى العقد، مشروط في الواقع بما إذا زارع الأرض، لا ما إذا تركها، فلا ينبغي الشكّ في ضمانه؛ و مجرّد علم المالك بذلك و عدم فسخه لا يرفع ضمانه، كما هو ظاهر، و القول بعدم ضمانه ضعيف جدّاً؛ و كذا غيره من الوجوه الاخر، كالقول بضمانه ما يعادل الحصّة على فرض الزراعة في تلك السنة بحسب التخمين، لأنّ المزارعة لا توجب ملكيّتها إلّا على فرض الزرع؛ و منه يظهر حال غيره من الوجوه الباقية
(2). الامام الخميني: أوجهها الأوّل فيما إذا كان الأرض تحت يده و ترك الزراعة بتفريط منه، و إلّا فلا ضمان
الخوئي: الظاهر هو التفصيل بين ما إذا كانت الأرض بيد الزارع و ما إذا كانت بيد المالك، و على الثاني فقد يطّلع المالك على ترك العامل للزرع و قد لا يطّلع إلى فوات وقته، ففي الصورة الاولى و الثالثة يثبت الضمان على العامل لُاجرة المثل، و لا ضمان في الثانية
(3). الگلپايگاني: و هو الأقوى مع فرض تسليم الأرض، و كذلك ضمان النقص الحاصل بترك الزرع في هذا الفرض
(4). الخوئي: و لعلّه هو الصحيح على التفصيل المزبور آنفاً
(5). مكارم الشيرازي: و الأقوى هنا الخيار للعامل فقط، لعدم وفاء المالك بالعقد، و لم يفت عليه شيئاً من أمواله؛ و المزارعة لا توجب إلّا ملكيّة الحصّة على فرض الزرع لا غير، و المفروض هنا عدمه؛ فالفرق بينه و بين الصورة السابقة، جريان قاعدة الإتلاف هناك دون المقام؛ نعم، لو هيّأ العامل أسباباً للزرع بحيث تضرّر عند امتناع المالك عن التسليم، دخل في قاعدة الغرر أو لا ضرر، فيضمن المالك
(6). الامام الخميني: الأحوط التخلّص بالتصالح و إن كان الأخير أوجه
الخوئي: أقربها الأخير
الگلپايگاني: أوجهها الأخير
العروة الوثقى مع التعليقات، ج2، ص: 641
مسألة 8: إذا غصب الأرض بعد عقد المزارعة غاصب و لم يمكن الاسترداد منه، فإن كان ذلك قبل تسليم الأرض إلى العامل تخيّر بين الفسخ و عدمه، و إن كان بعده لم يكن له الفسخ. و هل يضمن (1) الغاصب تمام منفعة الأرض في تلك المدّة للمالك (2) فقط، أو يضمن له بمقدار حصّته من النصف أو الثلث من منفعة الأرض و يضمن له أيضاً مقدار قيمة حصّته من عمل العامل حيث فوّته عليه، و يضمن للعامل أيضاً مقدار حصّته من منفعة الأرض؟
وجهان (3)؛ و يحتمل ضمانه لكلّ منهما ما يعادل حصّته من الحاصل بحسب التخمين.
مسألة 9: إذا عيّن المالك نوعاً من الزرع من حنطة أو شعير أو غيرهما، تعيّن و لم يجز للزارع التعدّي عنه. و لو تعدّى إلى غيره (4) ذهب بعضهم إلى أنّه إن كان ما زرع أضرّ ممّا
______________________________
(1). الامام الخميني: أي مع فرض عدم الفسخ، و إلّا فلا إشكال في ضمانه للمالك
(2). مكارم الشيرازي: الأقوى ذلك، لما عرفت في المسألة السابقة من عدم تفويت مال للعامل؛ و إنّما التفويت في منافع المالك، بل يمكن أن يقال ببطلان عقد المزارعة بمثل هذا الغصب إذا لم يرج عوده، فإنّه في نظر العرف من قبيل فوات الموضوع. إن قلت: ما الفرق بين غصب العين هنا و غصب العين المستأجرة؟ فإنّه لا ينبغي الشكّ في بقاء الإجارة و ضمان الغاصب للمستأجر؛ قلت: الفرق واضح، لأنّ المنافع انتقلت إلى المستأجر بالعقد، و لكن في المزارعة لم تنتقل منفعة الأرض إلى العامل، بل له حقّ الزراعة فيها فقط؛ نعم، لو هيّأ الزارع أسباباً للزراعة و تضرّر بسبب الغصب، كان الغاصب ضامناً إذا صدق عنوان الضرر؛ بناءً على ما حقّقناه في محلّه من أنّ لا ضرر قد ينفي الحكم و قد يثبته
(3). الخوئي: أقربهما الأوّل
الامام الخميني: أوجههما الأوّل، و الأحوط التصالح
الگلپايگاني: و الأوّل أوجه
(4). الامام الخميني: إن كان التعيين على وجه الشرطيّة فمع التعدّي يتخيّر المالك بين الفسخ و الإقرار، و مع عدم الفسخ يأخذ حصّته من الحاصل، و إن كان على وجه القيديّة كان له اجرة مثل أرضه، و لو صارت ناقصة بواسطة الزرع له أرش نقصها على الزارع
الخوئي: الصحيح أن يقال: إنّه إذا علم المالك به بعد بلوغ الحاصل، فليس له إلّا المطالبة بأُجرة مثل المنفعة الفائتة من الأرض، و أمّا الحاصل فهو للعامل إن كان البذر له و إن كان للمالك فله المطالبة ببدله أيضاً، و على تقدير البذل كان الحاصل للعامل أيضاً و ليست له مطالبة المالك بأُجرة العمل مطلقاً، و إذا علم به قبل بلوغ الحاصل فله المطالبة ببدل المنفعة الفائتة و إلزام العامل بقلع الزرع أو إبقائه بالاجرة أو مجّاناً إذا كان البذر له، و أمّا إذا كان للمالك فله المطالبة ببدل المنفعة الفائتة و بدل البذر أيضاً، فإن دفع بدله كان حكمه حكم ما إذا كان البذر له من أوّل الأمر، هذا كلّه إذا كان التعيين بعنوان التقييد؛ و أمّا إذا كان بعنوان الاشتراط فإن تنازل المالك عن شرطه فهو، و إلّا فسخ العقد و جرى عليه حكم التقييد
مكارم الشيرازي: و الأقوى أنّ المالك مخيّر حينئذٍ بين الإمضاء و أخذ الحصّة أو الفسخ و أخذ اجرة المثل؛ و ذلك لأنّ تعيين نوع المزروع من قبيل الاشتراط غالباً و قد ذكرنا في محلّه أنّ الاشتراط و التقييد ليس بحسب نيّة المتعاقدين، بل بحسب طبيعة القيد، فقد يكون مقوّماً في نظر العرف فيكون قيداً، و قد يكون غير مقوّم فيكون شرطاً، و من هنا تعرف الإشكال فيما ذكره في المقام من الفرق بين الأقلّ ضرراً و عدمه و الفرق بين التقييد و الاشتراط و بين تعدّد المطلوب و وحدته؛ نعم، لو كان العقد على زراعة خاصّة و ما أشبهه ممّا يكون ضرره مساوياً أو أقلّ، كان الحكم صحّة العدول إلى غيره؛ و لكنّ الظاهر أنّ هذا خارج عن محلّ الكلام
العروة الوثقى مع التعليقات، ج2، ص: 642
عيّنه المالك كان المالك مخيّراً بين الفسخ و أخذ اجرة المثل للأرض و الإمضاء و أخذ الحصّة من المزروع مع أرش النقص الحاصل من الأضرّ، و إن كان أقلّ ضرراً لزم و أخذ الحصّة منه. و قال بعضهم يتعيّن أخذ اجرة المثل للأرض مطلقاً، لأنّ ما زرع غير ما وقع عليه العقد، فلا يجوز أخذ الحصّة منه مطلقاً؛ و الأقوى أنّه إن علم أنّ المقصود مطلق الزرع و أنّ الغرض من التعيين ملاحظة مصلحة الأرض (1) و ترك ما يوجب ضرراً فيها، يمكن أن يقال:
إنّ الأمر كما ذكر، من التخيير بين الأمرين في صورة كون المزروع أضرّ و تعيّن الشركة في صورة كونه أقلّ ضرراً، لكنّ التحقيق مع ذلك خلافه. و إن كان التعيين لغرض متعلّق بالنوع الخاصّ لا لأجل قلّة الضرر و كثرته، فإمّا أن يكون التعيين على وجه التقييد و العنوانيّة، أو يكون على وجه تعدّد المطلوب و الشرطيّة؛ فعلى الأوّل إذا خالف ما عيّن فبالنسبة إليه يكون كما لو ترك الزرع أصلًا حتّى انقضت المدّة، فيجري فيه الوجوه الستّة المتقدّمة في تلك المسألة، و أمّا بالنسبة إلى الزرع الموجود، فإن كان البذر من المالك فهو له و يستحقّ العامل اجرة عمله على إشكال في صورة علمه (2)
______________________________
(1). الگلپايگاني: بحيث يكون المعيّن في الحقيقة هذا و كلّ ما يكون أقلّ ضرراً منه، و إلّا فلا يبعد التخيير بين الفسخ و أخذ اجرة المثل أو الإمضاء و أخذ الحصّة من دون أرش
(2). الگلپايگاني: و كذا في صورة جهله، لأنّ جهل العامل بعدم جواز ذلك التصرّف لا يوجب استحقاق الاجرة للعمل الغير المأذون من المالك، و لا فرق فيما أتى به من الأعمال بين أن يكون مشتركاً بين المأتيّ به و ما أعرض عنه أو يكون مختصّاً بأحدهما، لأنّ المجموع عمل غير مأذون فيه؛ و أمّا المالك فليس له زائداً على الزرع الموجود إلّا التفاوت بين المستوفاة و ما فات منه من منفعة الأرض، و لا يجري فيه الوجوه الستّة المتقدّمة
________________________________________
يزدى، سيد محمد كاظم طباطبايى، العروة الوثقى مع التعليقات، دو جلد، انتشارات مدرسه امام على بن ابى طالب عليه السلام، قم - إيران، اول، 1428 ه ق
العروة الوثقى مع التعليقات؛ ج2، ص: 643
العروة الوثقى مع التعليقات، ج2، ص: 643
بالتعيين (1) و تعمّده الخلاف (2)، لإقدامه حينئذٍ على هتك حرمة عمله، و إن كان البذر للعامل كان الزرع له و يستحقّ المالك عليه اجرة الأرض مضافاً إلى ما استحقّه من بعض الوجوه المتقدّمة (3)، و لا يضرّ استلزامه الضمان للمالك من قبل أرضه مرّتين على ما بيّنّا في محلّه، لأنّه من جهتين (4)، و قد ذكرنا نظير ذلك في الإجارة (5) أيضاً؛ و على الثاني يكون المالك مخيّراً بين أن يفسخ المعاملة لتخلّف شرطه فيأخذ اجرة المثل للأرض (6)، و حال الزرع الموجود حينئذٍ ما ذكرنا من كونه لمن له البذر، و بين أن لا يفسخ و يأخذ حصّته من الزرع الموجود بإسقاط حقّ شرطه (7) و بين أن لا يفسخ، و لكن لا يسقط حقّ شرطه أيضاً، بل يغرم العامل (8) على
______________________________
(1). مكارم الشيرازي: إذا علم بالتعيين، فقد علم بتخلّفه و لا حرمة لعمله؛ و إذا جهل ذلك أيضاً لا يستحقّ اجرة، لأنّ الاستحقاق فرع أمر المالك، و هو غير موجود
(2). الامام الخميني: بل في صورة عدم التعمّد و الجهل أيضاً محلّ إشكال، بل منع
(3). مكارم الشيرازي: قد عرفت أنّ المالك لا يستحقّ شيئاً عند عدم العمل بالمزارعة، إلّا منافع الأرض الّتي تلفت تحت يد العامل، من دون فرق بين استيفاء تلك المنافع أو تلفها بدون استيفاء
(4). الگلپايگاني: قد مرّ في الإجارة أنّ المضمون من عين واحدة في زمان واحد لا يكون أكثر من منفعة واحدة؛ نعم، مع الاختلاف هو الأكثر قيمةً
مكارم الشيرازي: يظهر ممّا ذكرناه آنفاً أنّه ليس هنا إلّا ضمان واحد؛ فهو شبيه الغاصب الّذي يضمن المنافع، سواء استوفاها أم لا
(5). الامام الخميني: قد مرّ الإشكال عليه فيها و أنّ عليه أكثر الأمرين من الاجرة المسمّاة و اجرة المثل، و في المقام أيضاً لا يستحقّ المالك غير اجرة المثل لأرضه و أرش نقصها لو حصل بالزرع، و لا يلاحظ في اجرة المثل
(6). الگلپايگاني: إذا كان البذر من العامل و اختار الفسخ فعليه اجرة المثل للأرض بالنسبة إلى الزمان المتقدّم و بعد الفسخ فللمالك أن يأمر بالقلع و لهما التراضي بالبقاء و على ما تراضيا
مكارم الشيرازي: هذا إنّما يصحّ إذا كان البذر للعامل؛ و أمّا لو كان للمالك، فقد استوفى منافع أرضه لأنّ الزرع له، إلّا أن يكون الزرع غير المأذون موجباً لنقص في الأرض أو في منافعه
(7). مكارم الشيرازي: لا حاجة إلى إسقاط حقّ الشرط، بل المدار على عدم الفسخ؛ و من هنا يظهر النظر فيما ذكره المصنّف بعد ذلك، لأنّ الشرط لا أثر له إلّا الخيار عند التخلّف
(8). الگلپايگاني: لا وجه للغرامة في المقام حتّى بالنسبة إلى ما به التفاوت مع فرض عدم الفسخ و كون الحاصل مشتركاً بينهما
العروة الوثقى مع التعليقات، ج2، ص: 644
بعض الوجوه الستّة المتقدّمة (1)، و يكون حال الزرع الموجود كما مرّ، من كونه لمالك البذر (2).
مسألة 10: لو زارع على أرض لا ماء لها فعلًا، لكن أمكن تحصيله بعلاج من حفر ساقية أو بئر أو نحو ذلك، فإن كان الزارع عالماً بالحال صحّ و لزم، و إن كان جاهلًا كان له خيار الفسخ (3)، و كذا لو كان الماء مستولياً عليها و أمكن قطعه عنها؛ و أمّا لو لم يمكن التحصيل في الصورة الاولى أو القطع في الثانية، كان باطلًا؛ سواء كان الزارع عالماً أو جاهلًا، و كذا لو انقطع في الأثناء و لم يمكن تحصيله أو استولى عليها و لم يمكن قطعه. و ربما يقال بالصحّة مع علمه بالحال (4)، و لا وجه له و إن أمكن الانتفاع بها بغير الزرع، لاختصاص المزارعة بالانتفاع بالزرع؛ نعم، لو استأجر أرضاً للزراعة مع علمه بعدم الماء و عدم إمكان تحصيله، أمكن الصحّة، لعدم اختصاص الإجارة بالانتفاع بالزرع، إلّا أن يكون على وجه التقييد، فيكون باطلًا أيضاً.
مسألة 11: لا فرق في صحّة المزارعة بين أن يكون البذر من المالك أو العامل أو منهما، و لا بدّ من تعيين ذلك، إلّا أن يكون هناك معتاد ينصرف إليه الإطلاق؛ و كذا لا فرق بين أن تكون الأرض مختصّة بالزارع أو مشتركة (5) بينه و بين العامل. و كذا لا يلزم أن يكون تمام العمل على العامل، فيجوز كونه عليهما (6)، و كذا الحال في سائر المصارف. و بالجملة هنا امور
______________________________
(1). الامام الخميني: مرّ ما هو الأقوى بينها، فها هنا أيضاً ليس له إلّا التخيير بين الفسخ و الإبقاء، فيأخذ حصّته من غير غرامة زائدة، و مع عدم الفسخ تكون الزراعة بينهما لا لمالك الزرع كما في المتن
(2). الگلپايگاني: مع فرض عدم الفسخ فالحصّة مشتركة بينهما لا محالة
(3). الگلپايگاني: لتخلّف الوصف فيما إذا كان العقد مبنيّاً على أنّ لها الماء فعلًا كما هو الغالب
مكارم الشيرازي: إذا كان المتعارف تحصيل الماء قبل عقد المزارعة؛ و أمّا إذا كان المتعارف العقد على الأرض ثمّ تحصيل الماء له بسهولة بنصب المكائن أو حفر الآبار، مثل ما نراه في سواحل الشطوط، الأقوى صحّته بدون الخيار
(4). مكارم الشيرازي: كلامه ناظر إلى ما ذكره المحقّق قدس سره و غيره في الشرائع و غيره؛ و الظاهر أنّ نظرهم إلى صورة إمكان تحصيل الماء، كما فهمه صاحب الجواهر، و إلّا لا يعقل القول بالصحّة، و كيف يمكن إسنادها إلى هؤلاء الفطاحل؟
(5). الگلپايگاني: المزارعة بين العامل و شريكه في الأرض بالنسبة إلى حصّة الشريك لا إشكال فيه، و أمّا بالنسبة إلى حصّة نفسه فلا تصحّ إلّا إذا كان البذر من الشريك
(6). الگلپايگاني: و حينئذٍ تصحّ المزارعة بالنسبة إلى مقدار عمل العامل فقط؛ نعم، لو كان البذر أو البقر أو هما معاً من العامل فتصحّ المزارعة في الكلّ
مكارم الشيرازي: الأقوى صحّة جميع هذه الصور و ما أشبهها و إن كان في صدق عنوان المزارعة على بعضها إشكال؛ كما يظهر بمراجعة العرف و الروايات الواردة في أبواب المزارعة (راجع الوسائل ج 10 أبواب المزارعة الباب 10)
العروة الوثقى مع التعليقات، ج2، ص: 645
أربعة: الأرض و البذر و العمل و العوامل (1)، فيصحّ أن يكون من أحدهما أحد هذه و من الآخر البقيّة، و يجوز أن يكون من كلّ منهما اثنان منها، بل يجوز أن يكون من أحدهما بعض أحدها و من الآخر البقيّة، كما يجوز الاشتراك في الكلّ، فهي على حسب ما يشترطان، و لا يلزم على من عليه البذر دفع عينه، فيجوز له دفع قيمته؛ و كذا بالنسبة إلى العوامل، كما لا يلزم مباشرة العامل بنفسه، فيجوز له أخذ الأجير على العمل إلّا مع الشرط.
مسألة 12: الأقوى جواز (2) عقد المزارعة بين أزيد من اثنين (3)، بأن تكون الأرض من واحد و البذر من آخر و العمل من ثالث و العوامل من رابع، بل يجوز أن يكون بين أزيد من ذلك، كأن يكون بعض البذر من واحد و بعضه الآخر من آخر، و هكذا بالنسبة إلى العمل و العوامل، لصدق المزارعة و شمول الإطلاقات، بل يكفي العمومات (4) العامّة، فلا وجه لما في
______________________________
(1). مكارم الشيرازي: و قد يكون أكثر من ذلك، كما لا يخفى على من راجع العرف في زماننا هذا، و قد يكون الماء من واحد و الأرض من آخر و دفع الآفات من ثالث؛ و هذا كلّه يكون العقد عليها صحيحاً إذا كانت الشرائط و السهام معلومة، و يكفي في صحّتها عموم الوفاء بالعقود و إن لم يصدق عنوان المزارعة على بعضها؛ و سيأتي تتمّة الكلام في ذلك في المسألة الآتية إن شاء اللّه
(2). الامام الخميني: هذا و إن لا يخلو من قُرب، لكن لا ينبغي ترك الاحتياط بإيقاعها بين الاثنين، بل لا يُترك حتّى الإمكان
(3). مكارم الشيرازي: و قد يستدلّ للمنع منه مضافاً إلى أنّ العقود امور توقيفيّة و أنّ العقد يدور بين اثنين لا أكثر الّذي هو معلوم البطلان، بما ورد في
فذلكة:
قد تبيّن ممّا ذكرنا في طىّ المسائل المذكورة أنّ هاهنا صوراً:
الاولى: وقوع العقد صحيحاً جامعاً للشرائط و العمل على طبقه إلى الآخر؛ حصل الحاصل أو لم يحصل، لآفة سماويّة أو أرضيّة.
الثانية: وقوعه صحيحاً مع ترك الزارع للعمل إلى أن انقضت المدّة؛ سواء زرع غير ما وقع عليه العقد أو لم يزرع أصلًا.
الثالثة (3): تركه العمل في الأثناء بعد أن زرع، اختياراً أو لعذر خاصّ به (4).
الرابعة: تبيّن البطلان من الأوّل.
الخامسة: حصول الانفساخ في الأثناء لقطع الماء أو نحوه من الأعذار العامّة.
السادسة: حصول الفسخ بالتقايل أو بالخيار في الأثناء. و قد ظهر حكم الجميع (5) في طىّ
______________________________
(1). الگلپايگاني: إلّا إذا كانت الأرض تحت يده أو كان العمل بأمره، كما مرّ؛ و صحّة المعاملة لا تنافي الضمان بعد الفسخ
(2). الگلپايگاني: هذا الاحتمال بعيد
(3). الامام الخميني: هذه الصورة لم تسبق منه على الظاهر و إن ظهر حكمها من سائر المسائل
(4). مكارم الشيرازي: هذه الصورة غير مذكورة صريحاً فيما سبق. و الحقّ فيها أن يقال: إذا لم ترد خسارة على الزراعة و أتمّها المالك بنفسه أو بأجير و نحوه و كان ترك العمل من العامل لمانع كمرض و نحوه، لا يبعد تقويم الزراعة عند ترك العمل، و إعطاء كلّ منهما حقّه، بل و كذا إذا كان عمداً على الأحوط؛ و أمّا إذا وردت خسارة عليه كتلف الزراعة كلًاّ أو نقصان حاصلها، كان العامل ضامناً؛ و كذا بالنسبة إلى منافع الأرض
(5). الخوئي: لم يظهر حكم الصورة الثالثة ممّا تقدّم، و أنّ حكمها حكم الصورة الثانية
الگلپايگاني: إلّا الصورة الثالثة و هي بمنزلة ترك الزراعة في جميع الأحكام، إلّا أنّه إذا كان البذر لغير العامل و كان ترك العمل موجباً لتلفه فهو ضامن له، و أمّا إذا ترك العمل بعد حصول الحاصل من قصيل و غيره و كان ترك العمل موجباً لتلفه، فعلى القول بالاشتراك يكون ضامناً لحصّة الشّريك و إن كان البذر له أيضاً
العروة الوثقى مع التعليقات، ج2، ص: 653
المسائل المذكورة كما لا يخفى.
مسألة 18: إذا تبيّن بعد عقد المزارعة أنّ الأرض كانت مغصوبة، فمالكها مخيّر بين الإجازة (1) فتكون الحصّة له، سواء كان بعد المدّة أو قبلها، في الأثناء أو قبل الشروع بالزرع، بشرط أن لا يكون هناك قيد أو شرط لم يكن معه محلٌّ (2) للإجازة (3)، و بين الردّ، و حينئذٍ فإن كان قبل الشروع في الزرع فلا إشكال، و إن كان بعد التمام فله اجرة المثل لذلك الزرع و هو لصاحب البذر (4)؛ و كذا إذا كان في الأثناء و يكون بالنسبة إلى بقيّة المدّة الأمر بيده، فإمّا يأمر بالإزالة (5) و إمّا يرضى بأخذ الاجرة بشرط رضا صاحب البذر؛ ثمّ المغرور من المزارع و الزارع يرجع فيما خسر على غارّه (6)، و مع عدم الغرور فلا رجوع. و إذا تبيّن كون البذر مغصوباً فالزرع لصاحبه (7) و ليس عليه اجرة الأرض (8) و لا اجرة العمل؛ نعم، إذا كان
______________________________
(1). الگلپايگانى: هذا على ما اختاره من أن حقيقة المزارعة تمليك منفعة الأرض بقدر الحصة؛ و أما على ما اخترناه من أنها تعهد من صاحب الأرض بتسليمها للزراعة فإن قصد الغاصب التعهد من المالك فيمكن تصحيحه بالإجازة، و أما إذا تعهد من قبل نفسه تسليم أرض الغير فلا مورد للإجازة و لا معنى لإجازة تعهد الغير و لا يجرى فيه الفضولى.
مكارم الشيرازى: و هذا مبنى على جواز الفضولى إذا قصد الغاصب المعاملة لنفسه، و قد ذكر في محله صحته بعد إجازة المالك، و ما نحن فيه من هذا القبيل؛ فما في كلام بعض المحشين من الإشكال في ذلك، غير وارد
(2). الگلپايگانى: كأن يجعل الغاصب البذر و النفقة على عهدته، فإجازة صاحب الأرض لا تصحح ذلك؛ نعم، يمكن أن يكون الغاصب أيضا طرفا للمزارعة بناء على جواز كون البذر لثالث، لكن هذا غير المنشأ.
(3). مكارم الشيرازى: مثل أن يشترط الغاصب الزراعة ببذر معين يكون ملكا لنفسه، بخلاف ما إذا كان كليا، فإن هذا الشرط يمكن إجازته من قبل المالك؛ اللهم إلا أن يقال: إن بطلان الشرط في الصورة الاولى لا يوجب بطلان أصل العقد.
(4). الخوئى: لكنه إذا كان للمزارع يرجع الزارع إليه بأجرة عمله.
(5). الامام الخمينى: و يضمن الغاصب الخسارة الواردة على المغضوب منه.
(6). الخوئى: لا فرق في جواز الرجوع و عدمه بين فرض الغرور و عدمه.
(7). الخوئى: هذا فيما إذا لم يود بدله.
(8). مكارم الشيرازي: بل اجرتها على الغاصب، لو كان هو الزارع.
العروة الوثقى مع التعليقات، ج2، ص: 654
التبيّن في الأثناء، كان لمالك الأرض الأمر بالإزالة؛ هذا إذا لم يكن محلّ للإجازة، كما إذا وقعت المعاملة على البذر الكليّ لا المشخّص في الخارج أو نحو ذلك، أو كان و لم يجز؛ و إن كان له محلّ و أجاز، يكون هو الطرف للمزارعة (1) و يأخذ الحصّة (2) الّتي كانت للغاصب (3). و إذا تبيّن كون العامل عبداً غير مأذون، فالأمر إلى مولاه. و إذا تبيّن كون العوامل أو سائر المصارف مغصوبة، فالمزارعة صحيحة و لصاحبها اجرة المثل أو قيمة الأعيان التالفة. و في بعض الصور يحتمل جريان الفضوليّة و إمكان الإجازة، كما لا يخفى.
مسألة 19: خراج الأرض على صاحبها، و كذا مال الإجارة إذا كانت مستأجرة، و كذا ما يصرف في إثبات اليد عند أخذها من السلطان، و ما يؤخذ لتركها في يده؛ و لو شرط كونها على العامل بعضاً أو كلًاّ، صحّ و إن كانت ربّما تزاد و ربّما تنقص، على الأقوى، فلا يضرّ (4) مثل هذه الجهالة (5)، للأخبار؛ و أمّا سائر المؤن كشقّ الأنهار و حفر الآبار و آلات السقي و إصلاح النهر و تنقيته و نصب الأبواب مع الحاجة إليها و الدولاب و نحو ذلك ممّا يتكرّر كلّ سنة أو لا يتكرّر، فلا بدّ من تعيين كونها على المالك أو العامل، إلّا إذا كان هناك عادة ينصرف الإطلاق إليها؛ و أمّا ما يأخذه المأمورون من الزارع ظلماً من غير الخراج، فليس على المالك (6) و إن كان أخذهم ذلك من جهة الأرض.
______________________________
(1). الخوئي: هذا إذا كان باذل البذر طرفاً للعقد مع العامل أو مالك الأرض، بل مع كليهما أيضاً بناءً على القول بصحّة عقد المزارعة بين الأكثر من اثنين؛ و أمّا إذا كان العقد بين المالك و العامل مع اشتراط البذر على الثاني فلا محلّ للإجازة كما هو ظاهر؛ و بذلك يظهر الحال فيما إذا كانت العوامل أو نحوها مغصوبة و كان صاحب العوامل طرفاً للمعاملة
(2). الگلپايگاني: أي مقداراً يقع بإزاء البذر دون ما لوحظ بإزاء العمل و سائر النفقات، و هذا الحكم مبنيّ على ما اختاره في المزارعة؛ و أمّا على المختار، فقد مرّ الإشكال في جريان الفضولي فيها
(3). مكارم الشيرازي: المراد الحصّة الّتي كانت بإزاء البذر و كان باذل البذر من أطراف عقد المزارعة
(4). الامام الخميني: محلّ إشكال، بل منع
(5). مكارم الشيرازي: بشرط كونها بمقدار المتعارف الّذي لا يلزم منه الغرر، و إلّا فهو مشكل؛ مثلًا إذا دار أمر الخراج بين الألف و عشرة آلاف، فإنّه لا بدّ من تعيين حدوده، لأنّ الجهالة بهذا المقدار موجبة للغرر قطعاً
(6). الگلپايگاني: إلّا ما تعارف أخذه منه بحيث وقع العقد مبنيّاً عليه
العروة الوثقى مع التعليقات، ج2، ص: 655
مسألة 20: يجوز لكلّ من المالك و الزارع أن يخرص على الآخر بعد إدراك الحاصل بمقدار منه بشرط القبول و الرضا من الآخر، لجملة من الأخبار هنا و في الثمار، فلا يختصّ ذلك بالمزارعة و المساقاة، بل مقتضى الأخبار جوازه في كلّ زرع مشترك أو ثمر مشترك، و الأقوى لزومه بعد القبول و إن تبيّن بعد ذلك زيادته أو نقيصته، لبعض تلك الأخبار مضافاً إلى العمومات العامّة؛ خلافاً لجماعة. و الظاهر أنّه معاملة مستقلّة (1) و ليست بيعاً و لا صلحاً معاوضيّاً، فلا يجري فيها إشكال اتّحاد العوض و المعوّض (2) و لا إشكال النهي عن المحاقلة و المزابنة (3) و لا إشكال الربا و لو بناءً على ما هو الأقوى من عدم اختصاص حرمته (4) بالبيع و جريانه في مطلق المعاوضات، مع أنّ حاصل الزرع و الشجر قبل الحصاد و الجذاذ ليس من المكيل و الموزون، و مع الإغماض عن ذلك كلّه يكفي في صحّتها الأخبار الخاصّة، فهو نوع من المعاملة العقلائيّة ثبت بالنصوص و لتسمّ بالتقبّل؛ و حصر المعاملات في المعهودات ممنوع (5)؛ نعم، يمكن (6) أن يقال: إنّها في المعنى راجعة إلى الصلح الغير المعاوضي، فكأنّهما يتسالمان على أن يكون حصّة أحدهما من المال المشترك كذا مقداراً و البقيّة للآخر شبه القسمة أو نوع منها، و على ذلك يصحّ إيقاعها بعنوان الصلح على الوجه المذكور مع قطع النظر عن الأخبار أيضاً على الأقوى من اغتفار هذا المقدار من الجهالة فيه إذا ارتفع الغرر بالخرص المفروض، و على هذا لا يكون من التقبيل و التقبّل؛ ثمّ إنّ المعاملة المذكورة
______________________________
(1). مكارم الشيرازي: بل الظاهر أنّه نوع من المصالحة و لا يعتبر فيها التصريح بلفظ الصلح، بل يكفي كلّما يؤدّي معناه، كما مال إليه في الجواهر و صرّح به غير واحد من الأكابر
(2). مكارم الشيرازي: لا معنى لاتّحاد العوض و المعوّض هنا بعد كون أحدهما حصّة مشاعة و الآخر مقداراً معلوماً من الطعام أو غيره
(3). مكارم الشيرازي: و المراد من المحاقلة، كما قيل، هي بيع الزرع في سنبله بحبّ من جنسه أو أنّها اكتراء الأرض بالحنطة؛ كما أنّ المراد من المزابنة بيع الرطب في رءوس النخل بالتمر
(4). مكارم الشيرازي: سيأتي إن شاء اللّه في محلّه
(5). الگلپايگاني: مع أنّها أيضاً منها كما يتراءى من الأخبار
مكارم الشيرازي: مراده العناوين المعروفة، فإنّه ليس منها على رأيه؛ فما في بعض كلمات المحشّين أنّ محلّ الكلام أيضاً من المعاملات المعهودة، كما ترى
(6). الامام الخميني: لكنّ الأقوى هو كونه معاملة مستقلّة
العروة الوثقى مع التعليقات، ج2، ص: 656
لا تحتاج إلى صيغة مخصوصة، بل يكفي كلّ لفظ دالّ على التقبّل، بل الأقوى عدم الحاجة إلى الصيغة أصلًا، فيكفي فيها مجرّد التراضي (1)، كما هو ظاهر الأخبار. و الظاهر اشتراط كون الخرص بعد بلوغ الحاصل (2) و إدراكه، فلا يجوز قبل ذلك؛ و القدر المتيقّن من الأخبار كون المقدار المخروص عليه من حاصل ذلك الزرع، فلا يصحّ الخرص و جعل المقدار في الذمّة من جنس ذلك الحاصل؛ نعم، لو أوقع المعاملة بعنوان الصلح، على الوجه الّذي ذكرنا، لا مانع من ذلك فيه (3)، لكنّه كما عرفت خارج عن هذه المعاملة؛ ثمّ إنّ المشهور بينهم أنّ قرار هذه المعاملة مشروط بسلامة الحاصل، فلو تلف بآفة سماويّة أو أرضيّة كان عليهما، و لعلّه (4) لأنّ تعيين الحصّة في المقدار المعيّن ليس من باب الكليّ في المعيّن (5)، بل هي باقية على إشاعتها (6)، غاية الأمر تعيينها في مقدار معيّن، مع احتمال أن يكون ذلك من الشرط الضمنيّ بينهما.
______________________________
(1). الامام الخميني: لكنّ الأحوط عدم الاكتفاء بمجرّده
الخوئي: إذا كان له مبرز في الخارج
الگلپايگاني: بل لا بدّ له من الإنشاء بالقول أو بالفعل
مكارم الشيرازي: بل لا بدّ فيه من إنشاء قولي أو فعلي و لا يكفي فيه مجرّد التراضي، لأنّ العقد لا يتمّ إلّا بالإنشاء، كما ذكرناه مشروحاً في المعاطاة
(2). الامام الخميني: على الأحوط
(3). مكارم الشيرازي: الظاهر أنّ ما ورد في الأخبار ناظر إليه
(4). الامام الخميني: هذا التعليل غير وجيه
(5). مكارم الشيرازي: بل الظاهر أنّه من باب الكلّي في المعيّن، و لكن سلامة الحاصل شرط ضمني بحسب المتعارف الّذي ينصرف إليه العقد
(6). الگلپايگاني: هذا مشكل، بل الظاهر اختصاص المجموع بالمتقبّل و لذا لا يحتاج في تصرّفاته إلى إذن المتقبّل له و لم يؤاخذ بإتلافه إذا بقي المقدار الّذي تقبّله له؛ نعم، لمّا تعهّد بإعطائه ما تقبّل من الموجود، لا يجوز له إتلاف الجميع؛ و أمّا كون التلف عليهما فليس من جهة الإشاعة، بل لأنّ التقبّل لمّا كان مبنيّاً على سلامة الحاصل فكأنّه لم يلتزم المتقبّل بما التزم به من الحصّة إلّا بالنسبة إلى الحاصل السالم إلى وقت التسليم و لذلك يحسب التلف عليهما
الخوئي: لا معنى للإشاعة مع تعيين المقدار، و لكنّه مع ذلك يحسب التلف عليهما على أساس أنّ المقدار المعيّن إنّما لوحظ بالإضافة إلى مجموع الحاصل، فكلّما نقص عن الحاصل بآفة سماويّة أو أرضيّة نقص عن ذلك المقدار بالنسبة، و لعلّ الماتن قدس سره أراد بالإشاعة هذا المعنى
العروة الوثقى مع التعليقات، ج2، ص: 657
و الظاهر أنّ المراد من الآفة الأرضيّة ما كان من غير الإنسان، و لا يبعد (1) لحوق (2) إتلاف متلف من الإنسان أيضاً به. و هل يجوز خرص ثالثٍ حصّة أحدهما أو كليهما في مقدار؟
وجهان؛ أقواهما العدم (3).
مسألة 21: بناءً على ما ذكرنا من الاشتراك من أوّل الأمر في الزرع، يجب على كلّ منهما الزكاة إذا كان نصيب كلّ منهما بحدّ النصاب، و على من بلغ نصيبه إن بلغ نصيب أحدهما، و كذا إن اشترطا الاشتراك حين ظهور الثمر، لأنّ تعلّق الزكاة (4) بعد صدق الاسم و بمجرّد الظهور لا يصدق؛ و إن اشترطا الاشتراك بعد صدق الاسم أو حين الحصاد و التصفية، فهي على صاحب البذر منهما، لأنّ المفروض أنّ الزرع و الحاصل له إلى ذلك الوقت، فتتعلّق الزكاة في ملكه.
مسألة 22: إذا بقي في الأرض أصل الزرع بعد انقضاء المدّة و القسمة، فنبت بعد ذلك في العام الآتي، فإن كان البذر لهما فهو لهما، و إن كان لأحدهما فله، إلّا مع الإعراض (5)، و حينئذٍ فهو لمن سبق (6)؛ و يحتمل (7) أن يكون لهما مع عدم الإعراض (8) مطلقاً، لأنّ المفروض شركتهما في الزرع و أصله (9) و إن كان البذر لأحدهما أو الثالث، و هو الأقوى (10)؛ و كذا إذا بقي في
______________________________
(1). الگلپايگاني: بل بعيد
(2). الامام الخميني: غير معلوم، بل لا يبعد بقاء المعاملة
(3). مكارم الشيرازي: لا يخلو عن إشكال، لعدم قيام دليل على جواز ذلك
(4). الگلپايگاني: قد مرّ الاحتياط في وقت تعلّق الزكاة
(5). مكارم الشيرازي: سيأتي أنّ الأقوى كونه لهما بعد كون الحاصل لهما، و الأصل من حاصل البذر؛ نعم، للمالك إبقاؤه مع الاجرة أو قلعه؛ و أمّا الإعراض، فهو موجب للخروج من الملك، لبناء العقلاء عليه و عدم ردع الشارع عنه
(6). مكارم الشيرازي: لا يخلو عن إشكال بالنسبة إلى غير مالك الأرض
(7). الامام الخميني: الميزان في كون الحاصل في العام الآتي لهما كون أصل الزرع لهما، كان البذر لهما أو لأحدهما، و هو مقتضى إطلاق المزارعة، كما مرّ
(8). الخوئي: بل مع الإعراض أيضاً، لأنّ الإعراض لا يوجب الخروج عن الملك
(9). الخوئي: هذا إنّما يكون بالاشتراط، و إلّا فعقد المزارعة لا يقتضي أزيد من الاشتراك في الحاصل، كما مرّ
(10). الگلپايگاني: بل الأقوى خلافه، كما مرّ
العروة الوثقى مع التعليقات، ج2، ص: 658
الأرض بعض الحبّ (1) فنبت، فإنّه مشترك بينهما مع عدم الإعراض؛ نعم، لو كان الباقي حبّ مختصّ بأحدهما اختصّ به (2)، ثمّ لا يستحقّ صاحب الأرض اجرة لذلك الزرع النابت (3) على الزارع في صورة الاشتراك أو الاختصاص به و إن انتفع بها، إذ لم يكن ذلك من فعله و لا من معاملة واقعة بينهما.
مسألة 23: لو اختلفا في المدّة و أنّها سنة أو سنتان مثلًا، فالقول قول منكر الزيادة؛ و كذا لو قال أحدهما: إنّها ستّة أشهر، و الآخر قال: إنّها ثمانية أشهر؛ نعم، لو ادّعى المالك (4) مدّة قليلة لا تكفي لبلوغ الحاصل و لو نادراً، ففي تقديم قوله إشكال. و لو اختلفا في الحصّة قلّةً و كثرةً، فالقول قول صاحب البذر المدّعي للقلّة، هذا إذا كان نزاعهما في زيادة المدّة أو الحصّة و عدمها؛ و أمّا لو اختلفا في تشخيص ما وقع عليه العقد (5) و أنّه وقع على كذا أو كذا، فالظاهر التحالف (6) و إن كان خلاف إطلاق كلماتهم، فإن حلفا أو نكلا فالمرجع أصالة
______________________________
(1). الگلپايگاني: يعني من الحاصل، و هذا على ما اختاره من شركتهما في الحاصل؛ و أمّا على ما اخترناه فيكون تمامه للمتقبّل
(2). الامام الخميني: و لصاحب الأرض قلعه و مطالبة الاجرة لو أراد الطرف بقائه و كان الزرع له
(3). الگلپايگاني: ممّا سقط بغير اختيار بالنسبة إلى ما مضى قبل تبيّن ذلك؛ و أمّا بالنسبة إلى بقائه فللمالك أن يطالبه بقلعه أو دفع الاجرة، و أمّا أصل الزرع فإن لم يعرض عنه مالكه و لم يقدّم مالك الأرض ببقائه مجّاناً و المفروض انقضاء زمان المزارعة فلمالك الأرض الاجرة حتّى للبذر المشترك بالنسبة إلى حصّة الشريك
مكارم الشيرازي: لكن للمالك قلعه أو إبقاؤه مع الاجرة
(4). الامام الخميني: لا اختصاص بالمالك في الإشكال المذكور، بل لا يبعد تقديم قول مدّعي الكثرة إذا كانت دعوى مدّعي القلّة في الفرض راجعة إلى دعوى المزارعة الفاسدة
(5). مكارم الشيرازي: العبارة لا تخلو عن إبهام؛ فإن كان المراد الاختلاف في متعلّق المزارعة من الأرض و البذر، فالتحالف في محلّه، و إن كان في مقدار الحصّة و المدّة فهو عين ما سبق من أنّ القول قول منكر الزيادة؛ و مجرّد اتّفاقهما على وقوع العقد مع الخلاف في محتواه، غير كافٍ
(6). الامام الخميني: هذا الكلام يأتي في جميع موارد الاختلاف في العقود الّتي مرجعها إلى الزيادة و النقيصة، فمع كون محطّ الدعوى كيفيّة وقوع العقد يقع الكلام في أنّ الميزان في تشخيص المدّعي و المنكر هل هو محطّ الدعوى في مثل المقام أو مرجعها؟ فإن قلنا بالأوّل يكون من التحالف، و إن قلنا بالثاني يكون من الحلف و الإحلاف، و المسألة بعد تحتاج إلى زيادة تأمّل؛ و لعلّ الموارد مختلفة، و لا يبعد في مثل المقام ترجيح الثاني
الخوئي: بل الظاهر أنّ القول قول من يدّعي القلّة
الگلپايگاني: بل الظاهر تقديم قول مدّعي وقوعه على القليل، لأنّ اختلافهما في مقدار الزيادة
العروة الوثقى مع التعليقات، ج2، ص: 659
عدم الزيادة.
مسألة 24: لو اختلفا في اشتراط كون البذر أو العمل أو العوامل على أيّهما، فالمرجع التحالف (1)، و مع حلفهما أو نكولهما تنفسخ المعاملة (2).
مسألة 25: لو اختلفا في الإعارة و المزارعة، فادّعى الزارع أنّ المالك أعطاه الأرض عارية للزراعة، و المالك ادّعى المزارعة، فالمرجع التحالف (3) أيضاً، و مع حلفهما أو نكولهما تثبت اجرة المثل (4) للأرض (5)، فإن كان بعد البلوغ فلا إشكال (6)، و إن كان في الأثناء فالظاهر جواز الرجوع للمالك؛ و في وجوب إبقاء الزرع إلى البلوغ عليه مع الاجرة إن أراد الزارع، و عدمه و جواز أمره بالإزالة، وجهان (7)؛ و إن كان النزاع قبل نثر الحبّ فالظاهر الانفساخ بعد حلفهما أو نكولهما.
مسألة 26: لو ادّعى المالك الغصب، و الزارع ادّعى المزارعة، فالقول قول المالك (8) مع يمينه على نفي المزارعة.
مسألة 27: في الموارد الّتي للمالك قلع زرع الزارع، هل يجوز له ذلك بعد تعلّق الزكاة و قبل البلوغ؟ قد يقال بعدم الجواز إلّا أن يضمن حصّتها للفقراء، لأنّه ضرر عليهم (9)؛
______________________________
(1). الامام الخميني: إذا كان النزاع قبل العمل في العامل و العوامل
الگلپايگاني: إذا ادّعى كلّ منهما شرطاً على الآخر و أنكر ما ادّعى عليه الآخر
(2). الامام الخميني: لا يبعد بقاء المعاملة و الرجوع فيما اختلفا فيه بالقرعة أو التنصيف، و القرعة أوفق
(3). الامام الخميني: يأتي فيه الكلام السابق
(4). الامام الخميني: مع عدم كون حصّة المالك أقلّ من اجرة المثل
(5). مكارم الشيرازي: لا يخلو عن إشكال، لعدم وضوح دليله
(6). الخوئي: الظاهر أنّه لا وجه للتحالف في هذه الصورة، لأنّ الزارع لا يدّعي على المالك شيئاً؛ و أمّا المالك فهو يدّعي الاشتراك في الحاصل، فعليه الإثبات
(7). الگلپايگاني: أقواهما الثاني
مكارم الشيرازي: لا يبعد وجوب إبقائه إذا فرض كون العارية لذلك، فإنّ الزارع له حقّ الإبقاء، فإنّه من لوازم العارية لها، و احترام مال المسلم يقتضي اجرة المثل؛ فتأمّل
(8). الامام الخميني: لا بمعنى ثبوت عنوان الغصب و ترتّب آثاره، بل بمعنى الحكم بعدم المزارعة بعد الحلف
(9). مكارم الشيرازي: و لكن إبقاؤها من غير رضى المالك ضرر عليه أيضاً، و لا يعارض ضرره بغيره، كما لا يخفى
العروة الوثقى مع التعليقات، ج2، ص: 660
و الأقوى الجواز، و حقّ الفقراء يتعلّق بذلك الموجود و إن لم يكن بالغاً.
مسألة 28: يستفاد من جملة من الأخبار أنّه يجوز لمن بيده الأرض الخراجيّة أن يسلّمها إلى غيره ليزرع لنفسه و يؤدّي خراجها عنه، و لا بأس به.