يملك المستأجر المنفعة في إجارة الأعيان و العمل في الإجارة على الأعمال بنفس العقد، من غير توقّف على شيء، كما هو مقتضى سببيّة العقود، كما أنّ المؤجر يملك (2) الاجرة ملكيّةً متزلزلةً (3) به كذلك، و لكن لا يستحقّ المؤجر مطالبة الاجرة إلّا بتسليم العين أو العمل، كما لا يستحقّ المستأجر مطالبتهما إلّا بتسليم الاجرة كما هو مقتضى المعاوضة. و تستقرّ ملكيّة الاجرة باستيفاء المنفعة أو العمل أو ما بحكمه؛ فأصل الملكيّة للطرفين موقوف على تماميّة العقد، و جواز المطالبة موقوف على التسليم، و استقرار ملكيّة الاجرة موقوف على استيفاء المنفعة أو إتمام العمل أو ما بحكمهما، فلو حصل مانع عن الاستيفاء (4) أو عن العمل تنفسخ الإجارة (5)، كما سيأتي تفصيله.
مسألة 1: لو استأجر داراً مثلًا و تسلّمها و مضت مدّة الإجارة، استقرّت الاجرة عليه؛
______________________________
(1). الگلپايگاني: قد مرّ الإشكال و الاحتياط فيه
(2). الامام الخميني: إلّا في بعض موارد يأتي التصريح به منه
(3). الخوئي: لا فرق في ملكيّة الاجرة و ملكيّة المنفعة في أنّ كلتيهما مستقرّة من جهة العقد و متزلزلة من جهة احتمال الانفساخ
(4). الگلپايگاني: المانع عن الاستيفاء لا يوجب الانفساخ إذا كانت العين قابلة للانتفاع بها و المنفعة قابلة للاستيفاء و المؤجر باذلًا للعين
(5). مكارم الشيرازي: إلّا إذا كان الموجر و الأجير باذلًا للعين أو لنفسه و كان المانع من قبل المستأجر، فحينئذٍ يستحقّ الاجرة
العروة الوثقى مع التعليقات، ج2، ص: 490
سواء سكنها أو لم يسكنها باختياره؛ و كذا إذا استأجر دابّة للركوب أو لحمل المتاع إلى مكان كذا و مضى زمان يمكن له ذلك، وجب عليه الاجرة و استقرّت و إن لم يركب أو لم يحمل، بشرط أن يكون مقدّراً بالزمان المتّصل بالعقد، و أمّا إذا عيّنا وقتاً فبعد مضيّ ذلك الوقت، هذا إذا كانت الإجارة واقعة على عين معيّنة شخصيّة في وقت معيّن؛ و أمّا إن وقعت على كلّي و عيّن في فرد و تسلّمه، فالأقوى أنّه كذلك مع تعيين الوقت و انقضائه؛ نعم، مع عدم تعيين الوقت فالظاهر عدم (1) استقرار (2) الاجرة (3) المسمّىٰ (4) و بقاء الإجارة و إن كان ضامناً لُاجرة المثل لتلك المدّة من جهة تفويته المنفعة على المؤجر.
مسألة 2: إذا بذل المؤجر العين المستأجرة للمستأجر و لم يتسلّم حتّى انقضت المدّة، استقرّت عليه الاجرة، و كذا إذا استأجره ليخيط له ثوباً معيّناً مثلًا في وقت معيّن و امتنع من دفع الثوب إليه حتّى مضى ذلك الوقت، فإنّه يجب عليه دفع الاجرة؛ سواء اشتغل في ذلك الوقت مع امتناع المستأجر من دفع الثوب إليه بشغل آخر لنفسه أو لغيره، أو جلس فارغاً (5).
مسألة 3: إذا استأجره لقلع ضرسه و مضت المدّة الّتي يمكن إيقاع ذلك فيها و كان المؤجر باذلًا نفسه، استقرّت الاجرة؛ سواء كان المؤجر حرّاً أو عبداً بإذن مولاه. و احتمال الفرق بينهما بالاستقرار في الثاني دون الأوّل لأنّ منافع الحرّ لا تضمن إلّا بالاستيفاء، لا
______________________________
(1). الامام الخميني: بل الظاهر استقرارها مع انقضاء زمان يمكن الاستيفاء و عدم ضمان اجرة المثل
(2). الگلپايگاني: بل الظاهر الاستقرار إذا كان التسليم بعنوان الوفاء، حيث لا يعتبر فيه وقت؛ نعم، إن كان بعنوان الأمانة و إيكال الوقت إلى المستأجر فلا تستقرّ الاجرة المسمّاة إلّا بعد التعيين و يضمن اجرة المثل قبله إن لم يأذن في بقائه عنده مجّاناً
(3). مكارم الشيرازي: بل الأقوى استقرار الاجرة إذا عيّن الكليّ في فرد و تسلّمه بعنوان الوفاء، فإنّ مصداق الوفاء بالعقد حاصل إذا كان من باب صرف الوجود، كما هو الظاهر من كلامه
(4). الخوئي: بل الظاهر استقرارها، و قد التزم قدس سره باستقرارها في العين الشخصيّة، إذ لا فرق بين العين الشخصيّة و الكليّة بعد ما كان التعيين بيد المؤجر
(5). مكارم الشيرازي: إذا اشتغل الأجير بشغل آخر لنفسه أو لغيره، أشكل استحقاقه لتمام الاجرة، لا سيّما إذا كان مدّة الإجارة طويلة، فإنّه عرفاً من قبيل الجمع بين العوض و المعوّض و إن لم يكن منه بالدقّة العقليّة
العروة الوثقى مع التعليقات، ج2، ص: 491
وجه له، لأنّ منافعه بعد العقد عليها صارت مالًا للمستحقّ، فإذا بذلها و لم يقبل كان تلفها منه، مع أنّا لا نسلّم أنّ منافعه لا تضمن إلّا بالاستيفاء (1)، بل تضمن بالتفويت (2) أيضاً (3) إذا صدق ذلك، كما إذا حبسه و كان كسوباً فإنّه يصدق في العرف أنّه فوّت عليه كذا مقداراً؛ هذا، و لو استأجره لقلع ضرسه فزال الألم (4) بعد العقد، لم تثبت الاجرة (5)، لانفساخ الإجارة (6) حينئذٍ.
مسألة 4: إذا تلفت العين المستأجرة قبل قبض المستأجر بطلت الإجارة، و كذا إذا تلفت عقيب قبضها بلا فصل؛ و أمّا إذا تلفت بعد استيفاء (7) منفعتها في بعض المدّة فتبطل بالنسبة إلى بقيّة المدّة (8)، فيرجع من الاجرة (9) بما قابل المتخلّف (10) من المدّة، إن نصفاً فنصفٌ و إن ثلثاً فثلثٌ، مع تساوي الأجزاء بحسب الأوقات، و مع التفاوت تلاحظ النسبة.
مسألة 5: إذا حصل الفسخ في أثناء المدّة بأحد أسبابه، تثبت الاجرة المسمّاة بالنسبة
______________________________
(1). مكارم الشيرازي: و بالجملة، المدار على صدق تفويت المنافع عرفاً، فإنّ قاعدة الإتلاف قاعدة عقلائيّة أمضاها الشرع، و هذه القاعدة عندهم لا تختصّ بالأعيان، بل تشمل المنافع، حتّى في مثل الحرّ الكسوب. و ما في بعض الحواشي من أنّ صدق التفويت تسامحيّ، يردّه بناء العقلاء عليه في امورهم قطعاً و تدور عليها رحى أعمالهم؛ و أشكل منه ما في بعض آخر من صدق التفويت، فهو أيضاً غير كافٍ، فإنّه لا دليل على أنّ كلّ تفويت يوجب الضمان؛ انتهى. و لكنّ الإنصاف أنّ التفويت في الأموال و المنافع من أسباب الضمان بين العقلاء و لم يردع عنه الشرع
(2). الگلپايگاني: مشكل، بل الظاهر عدم الضمان
(3). الخوئي: التفويت في نفسه ليس من أسباب الضمان، و عليه فلا ضمان على الأقوى
(4). الگلپايگاني: بحيث يحرم قلعه
(5). مكارم الشيرازي: مجرّد زوال الألم في الضرس غير كافٍ، بل اللازم زوال علّة قلع الضرس؛ و الظاهر أنّ مراده أيضاً هذا المعنى و إن كانت العبارة قاصرة
(6). الخوئي: في إطلاقه منع ظاهر، بل الظاهر عدم الانفساخ مطلقاً
(7). الامام الخميني: بل بعد مضيّ بعض المدّة مع إمكان الاستيفاء
(8). الگلپايگاني: و لا يبعد أن يكون للمستأجر خيار التبعّض بالنسبة إلى ما مضى إن كان التبعّض ضرريّاً
(9). الخوئي: هذا إذا لم يفسخ الإجارة من أصلها، و إلّا فيرجع إلى المؤجر بتمام الاجرة و يجب عليه دفع اجرة المثل بالإضافة إلى ما مضى
(10). مكارم الشيرازي: بطلان الإجارة في البعض لا يوجب خيار تبعّض الصفقة، كما توهّم، لأنّ المفروض أنّه تصرّف في البعض و أتلفه
العروة الوثقى مع التعليقات، ج2، ص: 492
إلى ما مضى، و يرجع منها بالنسبة إلى ما بقي (1)، كما ذكرنا في البطلان على المشهور، و يحتمل قريباً (2) أن يرجع تمام المسمّى (3) و يكون للمؤجر اجرة المثل بالنسبة إلى ما مضى، لأنّ المفروض أنّه يفسخ العقد الواقع أوّلًا، و مقتضى الفسخ عود كلّ عوض إلى مالكه، بل يحتمل أن يكون الأمر كذلك في صورة البطلان أيضاً، لكنّه بعيد.
مسألة 6: إذا تلف بعض العين المستأجرة، تبطل بنسبته و يجيء خيار تبعّض الصفقة.
مسألة 7: ظاهر كلمات العلماء (4) أنّ الاجرة من حين العقد مملوكة للمؤجر بتمامها، و بالتلف قبل القبض أو بعده أو في أثناء المدّة ترجع إلى المستأجر كلًاّ أو بعضاً من حين البطلان، كما هو الحال عندهم في تلف المبيع قبل القبض، لا أن يكون كاشفاً عن عدم ملكيّتها من الأوّل؛ و هو مشكل (5)، لأنّ مع التلف ينكشف عدم كون المؤجر مالكاً للمنفعة
______________________________
(1). الگلپايگاني: و للمتضرّر بالتبعّض خياره إن لم يكن التبعّض مستنداً إليه
(2). الامام الخميني: هذا هو الأقوى فيما إذا كان حقّ الفسخ و الخيار بسبب كان حين العقد، كما إذا تبيّن الغبن أو وجد العيب السابق؛ و أمّا مع عروض ذلك في الأثناء فالأقوى هو التوزيع
الگلپايگاني: بل هو المتعيّن في الخيارات الثابتة بالنصّ المستفاد منها حقّ فسخ مجموع العقد بمقتضى ظهور الدليل أو المتيقّن منه؛ و أمّا الخيارات الناشئة من الضرر أو الشرط أو تخلّف الوصف أو الشرط فالظاهر أنّه لا مانع في فسخ البعض، و ضرر التبعّض ينجبر بخياره
(3). الخوئي: هذا الاحتمال هو المتعيّن، إلّا أن يكون الخيار ثابتاً بالاشتراط الظاهر عرفاً في تقسيط الاجرة المسمّاة
مكارم الشيرازي: هذا الاحتمال قويّ إذا كان سبب الخيار من أوّل الأمر مثل الغبن؛ أمّا إذا كان من قبيل خيار الشرط و فسخ به بعد حين، فضمان المسمّى أقوى؛ و توهّم أنّ العقد إذا انفسخ لا بدّ أن ينفسخ في كلّه لا في بعضه، لأنّه أمر واحد، مدفوع جدّاً بأنّ التجزئة في الفسخ في البيع و غيره أمر جائز؛ أ لا ترى أنّه لو باع حيواناً مع غيره، كان له الفسخ في خصوص الحيوان، كما صرّحوا به؟ أضف إلى ذلك أنّه في المقام استوفي بعض المنافع و انعدم، فيجوز له الفسخ فيما بقي
(4). الگلپايگاني: في استظهار ذلك من كلماتهم تأمّل و إن كان له وجه، و الأقوى ما في المتن
(5). مكارم الشيرازي: لا إشكال فيه؛ و ما ذكره من الإشكال و الفرق بين مسألة الإجارة و البيع، قابل للدفع و المنع، لأنّ العين المستأجرة بحسب طبعها أيضاً قابلة للبقاء و هذا كافٍ، و أمّا إذا لوحظ بالنسبة إلى علم اللّه- تبارك و تعالى- فالعين الّذي ينعدم بعد البيع بلحظة في علم اللّه، فهو أيضاً لا ماليّة له. و بالجملة، المدار في المعاملات الدارجة بين العقلاء على قابليّة العين للبقاء بحسب طبعه، و حينئذٍ يملك الموجر مال الإجارة و إن انعدمت العين المستأجرة لبعض السوانح؛ نعم، لو كانت بحسب طبيعتها غير قابلة للبقاء إلى مدّة معيّنة، لم تصحّ إجارتها إلى تلك المدّة من أوّل الأمر، و يكفي في وجود المنافع وجودها بالقوّة؛ و من هنا يظهر الحال في سائر ما يترتّب عليه من الفروع
العروة الوثقى مع التعليقات، ج2، ص: 493
إلى تمام المدّة، فلم ينتقل ما يقابل المتخلّف من الأوّل إليه؛ و فرق واضح بين تلف المبيع قبل القبض و تلف العين هنا، لأنّ المبيع حين بيعه كان مالًا موجوداً قوبل بالعوض، و أمّا المنفعة في المقام فلم تكن موجودة حين العقد و لا في علم اللّه إلّا بمقدار بقاء العين، و على هذا فإذا تصرّف في الاجرة يكون تصرّفه بالنسبة إلى ما يقابل المتخلّف فضوليّاً (1). و من هذا يظهر أنّ وجه البطلان في صورة التلف كلًاّ أو بعضاً، انكشاف عدم الملكيّة للمعوّض.
مسألة 8: إذا آجر دابّة كلّية و دفع فرداً منها فتلف، لا تنفسخ الإجارة، بل ينفسخ الوفاء (2)، فعليه أن يدفع فرداً آخر.
مسألة 9: إذا آجره داراً فانهدمت، فإن خرجت عن الانتفاع (3) بالمرّة (4) بطلت، فإن كان قبل القبض أو بعده قبل أن يسكن (5) فيها (6) أصلًا رجعت الاجرة بتمامها، و إلّا فبالنسبة و يحتمل تمامها في هذه الصورة أيضاً و يضمن اجرة المثل بالنسبة إلى ما مضى، لكنّه بعيد (7)؛ و إن أمكن الانتفاع بها (8) مع ذلك كان للمستأجر الخيار بين الإبقاء و الفسخ، و إذا فسخ كان
______________________________
(1). الگلپايگاني: و كذا نماؤه
(2). الامام الخميني: لا يخفى ما في التعبير من المسامحة
(3). الامام الخميني: أي الّذي هو مورد الإجارة
(4). الگلپايگاني: أو خرجت عمّا استأجرها له بنحو التقييد
(5). الامام الخميني: أي بلا فصل معتدّ به، أو قبل مجيء زمان الإجارة
(6). الگلپايگاني: أي قبل مجيء الزمان الّذي آجرها لسكناه
(7). الخوئي: نعم، إلّا أنّ للمستأجر حينئذٍ خيار تبعّض الصفقة و على تقدير الفسخ يرجع بتمام الاجرة، و يضمن أُجرة المثل بالنسبة إلى ما مضى
الگلپايگاني: لكن لا يبعد ثبوت خيار التبعّض للمستأجر بالنسبة إلى ما مضى
(8). الگلپايگاني: أي الانتفاع الّذي استؤجرت له
مكارم الشيرازي: المراد هو الانتفاع الّذي ذكر في عقد الإجارة، فغيرها غير مفيد؛ و أمّا لو أطلق العقد، يكفي كلّ انتفاع معتدّ به
العروة الوثقى مع التعليقات، ج2، ص: 494
حكم الاجرة ما ذكرنا، و يقوى هنا (1) رجوع تمام المسمّى مطلقاً (2) و دفع اجرة المثل بالنسبة إلى ما مضى، لأنّ هذا هو مقتضى فسخ العقد، كما مرّ سابقاً. و إن انهدم بعض بيوتها، بقيت الإجارة بالنسبة إلى البقيّة و كان للمستأجر خيار تبعّض الصفقة، و لو بادر المؤجر إلى تعميرها بحيث لم يفت الانتفاع أصلًا ليس للمستأجر الفسخ (3) حينئذٍ على الأقوى خلافاً للثانيين.
مسألة 10: إذا امتنع المؤجر من تسليم العين المستأجرة، يجبر عليه؛ و إن لم يمكن إجباره، للمستأجر فسخ الإجارة (4) و الرجوع بالاجرة و له الإبقاء و مطالبة عوض المنفعة الفائتة؛ و كذا إن أخذها (5) منه بعد التسليم بلا فصل أو في أثناء المدّة، و مع الفسخ في الأثناء يرجع بما يقابل المتخلّف من الاجرة. و يحتمل قويّاً (6) رجوع تمام الاجرة (7) و دفع اجرة المثل لما مضى، كما مرّ نظيره سابقاً، لأنّ مقتضى فسخ العقد عود تمام كلّ من العوضين إلى مالكهما الأوّل، لكن هذا الاحتمال خلاف فتوى المشهور.
مسألة 11: إذا منعه ظالم عن الانتفاع بالعين قبل القبض، تخيّر بين الفسخ و الرجوع
______________________________
(1). الامام الخميني: بل يقوى خلافه، كما مرّ
الگلپايگاني: لا قوّة فيه، و لا مانع من فسخ البعض في أمثال المقام، و ضرر التبعّض ينجبر بالخيار، كما مرّ
(2). مكارم الشيرازي: بل هو ضعيف بعد ما عرفت من أنّ الفسخ إذا كان بعلّة متجدّدة يكون بالنسبة إلى ما بقي من المدّة و لا يشمل السابق، و قد عرفت أنّ مقتضى الفسخ يختلف باختلاف المقامات، فتارةً يوجب الانفساخ من أوّل الأمر و اخرى بالنسبة إلى الباقي؛ و لا مانع في شيء منهما عقلًا بعد دلالة الدليل
(3). مكارم الشيرازي: المدار على المبادرة قبل أوان الانتفاع بها، لا فوراً؛ فلو خربت بعض السراديب في فصل الشتاء و لم يكن لها فائدة إلّا للصيف، كفى تعميرها قبل حلوله بحيث لم تفت المنافع المقصودة
(4). الخوئي: لا يبعد ثبوت الخيار مع التمكّن من الإجبار أيضاً
(5). الامام الخميني: ثبوت الخيار بالغصب بعد القبض محلّ إشكال، بل منع
(6). الامام الخميني: مرّ ما هو الأقوى
الخوئي: مرّ أنّ هذا الاحتمال هو الأظهر
الگلپايگاني: الأقوى ثبوت الخيار له في فسخ المجموع و البعض و قد مرّ وجهه في الحواشي السابقة
(7). مكارم الشيرازي: قد عرفت أنّه لا قوّة فيه و أنّ قضيّة الفسخ تختلف باختلاف المقامات؛ و في المقام حيث إنّ الموجب له أمر متجدّد، فالفسخ يكون بالنسبة إلى ما بقي من المدّة
العروة الوثقى مع التعليقات، ج2، ص: 495
بالاجرة و بين الرجوع على الظالم بعوض ما فات. و يحتمل قويّاً (1) تعيّن الثاني (2)؛ و إن كان منع الظالم أو غصبه بعد القبض يتعيّن الوجه الثاني، فليس له الفسخ حينئذٍ؛ سواء كان بعد القبض في ابتداء المدّة أو في أثنائها؛ ثمّ لو أعاد الظالم العين المستأجرة في أثناء المدّة إلى المستأجر فالخيار باقٍ، لكن ليس له الفسخ إلّا في الجميع (3)، و ربما يحتمل (4) جواز الفسخ بالنسبة إلى ما مضى من المدّة في يد الغاصب و الرجوع بقسطه من المسمّى و استيفاء باقي المنفعة، و هو ضعيف (5)، للزوم التبعيض في العقد و إن كان يشكل الفرق بينه و بين ما ذكر من مذهب المشهور من إبقاء العقد فيما مضى و فسخه فيما بقي، إذ إشكال تبعيض العقد مشترك بينهما.
مسألة 12: لو حدث للمستأجر عذر في الاستيفاء (6)، كما لو استأجر دابّة لتحمله إلى بلد، فمرض المستأجر و لم يقدر، فالظاهر البطلان (7) إن اشترط المباشرة على وجه القيديّة، و كذا لو حصل له عذر آخر؛ و يحتمل عدم البطلان (8)؛ نعم، لو كان هناك عذر عامّ، بطلت (9)
______________________________
(1). الامام الخميني: لا قوّة فيه
الگلپايگاني: بل هو ضعيف
(2). الخوئي: هذا الاحتمال هو المتعيّن فيما إذا كان منع الظالم متوجّهاً إلى المستأجر في انتفاعه، لا إلى المؤجر في تسليمه
مكارم الشيرازي: لا قوّة فيه، بل هو مخيّر بين الفسخ و الرجوع على الظالم، لأنّ المفروض كون العين و المنافع في ضمان الموجر قبل تسليمه و أنّ العقد لا يجب الوفاء به ما لم يف به الطرف الآخر
(3). مكارم الشيرازي: قد عرفت جواز التبعيض في الفسخ و أنّه يختلف باختلاف موجبه، و لكن يحتمل فيما نحن فيه خيار التبعّض للموجر أيضاً
(4). الامام الخميني: هذا الاحتمال ضعيف، و الفرق بينه و بين ما نسب إلى المشهور ظاهر
(5). الگلپايگاني: بل هو الأقوى و لا مانع من التبعيض، كما مرّ
(6). مكارم الشيرازي: الظاهر عدم البطلان في العذر الخاصّ. و قد عرفت أنّ كون شيء شرطاً أو قيداً إنّما هو بنظر العرف، بحيث يرونه من قبيل وحدة المطلوب أو تعدّده؛ و فيما نحن فيه، الاستيفاء بشخصه من قبيل تعدّد المطلوب؛ نعم، لا يبعد تخيير الموجر أيضاً بعد امتناع الشرط و حصول التخيير للمشتري، لأنّه تخلّف للشرط بالنسبة إلى كليهما
(7). الامام الخميني: فيه تأمّل، بل عدم البطلان لا يخلو من قُرب
(8). الخوئي: هذا الاحتمال هو الأظهر
الگلپايگاني: و هو الأقوى
(9). مكارم الشيرازي: كما إذا نزل ثلج و انسدّ الطريق أو صارت الدار غير مسكونة لوقوعها في معركة القتال؛ نعم، لو كان هذا في أثناء المدّة، بطل من حينه و إن كان في أوّل الأمر بطل من أصله
العروة الوثقى مع التعليقات، ج2، ص: 496
قطعاً، لعدم قابليّة العين للاستيفاء حينئذٍ.
مسألة 13: التلف السماوي (1) للعين المستأجرة أو لمحلّ العمل موجب للبطلان، و منه إتلاف الحيوانات. و إتلاف المستأجر بمنزلة القبض (2)، و إتلاف المؤجر موجب للتخيير بين ضمانه و الفسخ، و إتلاف الأجنبيّ موجب لضمانه (3). و العذر العامّ بمنزلة التلف؛ و أمّا العذر الخاصّ بالمستأجر، كما إذا استأجر دابّة لركوبه بنفسه فمرض و لم يقدر (4) على المسافرة (5) أو رجلًا لقلع سنّه فزال ألمه (6) أو نحو ذلك، ففيه إشكال (7)، و لا يبعد أن يقال: إنّه يوجب البطلان إذا كان بحيث لو كان قبل العقد لم يصحّ معه العقد (8).
مسألة 14: إذا آجرت الزوجة نفسها بدون إذن الزوج فيما ينافي حقّ الاستمتاع، وقفت
______________________________
(1). الامام الخميني: الأقرب بطلان الإجارة في جميع صور التلف و الإتلاف، و ضمان المتلف للمالك، و رجوع المستأجر إلى المؤجر في مال الإجارة حتّى مع إتلافه العين؛ من غير فرق بين العين المستأجرة و محلّ العمل
(2). مكارم الشيرازي: لا يخلو عن إشكال؛ و كذا إتلاف الموجر و الأجنبيّ، لإمكان أن يقال: إنّه ليس من قبيل إتلاف المنفعة، بل من باب انعدام الموضوع الموجب للبطلان، و أىّ فرق بينه و بين التلف السماوي؟ نعم، هذا الإتلاف لو كان اختياريّاً كان حراماً بحسب الحكم التكليفيّ، و أمّا بحسب الحكم الوضعيّ فلا فرق بينهما؛ و المسألة تحتاج إلى مزيد تأمّل
(3). الخوئي: لكنّه إذا كان قبل القبض جاز للمستأجر الفسخ، هذا بالإضافة إلى العين المستأجرة؛ و أمّا بالإضافة إلى إتلاف محلّ العمل فالظاهر هو البطلان
الگلپايگاني: أي لضمان الأجنبيّ؛ فإن كان بعد القبض يضمن العين للمالك و المنفعة للمستأجر، و إن كان قبله فالمستأجر مخيّر بين الفسخ و الرجوع إلى المالك في الاجرة المسمّاة و الإبقاء و الرجوع إلى المتلف في المنافع التالفة
(4). الگلپايگاني: قد مرّ أنّه لا يوجب البطلان على الأقوى
(5). الخوئي: تقدّم أنّ الأظهر في أمثاله عدم البطلان
مكارم الشيرازي: قد عرفت أنّ العذر الخاصّ لا يوجب إلّا الخيار لهما؛ و أمّا زوال الألم أو بتعبير آخر: زوال موجب قلع الأسنان، فهو أمر آخر من قبيل انعدام الموضوع
(6). الگلپايگاني: إذا كان بحيث يحرم قلعه، فالأقوى فيه البطلان
(7). الامام الخميني: الأقوى هو البطلان في مثل زوال ألم السنّ، و أمّا في المثال الآخر فقد تقدّم ما هو الأقرب
(8). الخوئي: إنّ الأمر و إن كان كذلك، إلّا أنّ بطلان الإجارة على قلع الضرس الزائل عنه الألم لا يخلو عن إشكال، بل منع، كما مرّ
العروة الوثقى مع التعليقات، ج2، ص: 497
على إجازة الزوج، بخلاف ما إذا لم يكن منافياً، فإنّها صحيحة (1)؛ و إذا اتّفق إرادة الزوج للاستمتاع، كشف عن فسادها (2).
مسألة 15: قد ذكر سابقاً أنّ كلًاّ من المؤجر و المستأجر يملك ما انتقل إليه بالإجارة بنفس العقد، و لكن لا يجب تسليم أحدهما إلّا بتسلّم الآخر. و تسليم المنفعة بتسليم العين (3) و تسليم الاجرة بإقباضها، إلّا إذا كانت منفعة أيضاً فبتسليم العين الّتي تستوفي منها؛ و لا يجب على واحد منهما الابتداء بالتسليم، و لو تعاسرا أجبرهما الحاكم، و لو كان أحدهما باذلًا دون الآخر و لم يمكن جبره كان للأوّل الحبس إلى أن يسلّم الآخر؛ هذا كلّه إذا لم يشترط في العقد تأجيل التسليم في أحدهما، و إلّا كان هو المتّبع؛ هذا، و أمّا تسليم العمل، فإن كان مثل الصلاة و الصوم و الحجّ و الزيارة و نحوها فبإتمامه، فقبله لا يستحقّ المؤجر المطالبة و بعده لا يجوز للمستأجر المماطلة، إلّا أن يكون هناك شرط أو عادة في تقديم الاجرة (4) فيتّبع، و إلّا فلا يستحقّ حتّى لو لم يمكن له العمل إلّا بعد أخذ الاجرة، كما في حجّ الاستيجاريّ إذا كان المؤجر معسراً؛ و كذا في مثل بناء جدار داره أو حفر بئر في داره أو نحو
______________________________
(1). الامام الخميني: إذا كان مورد الإجارة في معرض إرادة الزوج للاستمتاع ففي الصحّة إشكال، بل منع؛ نعم، لو كان احتمال تعلّق إرادته ضعيفاً لا يعتني به العقلاء، فالعقد محكوم بالصحّة ظاهراً، و لو اتّفق إرادته يكشف عن فساده
(2). الگلپايگاني: الظاهر من العبارة صحّة إجارتها بدون إذنه فيما يضادّ الاستمتاع ما لم يرد الزوج، لكن فيه إشكال، لأنّ التمكين متعلّق لحقّ الزوج، فلا تملك تمليك ضدّه بالإجارة و ليس الحقّ موقوفاً على الإرادة، بل مطلق كلّما أراد استوفاه
مكارم الشيرازي: حقّ الاستمتاع له عرفيّة معلومة لا يتبع إرادة الزوج من دون أن يشرط؛ فإذا زاحمت الإجارة له بطلت، أي كان فضوليّاً يحتاج إلى إجازة الزوج و إذا لم يخالفها صحّ؛ فتأمّل
(3). مكارم الشيرازي: إن كان المراد منه أنّه يجوز للمؤجر حينئذٍ مطالبة جميع الاجرة، كما هو ظاهره، فهو ممنوع جدّاً، لأنّ المنفعة تدريجيّ الحصول و لا يكون تسليمها إلّا ببقاء العين تحت يده كذلك، و لذلك جرت سيرة العقلاء على أخذ الاجرة نجوماً؛ ثمّ ليعلم أنّ العمل إذا كان كثيراً بحسب المدّة، فالمتعارف عند العقلاء أخذ الاجرة أثنائها و لا ينتظرون إتمامه جميعاً إلّا إذا اشترط غير هذا، بل يمكن القول بالتجزية في تسليم الثمن و المثمن في باب البيع أيضاً، كما إذا باعه آلاف حنطة مثلًا يسلّمها في أشهر
(4). مكارم الشيرازي: و الإنصاف أنّ العادة موجودة غالباً فيما يحتاج إلى مصارف كثيرة كالحجّ و شبهه
العروة الوثقى مع التعليقات، ج2، ص: 498
ذلك، فإنّ إتمام العمل تسليم و لا يحتاج إلى شيء آخر. و أمّا في مثل الثوب الّذي أعطاه ليخيطه أو الكتاب الّذي يكتبه أو نحو ذلك ممّا كان العمل في شيء بيد المؤجر، فهل يكفي إتمامه في التسليم، فبمجرّد الإتمام يستحقّ المطالبة، أو لا، إلّا بعد تسليم مورد العمل، فقبل أن يسلّم الثوب مثلًا لا يستحقّ مطالبة الاجرة؟ قولان؛ أقواهما الأوّل (1)، لأنّ المستأجر عليه نفس العمل، و المفروض أنّه قد حصل، لا الصفة الحادثة في الثوب مثلًا و هي المخيطيّة حتّى يقال: إنّها في الثوب، و تسليمها بتسليمه. و على ما ذكرنا، فلو تلف الثوب مثلًا بعد تمام الخياطة في يد المؤجر بلا ضمان يستحقّ اجرة العمل، بخلافه على القول الآخر، و لو تلف مع ضمانه أو أتلفه وجب عليه قيمته مع وصف المخيطيّة، لا قيمته قبلها، و له الاجرة المسمّاة، بخلافه على القول الآخر، فإنّه لا يستحقّ الاجرة (2) و عليه قيمته غير مخيط (3)، و أمّا احتمال عدم استحقاقه الاجرة مع ضمانه القيمة مع الوصف فبعيد و إن كان له وجه (4)؛ و كذا يتفرّع على ما ذكر أنّه لا يجوز حبس العين بعد إتمام العمل (5) إلى أن يستوفي الاجرة، فإنّها بيده أمانة، إذ ليست هي و لا الصفة الّتي فيها مورداً للمعاوضة، فلو حبسها ضمن، بخلافه على القول الآخر.
______________________________
(1). الخوئي: بل أقواهما الثاني؛ و لكنّه مع ذلك إذا تلف الثوب بعد تمام الخياطة مثلًا في يد المؤجر بلا ضمان، استحقّ اجرة العمل، لأنّه ليس من التلف قبل القبض، و لو تلف مع ضمانه وجبت عليه قيمته مخيطاً و استحقّ الاجرة المسمّاة، لأنّ العين ملك للمستأجر و لا يشاركه المؤجر فيها
مكارم الشيرازي: بل الأقوى هو الثاني، أعني تسليم مورد العمل؛ و عليه بناء العقلاء، فينصرف العقد إليه، بل لا يصدق تسليم العمل عرفاً إلّا بتسليم نتيجته في مثل هذه المقامات، فإنّ تسليم كلّ شيء بحسبه
(2). مكارم الشيرازي: الأقوى أنّه بناءً على المختار أيضاً ضامن لهذا الوصف، لأنّ الوصف ملك له و في ماله و إن كان قبل أدائه لا يستحقّ مطالبة الاجرة؛ فإذا ضمن قيمة الوصف و أدّاه، كان له مطالبة الاجرة، لأنّ أدائه هنا بأداء بدله
(3). الامام الخميني: بل عليه قيمته مخيطاً على هذا القول أيضاً، فإذا أعطى قيمته كذلك يستحقّ الاجرة
الگلپايگاني: و ذلك لأنّ الوصف كان للمستأجر بالإجارة و قد انفسخت للتلف قبل القبض. و لو قيل بضمان قيمته فيستحقّ الاجرة، لأنّ قبض قيمته قبض له
(4). الامام الخميني: غير وجيه
(5). مكارم الشيرازي: بل له حبسه لأخذ اجرته؛ و عليه بناء العقلاء من أهل العرف و لم يردع عنه الشرع، و لا يعترف أحد بأنّ الأجير مكلّف بأداء العين و إن كان المالك لا يؤدّي اجرته، بل لا يريد أدائها
العروة الوثقى مع التعليقات، ج2، ص: 499
مسألة 16: إذا تبيّن بطلان الإجارة، رجعت الاجرة إلى المستأجر و استحقّ المؤجر اجرة المثل بمقدار ما استوفاه المستأجر من المنفعة أو فاتت تحت يده إذا كان جاهلًا بالبطلان، خصوصاً مع علم المستأجر؛ و أمّا إذا كان عالماً فيشكل ضمان (1) المستأجر (2)، خصوصاً إذا كان جاهلًا (3)، لأنّه بتسليمه العين إليه قد هتك حرمة ماله (4)، خصوصاً إذا كان البطلان من جهة جعل الاجرة ما لا يتموّل شرعاً أو عرفاً (5)، أو إذا كان اجرة بلا عوض. و دعوى أنّ إقدامه و إذنه في الاستيفاء إنّما هو بعنوان الإجارة و المفروض عدم تحقّقها، فإذنه مقيّد بما لم يتحقّق، مدفوعة بأنّه إن كان المراد كونه مقيّداً بالتحقّق شرعاً فممنوع، إذ مع فرض العلم بعدم الصحّة شرعاً لا يعقل قصد تحقّقه إلّا على وجه التشريع المعلوم عدمه، و إن كان المراد تقيّده بتحقّقها الإنشائيّة فهو حاصل، و من هنا يظهر حال الاجرة أيضاً، فإنّها
______________________________
(1). الامام الخميني: الأقوى هو الضمان في غير الإجارة بلا عوض أو بما لا يتموّل عرفاً؛ من غير الفرق فيهما بين العلم بالبطلان و عدمه. و من هنا يظهر حال الاجرة في يد المؤجر، فإنّ عليه الضمان؛ علم المستأجر ببطلانها شرعاً أو لا؛ و كذا يظهر ممّا ذكرنا حال الإجارة على الأعمال، فإنّ العامل يستحقّ اجرة مثل عمله إلّا فيما تقدّم
(2). مكارم الشيرازي: الأقوى كونه ضامناً؛ و ما ذكره من أنّه مع علمه بالفساد هتك حرمة ماله و سلّط غيره عليه مجّاناً، ممنوع جدّاً، لأنّه إنّما سلّطه عليه بانياً على الصحّة لعدم المبالاة بحكم الشرع و الاعتناء بحكم العرف فقط، و أقوى الدليل على ذلك هو دقّته في حساب العين و الاجرة حتّى لا يشذّ منه شاذّ؛ كما أنّ الأمر في بيع الخمر و غيرها من الأعيان المحرّمة أيضاً كذلك، كما ذكرنا في محلّه
(3). الخوئي: الظاهر هو الضمان، إلّا فيما إذا أقدم المؤجر أو الأجير على عدمه، و كذا الحال في ضمان المؤجر أو الأجير الاجرة؛ ثمّ إنّه لم يظهر وجه للخصوصيّة في شيء من الموردين
(4). الگلپايگاني: في كون التسليم بعنوان الوفاء في المعاملات الفاسدة هتكاً لحرمة المال و مسقطاً للضمان تأمّل، بل منع، فإنّ أكل المال مبنيّاً عليها مصداق للأكل بالباطل حتّى في الإجارة بلا عوض أو بعوض لا يتموّل شرعاً أو عرفاً؛ فالأقوى هو الضمان مطلقاً إلّا إذا كان المستأجر مغروراً، و كذلك الحكم في الاجرة إذا تلفت في يد المؤجر
(5). مكارم الشيرازي: كون الاجرة ممّا لا يتموّل شرعاً مع بنائه على ماليّته لا يرفع ضمان المستأجر؛ نعم، ما لا يتموّل عرفاً يرفع الضمان، و كذا الإجارة بلا عوض. و عمدة الدليل عليه أنّ الإجارة بلا اجرة و كذا ما لا يتموّل عرفاً في معنى العارية و شبهها، و إن أبيت عن إطلاق عنوان العارية عليه نظراً إلى أنّها تمليك الانتفاع لا المنفعة، فلا أقلّ من أنّه شبيه العارية ممّا لا يضمن بصحيحه، فذكر لفظ الإجارة في العقد من قبيل الكناية، و إلّا فكلّ انسان يعلم أنّ الاجرة أحد أركان الإجارة
العروة الوثقى مع التعليقات، ج2، ص: 500
لو تلفت في يد المؤجر يضمن عوضها إلّا إذا كان المستأجر عالماً ببطلان الإجارة (1) و مع ذلك دفعها إليه؛ نعم، إذا كانت موجودة، له أن يستردّها؛ هذا، و كذا في الإجارة على الأعمال إذا كانت باطلة (2)، يستحقّ العامل اجرة المثل (3) لعمله دون المسمّاة إذا كان جاهلًا بالبطلان، و أمّا إذا كان عالماً فيكون هو المتبرّع بعمله؛ سواء كان بأمر من المستأجر أو لا، فيجب عليه ردّ الاجرة المسمّاة أو عوضها و لا يستحقّ اجرة المثل، و إذا كان المستأجر أيضاً عالماً فليس له مطالبة الاجرة (4) مع تلفها و لو مع عدم العمل من المؤجر.
مسألة 17: يجوز إجارة المشاع، كما يجوز بيعه و صلحه و هبته، و لكن لا يجوز تسليمه (5) إلّا بإذن الشريك إذا كان مشتركاً؛ نعم، إذا كان المستأجر جاهلًا بكونه مشتركاً، كان له خيار الفسخ للشركة (6)، و ذلك كما إذا آجره داره فتبيّن أنّ نصفها للغير و لم يجز ذلك الغير، فإنّ له خيار الشركة بل و خيار التبعّض. و لو آجره نصف الدار مشاعاً و كان المستأجر معتقداً أنّ تمام الدار له فيكون شريكاً معه في منفعتها، فتبيّن أنّ النصف الآخر مال الغير، فالشركة مع ذلك الغير، ففي ثبوت الخيار له حينئذٍ وجهان، لا يبعد ذلك (7) إذا كان في الشركة مع ذلك الغير منقصة له (8).
مسألة 18: لا بأس باستيجار اثنين داراً على الإشاعة، ثمّ يقتسمان مساكنها بالتراضي
______________________________
(1). مكارم الشيرازي: قد عرفت ما فيه، فلا نحتاج إلى الإعادة
(2). مكارم الشيرازي: الحكم فيها كالحكم في الإجارة على المنافع، من غير فرق
(3). الگلپايگاني: إذا استوفاه المستأجر أو كان بأمره، من غير فرق بين كونهما عالمين أو جاهلين أو مختلفين ما لم يكن غرور في البين
(4). الگلپايگاني: بل له المطالبة لما أعطاه وفاءً للعقد الفاسد عيناً و بدلًا، كما مرّ
________________________________________
يزدى، سيد محمد كاظم طباطبايى، العروة الوثقى مع التعليقات، دو جلد، انتشارات مدرسه امام على بن ابى طالب عليه السلام، قم - إيران، اول، 1428 ه ق
العروة الوثقى مع التعليقات؛ ج2، ص: 500
(5). الگلپايگاني: لكن إذا عصى و سلّمه، يترتّب عليه آثاره
(6). مكارم الشيرازي: بل قد يعدّ الشركة عيباً عرفاً و إن لم يكن عيباً بحسب الخلقة، فيشمله بعض أدلّة خيار العيب؛ بل يمكن أن تكون الشركة موجبة للبطلان في بعض الصور، و هو ما إذا كان المشاع كالمباين عرفاً، كما لعلّه كذلك في مثل المركوب أو العبد فلا يكون المشاع غالباً من مراحل المفروز؛ فتأمّل
(7). الخوئي: بل هو بعيد، إلّا فيما إذا عدّت العين معيبة مع تلك الشركة
الگلپايگاني: بل بعيد، إلّا إذا أوجبت الشركة نقصاً في العين بحيث عدّت معيوبة
(8). الامام الخميني: موجبة للغبن
العروة الوثقى مع التعليقات، ج2، ص: 501
أو بالقرعة، و كذا يجوز استيجار اثنين دابّة للركوب على التناوب ثمّ يتّفقان على قرار بينهما بالتعيين بفرسخ فرسخ أو غير ذلك، و إذا اختلفا في المبتدئ يرجعان إلى القرعة. و كذا يجوز استيجار اثنين دابّة مثلًا لا على وجه الإشاعة، بل نوباً معيّنة بالمدّة أو بالفراسخ. و كذا يجوز إجارة اثنين نفسهما على عمل معيّن على وجه الشركة كحمل شيء معيّن لا يمكن إلّا بالمتعدّد.
مسألة 19: لا يشترط اتّصال مدّة الإجارة بالعقد على الأقوى، فيجوز أن يؤجره داره شهراً متأخّراً عن العقد (1) بشهر أو سنة؛ سواء كانت مستأجرة في ذلك الشهر الفاصل أو لا؛ و دعوى البطلان من جهة عدم القدرة على التسليم، كما ترى، إذ التسليم لازم في زمان الاستحقاق لا قبله؛ هذا، و لو آجره داره شهراً و أطلق، انصرف (2) إلى الاتّصال بالعقد (3)؛ نعم، لو لم يكن انصراف، بطل (4).