مسألة 1: إذا تنازعا في أصل الإجارة، قدّم قول منكرها (2) مع اليمين (3)، فإن كان هو المالك استحقّ اجرة المثل دون ما يقوله المدّعي، و لو زاد عنها لم يستحقّ تلك الزيادة (4) و إن وجب على المدّعي المتصرّف إيصالها إليه، و إن كان المنكر هو المتصرّف فكذلك لم يستحقّ المالك إلّا اجرة المثل، و لكن لو زادت عمّا يدّعيه من المسمّى لم يستحقّ الزيادة (5)، لاعترافه بعدم استحقاقها، و يجب على المتصرّف (6) إيصالها إليه (7)؛ هذا إذا كان النزاع بعد استيفاء المنفعة، و إن كان قبله رجع كلّ مال إلى صاحبه.
مسألة 2: لو اتّفقا على أنّه أذن للمتصرّف في استيفاء المنفعة و لكنّ المالك يدّعي أنّه على وجه الإجارة بكذا أو الإذن بالضمان و المتصرّف يدّعي أنّه على وجه العارية، ففي تقديم أيّهما وجهان (8)، بل قولان؛ من أصالة البراءة بعد فرض كون التصرّف جائزاً (9)، و من
______________________________
(1). مكارم الشيرازي: و حينئذٍ يأتي أحكام تعارض الضررين، و قد ذكرنا في محلّه أنّ بناء العقلاء فيه على الأخذ بما هو أقلّ ضرراً مع تضمين القيمة إيّاهما إذا لم يكن أحدهما سبباً؛ فلو كان ضرر المستأجر أعظم كان له الإبقاء مع الاجرة، و لو كان ضرر المالك أعظم كان له محو الآثار بلا عوض
(2). الامام الخميني: إطلاقه لا يخلو من إشكال، و كذا في إطلاق توجّه اليمين إلى المنكر
(3). الخوئي: هذا فيما إذا ادّعى المالك الإجارة بأكثر من أجرة المثل أو ادّعى المتصرّف الإجارة بأقلّ منها؛ و أمّا إذا انعكس الأمر فهو من تعارض الإقرارين و لا مقتضى فيه لتوجّه اليمين على المالك أو المتصرّف
(4). الگلپايگاني: و لم تسمع دعواها لعدم الفائدة فيها
مكارم الشيرازي: بل لا معنى هنا لإقامة الدعوى، لأنّ استحقاقه لمقدار اجرة المثل هو القدر المتيقّن، و المفروض أنّه لا يدّعي الزائد؛ و هكذا الكلام في عكس المسألة فيما يأتي
(5). الگلپايگاني: و لم تسمع دعواها، كما مرّ
(6). الخوئي: إذا علم بصحّة دعواه لا لمجرّد إقراره
(7). مكارم الشيرازي: لكن وجوبه التكليفيّ الإلهيّ ليس متفرّعاً على قول المدّعي في مقام الدعوى، فإنّه قد يكون كذباً، بل على أن يرى نفسه في الواقع مديوناً له
(8). الامام الخميني: الأقوى هو التحالف في مصبّ الدعويين، و بعده يثبت اجرة المثل تقديماً للأصل الحاكم على أصل البراءة
(9). الگلپايگاني: فليس للعارية أثر حتّى ينتفي بالأصل لينجرّ إلى التحالف، فيقدّم قول المتصرّف و يحكم ببراءة ذمّته
العروة الوثقى مع التعليقات، ج2، ص: 532
أصالة احترام مال المسلم (1) الّذي لا يحلّ إلّا بالإباحة، و الأصل عدمها، فتثبت اجرة المثل بعد التحالف، و لا يبعد ترجيح الثاني (2)، و جواز التصرّف أعمّ من الإباحة.
مسألة 3: إذا تنازعا في قدر المستأجر، قدّم قول مدّعي الأقلّ (3).
مسألة 4: إذا تنازعا في ردّ العين المستأجرة، قدّم قول المالك (4).
مسألة 5: إذا ادّعى الصائغ أو الملّاح أو المكاري تلف المتاع من غير تعدٍّ و لا تفريط، و أنكر المالك التلف أو ادّعى التفريط أو التعدّي، قدّم قولهم (5) مع
______________________________
(1). الگلپايگاني: و عليها فالعارية رافعة للضمان و الأصل عدمها و الإجارة توجب الاجرة المسمّاة و الأصل عدمها، فيحكم بأُجرة المثل بعد التحالف إن لم تكن زائدة عما يدّعيه المالك
(2). الخوئي: و الأظهر هو ترجيح الأوّل، و ذلك لعدم الموجب للضمان إلّا أحد أمرين: الأوّل: الاستيلاء على مال الغير بدون إذنه. الثاني: الالتزام بالضمان العقدي؛ و الأوّل في المقام مفروض الانتفاء و الثاني لم يثبت
الگلپايگاني: و هو الأقوى، لكن لا لما ذكر، بل لأنّ إتلاف المنافع لم يكن مأذوناً فيه و الأصل بقاؤها كما كان و المنافع مسبوقة بملكيّة المالك و الأصل بقاؤها كما كانت، فقاعدة الإتلاف تقتضي الضمان و احتمال التخصّص أو التخصيص ينتفي بالأصل الموضوعي
مكارم الشيرازي: بل هو الأقوى، فإنّه لا ينبغي الشكّ في أنّ التصرّف في مال الغير يوجب الضمان إلّا أن يقوم دليل على الإباحة؛ و هذا هو الموافق لقاعدة اليد و بناء العقلاء و احترام مال المسلم و من هو بمنزلته؛ هذا، و ليعلم أنّ مقتضى التحالف نفي الإجارة و العارية كليهما، فيرجع إلى اجرة المثل؛ اللّهم إلّا أن يكون اجرة المثل أكثر من مال الإجارة، فإنّه لا وجه هنا للحلف على عدم الإجارة بعد عدم تأثير دعواها في شيء
(3). مكارم الشيرازي: إذا كان من جنس واحد، بل و مصداق واحد؛ كما إذا ادّعى المالك أنّه أجاره ناقتين معلومتين، و ادّعى هو أكثر؛ و الوجه فيه ظاهر
(4). مكارم الشيرازي: و العمدة فيه أنّه داخل في قوله صلى الله عليه و آله: البيّنة على المدّعي و اليمين على من أنكر؛ و القول بأنّه أمين يقبل قوله، مدفوع بعدم قيام دليل على قبول قول الأمين حتّى في مثل الردّ؛ و إن شئت قلت: الردّ هو انتهاء الأمانة و انتفاء موضوعها، و المسلّم من قبول قوله قبوله ما دامت الأمانة باقية
(5). مكارم الشيرازي: الأقوى عدم ضمانهم عند عدم التعدّي و التفريط، و لكن هذا بحسب مقام الثبوت؛ و أمّا بحسب مقام الإثبات فلا يبعد عدم قبول قولهم، فيحكم بضمانهم إلّا في صورتين: إحداهما كونهم ثقات مؤتمنين، و الثانية إذا أقاموا البيّنة على عدم التعدّي و التفريط أو كان هناك أمر بيّن، كما إذا دلّت الأمارات على وقوع حرق أو غرق في دكّانه فذهب بجميع متاعه، و منه مال المدّعي. و قد وقع الخلط بين المقامين في كلمات القوم و أشكل عليهم طريق الجمع بين الروايات الكثيرة المتضافرة؛ و الظاهر أنّ الطريق الوحيد في الجمع هو ما ذكرنا، و هي طوائف أربعة: ما دلّ على الضمان مطلقاً، و ما دلّ على عدمه مطلقاً، و ما دلّ على استثناء الأمين، و ما دلّ على استثناء إقامة البيّنة أو قيام أمر بيّن. ورد هذه الروايات في الباب 29 و 30 من أبواب أحكام الإجارة؛ و طريق الجمع ما عرفت
العروة الوثقى مع التعليقات، ج2، ص: 533
اليمين (1) على الأقوى (2).
مسألة 6: يكره (3) تضمين (4) الأجير في مورد ضمانه (5)، من قيام البيّنة على إتلافه أو تفريطه في الحفظ أو تعدّيه أو نكوله عن اليمين أو نحو ذلك.
مسألة 7: إذا تنازعا في مقدار الاجرة، قدّم قول المستأجر (6).
مسألة 8: إذا تنازعا في أنّه آجره بغلًا أو حماراً، أو آجره هذا الحمار مثلًا أو ذاك، فالمرجع التحالف (7)، و كذا لو اختلفا في الاجرة أنّها عشرة دراهم (8) أو دينار.
______________________________
(1). الخوئي: هذا فيما إذا لم يكونوا متّهمين، و إلّا فالقول قول المالك و هم مطالبون بالإثبات شرعاً
(2). الگلپايگاني: و إن كان الأحوط التصالح
(3). الامام الخميني: ثبوت الكراهة بهذا الإطلاق محلّ تأمّل؛ نعم، يستحبّ التفضّل عليه
(4). الخوئي: لم يظهر مستند الحكم بالكراهة
(5). مكارم الشيرازي: فإنّ ترك تضمينه إحسان إليه، فيدخل في عموم أدلّة الإحسان، لا سيّما إذا كان محلًاّ له، مضافاً إلى الإشارة إليه في بعض الروايات؛ و لو أبدل الكراهة باستحباب ترك تضمينه، كان أولى
(6). مكارم الشيرازي: و الوجه فيه ظاهر، لأنّه مدّعي الأقلّ؛ و لو فرض أنّ المستأجر ادّعى الأكثر لغرض من الأغراض، كان القول قول المؤجر
(7). الگلپايگاني: و الأقوى تقديم قول المؤجر مع الحلف في الأوّل و تقديم قول المستأجر مع الحلف في الثاني
مكارم الشيرازي: و قد توهّم بعض الأكابر أنّ المسألة من باب المدّعي و المنكر، لأنّهما توافقا على استحقاق الاجرة المعلومة؛ إنّما الخلاف في أنّ المستأجر يدّعي وقوع الإجارة على العين الفلاني و المالك ينكره، فالقول قوله؛ و في اختلاف الثمن، الأمر بالعكس. و فيه:
أوّلًا: إنّه اذا انتفى قول المستأجر بيمين الموجر، فلا يبقى استحقاق الاجرة متيقّناً؛
و ثانياً: إنّ النزاع في أنّ مال الإجارة ملك له بإزاء منفعة هذا الحيوان أو ذاك؛ و هذا من باب التداعي و التحالف؛ و بالجملة عدم انطباق ضابطة المدّعي و المنكر على المستأجر و الموجر هنا، يعلم بمراجعة العرف الّذي هو المعيار في المسألة
(8). الامام الخميني: لا يبعد تقديم قول المستأجر في خصوص المثال في بعض الأحيان؛ نعم، لو اختلفا في الاجرة أنّها من الحنطة أو الشعير فالمرجع التحالف
العروة الوثقى مع التعليقات، ج2، ص: 534
مسألة 9: إذا اختلفا في أنّه شرط أحدهما على الآخر شرطاً أو لا، فالقول قول منكره (1).
مسألة 10: إذا اختلفا في المدّة أنّها شهر أو شهران مثلًا، فالقول قول منكر الأزيد (2).
مسألة 11: إذا اختلفا في الصحّة و الفساد، قدّم قول من يدّعي الصحّة (3).
مسألة 12: إذا حمل المؤجر متاعه إلى بلد، فقال المستأجر: استأجرتك على أن تحمله إلى البلد الفلاني غير ذلك البلد، و تنازعا (4)، قدّم قول المستأجر (5)، فلا يستحقّ المؤجر اجرة
______________________________
(1). مكارم الشيرازي: و المسألة واضحة، و القول بأنّ أحدهما يدّعي الإنشاء بخصوصيّة الإطلاق و الآخر مع القيد فكلاهما مدّعيان، جزاف من القول، لما عرفت من أنّ المعيار في المدّعي و المنكر هو نظر العرف و ليس مبنيّاً على هذه التدقيقات
(2). مكارم الشيرازي: هذا إذا ادّعى المالك مثلًا أنّه آجره الدار شهراً بدينار و المستأجر شهرين بدينارين؛ أمّا لو قال المالك: آجرتك شهراً بدينارين، و قال المستأجر: بل شهرين بكذا درهم أو بدينار فهو من قبيل التحالف، لأنّه في الواقع لا يتوافقان على شيء، بل أحدهما يدّعي شهراً بدينار و الثاني بنصف دينار مثلًا أو بكذا درهم؛ و كان على المصنّف و المحشّين التصريح بالتفصيل
(3). مكارم الشيرازي: و العمدة فيه أنّ ظاهر حال كلّ مسلم بل كلّ عاقل، الإتيان بالعمل الصحيح إذا كان بصدده؛ و هذا الظهور حجّة عند العقلاء و لم يمنع منه الشارع، فلا يقبل قول مدّعي الفساد ما لم يقم دليلًا عليه
(4). الامام الخميني: إن كان التنازع في أنّ الأجير يدّعي الاستيجار لهذا البلد و المستأجر يدّعي لبلد آخر، كما هو الظاهر، فالمرجع التحالف
الگلپايگاني: بأن قال الأجير: استأجرتني لأحمله إلى ما حملته إليه
(5). الخوئي: هذا إنّما يتمّ على مسلكه قدس سره من انفساخ الإجارة بتفويت المؤجر محلّها؛ و أمّا على ما بنينا عليه من ثبوت الخيار للمستأجر، فإن لم يفسخ و طالب بأُجرة المثل و كانت زائدة على الاجرة المسمّاة أو مباينة لها لزم التحالف؛ و بذلك يظهر الحال في المسألة الآتية
الگلپايگاني: قدّم قوله مع يمينه لنفي ما يدّعي عليه الأجير من الاجرة دون ما يدّعي عليه من استحقاق حمله إلى مكان آخر، فإنّه يقدّم فيه قول الأجير مع يمينه
مكارم الشيرازي: بل هو من باب التحالف، فلا يستحقّ الموجر اجرةً و لا المستأجر عملًا على الموجر، لأنّ كلّ واحد يدّعي عقداً غير الآخر؛ فأفرض هذا النزاع قبل الحمل (كما سيأتي) فقال أحدهما أنت أجير على هذا الفعل، و قال الآخر بل على فعل آخر؛ فهل يشكّ أحد من أهل العرف الّذي يكون فهمهم مدار تشخيص المدّعي و المنكر على أنّهما متداعيان؟ فحينئذٍ يتحالفان و تبطل الإجارة؛ و إذا كان بعد العمل أيضاً يتحالفان، فلا يستحقّ الأجير شيئاً من الاجرة و لا المستأجر شيئاً من العمل الّذي يدّعيه، بل كلّ منهما لصاحبه؛ و الأحوط التصالح
العروة الوثقى مع التعليقات، ج2، ص: 535
حمله، و إن طلب منه الردّ إلى المكان الأوّل وجب عليه (1) و ليس له ردّه إليه إذا لم يرض، و يضمن له إن تلف أو عاب، لعدم كونه أميناً حينئذٍ في ظاهر الشرع.
مسألة 13: إذا خاط ثوبه قباءً، و ادّعى المستأجر أنّه أمره بأن يخيطه قميصاً (2)، فالأقوى تقديم قول المستأجر، لأصالة عدم الإذن في خياطته قباءً؛ و على هذا فيضمن له عوض النقص الحاصل من ذلك و لا يجوز له نقضه (3) إذا كان الخيط للمستأجر، و إن كان له كان له و يضمن النقص الحاصل من ذلك، و لا يجب عليه قبول عوضه لو طلبه المستأجر، كما ليس عليه قبول عوض الثوب لو طلبه المؤجر. هذا، و لو تنازعا في هذه المسألة و المسألة المتقدّمة قبل الحمل (4) و قبل الخياطة، فالمرجع التحالف (5).
مسألة 14: كلّ من يقدّم قوله في الموارد المذكورة، عليه اليمين للآخر (6).
______________________________
(1). الگلپايگاني: فيه تأمّل، فإنّ الواجب هو الردّ إلى المالك، و أمّا إلى المكان الأوّل فلا دليل عليه
مكارم الشيرازي: لا يخلو من إشكال، نظراً إلى أنّ أصل عدم الإذن لا يكون مثبتاً للوازمه، فتأمّل؛ و أمّا الضمان، فهو مقتضى اليد إلّا ما خرج بالدليل
(2). مكارم الشيرازي: يظهر الكلام فيه ممّا مرّ في المسألة السابقة، و أنّه قد يكون من باب التداعي
(3). مكارم الشيرازي: كثيراً ما يكون الخيط كالتالف، فحينئذٍ لا يجوز له نقضه، بل لو لم يكن كالتالف أيضاً يشكل نقضه إذا أوجب النقض نقصاً في الثوب، فإنّه عليه حرام و ليس لماله حرمة مع إقدامه؛ نعم، يجوز له أخذ بدله. و من هنا يظهر الجواب عن قول بعضهم: إنّ سلطان كلّ واحد من المالكين قائم على ملكه
(4). الگلپايگاني: قد مرّ أنّ الحكم في المسألة المتقدّمة التحالف حتّى بعد الحمل، و الفرق بين المسألتين واضح؛ نعم، لو طلب المستأجر خياطة الثوب قميصاً بعد ما خاطه قباءً فالمسألتان من وادٍ واحد
(5). الامام الخميني: التحالف بالنسبة إلى المسألة السابقة صحيح قبل الحمل و بعده؛ و أمّا في هذه المسألة قبل الخياطة و التفصيل، فالدعوى من الطرفين غير مسموعة، فإنّ مجرّد الأمر لا يوجب شيئاً، إلّا أن يكون المراد في أصل المسألة اختلافهما في الاستيجار على خياطة القباء و القميص، فحينئذٍ يكون المرجع التحالف مطلقاً كما في المسألة السابقة
(6). مكارم الشيرازي: لأنّ الدعوى لا تنتهي إلّا ببيّنة أو يمين بمقتضى إطلاق أدلّتها
العروة الوثقى مع التعليقات، ج2، ص: 536